مُبَادَرَةً لِلْعِبَادَةِ.
(بَابُ مَا حَرُمَ بِالْإِحْرَامِ)
الْأَصْلُ فِيهِ مَعَ مَا يَأْتِي أَخْبَارٌ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ «رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنْ الثِّيَابِ، فَقَالَ لَا يَلْبَسُ الْقُمُصَ وَلَا الْعَمَائِمَ وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ وَلَا الْبَرَانِسَ وَلَا الْخِفَافَ إلَّا أَحَدٌ لَا يَجِدُ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ الْخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ وَلَا يَلْبَسُ مِنْ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ أَوْ وَرْسٌ» ، زَادَ الْبُخَارِيُّ «وَلَا تَنْتَقِبُ الْمَرْأَةُ وَلَا تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ» وَكَخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ لُبْسِ الْقَمِيصِ وَالْأَقْبِيَةِ وَالسَّرَاوِيلَاتِ وَالْخُفَّيْنِ إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ النَّعْلَيْنِ» .
(حَرُمَ بِهِ) أَيْ بِالْإِحْرَامِ (عَلَى رَجُلٍ
ــ
[حاشية الجمل]
وَقْتُهَا فَإِذَا أَرَادَ الْوَلِيُّ فِعْلَهَا عَنْهُ عَلَى الْقَدِيمِ نُدِبَ فِي حَقِّهِ التَّتَابُعُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: مُبَادَرَةً لِلْعِبَادَةِ) أَيْ وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ اهـ. شَرْحُ م ر
[بَابُ مَا حَرُمَ بِالْإِحْرَامِ]
(بَابُ مَا حَرُمَ بِالْإِحْرَامِ) أَيْ مَا حَرُمَ بِسَبَبِهِ وَلَوْ مُطْلَقًا وَالْمُرَادُ بِالْإِحْرَامِ هُنَا نِيَّةُ الدُّخُولِ فِي النُّسُكِ وَنَفْسُ الدُّخُولِ فِيهِ بِالنِّيَّةِ كَمَا مَرَّ وَحِكْمَةُ تَحْرِيمِ الْأُمُورِ الْآتِيَةِ عَلَى الْمُحْرِمِ أَنَّ فِيهَا تَرَفُّهًا، وَهُوَ أَشْعَثُ أَغْبَرُ كَمَا فِي الْحَدِيثِ فَلَمْ يُنَاسِبْهُ التَّرَفُّهُ، وَأَيْضًا فَالْقَصْدُ تَذْكِيرُهُ بِذَهَابِهِ إلَى الْمَوْقِفِ مُتَجَرِّدًا مُتَشَعِّثًا لِيُقْبِلَ عَلَى اللَّهِ بِكُلِّيَّتِهِ وَلَا يَشْتَغِلَ بِغَيْرِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْحَجِّ تَجَرُّدُ الظَّاهِرِ لِيَتَوَصَّلَ بِهِ لِتَجَرُّدِ الْبَاطِنِ وَمِنْ الصَّوْمِ الْعَكْسُ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ فَتَأَمَّلْهُ اهـ. ابْنُ حَجَرٍ وَقَدْ عَدَّ بَعْضُهُمْ الْمُحَرَّمَاتِ عَلَى الْمُحْرِمِ خَمْسَةً وَبَعْضُهُمْ سَبْعَةً وَبَعْضُهُمْ ثَمَانِيَةً وَبَعْضُهُمْ عَشْرَةً وَبَعْضُهُمْ عِشْرِينَ وَهُوَ اخْتِلَافٌ لَفْظِيٌّ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَقَدْ عَدَّ فِي الرَّوْنَقِ وَاللُّبَابِ الْمُحَرَّمَاتِ عِشْرِينَ شَيْئًا وَجَرَى عَلَى ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ فِي تَدْرِيبِهِ، وَقَالَ فِي الْكِفَايَةِ إنَّهَا عَشَرَةٌ أَيْ وَالْبَاقِيَةُ مُتَدَاخِلَةٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ بَالَغَ فِي اخْتِصَارِ أَحْكَامِ الْحَجِّ لَا سِيَّمَا هَذَا الْبَابُ وَأَتَى فِيهِ بِصِيغَةٍ تَدُلُّ عَلَى الْحَصْرِ فِيمَا ذَكَرَهُ وَالْمُحَرَّرُ سَالِمٌ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ قَالَ حَرُمَ فِي الْإِحْرَامِ أُصَوِّرُ مِنْهَا كَذَا وَكَذَا انْتَهَتْ.
وَفِي سَمِّ عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ.
(فَائِدَةٌ)
مُحَصَّلُ مَا فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ لِلشَّارِحِ أَنَّ كُلًّا مِنْ إتْلَافِ الْحَيَوَانِ الْمُحْتَرَمِ وَمِنْ الْجِمَاعِ فِي الْحَجِّ كَبِيرَةٌ وَأَنَّ بَقِيَّةَ الْمُحَرَّمَاتِ صَغَائِرُ اهـ.
وَقَوْلُهُ وَمِنْ الْجِمَاعِ فِي الْحَجِّ ظَاهِرُهُ وَلَوْ بَيْنَ التَّحَلُّلَيْنِ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَقَوْلُهُ: فِي الْحَجِّ قَدْ تَخْرُجُ الْعُمْرَةُ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ أَيْضًا اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: عَمَّا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ) فِي الْمُخْتَارِ لَبِسَ الثَّوْبَ بِالْكَسْرِ يَلْبَسُهُ بِالْفَتْحِ لُبْسًا بِالضَّمِّ وَلَبَسَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ خَلَطَهُ وَبَابُهُ ضَرَبَ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ} [الأنعام: ٩] . اهـ.
(قَوْلُهُ: فَقَالَ لَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ إلَخْ) وَإِنَّمَا وَقَعَ الْجَوَابُ عَمَّا لَا يَلْبَسُ؛ لِأَنَّهُ مَحْصُورٌ بِخِلَافِ مَا يَلْبَسُ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمَسْئُولَ عَنْهُ إذْ الْأَصْلُ الْإِبَاحَةُ وَتَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي السُّؤَالُ عَمَّا لَا يَلْبَسُ وَأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْجَوَابِ مَا يُحَصِّلُ الْمَقْصُودَ وَإِنْ لَمْ يُطَابِقْ السُّؤَالَ صَرِيحًا اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: الْقُمُصَ) بِضَمِّ الْمِيمِ جَمْعُ قَمِيصٍ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ) السَّرَاوِيلُ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَلَا الْبَرَانِسَ) هُوَ مُفْرَدٌ عَلَى صِيغَةِ الْجَمْعِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مِنْهُ سَبْقُ قَلَمٍ وَإِنَّمَا هُوَ جَمْعُ بُرْنُسٍ كَقَنَافِذَ جَمْعِ قُنْفُذٍ وَفِي الْمُخْتَارِ الْبُرْنُسُ قَلَنْسُوَةٌ طَوِيلَةٌ وَكَانَ النُّسَّاكُ يَلْبَسُونَهَا فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ اهـ.
(قَوْلُهُ: فَلْيَلْبَسْ الْخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا) لَا يَقْتَضِي أَنَّ الْقَطْعَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ اللُّبْسِ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ لَا تُفِيدُ تَرْتِيبًا وَنَظِيرُهُ {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} [آل عمران: ٥٥] إذْ الرَّفْعُ قَبْلَ التَّوَفِّي فَمِنْ ثَمَّ وَجَبَ تَقْدِيمُ الْقَطْعِ عَلَى اللُّبْسِ اهـ إيعَابٌ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَوْ وَرْسٌ) نَبْتٌ أَصْفَرُ يُصْبَغُ بِهِ بِالْيَمَنِ اهـ. شَيْخُنَا.
وَفِي الْمِصْبَاحِ الْوَرْسُ نَبْتٌ أَصْفَرُ يُزْرَعُ بِالْيَمَنِ وَيُصْبَغُ بِهِ قِيلَ هُوَ صِنْفٌ مِنْ الْكُرْكُمِ وَقِيلَ يُشْبِهُهُ.
(قَوْلُهُ: إلَّا أَحَدًا لَا يَجِدُ نَعْلَيْنِ إلَخْ) بِخِلَافِ مَا إذَا وَجَدَهُمَا فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَطْعِ مَا تَحْصُلُ بِهِ الْإِحَاطَةُ حَتَّى مَا عَلَى الْأَصَابِعِ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَلَا تَنْتَقِبُ الْمَرْأَةُ) أَيْ لَا تُغَطِّي وَجْهَهَا بِالنِّقَابِ وَهُوَ اسْمٌ لِمَا يُسْتَرُ بِهِ الْوَجْهُ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَكَخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ إلَخْ) أَدْنَى بِهِ بَعْدَ الْأَوَّلِ لِزِيَادَتِهِ عَلَيْهِ بِالْأَقْبِيَةِ وَلِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ الْجَمْعَ فِي الْقُمُصِ لَيْسَ بِقَيْدٍ فَأَلْ فِي الْمَجْمُوعِ هُنَاكَ جِنْسِيَّةٌ وَلِذِكْرِ النَّهْيِ عَنْهُ، وَالْأَصْلُ فِي النَّهْيِ التَّحْرِيمُ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: عَلَى رَجُلٍ) ذَكَرَ لِلرَّجُلِ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ شَيْئَيْنِ وَلِلْمَرْأَةِ شَيْئَيْنِ وَلَهُمَا سِتَّةً أَوْ سَبْعَةً تَأْتِي اهـ. شَيْخُنَا، وَالْمُرَادُ بِالرَّجُلِ الذَّكَرُ وَلَوْ صَبِيًّا فَيَخْرُجُ الْخُنْثَى؛ لِأَنَّهُ كَالْمَرْأَةِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَمَحَلُّ الْحُرْمَةِ عَلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُمَيِّزًا عَامِدًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ وَالْإِحْرَامِ مُخْتَارًا فَخَرَجَ بِالْمُمَيِّزِ غَيْرُهُ إلَّا السَّكْرَانَ الْمُتَعَدِّيَ وَبِالْعَامِدِ النَّاسِي وَهَلْ هُوَ مُقَيَّدٌ بِغَيْرِ الْمُقَصِّرِ بِنِسْيَانِهِ، أَمَّا هُوَ فَتَجِبُ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ الصَّلَوَاتِ فَوْرًا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَوَّلًا وَيُفَرَّقُ وَبِالْعَالِمِ الْمَذْكُورِ الْجَاهِلُ الْمَعْذُورُ بِجَهْلِهِ وَهُوَ مَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ أَوْ مَنْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ، قَالَ مَوْلَانَا وَسَيِّدُنَا مُحَقِّقُ الْعَصْرِ السَّيِّدُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَالْأَنْسَبُ ضَبْطُهُ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ أَوْ بِمَحَلٍّ يَكْثُرُ قَصْدُ أَهْلِهِ لِمَحَلِّ عَالِمِي ذَلِكَ اهـ. وَكَانَتْ الْمَسْأَلَةُ مِنْ الْفُرُوعِ