للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: فإن قلت: قال تعالى (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) ولم يقل "وحملنا ذرياتهم" مع أن المقصود الامتنان. قلت: لما قال (فِي البَرِّ وَالبَحْرِ) عَمَّ الجميع؛ لأن ما مِن أحد إلا وحُمِلَ في برٍّ أو بحر، وأما الحمل في البحر فلا يعُمّ.

وفي قوله (الْمَشْحُون) فائدةٌ أخرى أيضا، وهي الردُّ على الطبائعيين القَائلين: إنما حَمَلَ المَاءُ الفلك لخفّتها. فإن قالوا ذلك لامتناع الخلاء رُدَّ بإثباته، فَتَعَيَّنَ أنّ حفظَ الثّقيل فوقَ الماء إنما هو بالفاعل المختار.

وسؤال آخر: قال فيما تقدم (وَآِيَةٌ هُمُ الاَرْضُ)، (وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ) ولم يقل هنا "وآية لهم الفلك تحملهم".

جوابه أن حمْلَهم في الفلك هو العجب، أما نفسُ الفلك فليس بعَجَب؛ لأنه كبَيْتٍ مبْني من خشب، ونفْسُ الأرض عجب، وكذا نفس الليل، لا قدرةَ لغير لله عليهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>