وإدراكه أن الخوض في مثل ما ذكر، ليس من التفسير في شيء، ويعفيه من عدم ذكره أنه لم يلتزم بنقل كلام ابن عرفة برمته، ولا أخلى نفسه من عهدة التصرف فيه، والزيادة عليه.
وقد يدع البسيلي التنكيت على آية ما، فيما أن السلاوي يثبت ما لابن عرفة عليها من الكلام، مثاله ما أورده أبو القاسم على قوله تعالى:(وأنزلنا من السماء ماء بقدر)،: "قال [ابن عرفة]: فيه حجة للقول بأن المياه كلها من السماء، وقال الإمام فخر الدين: قال بعضهم: المراد السحاب، وسماه سماء لعلوه، والمعنى أن الله تعالى أصعد الأجزاء المائية من قعر الأرض إلى البحار، ومن البحار إلى السماء، حتى صارت عذبة بسبب ذلك التصعيد، فائتلفت وتكاثفت، ثم أنزلها الله على قدر الحاجة إليها. قال الفخر ابن الخطيب: واعلم أن هذا إنما ينتحله من ينكر الفاعل المختار؛ قال ابن عرفة: يريد به الفلاسفة. قال: وهذا لا يصح نسبته للفلاسفة، فإن القاضي أبا بكر بن العربي ذكر في تفسيره هذا القول بعينه؛ قال: إن جميع فضلات الأرض يخرج إلى البحر، وتجتمع فيه وتصعد بخارا ... إلى آخره. وسكت عنه ولم يعزه للفلاسفة، وظاهره أنه عنده صواب، وهو من عادته التشنيع عليهم. وحكى ابن رشد في كتاب السواد والأنهار في سماع أشهب، في ذلك ثلاثة أقوال. وأما الأنهار التي في الجنة، فسيحان بالهند، وجيحان، ويقال: سيحون وجيحون، والدجلة والنيل والفرات، فسيحان بالهند، وجيحان ببلخ، والدجلة والفرات بالعراق، والنيل بمصر".
وما سقناه لا ذكر له عند البسيلي لا في "التقييد الكبير" ولا في اختصاره.