للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(فَ) يَسْتَخْلِفُ (مُطْلَقًا) وَهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِي وَكَإِطْلَاقِ الْإِذْنِ تَعْمِيمُهُ كَمَا فُهِمَ مِنْهُ بِالْأَوْلَى وَإِنْ خَصَّصَهُ بِشَيْءٍ لَمْ يَتَعَدَّهُ أَوْ نَهَاهُ عَنْ الِاسْتِخْلَافِ لَمْ يَسْتَخْلِفْ وَيَقْتَصِرُ عَلَى مَا يُمْكِنُهُ إنْ كَانَتْ تَوْلِيَتُهُ أَكْثَرَ مِنْهُ.

(وَشَرْطُهُ) أَيْ الْمُسْتَخْلَفِ بِفَتْحِ اللَّامِ (كَالْقَاضِي) أَيْ كَشَرْطِهِ السَّابِقِ (إلَّا أَنْ يَسْتَخْلِفَهُ فِي) أَمْرٍ (خَاصٍّ كَسَمَاعِ بَيِّنَةٍ فَيَكْفِي عِلْمُهُ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَيَحْكُمُ بِاجْتِهَادِهِ) إنْ كَانَ مُجْتَهِدًا (أَوْ اجْتِهَادِ مُقَلَّدِهِ) بِفَتْحِ اللَّامِ إنْ كَانَ مُقَلِّدًا بِكَسْرِهَا لِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْكُمُ بِمُعْتَقَدِهِ (وَلَا يُشْتَرَطُ عَلَيْهِ خِلَافُهُ) أَيْ خِلَافُ الْحُكْمِ بِاجْتِهَادِهِ أَوْ اجْتِهَادِ مُقَلَّدِهِ لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُهُ.

(وَجَازَ نَصْبُ أَكْثَرَ مِنْ قَاضٍ بِمَحَلٍّ) كَبَلَدٍ وَإِنْ لَمْ يَخُصَّ كُلًّا مِنْهُمْ بِمَكَانٍ أَوْ زَمَانٍ أَوْ نَوْعٍ كَالْأَمْوَالِ أَوْ الدِّمَاءِ أَوْ الْفُرُوجِ هَذَا (إنْ لَمْ يُشْتَرَطْ اجْتِمَاعُهُمْ عَلَى الْحُكْمِ) وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لِمَا يَقَعُ بَيْنَهُمْ مِنْ الْخِلَافِ فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ عَدَمَ الْجَوَازِ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ الْمَسَائِلِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَوْلِي أَكْثَرَ مِنْ قَاضٍ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ قَاضِيَيْنِ وَقَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِقَوْلِهِ مَا لَمْ يُكْثِرُوا وَفِي الْمَطْلَبِ يَجُوزُ أَنْ يُنَاطَ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ.

(وَ) جَازَ (تَحْكِيمُ اثْنَيْنِ) فَأَكْثَرَ (أَهْلًا لِلْقَضَاءِ) وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ (فِي غَيْرِ عُقُوبَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى) وَلَوْ مَعَ وُجُودِ قَاضٍ أَوْ فِي قَوَدٍ أَوْ نِكَاحٍ وَخَرَجَ بِالْأَهْلِ غَيْرُهُ فَلَا يَجُوزُ تَحْكِيمُهُ أَيْ مَعَ وُجُودِ الْأَهْلِ وَإِلَّا جَازَ حَتَّى فِي عَقْدِ نِكَاحِ امْرَأَةٍ لَا وَلِيَّ لَهَا خَاصٌّ وَبِغَيْرِ عُقُوبَةِ اللَّهِ تَعَالَى عُقُوبَتُهُ مِنْ حَدٍّ أَوْ تَعْزِيرٍ فَلَا يَجُوزُ التَّحْكِيمُ فِيهَا إذْ لَيْسَ لَهَا طَالِبٌ مُعَيَّنٌ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى الْمَالِيَّ الَّذِي لَا طَالِبَ لَهُ مُعَيَّنٌ لَا يَجُوزُ فِيهِ التَّحْكِيمُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ وَأَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمَا

ــ

[حاشية الجمل]

الشَّارِحِ أَوْ نَهَاهُ عَنْ الِاسْتِخْلَافِ إلَخْ (قَوْلُهُ فَيَسْتَخْلِفُ مُطْلَقًا) أَيْ فِيمَا عَجَزَ عَنْهُ، وَفِي غَيْرِهِ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَسْتَخْلِفُ إلَّا فِيمَا عَجَزَ عَنْهُ اهـ م ر اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَكَإِطْلَاقِ الْإِذْنِ تَعْمِيمُهُ) أَيْ بِأَنْ قَالَ لَهُ اسْتَخْلِفْ فِي كُلِّ أَحْوَالِك.

(فَرْعٌ) فَوَّضَ الْإِمَامُ لِشَخْصٍ أَنْ يَخْتَارَ قَاضِيًا لَمْ يَخْتَرْ نَفْسَهُ وَلَا أَصْلَهُ وَلَا فَرْعَهُ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ وَشَرْطُهُ كَالْقَاضِي) وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ رُتْبَةُ الِاجْتِهَادِ، وَمِنْ ذَلِكَ نَائِبُ الْقَاضِي فِي الْقُرَى إذَا فُوِّضَ لَهُ سَمَاعُ الْبَيِّنَةِ فَقَطْ يَكْفِيهِ الْعِلْمُ بِشُرُوطِهَا وَلَوْ عَنْ تَقْلِيدٍ وَلَيْسَ الْمَنْصُوبُ لِلْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ مِثْلَهُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ حَاكِمٌ اهـ شَرْحُ م ر.

(فَرْعٌ)

إذَا وَلَّى الْإِمَامُ شَافِعِيًّا مَثَلًا، وَمَنَعَهُ مِنْ الْحُكْمِ بِبَعْضِ مَسَائِلَ مُعَيَّنَةٍ كَأَنْ مَنَعَ الشَّافِعِيَّ مِنْ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ صَحَّتْ التَّوْلِيَةُ، وَكَانَ الْقَاضِي مَعْزُولًا بِالنِّسْبَةِ لِتِلْكَ الْمَسَائِلِ الَّتِي مُنِعَ مِنْ الْحُكْمِ فِيهَا لَكِنْ لِلْخَصْمِ تَحْكِيمُهُ فِي تِلْكَ الْمَسَائِلِ لِتَعَذُّرِ قَاضٍ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا فَيَنْفُذُ حُكْمُهُ فِيهَا لِلتَّحْكِيمِ، وَوَافَقَ عَلَى ذَلِكَ م ر، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِهِمْ اهـ سم، وَفِي حَاشِيَةِ الرَّحْمَانِيِّ عَلَى التَّحْرِيرِ مَا نَصُّهُ (فَائِدَةٌ) أَفْتَى ز ي تَبَعًا لِلرَّمْلِيِّ أَنَّ الْحَقَّ إذَا مَضَى عَلَيْهِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً لَا تُسْمَعُ بِهِ الدَّعْوَى لِمَنْعِ وَلِيِّ الْأَمْرِ الْقُضَاةَ مِنْ ذَلِكَ فَلَمْ يَجِدْ صَاحِبُهُ قَاضِيًا يَدَّعِيهِ عِنْدَهُ اهـ م د عَلَى التَّحْرِيرِ.

(قَوْلُهُ أَنْ يُنَاطَ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ) مُعْتَمَدٌ.

(قَوْلُهُ وَجَازَ تَحْكِيمُ اثْنَيْنِ) أَيْ رَشِيدَيْنِ يَتَصَرَّفَانِ لِأَنْفُسِهِمَا وَلَيْسَ الْمُحَكِّمُ أَصْلًا وَلَا فَرْعًا لِأَحَدِهِمَا وَلَا عَدُوًّا لَهُ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ قَالَ الْقَاضِي فِي شَرْحِ الْحَاوِي يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِتِلْكَ الْمَسْأَلَةِ فَقَطْ، وَيَجُوزُ التَّحْكِيمُ فِي ثُبُوتِ هِلَالِ رَمَضَانَ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَيَنْفُذُ عَلَى مَنْ رَضِيَ بِحُكْمِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ دُونَ غَيْرِهِ اهـ م ر اهـ عَنَانِيٌّ (قَوْلُهُ أَهْلًا لِلْقَضَاءِ) وَهُوَ الْمُجْتَهِدُ بِشَرْطِهِ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْمُرَادُ الْأَهْلِيَّةُ الْمُطْلَقَةُ لَا بِالنِّسْبَةِ لِتِلْكَ الْحَادِثَةِ فَقَطْ قَالَ وَنُقِلَ فِي الذَّخَائِرِ الِاتِّفَاقُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْمُجَوِّزِينَ لِلتَّحْكِيمِ اهـ سم (قَوْلُهُ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ قَاضٍ) أَيْ إذَا كَانَ الْمُحَكِّمُ مُجْتَهِدًا أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ قَاضِي ضَرُورَةٍ اهـ ع ش أَيْ وَمَحَلُّ الِامْتِنَاعِ عِنْدَ وُجُودِ قَاضِي الضَّرُورَةِ إذَا سَهُلَ الْوُصُولُ إلَيْهِ وَلَمْ يَأْخُذْ دَرَاهِمَ لَهَا وَقَعَ، وَإِلَّا جَازَ التَّحْكِيمُ مَعَ وُجُودِهِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ أَوْ فِي قَوَدٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ التَّحْكِيمُ فِي قَوَدٍ إلَخْ فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْغَايَةِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا جَازَ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَحْكِيمُ غَيْرِ الْأَهْلِ مَعَ وُجُودِ الْقَاضِي وَلَوْ قَاضِيَ ضَرُورَةٍ اهـ س ل هَذَا، وَقَرَّرَ شَيْخُنَا ز ي نَقْلًا عَنْ اعْتِمَادِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّحْكِيمُ الْآنَ وَلَوْ مَعَ قُضَاةِ الضَّرُورَةِ إلَّا إذَا كَانَ قَاضِي الضَّرُورَةِ يَأْخُذُ مَالًا لَهُ وَقَعَ اهـ.

وَعِبَارَةُ سم قَوْلُهُ وَإِلَّا جَازَ أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الْأَهْلُ جَازَ إلَخْ حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا فُقِدَ الْأَهْلُ جَازَ تَحْكِيمُ عَدْلٍ غَيْرَهُ فِي النِّكَاحِ، وَغَيْرَهُ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ، وَاعْتَمَدَ ذَلِكَ شَيْخُنَا الطَّبَلَاوِيُّ وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا م ر كَمَا نَقَلَهُ عَنْ وَالِدِهِ أَنَّهُ إذَا فُقِدَ الْأَهْلُ لَا يَجُوزُ تَحْكِيمُ غَيْرِهِ إلَّا فِي النِّكَاحِ إذَا فُقِدَ الْقَاضِي وَلَوْ قَاضِيَ الضَّرُورَةِ أَوْ تَرَتَّبَ عَلَى الرَّفْعِ إلَيْهِ غَرَامَةُ مَالٍ لِأَنَّ نُفُوذَ قَضَاءِ غَيْرِ الْأَهْلِ إنَّمَا هُوَ لِلشَّوْكَةِ يَسْتَنِدُ إلَيْهَا الْمُحَكَّمُ، وَقَالَ م ر الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَحْكِيمُ غَيْرِ الْأَهْلِ مُطْلَقًا وَلَوْ مَعَ وُجُودِ قَاضِي الضَّرُورَةِ إلَّا فِي النِّكَاحِ إلَّا إذَا فَقَدَتْ الْقَاضِيَ، وَكَانَتْ فِي السَّفَرِ فَوَلَّتْ أَمْرَهَا عَدْلًا يُزَوِّجُهَا، وَإِلَّا إذَا تَرَتَّبَ عَلَى الرَّفْعِ لِقَاضِي الضَّرُورَةِ غَرَامَةُ مَالٍ عَلَى الْحُكْمِ، نَعَمْ إنْ فُقِدَ الْقَاضِي مُطْلَقًا حَتَّى قَاضِي الضَّرُورَةِ كَالْفَاسِقِ وَاحْتِيجَ إلَى الْحَاكِمِ جَازَ تَحْكِيمُ أَصْلَحِ، وَأَفْضَلِ مَنْ يُوجَدُ مِنْ الْعُدُولِ بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ اهـ، وَكَتَبَ الشَّيْخُ الْمُحَشِّي فِي مَحَلٍّ آخَرَ مَا نَصُّهُ.

(فَرْعٌ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمُحَكَّمَ إذَا كَانَ مُجْتَهِدًا جَازَ تَحْكِيمُهُ مُطْلَقًا، وَإِلَّا جَازَ بِشَرْطِ عَدَمِ قَاضٍ يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ شَرْعًا كَقَاضِي الضَّرُورَةِ، وَمِنْ فَقْدِهِ مَا لَوْ مَنَعَهُ الْإِمَامُ مِنْ الْحُكْمِ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ كَمَا لَوْ مَنَعَهُ مِنْ الْحُكْمِ فِي خُصُومَةٍ بَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً كَمَا هُوَ وَاقِعٌ الْآنَ فَيَجُوزُ التَّحْكِيمُ فِيمَا مُنِعَ مِنْهُ لِأَنَّهُ مَعْزُولٌ بِالنِّسْبَةِ لَهُ فَالْفَقْدُ مُتَحَقِّقٌ بِالنِّسْبَةِ لِذَلِكَ نَعَمْ يَجُوزُ التَّحْكِيمُ لِعُذْرٍ مَعَ وُجُودِهِ كَمَا لَوْ لَمْ يُمْكِنْ قَضَاؤُهُ إلَّا بِمَالٍ يَدْفَعُهُ الْمَحْكُومُ لَهُ بِشَرْطِ أَنْ يَشُقَّ عَلَيْهِ عَادَةً وَلَا يَحْتَمِلُهُ مِثْلُهُ فِي جَنْبِ ذَلِكَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ الْفَقْدَ مِنْ الدُّنْيَا لَكِنْ اُنْظُرْ مَا ضَابِطُهُ، وَمَالَ م ر بَحْثًا عَلَى الْبَدِيهَةِ إلَى أَنَّ ضَابِطَهُ أَنْ يَشُقَّ قَصْدُهُ مَشَقَّةً لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ مِنْ حَدٍّ) أَيْ كَحَدِّ شُرْبِ الْخَمْرِ بِخِلَافِ حَدِّ الْقَذْفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>