القاضي أبو القاسم على بن أبي علي -القاضي المحسّن- عن أبيه قال: كان عيسى بن موسى الهاشمي يحبّ زوجتَه حبًّا شديدا، فقال لها يوما: أنت طالقٌ ثلاثا إن لم تكوني أحسنَ من القمر. فنهضت واحتَجَبَتْ عنه، وقالت له: طلقتَني؛ وبات بلَيْلَة عظيمة، فلما أصبح غدا إلى دار المنصور فأخبرَه، وقال يا أمير المومنينَ: إنْ تَمَّ عليَّ طلاقُها تَلفَتْ نفسي جَزَعاً، وكان الموتُ أحبَّ إليَّ من الحياة. وأظهر للمنصور جزعا عظيما، فاستحضر الفقهاء واستَفْتاهم، فقال جميعُ من حضر: قد طلِّقت، إلا رجلا واحدا من أصحاب أبي حنيفة، فإنه كان ساكتا، فقال له المنصور: ما لك لا تتكلم؟. فقال الرجل: بسم الله الرحمن الرحيِم. {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (١) وَطُورِ سِينِينَ (٢) وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (٣) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (٤)}. يَا أمير المومنين: فالإنسان أَحسنُ الأشياء، ولا شيءَ أحسنُ منه. فقال المنصور