للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[حاشية الجمل]

بَذْلِهِ لَهُ لِيَسْتَأْجِرَ هُوَ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ: إنَّ الْإِنْسَانَ يَسْتَنْكِفُ الِاسْتِعَانَةَ بِمَالِ الْغَيْرِ وَإِنْ قَلَّ دُونَ بَدَنِهِ وَلَا شَكَّ أَنَّ أَجِيرَهُ كَبَدَنِهِ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَرَادَ الْأَصْلُ. . . إلَخْ خَرَجَ مَا لَوْ أَرَادَ الْأَجْنَبِيُّ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مَنْ يَحُجَّ عَنْهُ أَوْ قَالَ لَهُ اسْتَأْجِرْ وَأَنَا أَدْفَعُ عَنْك فَلَا تَلْزَمُهُ إجَابَتُهُ فِي الصُّورَتَيْنِ؛ لِأَنَّ فِي ضِمْنِهِ تَقْلِيدَهُ مِنَّةَ الْمَالِ. اهـ. مِنْ شَرْحِ م ر وَالرَّشِيدِيِّ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ نَكِفْتُ مِنْ الشَّيْءِ نَكَفًا مِنْ بَابِ تَعِبَ وَمِنْ بَابِ قَتَلَ لُغَةً وَاسْتَنْكَفْت ذَا امْتَنَعْت أَنَفَةً وَاسْتِكْبَارًا.

١ -

خَاتِمَةٌ) فِيهَا مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ تَنْفَعُ فِي هَذَا الْمَبْحَثِ قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ مَا نَصُّهُ: " فَصْلٌ يَجُوزُ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ بِالنَّفَقَةِ وَهِيَ قَدْرُ الْكِفَايَةِ كَمَا يَجُوزُ بِالْإِجَارَةِ، وَالْجَعَالَةِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ حُجَّ عَنِّي وَأُعْطِيَك النَّفَقَةَ أَوْ وَأَنَا أُنْفِقُ عَلَيْك وَاغْتُفِرَ فِيهَا جَهَالَتُهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ إجَارَةً وَلَا جَعَالَةً وَإِنَّمَا هُوَ إرْزَاقٌ عَلَى ذَلِكَ كَمَا يَرْزُقُ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ عَلَى الْأَذَانِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْقُرْبِ فَهُوَ تَبَرُّعٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ ذَاكَ بِالْعَمَلِ وَهَذَا بِالرِّزْقِ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ، وَالْجَعَالَةِ فَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ بِالنَّفَقَةِ كَأَنْ قَالَ: اسْتَأْجَرْتُك لِلْحَجِّ بِنَفَقَتِك أَوْ حُجَّ عَنِّي بِهَا لَمْ يَصِحَّ لِجَهَالَةِ الْعِوَضِ، وَالِاسْتِئْجَارُ فِيمَا ذُكِرَ ضَرْبَانِ اسْتِئْجَارُ عَيْنٍ وَاسْتِئْجَارُ ذِمَّةٍ فَالْأَوَّلُ كَاسْتَأْجَرْتُكَ لِتَحُجَّ عَنِّي أَوْ عَنْ مَيِّتِي هَذِهِ السَّنَةَ وَلَوْ قَالَ لِتَحُجَّ بِنَفْسِك كَانَ تَأْكِيدًا فَإِنْ عَيَّنَ غَيْرَ السَّنَةِ الْأُولَى لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ كَاسْتِئْجَارِ الدَّارِ لِلشَّهْرِ الْقَابِلِ وَإِنْ أَطْلَقَ الْعَقْدَ عَنْ تَقْيِيدِهِ بِالسَّنَةِ الْأُولَى صَحَّ وَحُمِلَ عَلَى السَّنَةِ الْحَاضِرَةِ فَهِيَ الْمُعْتَبَرَةُ لِلتَّعْيِينِ وَالْحَمْلِ إذَا كَانَ يَصِلُ إلَى مَكَّةَ فِيهَا فَإِنْ كَانَ لَا يَصِلُ مَكَّةَ إلَّا لِسَنَتَيْنِ فَأَكْثَرَ فَالْأُولَى مِنْ سِنِي إمْكَانِ الْوُصُولِ هِيَ الْمُعْتَبَرَةُ لِذَلِكَ.

وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ قُدْرَةُ الْأَجِيرِ عَلَى الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ فَلَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ مَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْخُرُوجُ لِمَرَضٍ أَوْ خَوْفٍ أَوْ نَحْوِهِمَا لِلْعَجْزِ عَنْ الْمَنْفَعَةِ وَيُشْتَرَطُ لِلصِّحَّةِ أَيْضًا اتِّسَاعُ الْمُدَّةِ لِلْعَمَلِ فَلَا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ إذَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ مَا لَا يَسَعُ إدْرَاكَ الْحَجِّ لِذَلِكَ، وَلَوْ انْتَظَرُوا خُرُوجَ الْقَافِلَةِ الَّتِي يَخْرُجُونَ مَعَهَا مِنْ بَلَدِ الْإِجَارَةِ بَعْدَ الِاسْتِئْجَارِ حَالَ الْخُرُوجِ الْمُعْتَادِ لَمْ يَضُرَّ لِضَرُورَةِ السَّفَرِ مَعَهَا، وَالْمَكِّيُّ وَنَحْوُهُ مِمَّنْ يُمْكِنُهُ إدْرَاكُ الْحَجِّ فِي سَنَةٍ إذَا أَحْرَمَ فِي أَشْهُرِهِ يَسْتَأْجِرُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَلَوْ فِي أَوَّلِ شَوَّالٍ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْإِحْرَامِ فِي الْحَالِ بِخِلَافِهِ قَبْلَهَا إذْ لَا حَاجَةَ بِهِ إلَى ذَلِكَ فَيَكُونُ فِي مَعْنَى شَرْطِ تَأْخِيرِ التَّسْلِيمِ وَالثَّانِي كَقَوْلِهِ أَلْزَمْت ذِمَّتَك تَحْصِيلَ حَجَّةٍ وَيَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ فِي الذِّمَّةِ عَلَى الْمُسْتَقْبَلِ مِنْ الْأَعْوَامِ كَسَائِرِ إجَارَاتِ الذِّمَّةِ فَلَوْ عَجَّلَهُ عَنْ السَّنَةِ الْمُعَيَّنَةِ زَادَ خَيْرًا بِتَعْجِيلِهِ بَرَاءَةَ ذِمَّةِ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ، وَإِنْ أَطْلَقَ الِاسْتِئْجَارَ حُمِلَ عَلَى السَّنَةِ الْحَاضِرَةِ كَمَا فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ فَيَبْطُلُ إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَلَا تُشْتَرَطُ قُدْرَتُهُ عَلَى السَّفَرِ فَلَا يَقْدَحُ عَجْزُهُ لِمَرَضٍ أَوْ خَوْفٍ لِإِمْكَانِ الِاسْتِنَابَةِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ وَإِنْ قَالَ أَلْزَمْت ذِمَّتَك لِتَحُجَّ بِنَفْسِك فَفِي صِحَّةِ الْإِجَارَةِ تَرَدُّدٌ، وَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الْأَصْلِ هُنَا عَنْ الْبَغَوِيّ وَغَيْرِهِ أَنَّهَا تَصِحُّ وَأَنَّهُ لَا يَسْتَنِيبُ فَتَكُونُ إجَارَةَ عَيْنٍ وَقَالَ الْإِمَامُ بِبُطْلَانِهَا وَتَبِعَهُ الْأَصْلُ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ الدِّينِيَّةَ مَعَ الرَّبْطِ بِعَيْنٍ يَتَنَاقَضَانِ كَمَنْ أَسْلَمَ فِي ثَمَرَةِ بُسْتَانٍ بِعَيْنِهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْحَجَّ قُرْبَةٌ وَأَغْرَاضُ النَّاسِ فِي عَيْنِ مَنْ يُحَصِّلُهَا مُتَفَاوِتَةٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَسْتَأْجِرُ فَاسِقًا وَيَخْرُجُ بِهِ عَنْ الْعُهْدَةِ شَرْعًا، وَالسَّلَمُ إذَا أُطْلِقَ حُمِلَ عَلَى الْجَيِّدِ وَفِي الْجَوَابِ نَظَرٌ.

١ -

(فَرْعٌ)

تُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الْعَاقِدِينَ أَعْمَالَ الْحَجِّ فَلَوْ جَهِلَهَا أَحَدُهُمَا لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ كَسَائِرِ الْإِجَارَاتِ وَأَعْمَالُهُ أَرْكَانُهُ وَوَاجِبَاتُهُ وَسُنَنُهُ فَيُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّهُ مَعْقُودٌ عَلَيْهِ حَتَّى يَحُطَّ التَّفَاوُتَ مِنْ الْمُسَمَّى لِمَا فَوَّتَهُ مِنْ السُّنَنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَا يَجِبُ فِي الْعَقْدِ ذِكْرُ الْمِيقَاتِ الَّذِي يُحْرِمُ مِنْهُ الْأَجِيرُ فَيُحْمَلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى الْمِيقَاتِ الشَّرْعِيِّ لِلْمَحْجُوجِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَقَعُ عَلَى حَجٍّ شَرْعِيٍّ، وَالْحَجُّ الشَّرْعِيُّ لَهُ مِيقَاتٌ مَعْهُودٌ شَرْعًا وَعُرْفًا فَانْصَرَفَ الْإِطْلَاقُ إلَيْهِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْمِيقَاتِ وَإِنْ كَانَ فِي الطَّرِيقِ مِيقَاتَانِ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ إذَا عَدَلَ عَنْ الْمِيقَاتِ الْمُتَعَيِّنِ إلَى غَيْرِهِ جَازَ إنْ كَانَ مِثْلَهُ أَوْ أَطْوَلَ مِنْهُ وَلْيُبَيِّنْ وُجُوبًا فِي الْإِجَارَةِ لِلنُّسُكِ أَنَّهُ إفْرَادٌ أَوْ تَمَتُّعٌ أَوْ قِرَانٌ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِهَا.

(فَرْعٌ)

لَوْ قَالَ الْمَنُوبُ مَنْ حَجَّ عَنِّي أَوْ أَوَّلُ مَنْ يَحُجُّ عَنِّي فَلَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَمَنْ حَجَّ عَنْهُ مِمَّنْ سَمِعَهُ أَوْ سَمِعَ مَنْ أَخْبَرَهُ عَنْهُ اسْتَحَقَّهَا؛ لِأَنَّهَا جَعَالَةٌ لَا إجَارَةٌ، وَالْجَعَالَةُ تَجُوزُ عَلَى الْعَمَلِ الْمَجْهُولِ فَعَلَى الْمَعْلُومِ أَوْلَى فَإِنْ أَحْرَمَ عَنْهُ اثْنَانِ مُرَتَّبًا اسْتَحَقَّ الْأَوَّلُ الْمِائَةَ فَإِنْ أَحْرَمَا مَعًا أَوْ جُهِلَ السَّابِقُ مِنْهُمَا مَعَ جَهْلِ سَبْقِهِ أَوْ بِدُونِهِ وَقَعَ حَجُّهُمَا عَنْهُمَا وَلَا شَيْءَ لَهُمَا عَلَى الْقَائِلِ إذْ لَيْسَ أَحَدُهُمَا بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ فَصَارَ كَمَنْ عَقَدَ نِكَاحَ أُخْتَيْنِ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ، وَسَكَتُوا عَمَّا لَوْ عُلِمَ سَبْقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>