للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَكَرَهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ لِلْمُحَكَّمِ أَنْ يَحْكُمَ بِعِلْمِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ زَعَمَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ الرَّاجِحَ خِلَافُهُ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا أَيْ صَرِيحًا.

(وَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ إلَّا بِرِضَاهُمَا بِهِ قَبْلَهُ) لِأَنَّ رِضَاهُمَا هُوَ الْمُثْبِتُ لِلْوِلَايَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَقَدُّمِهِ بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (إنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا قَاضِيًا) وَإِلَّا فَلَا يُشْتَرَطُ رِضَاهُمَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ ذَلِكَ تَوْلِيَةٌ مِنْهُ فَلَوْ حَكَّمَا اثْنَيْنِ لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُ أَحَدِهِمَا حَتَّى يَجْتَمِعَا بِخِلَافِ تَوْلِيَةِ قَاضِيَيْنِ لِيَجْتَمِعَا عَلَى الْحُكْمِ لِظُهُورِ الْفَرْقِ قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ أَمَّا الرِّضَا بِالْحُكْمِ بَعْدَهُ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ كَحُكْمِ الْحَاكِمِ (وَلَا يَكْفِي رِضَا جَانٍ) هُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ رِضَا قَاتِلٍ بِحُكْمِهِ (فِي ضَرْبِ دِيَةٍ عَلَى عَاقِلَتِهِ) بَلْ لَا بُدَّ مِنْ رِضَاهُمْ أَيْضًا بِهِ وَلَوْ كَانُوا فُقَرَاءَ لِأَنَّهُمْ لَا يُؤَاخَذُونَ بِإِقْرَارِهِ فَكَيْفَ يُؤَاخَذُونَ بِرِضَاهُ (وَلَوْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْحُكْمِ وَلَوْ بَعْدَ إقَامَةِ الْمُدَّعِي شَاهِدَيْنِ (امْتَنَعَ) الْحُكْمُ وَلَيْسَ لِلْمُحَكَّمِ أَنْ يَحْبِسَ بَلْ غَايَتُهُ الْإِثْبَاتُ وَالْحُكْمُ وَإِذَا حَكَمَ بِشَيْءٍ مِنْ الْعُقُوبَاتِ كَالْقَوَدِ وَحَدِّ الْقَذْفِ لَمْ يَسْتَوْفِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ يَخْرِمُ أُبَّهَةَ الْوُلَاةِ.

(فَصْلٌ) فِيمَا يَقْتَضِي انْعِزَالَ الْقَاضِي أَوْ عَزْلَهُ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ لَوْ (زَالَتْ أَهْلِيَّتُهُ) أَيْ أَهْلِيَّةُ الْقَاضِي (بِنَحْوِ جُنُونٍ وَإِغْمَاءٍ) كَغَفْلَةٍ وَصَمَمٍ وَنِسْيَانٍ يُخِلُّ بِالضَّبْطِ وَفِسْقٍ (انْعَزَلَ) لِوُجُودِ الْمُنَافِي وَلِأَنَّ الْقَضَاءَ عَقْدٌ جَائِزٌ نَعَمْ لَوْ عَمِيَ بَعْدَ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ وَتَعْدِيلِهَا وَلَمْ يَحْتَجْ لِإِشَارَةٍ نَفَذَ حُكْمُهُ فِي تِلْكَ الْوَاقِعَةِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ (فَلَوْ عَادَتْ) أَهْلِيَّتُهُ (لَمْ تَعُدْ وِلَايَتُهُ) كَالْوَكَالَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْعُقُودِ (وَلَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ) كَالْوَكِيلِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي.

ــ

[حاشية الجمل]

لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَيْضًا مَا وَافَقَ عَلَيْهِ م ر أَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَى غَيْرِهِ نَقْضُ حُكْمِهِ حَيْثُ يَمْتَنِعُ نَقْضُ حُكْمِ الْقَاضِي وَهُوَ ظَاهِرٌ وَبِهِ صُرِّحَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ اهـ سم (قَوْلُهُ أَنْ يَحْكُمَ بِعِلْمِهِ) ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ وَلَا لِقَاضِي الضَّرُورَةِ الْحُكْمُ بِعِلْمِهِمَا اهـ س ل (قَوْلُهُ أَنَّ الرَّاجِحَ خِلَافُهُ) مُعْتَمَدٌ.

(قَوْلُهُ إلَّا بِرِضَاهُمَا بِهِ) أَيْ لَفْظًا فَلَا أَثَرَ لِلسُّكُوتِ أَخْذًا مِنْ نَظَائِرِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ رِضَا الزَّوْجَيْنِ مَعًا فِي النِّكَاحِ، وَالْأَوْجَهُ الِاكْتِفَاءُ بِسُكُوتِ الْبِكْرِ فِي اسْتِئْذَانِهَا فِي التَّحْكِيمِ اهـ شَرْحُ م ر أَيْ فَلَا يُكْتَفَى بِالرِّضَا مِنْ وَلِيِّ الْمَرْأَةِ وَالزَّوْجِ بَلْ الرِّضَا إنَّمَا يَكُونُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ حَيْثُ كَانَتْ الْوِلَايَةُ لِلْقَاضِي، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ رِضَا الزَّوْجَةِ إذَا كَانَ لَهَا مَنْ يَتَكَلَّمُ لَهَا اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ ذَلِكَ تَوْلِيَةٌ مِنْهُ) رُدَّ فِي الْكِفَايَةِ هَذَا الْبِنَاءُ بِأَنَّ ابْنَ الصَّبَّاغِ، وَغَيْرَهُ قَالُوا لَيْسَ التَّحْكِيمُ تَوْلِيَةً فَلَا يَحْسُنُ الْبِنَاءُ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَحَلَّ هَذَا إذَا صَدَرَ التَّحْكِيمُ مِنْ غَيْرِ قَاضٍ اهـ شَرْحُ الْبَهْجَةِ (قَوْلُهُ فَلَوْ حَكَّمَا اثْنَيْنِ إلَخْ) لَيْسَ الْمَقَامُ لِلتَّفْرِيعِ كَمَا لَا يَخْفَى فَكَانَ الْأَوْلَى التَّعْبِيرَ بِالْوَاوِ، وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ بِخِلَافِ تَوْلِيَةِ قَاضِيَيْنِ إلَخْ أَنْ يَقُولَ وَلَوْ حَكَّمَا اثْنَيْنِ لِيَجْتَمِعَا عَلَى الْحُكْمِ صَحَّ التَّحْكِيمُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُ أَحَدِهِمَا إلَخْ فَهُوَ بَحْثٌ آخَرُ لَا تَقْتَضِيهِ الْمُقَابَلَةُ بِمَا بَعْدَهُ كَمَا لَا يَخْفَى تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لِظُهُورِ الْفَرْقِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ فِي الْقَاضِيَيْنِ يَقَعُ بَيْنَهُمَا الْخِلَافُ فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ بِخِلَافِ الْحَكَمَيْنِ، وَفِيهِ أَنَّ الْحَكَمَيْنِ قَدْ يَكُونَانِ مُجْتَهِدَيْنِ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا نَادِرٌ اهـ ح ل (قَوْلُهُ وَلَا يَكْفِي رِضَا جَانٍ) أَيْ بِأَنْ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ دَمًا فَتَنَازَعَا فِي إثْبَاتِهِ فَحَكَّمَا شَخْصًا يَحْكُمُ بَيْنَهُمَا فَحَكَمَ بِأَنَّ الْقَتْلَ خَطَأٌ فَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ إلَّا بِرِضَا عَاقِلَةِ الْجَانِي، وَهَذَا فِي قُوَّةِ قَوْلِهِ يُشْتَرَطُ زِيَادَةً عَلَى رِضَا الْمُحَكِّمَيْنِ رِضَا الْعَاقِلَةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَظَهَرَ ارْتِبَاطُهُ بِمَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ هُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ رِضَا قَاتِلٍ) أَيْ لِأَنَّهُ يَشْمَلُ قَاطِعَ الطَّرَفِ، وَمُزِيلَ الْمَعْنَى، وَالْعَاقِلَةُ تَحْمِلُ وَاجِبَ كُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا تَحْمِلُ دِيَةَ النَّفْسِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَتْنِ فِي فَصْلِ الْعَاقِلَةِ (قَوْلُهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ رِضَاهُمْ أَيْضًا) وَكَذَا لَا بُدَّ مِنْ رِضَا كُلِّ مَنْ عَلَيْهِ ضَرَرٌ فِي حُكْمِهِ غَيْرَ الْمُتَدَاعِيَيْنِ اهـ م ر اهـ سم (قَوْلُهُ وَلَوْ بَعْدَ إقَامَةِ الْمُدَّعِي) شَاهِدَيْنِ بِأَنْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُحَكَّمِ عَزَلْتُك فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ اهـ ز ي (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِلْمُحَكَّمِ أَنْ يَحْبِسَ إلَخْ) وَلَهُ أَنْ يُشْهِدَ عَلَى حُكْمٍ، وَإِثْبَاتِهِ مَنْ فِي مَجْلِسِهِ خَاصَّةً لِانْعِزَالِهِ بِالتَّفَرُّقِ، وَإِذَا تَوَالَى الْقَضَاءُ بَعْدَ سَمَاعِ بَيِّنَةٍ حُكِمَ بِهَا بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ إعَادَتِهَا اهـ شَرْحُ م ر، وَقَوْلُهُ لِانْعِزَالِهِ بِالتَّفَرُّقِ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُكْتَفَى بِالتَّفَرُّقِ هُنَا بِمَا اُكْتُفِيَ بِهِ فِي التَّفَرُّقِ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ يَخْرِمُ أُبَّهَةَ الْوُلَاةِ) مِنْ بَابِ ضَرَبَ اهـ مُخْتَارٌ، وَقَالَ فِيهِ، وَالْأُبَّهَةُ الْعَظَمَةُ، وَالْكِبْرُ انْتَهَى.

[فَصْلٌ فِيمَا يَقْتَضِي انْعِزَالَ الْقَاضِي أَوْ عَزْلَهُ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ]

(فَصْلٌ) فِيمَا يَقْتَضِي انْعِزَالَ الْقَاضِي (قَوْلُهُ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ) أَيْ مَعَ مَا يَقْتَضِي أَيْ مِنْ قَوْلِهِ، وَيَنْعَزِلُ بِانْعِزَالِهِ نَائِبُهُ إلَى آخِرِ الْفَصْلِ (قَوْلُهُ بِنَحْوِ جُنُونٍ وَإِغْمَاءٍ) كَانَ الْأَوْلَى الِاقْتِصَارَ عَلَى الْإِغْمَاءِ فَيَقُولُ بِنَحْوِ إغْمَاءٍ، وَظَاهِرُ صَنِيعِهِ أَنَّ الْغَفْلَةَ، وَإِنْ لَمْ تُخِلَّ بِالضَّبْطِ تَقْتَضِي الْعَزْلَ اهـ ح ل (قَوْلُهُ وَصَمَمٍ) أَيْ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ بِرَفْعِ الصَّوْتِ فَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ اهـ ح ل (قَوْلُهُ وَفِسْقٍ) فَلَوْ وَلِيَ مَعَ فِسْقِهِ، وَقُلْنَا بِنُفُوذِ قَضَائِهِ لِلضَّرُورَةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ فَزَادَ فِسْقُهُ فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ عُرِضَ عَلَى مَنْ وَلَّاهُ لَرَضِيَ بِهِ، وَوَلَّاهُ لَمْ يَنْعَزِلْ، وَإِلَّا انْعَزَلَ اهـ ح ل (قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ عَمِيَ إلَخْ) هَلْ الْعَمَى مَانِعٌ أَوْ سَالِبٌ وَجْهَانِ مِنْ فَوَائِدِهِمَا مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ نَعَمْ إلَخْ فَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ مَانِعٌ، وَمِنْ فَوَائِدِهِمَا إذَا عَادَ بَصَرُهُ هَلْ تَعُودُ وِلَايَتُهُ بِغَيْرِ تَوْلِيَةٍ جَدِيدَةٍ وَجْهَانِ اعْتَمَدَ م ر أَنَّهُ مَانِعٌ، وَأَنَّهُ تَعُودُ وِلَايَتُهُ بِغَيْرِ تَوْلِيَةٍ جَدِيدَةٍ اهـ سم (قَوْلُهُ وَلَمْ يَحْتَجْ لِإِشَارَةٍ) أَيْ إلَى الْخَصْمَيْنِ بِأَنْ كَانَا مَعْرُوفَيْ الِاسْمِ وَالنَّسَبِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ فَلَوْ عَادَتْ أَهْلِيَّتُهُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الزَّائِلُ عَمًى وَصَمَمًا وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا أَنَّ الْأَعْمَى إذَا عَادَ بَصَرُهُ عَادَتْ وِلَايَتُهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلَهُ الصَّمَمُ اهـ ح ل (قَوْلُهُ كَالْوَكَالَةِ) مُقْتَضَى كَوْنِ وِلَايَةِ الْقَضَاءِ كَالْوَكَالَةِ أَنَّهُ لَوْ أَنْكَرَ الْقَاضِي وِلَايَتَهُ أَوْ أَنْكَرَهُ مَنْ وَلَّاهُ انْعَزَلَ إلَّا إنْ كَانَ لِغَرَضٍ اهـ ح ل (قَوْلُهُ وَغَيْرِهَا مِنْ الْعُقُودِ) وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْغَيْرِ الْمَشْرُوطُ

<<  <  ج: ص:  >  >>