شيخُنا أوحَدُ زمانه علما وديناً. وقال ابن ناجي: ممن يُظَن به حفظُ المذهب بلا مطالعة، ما رأيت أصح منه نقلا ولا أحسن منه ذهنا ولا أنصَفَ منه، مع كمال الرياسة. كان صحيح العقيدة متين الدين، سَجَدَ بين يديْه بعض جهلة المؤدِّبين مشْتكياً بشخص فصاح عليه وانتهره وغضب لمخالفته السنة وحلَفَ لا يسمع منه الآن كلمة.
وقال تلميذه الأمير محمد الحسين بن أبي العباس الحفصي:"كان شيخنا ابن عرفة وشيخنا الغبريني من مجتهدي المذهب، والعيان شاهد بذلك".
وهو شيخ البسيلي والثعالبي وابن ناجي والبرزلي وأحمد القلشاني والشرف العجيسي. قال التنبكتي: بل أخذ عنه غالب متأخري أصحاب ابن عرفة وغيرهم كالبسيلي، وأبي يحيى بن عَقيبَةَ وأبي القاسم القسنطيني، وأبي الحسن ابن عصفور والأبي والزَّلَدِيوِي وأبي عبد الله محمد بن عُقَاب وأبي عبد الله محمد بن عبد الله المغِربي في خلق. وكان يُقدِّم للعدالة من استوثق من دينه وأمانته من الطلبة، وهو الذي كلَّم أبَا فارس الحفصي في تقديم أبي عبد الله محمد بن أبي بكر. وقد استنابه ابن عرفة أثناء سفره للحج سنة ٧٩٢ هـ، وتولى الإمامة بجامع الزيتونة بعد موته.
وقد مكث الغبريني ١٢ سنة يقرأ المعقولات، وندم على ذلك آخر عمره فقال: لو استقبلت من أمري ما استدبرت، لكانت مدة قراءتي في المعقول كلها في الفقه؛ ولذا عكف على "المدونة" بشرح ابن يونس، وسأله والد الرصاع عن ذلك فقال: لأن صاحب هذه الدار؛ يعني الشيخ القاضي ابن حيدرة -وكان ساكنا بداره وتتلمذ له-