للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(أَوْ أَنْ يَقْرِضَهُ غَيْرَهُ أَوْ أَجَلًا بِلَا غَرَضٍ) صَحِيحٍ أَوْ بِهِ وَالْمُقْتَرِضُ غَيْرُ مَلِيءٍ (لَغَا الشَّرْطُ فَقَطْ) أَيْ لَا الْعَقْدُ؛ لِأَنَّ مَا جَرَّهُ مِنْ الْمَنْفَعَةِ لَيْسَ لِلْمُقْرِضِ بَلْ لِلْمُقْتَرِضِ أَوْ لَهُمَا وَالْمُقْتَرِضُ مُعْسِرٌ وَالْعَقْدُ عَقْدُ إرْفَاقٍ فَكَأَنَّهُ زَادَ فِي الْإِرْفَاقِ وَوَعَدَهُ وَعْدًا حَسَنًا وَاسْتَشْكَلَ ذَلِكَ بِأَنَّ مِثْلَهُ يُفْسِدُ الرَّهْنَ كَمَا سَيَأْتِي وَيُجَابُ بِقُوَّةِ دَاعِي الْقَرْضِ؛ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ بِخِلَافِ الرَّهْنِ وَتَعْبِيرِي بِأَنْقَصَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ مُكَسَّرًا عَنْ صَحِيحٍ.

(وَصَحَّ) الْإِقْرَاضُ (بِشَرْطِ رَهْنٍ وَكَفِيلٍ وَإِشْهَادٍ) ؛ لِأَنَّهَا تَوْثِيقَاتٌ لَا مَنَافِعَ زَائِدَةً فَلِلْمُقْرِضِ إذَا لَمْ يُوَفِّ الْمُقْتَرِضَ بِهَا الْفَسْخُ عَلَى قِيَاسِ مَا ذُكِرَ فِي اشْتِرَاطِهَا فِي الْبَيْعِ وَإِنْ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ بِلَا شَرْطٍ كَمَا مَرَّ وَذِكْرُ الْإِشْهَادِ مِنْ زِيَادَتِي.

(كِتَابُ الرَّهْنِ)

هُوَ لُغَةً الثُّبُوتُ، وَمِنْهُ الْحَالَةُ الرَّاهِنَةُ وَشَرْعًا جَعْلُ عَيْنِ مَالٍ وَثِيقَةً بِدَيْنٍ

ــ

[حاشية الجمل]

وَلَوْ فِي رِبَوِيٍّ وَمِلْكُ الزَّائِدِ تَبَعًا؛ لِأَنَّهُ هِبَةٌ مَقْبُوضَةٌ وَلَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى إيجَابٍ وَقَبُولٍ وَيُمْتَنَعُ عَلَى الْبَاذِلِ رُجُوعُهُ فِيهِ اهـ. ح ل وَأَصْلُهُ فِي شَرْحِ م ر وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش قَوْلُهُ: وَمِلْكُ الزَّائِدِ تَبَعًا أَيْ وَإِنْ كَانَ مُتَمَيِّزًا عَنْ مِثْلِ الْمُقْرِضِ كَأَنْ اقْتَرَضَ دَرَاهِمَ فَرَدَّهَا وَمَعَهَا نَحْوُ سَمْنٍ وَيَصْدُقُ الْآخِذُ فِي كَوْنِ ذَلِكَ هَدِيَّةً؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ؛ إذْ لَوْ أَرَادَ الدَّافِعُ أَنَّهُ إنَّمَا أَتَى بِهِ لِيَأْخُذَ بَدَلَهُ لَذَكَرَهُ وَمَعْلُومٌ مِمَّا صَوَّرْنَا بِهِ أَنَّهُ رَدَّ الْمُقْرِضَ وَالزِّيَادَةَ مَعًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ الزِّيَادَةَ لَيْسَتْ هَدِيَّةً فَيَصْدُقُ الْآخِذُ أَمَّا لَوْ دَفَعَ إلَى الْمُقْرِضِ سَمْنًا وَنَحْوَهُ مَعَ كَوْنِ الدَّيْنِ بَاقِيًا فِي ذِمَّتِهِ وَادَّعَى أَنَّهُ عَنْ الدَّيْنِ لَا هَدِيَّةً فَإِنَّهُ يَصْدُقُ الدَّافِعُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ أَنْ يُقْرِضَهُ غَيْرَهُ) أَيْ أَنْ يُقْرِضَ الْمُقْرِضُ الْمُقْتَرِضَ غَيْرَ الْمُقْرِضِ وَإِنَّمَا جُعِلَ ضَمِيرُ الْفَاعِلِ رَاجِعًا لِلْمُقْرِضِ؛ لِأَنَّ رُجُوعَهُ لِلْمُقْتَرِضِ يُؤَدِّي إلَى فَسَادِ الْقَرْضِ وَالْغَرَضُ صِحَّتُهُ اهـ. شَيْخُنَا

(قَوْلُهُ: لَغَا الشَّرْطُ فَقَطْ) وَيُسَنُّ الْوَفَاءُ بِهِ فِي صُوَرِهِ الْمَذْكُورَةِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: بَلْ لِلْمُقْتَرِضِ) أَيْ وَحْدَهُ فِي غَيْرِ الْأَخِيرَةِ وَقَوْلُهُ أَوْ لَهُمَا أَيْ فِي الْأَخِيرَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَهُمَا وَالْمُقْتَرِضُ مُعْسِرٌ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَا اعْتِبَارَ بِجَرِّهَا لِلْمُقْرِضِ فِي الْأَخِيرَةِ؛ لِأَنَّ الْمُقْتَرِضَ لَمَّا كَانَ مُعْسِرًا كَانَ الْجَرُّ إلَيْهِ أَقْوَى فَغَلَبَ انْتَهَتْ.

(فَرْعٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ ادْفَعْ مِائَةً قَرْضًا عَلَيَّ إلَى وَكِيلِي فُلَانٍ فَدَفَعَ ثُمَّ مَاتَ الْآمِرُ فَلَيْسَ لِلدَّافِعِ مُطَالَبَةُ الْآخِذِ؛ لِأَنَّ الْآخِذَ لَمْ يَأْخُذْ لِنَفْسِهِ وَإِنَّمَا هُوَ وَكِيلٌ مِنْ الْآمِرِ، وَقَدْ انْتَهَتْ وَكَالَتُهُ بِمَوْتِ الْآمِرِ وَلَيْسَ لِلْآخِذِ الرَّدُّ عَلَيْهِ وَلَوْ رَدَّ ضَمِنَ لِلْوَرَثَةِ وَحَقُّ الدَّافِعِ يَتَعَلَّقُ بِتَرِكَةِ الْمَيِّتِ عُمُومًا لَا بِمَا وَقَعَ خُصُوصًا اهـ.؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ حَقُّهُ فِيهِ بَلْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِثْلَهُ التَّرِكَةَ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَا دَفَعَ بِعَيْنِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ لَهُ الرُّجُوعُ فِي عَيْنِهِ مَا دَامَ بَاقِيًا بِحَالِهِ بَلْ يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ الْوَكِيلِ بَعْدَ رُجُوعِهِ إذَا كَانَ فِي يَدِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْوَكِيلِ فِي دَفْعِهِ لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. سم عَلَى حَجّ وَلَوْ دَفَعَ شَخْصٌ لِآخَرَ دَرَاهِمَ وَقَالَ ادْفَعْهَا لِزَيْدٍ فَادَّعَى الْآخِذِ دَفْعَهَا لِزَيْدٍ فَأَنْكَرَ صُدِّقَ فِيمَا ادَّعَاهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْقَبْضِ اهـ. ع ش عَلَى م ر

(قَوْلُهُ: دَاعِي الْقَرْضِ) أَيْ الْبَاعِثُ عَلَيْهِ وَهُوَ الثَّوَابُ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ بِلَا شَرْطٍ) ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ أَمْنًا مِنْ الْجُحْدِ وَسُهُولَةِ الِاسْتِيفَاءِ وَصَوْنِ الْعِرْضِ فَإِنَّ الْحَيَاءَ وَالْمُرُوءَةَ يَمْنَعَانِهِ مِنْ الرُّجُوعِ بِلَا سَبَبٍ فَإِذَا وُجِدَ سَبَبٌ مِنْ هَذِهِ الْأَسْبَابِ كَانَ الْمُقْرِضُ مَعْذُورًا حِينَئِذٍ فِي الرُّجُوعِ غَيْرَ مَلُومٍ وَمِنْ فَوَائِدِهِ أَنَّ الْمُقْتَرِضَ لَا يَحِلُّ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي الْعَيْنِ الَّتِي أَقْرَضَهَا قَبْلَ الْوَفَاءِ بِالشَّرْطِ وَإِنْ قُلْنَا تُمْلَكُ بِالْقَبْضِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ. ح ل

وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَيُمْتَنَعُ عَلَيْهِ التَّصَرُّفُ فِيمَا أَقْرَضَهُ قَبْلَ الْوَفَاءِ بِمَا شَرَطَهُ كَمَا يُمْتَنَعُ عَلَى الْمُشْتَرِي التَّصَرُّفُ فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ وَفَاءِ الثَّمَنِ كَذَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ.

[كِتَابُ الرَّهْنِ]

(قَوْلُهُ: هُوَ لُغَةً الثُّبُوتُ) يُقَالُ رَهَنَ بِالْمَكَانِ رَهْنًا أَقَامَ بِهِ وَأَمَّا شَرْعًا فَهُوَ الْجُعْلُ الَّذِي قَالَهُ الشَّيْخُ وَيُطْلَقُ أَيْضًا فِي الشَّرْعِ عَلَى الْعَيْنِ الْمَرْهُونَةِ

وَوَجْهُ مُلَائِمَةِ ذَلِكَ لِلْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ ظَاهِرٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْعَيْنَ يَدُومُ ثَبَاتُهَا عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ ثُمَّ إذَا رَاعَيْت إطْلَاقَهُ عَلَى الْمَرْهُونِ جَمَعْته عَلَى رِهَانٍ قِيلَ وَكَذَا عَلَى رَهْنٍ كَسَقْفٍ وَسُقُفٍ وَالْأَكْثَرُ أَنَّهُ جَمْعُ رِهَانٍ، وَقَدْ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَصْلِهِ نَعَمْ مَنَعَهُ مُجَاهِدٌ وَدَاوُد فِي الْحَضَرِ اهـ سم

(قَوْلُهُ: أَيْضًا هُوَ لُغَةً الثُّبُوتُ) هَذَا ظَاهِرٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرُ رَهَنَ لَازِمًا بِمَعْنَى دَامَ وَثَبَتَ وَلَكِنَّهُ لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ الْآتِيَ مَعْنَاهُ فَارْهَنُوا وَاقْبِضُوا أَمَّا إذَا جُعِلَ مَصْدَرًا لِرَهَنَ مُتَعَدِّيًا فَإِنَّمَا يُنَاسِبُ أَنْ يُقَالَ هُوَ لُغَةً الْإِثْبَاتُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ رَهَنَ يُسْتَعْمَلُ لَازِمًا بِمَعْنَى دَامَ وَثَبَتَ وَمُتَعَدِّيًا فَيُقَال رَهَنْت الشَّيْءَ عِنْدَهُ وَمَعْنَاهُ أَثْبَتُهُ عِنْدَهُ وَالثُّبُوتُ إنَّمَا يُنَاسِبُ اللَّازِمَ دُونَ الْمُتَعَدِّي الَّذِي هُوَ الْمَقْصُودُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَطْلَقَ الثُّبُوتَ الَّذِي هُوَ أَثَرُ الْإِثْبَاتِ وَأَرَادَ بِهِ الْإِثْبَاتَ نَفْسَهُ لَكِنْ لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ، وَمِنْهُ الْحَالَةُ الرَّاهِنَةُ وَإِنَّمَا لَمْ يَجْعَلْهُ مِنْ رَهَنَ بِمَعْنَى ثَبَتَ وَدَامَ؛ لِأَنَّ الْأَرْكَانَ الْآتِيَةَ لَا تُنَاسِبُهُ اهـ. ع ش.

وَفِي الْمِصْبَاحِ رَهَنَهُ الشَّيْءَ يَرْهَنُ رَهْنًا ثَبَتَ وَدَامَ فَهُوَ رَاهِنٌ وَيَتَعَدَّى بِالْأَلِفِ فَيُقَالُ أَرَهَنْته إذَا جَعَلْته ثَابِتًا اهـ. وَفِي الْمُخْتَارِ رَهَنَ الشَّيْءَ مِنْ بَابِ قَطَعَ فَهُوَ رَاهِنٌ وَرَهَنَ الشَّيْءَ دَامَ وَثَبَتَ فَهُوَ رَاهِنٌ وَبَابُهُ أَيْضًا قَطَعَ (قَوْلُهُ: جَعْلُ عَيْنٍ إلَخْ) قَدْ اشْتَمَلَ هَذَا التَّعْرِيفُ عَلَى الْأَرْكَانِ الْأَرْبَعَةِ؛ لِأَنَّ الْجَعْلَ بِصِيغَةٍ وَيَسْتَلْزِمُ مُوجِبًا وَقَابِلًا وَقَوْلُهُ عَيْنُ مَالٍ إشَارَةٌ إلَى الْمَرْهُونِ وَقَوْلُهُ بِدَيْنٍ إشَارَةٌ إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>