للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَصْلٌ) : فِي أَرْكَانِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَبَيَانِ أَوْجُهِ أَدَائِهِمَا مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ

ــ

[حاشية الجمل]

وَتَشْدِيدِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ الْجِصُّ، وَعَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ أَحَدِ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ السَّبْعَةِ قَالَ بَنَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسْجِدَهُ سَبْعِينَ ذِرَاعًا فِي سِتِّينَ ذِرَاعًا أَوْ يَزِيدُ قَالَ أَهْلُ السِّيَرِ جَعَلَ عُثْمَانُ طُولَ الْمَسْجِدِ مِائَةً وَسِتِّينَ ذِرَاعًا وَعَرْضَهُ مِائَةً وَخَمْسِينَ ذِرَاعًا وَجَعَلَ أَبْوَابَهُ سِتَّةً كَمَا كَانَتْ فِي زَمَنِ عُمَرَ، ثُمَّ زَادَ فِيهِ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ فَجَعَلَ طُولَهُ مِائَتَيْ ذِرَاعٍ وَعَرْضَهُ فِي مُقَدَّمِهِ مِائَتَيْنِ وَفِي مُؤَخَّرِهِ مِائَةً وَثَمَانِينَ ثُمَّ زَادَ فِيهِ الْمَهْدِيُّ مِائَةَ ذِرَاعٍ مِنْ جِهَةِ الشَّامِ فَقَطْ دُونَ الْجِهَاتِ الثَّلَاثِ فَإِذَا عَرَفْت حَالَ الْمَسْجِدِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَعْتَنِيَ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلَاةِ فِيمَا كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّ الْحَدِيثَ الصَّحِيحَ الَّذِي سَبَقَ ذِكْرُهُ «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنْ الْمَسَاجِدِ» إنَّمَا يَتَنَاوَلُ مَا كَانَ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لَكِنْ إذَا صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ فَلْيَتَقَدَّمْ إلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ، ثُمَّ مَا يَلِيهِ أَفْضَلُ فَلْيُتَفَطَّنْ لِمَا نَبَّهْت عَلَيْهِ إلَى أَنْ قَالَ الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ مِنْ الْعَامَّةِ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ مَنْ زَارَنِي وَزَارَ أَبِي إبْرَاهِيمَ فِي عَامٍ وَاحِدٍ ضَمِنْت لَهُ عَلَى اللَّهِ الْجَنَّةَ وَهَذَا بَاطِلٌ لَيْسَ هُوَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا يُعْرَفُ فِي كِتَابٍ، بَلْ وَضَعَهُ بَعْضُ الْفَجَرَةِ وَزِيَارَةُ الْخَلِيلِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَيْرُ مُنْكَرَةٍ وَإِنَّمَا الْمُنْكَرُ مَا رَوَوْهُ وَلَا تَعَلُّقَ لِزِيَارَةِ الْخَلِيلِ بِالْحَجِّ، بَلْ تِلْكَ قُرْبَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ وَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُ بَعْضِ الْعَامَّةِ إذَا حَجَّ أُقَدِّسُ حَجَّتِي وَيَذْهَبُ فَيَزُورُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَيَرَى ذَلِكَ مِنْ تَمَامِ الْحَجِّ وَهَذَا بَاطِلٌ أَيْضًا.

وَزِيَارَةُ الْقُدْسِ مُسْتَحَبَّةٌ، لَكِنَّهَا غَيْرُ مُتَعَلِّقَةٍ بِالْحَجِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ لَوْ نَذَرَ الذَّهَابَ إلَى مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ إلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى فَفِيهِ الْقَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ الذَّهَابُ وَلَا يَجِبُ وَالثَّانِي يَجِبُ فَعَلَى هَذَا إذَا أَتَاهُ وَجَبَ عَلَيْهِ فِعْلُ عِبَادَةٍ فِيهِ إمَّا صَلَاةٌ وَإِمَّا اعْتِكَافٌ هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ، وَقِيلَ تَتَعَيَّنُ الصَّلَاةُ، وَقِيلَ يَتَعَيَّنُ الِاعْتِكَافُ وَالْمُرَادُ اعْتِكَافُ سَاعَةٍ وَالْمُرَادُ بِالصَّلَاةِ رَكْعَتَانِ، وَقِيلَ رَكْعَةٌ وَالْمُرَادُ نَافِلَةٌ، وَقِيلَ تَكْفِي الْفَرِيضَةُ اهـ. ثُمَّ قَالَ فِي الْبَابِ الثَّامِنِ فَصْلٌ فِي آدَابِ رُجُوعِهِ مِنْ سَفَرِ حَجِّهِ أَحَدُهَا السُّنَّةُ أَنْ يَقُولَ مَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا قَفَلَ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ كَبَّرَ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ ثَلَاثَ تَكْبِيرَاتٍ، ثُمَّ يَقُولُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ سَائِحُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ لِرَبِّنَا صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ» ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي صَحِيحَيْهِمَا.

وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ «عَنْ أَنَسٍ قَالَ أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى إذَا كُنَّا بِظَهْرِ الْمَدِينَةِ قَالَ آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ ذَلِكَ حَتَّى قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ» ، الثَّانِي يُسْتَحَبُّ إذَا قَرُبَ مِنْ وَطَنِهِ أَنْ يَبْعَثَ قُدَّامَهُ مَنْ يُخْبِرُ أَهْلَهُ كَيْ لَا يَقْدُمَ عَلَيْهِمْ بَغْتَةً فَهَذَا هُوَ السُّنَّةُ، الثَّالِثُ إذَا أَشْرَفَ عَلَى بَلْدَةٍ فَيَحْسُنُ أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك خَيْرَهَا وَخَيْرَ أَهْلِهَا وَخَيْرَ مَا فِيهَا وَأَعُوذُ بِك مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ أَهْلِهَا وَشَرِّ مَا فِيهَا، وَاسْتَحَبَّ بَعْضُهُمْ أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ اجْعَلْ لَنَا بِهَا قَرَارًا وَرِزْقًا حَسَنًا اللَّهُمَّ اُرْزُقْنَا حِبَاهَا وَأَعِذْنَا مِنْ وَبَاهَا وَحَبِّبْنَا إلَى أَهْلِهَا وَحَبِّبْ صَالِحِي أَهْلِهَا إلَيْنَا فَقَدْ رَوَيْنَا هَذَا كُلَّهُ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ وَقَدْ أَوْضَحْته فِي كِتَابِ الْأَذْكَارِ، الرَّابِعُ إذَا قَدِمَ فَلَا يَطْرُقُ أَهْلَهُ بِاللَّيْلِ، بَلْ يَدْخُلُ الْبَلَدَ غَدْوَةً وَإِلَّا فَفِي آخِرِ النَّهَارِ، الْخَامِسُ إذَا وَصَلَ مَنْزِلَهُ فَالسُّنَّةُ أَنْ يَبْدَأَ بِالْمَسْجِدِ فَيُصَلِّي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ وَإِذَا دَخَلَ مَنْزِلَهُ صَلَّى فِيهِ أَيْضًا رَكْعَتَيْنِ وَدَعَا وَشَكَرَ اللَّهَ تَعَالَى، السَّادِسُ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ يُسَلِّمُ عَلَى الْقَادِمِ مِنْ الْحَجِّ أَنْ يَقُولَ قَبِلَ اللَّهُ حَجَّك وَغَفَرَ ذَنْبَك وَأَخْلَفَ نَفَقَتَك رَوَيْنَا ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ، «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْحَاجِّ وَلِمَنْ اسْتَغْفَرَ لَهُ الْحَاجُّ» قَالَ الْحَاكِمُ هُوَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، السَّابِعُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ إذَا دَخَلَ بَيْتَهُ مَا رَوَيْنَاهُ فِي كِتَابِ الْأَذْكَارِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا رَجَعَ مِنْ سَفَرِهِ فَدَخَلَ عَلَى أَهْلِهِ قَالَ تَوْبًا تَوْبًا لِرَبِّنَا أَوْبًا لَا يُغَادِرُ حَوْبًا» قُلْت تَوْبًا تَوْبًا سُؤَالُ التَّوْبَةِ أَيْ نَسْأَلُك تَوْبَةً كَامِلَةً وَلَا يُغَادِرُ حُوبًا أَيْ لَا يَتْرُكُ إثْمًا، الثَّامِنُ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ رُجُوعِهِ خَيْرًا مِمَّا كَانَ فَهَذَا مِنْ عَلَامَاتِ قَبُولِ الْحَجِّ وَأَنْ يَكُونَ خَيْرُهُ مُسْتَمِرًّا فِي ازْدِيَادٍ اهـ بِحُرُوفِهِ.

[فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَبَيَانِ أَوْجُهِ أَدَائِهِمَا مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

(فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ الْحَجِّ) (قَوْلُهُ: مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ) أَيْ بَيَانُ أَوْجُهِ أَدَائِهِمَا مِنْ قَوْلِهِ وَعَلَى الْمُتَمَتِّعِ وَالْقَارِنِ دَمٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>