بَعْدَ نَقْلِهِمَا مَا ذُكِرَ فِيهَا عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ الْعَامِلَ كَالْأَجْنَبِيِّ، وَبِهِ صَرَّحَ الْمُتَوَلِّي وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ لِلْعَامِلِ الْفَسْخَ فَجُعِلَ إتْلَافُهُ فَسْخًا كَالْمَالِكِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ.
(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَنَّ الْقِرَاضَ جَائِزٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ وَحُكْمِ اخْتِلَافِ الْعَاقِدَيْنِ مَعَ مَا يَأْتِي مَعَهُمَا (لِكُلٍّ) مِنْهُمَا (فَسْخُهُ) مَتَى شَاءَ (وَيَنْفَسِخُ بِمَا تَنْفَسِخُ بِهِ الْوِكَالَةُ) كَمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَجُنُونِهِ وَإِغْمَائِهِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ تَوْكِيلٌ وَتَوَكُّلٌ وَكَذَا بِاسْتِرْجَاعِ الْمَالِكِ الْمَالَ بِخِلَافِ اسْتِرْجَاعِ الْمُوَكِّلِ مَا وُكِّلَ فِي بَيْعِهِ (ثُمَّ) بَعْدَ الْفَسْخِ أَوْ الِانْفِسَاخِ (يَلْزَمُ الْعَامِلَ اسْتِيفَاءٌ) لِلدَّيْنِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي قَبْضَتِهِ (وَرَدُّ قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ لِمِثْلِهِ)
ــ
[حاشية الجمل]
وَعِبَارَةُ م ر وَخَرَجَ بِبَعْضِهِ نَحْوَ تَلَفِ كُلِّهِ مَا لَمْ يُتْلِفْهُ أَجْنَبِيٌّ وَيُؤْخَذُ بَدَلُهُ أَوْ الْعَامِلُ، وَيَقْبِضُ الْمَالِكُ مِنْهُ بَدَلَهُ وَيَرُدُّهُ إلَيْهِ كَمَا بَحْثَاهُ وَقَالَ الْإِمَامُ يَرْتَفِعُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ يُفَارِقُ الْأَجْنَبِيُّ (قَوْلُهُ بَعْدَ نَقْلِهِمَا مَا ذُكِرَ فِيهَا عَنْ الْإِمَامِ) عَلَّلَ الْإِمَامُ ارْتِفَاعَ الْقِرَاضِ بِإِتْلَافِ الْعَامِلِ بِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ اجْتِمَاعُ الْجُبْرَانِ بِالضَّمَانِ وَالْجُبْرَانِ بِالرِّبْحِ وَهَذَا التَّعْلِيلُ حَسَنٌ فَإِنَّ الْفَرْقَ الْآتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مَنْقُوضٌ بِإِتْلَافِ الْمُشْتَرِي فِي زَمَنِ الْخِيَارِ هَذَا وَلَكِنْ الَّذِي اخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ عَدَمَ الِانْفِسَاخِ، وَقَالَ إنَّ دَلِيلَهُ الْأَوَّلَ لَمْ يَتِمَّ عِنْدِي اهـ. وَهَذَا النَّقْضُ لِابْنِ الْعِمَادِ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَيُجَابُ بِأَنَّ وَضْعَ الْبَيْعِ عَلَى اللُّزُومِ فَلَمْ يَكُنْ إتْلَافُ الْمَبِيعِ فَسْخًا بِخِلَافِ الْقِرَاضِ اهـ. سم. (قَوْلُهُ كَالْأَجْنَبِيِّ) أَيْ فَيَقْبِضُ الْمَالِكُ مِنْهُ الْبَدَلَ وَيَرُدُّهُ إلَيْهِ اهـ. م ر. (قَوْلُهُ وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ) أَيْ الْقَائِلُ بِأَنَّهُ يَرْتَفِعُ بِإِتْلَافِ الْعَامِلِ دُونَ الْأَجْنَبِيِّ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ) اُنْظُرْ عَلَى الْأَوَّلِ هَلْ الَّذِي يَغْرَمُهُ الْعَامِلُ مَا عَدَا قَدْرِ حِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ يُتَّجَهُ نَعَمْ اهـ. سم.
[فَصْل فِي بَيَانِ أَنَّ الْقِرَاضَ جَائِزٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ]
(فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَنَّ الْقِرَاضَ جَائِزٌ إلَخْ) (قَوْلُهُ مَعَ مَا يَأْتِي مَعَهُمَا) أَيْ مِنْ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْعَامِلَ اسْتِيفَاءُ الدَّيْنِ اهـ. ع ش أَيْ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِ الْمَتْنِ ثُمَّ يَلْزَمُ الْعَامِلَ اسْتِيفَاءُ إلَخْ وَمِمَّا يُذْكَرُ مَعَهُمَا أَيْضًا قَوْلُ الْمَتْنِ وَلَوْ أَخَذَ الْمَالِكُ بَعْضَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ لِكُلٍّ فَسْخُهُ) أَيْ لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ فِي الِابْتِدَاءِ وَشَرِكَةٌ فِي الِانْتِهَاءِ وَهَذَا حُكْمُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَلَوْ قَالَ لِلْعَامِلِ: لَا تَتَصَرَّفْ انْفَسَخَ أَيْضًا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: لَا قِرَاضَ بَيْنَنَا أَوْ بَاعَ مَا اشْتَرَاهُ الْعَامِلُ وَبَحَثَ فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ الِانْعِزَالَ بِمُجَرَّدِ الْإِنْكَارِ اهـ. سم وَمَحَلُّ نُفُوذِهِ مِنْ الْعَامِلِ حَيْثُ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ اسْتِيلَاءُ ظَالِمٍ عَلَى الْمَالِ أَوْ ضَيَاعُهُ وَإِلَّا لَمْ يَنْفُذْ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْفُذَ مِنْ الْمَالِكِ أَيْضًا إنْ ظَهَرَ رِبْحٌ وَالْحَالَةُ مَا ذَكَرَ لِمَا فِيهِ مِنْ ضَيَاعِ حِصَّةِ الْعَامِلِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَسْخُهُ) أَيْ وَلَوْ فِي غَيْبَةِ الْآخَرِ وَيَحْصُلُ الْفَسْخُ بِقَوْلِ الْمَالِكِ فَسَخْتُهُ أَوْ رَفَعْتُهُ أَوْ أَبْطَلْتُهُ أَوْ لَا تَتَصَرَّفْ فِيهِ بَعْدَ هَذَا وَذَلِكَ وَبِإِعْتَاقِهِ وَإِيلَادِهِ وَاسْتِرْجَاعِهِ الْمَالَ فَإِنْ اسْتَرْجَعَ بَعْضَهُ فَفِيمَا اسْتَرْجَعَهُ وَبِإِنْكَارِهِ لَهُ حَيْثُ لَا غَرَضَ وَإِلَّا فَلَا كَالْوِكَالَةِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ تَخَالُفُ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَلَوْ حَبَسَ الْعَامِلَ وَمَنَعَهُ التَّصَرُّفَ أَوْ بَاعَ مَا اشْتَرَاهُ الْعَامِلُ لِفَرَائِضَ لَمْ يَكُنْ فَسْخًا لَهُ لِعَدَمِ دَلَالَتِهِ عَلَيْهِ بَلْ بَيْعُهُ إعَانَةٌ لِلْعَامِلِ بِخِلَافِ بَيْعِ الْمُوَكِّلِ مَا وَكَّلَ فِي بَيْعِهِ وَيَجُوزُ لِلْعَامِلِ بَعْدَ الْفَسْخِ بَيْعُ مَالِ الْقِرَاضِ عِنْدَ تَوَقُّعِهِ رِبْحًا كَأَنْ ظَفَرَ بِسُوقٍ وَرَاغِبٍ وَلَا يَشْتَرِي لِارْتِفَاعِ الْعَقْدِ لِانْتِفَاءِ حَظِّهِ فِيهِ اهـ.
شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ كَمَوْتِ أَحَدِهِمَا إلَخْ) وَلِلْعَامِلِ الِاسْتِيفَاءُ بَعْدَ مَوْتِ الْمَالِكِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ وَارِثِهِ وَيَمْتَنِعُ ذَلِكَ عَلَى وَارِثِ عَامِلٍ مَاتَ إلَّا بِإِذْنِ الْمَالِكِ وَلَا تُقَرِّرُ وَرَثَةُ الْمَالِكِ الْعَامِلَ عَلَى الْعَرْضِ كَمَا لَا يُقَرِّرُ الْمَالِكُ وَرَثَةَ الْعَامِلِ عَلَيْهِ لِأَنَّ ذَلِكَ ابْتِدَاءُ قِرَاضٍ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ عَلَى الْعَرْضِ فَإِنْ نَضَّ الْمَالُ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمَالِ جَازَ تَقْرِيرُ الْجَمِيعِ فَيَقُولُ وَارِثُ الْمَالِكِ لِلْعَامِلِ: قَرَّرْتُك عَلَى مَا كُنْت عَلَيْهِ مَعَ قَبُولِهِ وَالْمَالِكُ لِوَارِثِ الْعَامِلِ: قَرَّرْتُك عَلَى مَا كَانَ مُورِثُك عَلَيْهِ فَيَقْبَلُ وَكَالْوَرَثَةِ وَلِيُّهُمْ وَيَجُوزُ التَّقْرِيرُ عَلَى الْمَالِ النَّاضِّ قَبْلَ الْقِسْمَةِ لِجَوَازِ الْقِرَاضِ عَلَى الْمُشَاعِ فَيَخْتَصُّ الْعَامِلُ بِرِبْحِ نَصِيبِهِ وَيَشْتَرِكَانِ فِي رِبْحِ نَصِيبِ الْآخَرِ مِثْلُهُ الْمَالُ مِائَةٌ وَرِبْحُهَا مِائَتَانِ مُنَاصَفَةً وَقَرَّرَ الْعَقْدَ مُنَاصَفَةً فَالْعَامِلُ شَرِيكُ الْوَارِثِ بِمِائَةٍ فَإِنْ بَلَغَ مَالُ الْقِرَاضِ سِتَّمِائَةٍ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا ثَلَاثُمِائَةٍ إذْ لِلْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ الْقَدِيمِ مِائَةٌ وَرِبْحُهَا مِائَةٌ وَرَأْسُ الْمَالِ فِي التَّقْرِيرِ مِائَتَانِ لِلْوَارِثِ وَرِبْحُهَا مِائَتَانِ مَقْسُومٌ بَيْنَهُمَا اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ اسْتِرْجَاعِ الْمُوَكِّلِ إلَخْ) لِأَنَّهُ يَشْتَرِطُ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ بِيَدِ الْعَامِلِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ ثُمَّ بَعْدَ الْفَسْخِ أَوْ الِانْفِسَاخِ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: حَقِيقَةُ الِانْفِسَاخِ انْقِلَابُ كُلٍّ مِنْ الْعِوَضَيْنِ إلَى دَافِعِهِ وَالْفَسْخُ قَلْبُ كُلٍّ مِنْ الْعِوَضَيْنِ إلَى دَافِعِهِ فَهَذَا فِعْلُ الْفَاسِخِ وَالْأَوَّلُ صِفَةُ الْعِوَضَيْنِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ اسْتِيفَاءٌ لِلدَّيْنِ) سَوَاءٌ كَانَ مُؤَجَّلًا بِأَنْ بَاعَ نَسِيئَةً بِإِذْنِ الْمَالِكِ أَوْ حَالًّا بِأَنْ بَاعَ وَلَمْ يَقْبِضْ الثَّمَرَ وَالْمَبِيعُ بَاقٍ فِي يَدِهِ أَوْ خَالَفَ وَسَلَّمَهُ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ اسْتِيفَاءٌ لِلدَّيْنِ) أَيْ لِدَيْنِ مَالِ الْقِرَاضِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رِبْحٌ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَالِكَ أَذِنَ لَهُ فِي الْبَيْعِ بِالدَّيْنِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ وُجُوبَ تَقَاضِي جَمِيعِ الدَّيْنِ رِبْحًا وَرَأْسَ مَالٍ وَبِهِ صَرَّحَ ` ` ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ وَابْنُ الرِّفْعَةِ وَتَبِعَهُ السُّبْكِيُّ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّنْضِيضِ