من رواية ورش، إلا مواطن لم تسعفني مميزات الطبع، فأثبتها على حالها ريثما أصوبها يدويا، وأخرى تركتها بياضا سودته باليد بعد الطبع؛ فمن الأول القاف والفاء عند المغاربة، ومن الثاني الألفات المحذوفات والياءات الموقوصات، وعلامة الصلة والإقلاب وما سوى ذلك. وجعلت ناصية كل آية منبَّه عليها رقمَها، تيسير على القارئ ومنعا للتشغيب عليه بالعَوْد المطّرِد إلى الحواشي عند كل آية. وضبطت الآيات والأحاديث والشواهد والأغربة ضبطا تاما وصوبت الأوهامَ والهناتِ الواردةَ بالنص، وأشرت إلى مصادر التصحيح وخرجت آيات الاستشهاد بالحاشية، لأني رأيت فعل ذلك في النص مع كثرة الآي مذهبا لطلاوته، كما خرجت القراءات متواترَها وشاذَّها ونصصتُ على القرَأَة بها، ومثلَها الأحاديثُ النبوية الشريفة، ناقلا عن علماء الحديث أحكامهم عليها بالتصحيح أو التضعيف، وصدّرْت التخريج بها. معرفا في أطواء الكتاب بمصطلحات الفقه والأصول والمنطق، وبعض أسماء الأماكن والكتب مخطوطها ومطبوعها. ثم عرضت ما أشكل من نص الكتاب على أصله "التقييد الكبير"، حين لا تكون النكتة من الزوائد.
وقد خرّجت شواهد الشعر والرجز بالعوْد إلى دواوين أصحابها، وإلى كتب الأدب والنحو واللغة والتفسير، كما شرحت الأمثال والأقوال ووثقت الحكايات وضريبَ ذلك كله، وترجمت للأعلام كل بحسب طبقته. ثم انتقلت بعد ذلك إلى عرض محمولات النص على كتب التفسير والنحو واللغة والحديث والأصلين، باعتبار موضوع كل نكتة، ولم أخْلِ مع ذلك نفسي من عهدة عرضي لمادة الكتاب برمتها على التفاسير المعتبرة المشهورة، محترزا أن أصيد الحوت في غير بحره، إلا حين يَنْضُبُ معينُ المظان، فلم أبغ بدلا عن توثيق مسائل الأصول مثلا من كتب الأصول، ومسائل المنطق من كتب المنطق، وقضايا الكلام من كتب الكلام ... وهكذا دواليك إلا فيما ندر؛ تعِرَّة أن أكون حاطب ليل.
ولم تكن نقول البسيلي خالصةً للاستظهار ليس إلا، بل أوردها على أحوال شتى، فتارة تكون نصا في الموضوع، وتارة لتكون مادة للتعقب، وقد ألزمت نفسي فرددت غالب النقول الكثيرة بالنص على أصولها، ليستبين وجه الحق في نقلها، فتكشَّف لي أحيانا ما في النقل منِ العَسْف أو الاختصار المخل، على ما في ربط النقول بمصادرها المخطوطة من نصَبٍ ووصَب يخبره العارفون، سيما حين يكون توثيق النقول من كتاب مخطوط أو نادر لا يخضع لترتيب، ويعرى عن فهرسة، وبقدر