زَادَ فِي هَذَا الْعَدَدِ ومِنْهُم منْ نَقَصَ عنْهُ، ومِنْهُم مَنْ أَنْكَرَ أَنْ يَجْمَعَهُ أَحَدٌ، وأَنَّه قَدْ يُتَأَوَّلُ عَلَى أَن المرَادَ بِهِ لم يجمعْهُ بجميعِ قِراءَاتِهِ السَّبْع وفِقْهِهِ وأحكامِه ومنْسُوخِه سِوَى أرْبَعَةِ؛ ويُحْتَمَلُ أيضاً أنْ يُرَادَ بِهِ أنَّهُ لمْ يذْكرْ أَحَدٌ عَن نفسِه أنهُ أكمَلَهُ في حياةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - سِوَى هؤلاءِ الأرْبَعَةِ؛ لأَن مَنْ أكْمَلَهُ إذ ذَاكَ غَيْرَهُم كانَ يَتَأَوَّل نزولَ القرآنِ مَا دَامَ - صلى الله عليه وسلم - حيّاً، فقدْ لا يسْتَجِيزُ النُّطْقَ بأَنَّهُ أكمَلَه، وهؤلاء اسْتَجَازُوا ذلِك، ومُرَادُهُم أنهم أكمَلُوا الحاصِلَ منهُ، ويحتمل أَيْضاً أنْ يَكونَ مَنْ سِوَاهُمْ لم ينْطِقْ بإكْمَالِه خوفَ الرِّياءِ واحْتِيَاطاً عَلَى حُسْنِ النِّيَّةِ كَفِعْلِ الصَّالِحِين في كثيرٍ من اَلعبادات، وأَظْهَرَ هؤُلاءِ ذلِكَ لأَمْنِهِم على أنفسِهم.
وكَيف تعرفُ النَّقَلَةُ أنه لم يُكْمِلْه سوى أربعةٍ والصَّحَابةُ متفرِّقونَ في البلادِ؟. هَذَا أيْضاً لَا يُتَصَورُ حتَّى يلْقَى الناقِلُ كلَّ رجلٍ منهم فيخبِرَهُ عنْ نفسِه أنه لم يُكْمِلِ القُرْآنَ، وهذَا بعِيدٌ عادةً. وكيفَ وقدْ نَقَلَ الرُّوَاةُ إكمالَ بعضِ النِّسَاء لقراءتِه!؛ وقدِ اشتهرَ حديثُ عائشةَ وقولُها:"كنْتُ جَارِيَةً حديثةَ السِّنِّ لا أَقرأُ كثيراً من القرآنِ". وأيضاً لم يُذْكَرْ في هذه الأربعةِ أبو بكرٍ وعمر، وكيفَ يحفظُ القرآنَ مَنْ سِوَاهما دُونَهُماَ؟!.