القياس، وهي الكبرى. فالمعنى على الأول أنهم قالوا: لوْ كان لنا من الأمر شيءٌ لَمَا خرجْنا، ولو لم نخرجْ ما قُتِلْنا. فأُبْطِل ذلك كلُّه بأَنْ قيل لهم: بل لو كان لكم من الأمر شيء لخرجتم. والمعنى على الثاني -وهو منعُ الكبرى وإبطالُها- وهي:"كلما لم نخرُجْ لم نُقتَلْ"، فصدق الأخص من نقيضها؛ لأن كونَهم في بيوتهم، أخصُّ مِن قولهم (لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأمْرِ شَىْءٌ)، فإذا رُتِّبَ الموتُ على كونهم في بيوتهم، فأحْرَى أن يترتَّبَ على عدمِ خروجهم".
وقد يستطرد عند التفسير إلى عرض مبادئ علم المنطق، كما وقع له في مواضع متعددة؛ منها عند قوله تعالى:(يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ)، حيث استفاد من الآية فائدة أصلية، وهي إفادة التعريف بالخاصة، ثم قال: "وهو الصحيحُ في علم المنطق عندهم -خلافا لنصير الدين السمرقندي- فإنه مَنَع التعريفَ بالمفردِ الجنس وحدَه أو الخاصَّةِ وحدها، قائلا:"لم يُعرِّف المتقدمون بذلك، بل من المركَّب من الجنس والخاصة"، واختاره الشيرازي في شرحِه "أصْلِي بنِ الحاجب". وجميعُ المناطقة على خلافه، لذِكْرِهم في المعرفات: الرّسم الناقصُ ما كان بالخاصَّة فقط، أو بها وبالجنس".
والبسيلي عند عرضه معنى الآي على مقتضى قواعد المنطق، يصادف إشكالات لم يُخْل كتابه من ذكرها، فمنها عند تنكيته على قوله تعالى:(إِنْ يُّعْفَ عَن طَآئفَة)؛ حيث قال: "في فهمِها على قاعدةِ المنطق إشْكالٌ، وهو أن القضيةَ الشرطيةَ المتصلةَ يلزمُهَا منفصلةٌ مانعةُ الجمع، مِنْ عينِ مُقَدَّمِها ونقيضِ تالِيهَا، ومنفصلةٌ مانعةُ الخلُوِّ من نقيض مقدَّمِها وعينِ تاليها متعاكستين عليها، وتقريرُ ذلك هنا أن اللازم:"إما أن يُعْفى عن طائفةٍ منكم، وإمّا ألا تعذبَ طائفةٌ"، ولا عِنَادَ بين هذين، فليست مانعةَ جمع". ثم نقل عن ابن عرفة قوله: "وأجابني الآبلي وبعض طلبته، بأن ذلك إنما يلزم في القضايا العقلية، وأما الشرعية الجُعْلية فلا. ويكون اللزومُ هنا اتفاقيا، مثل:"كلما كان الإنسان ناطقا كان الحمار ناهقا".