للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِضَمِّ الْمِيمِ لِتَنْسَدَّ أَفْوَاهُ الْعُرُوقِ وَذِكْرُ " سُنَّ " ذَلِكَ مِنْ زِيَادَتِي وَخَصَّهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِالْحَضَرِيِّ قَالَ وَأَمَّا الْبَدَوِيُّ فَيُحْسَمُ بِالنَّارِ لِأَنَّهُ عَادَتُهُمْ وَقَالَ فِي قَاطِعِ الطَّرِيقِ وَإِذَا قُطِعَ حُسِمَ بِالزَّيْتِ الْمَغْلِيِّ وَبِالنَّارِ بِحَسَبِ الْعُرْفِ فِيهِمَا وَذَلِكَ (لِمَصْلَحَتِهِ) لِأَنَّهُ حَقُّهُ لَا تَتِمَّةَ لِلْحَدِّ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ دَفْعُ الْهَلَاكِ عَنْهُ بِنَزْفِ الدَّمِ فَعُلِمَ أَنَّ لِلْإِمَامِ إهْمَالَهُ (فَمُؤْنَتُهُ عَلَيْهِ) كَأُجْرَةِ الْجَلَّادِ إلَّا أَنْ يَنْصِبَ الْإِمَامُ مَنْ يُقِيمُ الْحُدُودَ وَيَرْزُقَهُ مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ كَمَا مَرَّ فِي فَصْلِ الْقَوَدِ لِلْوَرَثَةِ (وَلَوْ سَرَقَ فَسَقَطَتْ يُمْنَاهُ) مَثَلًا بِآفَةٍ أَوْ جِنَايَةٍ وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُ الْأَصْلِ التَّقْيِيدَ بِالْآفَةِ (سَقَطَ الْقَطْعُ) لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِعَيْنِهَا وَقَدْ زَالَتْ بِخِلَافِ مَا لَوْ سَقَطَتْ يُسْرَاهُ لَا يَسْقُطُ قَطْعُ يُمْنَاهُ لِبَقَائِهَا.

(بَابُ قَاطِعِ الطَّرِيقِ) الْأَصْلُ فِيهِ آيَةُ {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المائدة: ٣٣] وَقَطْعُ الطَّرِيقِ هُوَ الْبُرُوزُ لِأَخْذِ مَالٍ أَوْ لِقَتْلٍ أَوْ إرْعَابٍ مُكَابَرَةً اعْتِمَادًا عَلَى الْقُوَّةِ مَعَ الْبُعْدِ عَنْ الْغَوْثِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَيَثْبُتُ بِرَجُلَيْنِ لَا بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ (هُوَ) أَيْ قَاطِعُ الطَّرِيقِ (مُلْتَزِمٌ) لِلْأَحْكَامِ وَلَوْ سَكْرَانَ أَوْ ذِمِّيًّا

ــ

[حاشية الجمل]

لَهُ وَلِهَذَا يَجِبُ فِي قَطْعِ الْكَفِّ دِيَةٌ وَفِيمَا زَادَ حُكُومَةٌ اهـ س ل (قَوْلُهُ: بِضَمِّ الْمِيمِ) مِنْ أَغْلَاهُ فَهُوَ ثُلَاثِيٌّ مَزِيدٌ بِخِلَافِ مَقْلِيٍّ فَإِنَّهُ بِفَتْحِ الْمِيمِ مِنْ قَلَاهُ فَهُوَ مِنْ ثُلَاثِيٍّ مُجَرَّدٍ فَشُبِّهَ بِذَلِكَ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَتَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الطَّهَارَةِ لِهَذَا مَزِيدُ بَسْطٍ (قَوْلُهُ: وَخَصَّهُ الْمَاوَرْدِيُّ. . . إلَخْ) هَذَا ضَعِيفٌ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: لَا تَتِمَّةَ لِلْحَدِّ) أَيْ كَمَا قِيلَ بِهِ.

وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر ثُمَّ قِيلَ هُوَ أَيْ الْحَسْمُ تَتِمَّةٌ لِلْحَدِّ فَيَلْزَمُ الْإِمَامَ فِعْلُهُ هُنَا لَا فِي الْقَوَدِ لِأَنَّ فِيهِ مَزِيدَ إيلَامٍ يُحْمَلُ الْمَقْطُوعُ عَلَى تَرْكِهِ وَالْأَصَحّ أَنَّهُ حَقٌّ لِلْمَقْطُوعِ لِأَنَّهُ تَدَاوٍ يَدْفَعُ بِهِ الْهَلَاكَ بِسَبَبِ نَزْفِ الدَّمِ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى فِعْلِهِ فَمُؤْنَتُهُ عَلَيْهِ هُنَا وَكَذَا عَلَى الْأَوَّلِ مَا لَمْ يَجْعَلْهُ الْإِمَامُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَأُجْرَةِ الْجَلَّادِ وَلِلْإِمَامِ إهْمَالُهُ مَا لَمْ يُفْضِ تَرْكُهُ لِتَلَفِهِ لِتَعَذُّرِ فِعْلِهِ مِنْ الْمَقْطُوعِ بِنَحْوِ إغْمَاءٍ كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَجَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَعَلَيْهِ لَوْ تَرَكَهُ الْإِمَامُ لَزِمَ كُلَّ مَنْ عَلِمَ بِهِ وَلَهُ قُدْرَةٌ عَلَى ذَلِكَ فَعَلَهُ بِهِ كَمَا لَا يَخْفَى انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: فَعُلِمَ أَنَّ لِلْإِمَامِ إهْمَالَهُ) أَيْ مَا لَمْ يُؤَدِّ إلَى إهْلَاكِهِ فَلَوْ أَهْلَكَهُ لَمْ يَضْمَنْ.

(فَرْعٌ)

يَحْرُمُ عَلَى الشَّخْصِ سَرِقَةُ مَالِ غَيْرِهِ عَلَى وَجْهِ الْمِزَاحِ لِأَنَّ فِيهِ تَرْوِيعًا لِقَلْبِهِ اهـ ح ل وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُرَوِّعَنَّ مُسْلِمًا» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ سَلْمَانَ بْنِ صُرَدٍ قَالَ الْمُنَاوِيُّ فَإِنَّ تَرْوِيعَهُ حَرَامٌ وَإِسْنَادُ الْحَدِيثِ حَسَنٌ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ سَرَقَ فَسَقَطَتْ يُمْنَاهُ. . . إلَخْ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ فُقِدَتْ قَبْلَ السَّرِقَةِ تَعَلَّقَ الْحَقُّ بِالْيُسْرَى فَتُقْطَعُ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: بِآفَةٍ أَوْ جِنَايَةٍ) أَيْ أَوْ شُلَّتْ وَخَشَى مِنْ قَطْعِهَا نَزْفَ الدَّمِ اهـ شَرْحُ الرَّمْلِيِّ.

[بَابُ قَاطِعِ الطَّرِيقِ]

لَعَلَّ الْحِكْمَةَ فِي تَعْقِيبِهِ لِمَا قَبْلَهُ مُشَارَكَتُهُ لِلسَّرِقَةِ فِي أَخْذِ مَالِ الْغَيْرِ وَوُجُوبِ الْقَطْعِ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ اهـ ع ش عَلَى م ر وَلَعَلَّ هَذِهِ الْحِكْمَةَ هِيَ الْحِكْمَةُ فِي التَّعْبِيرِ بِالْبَابِ أَيْضًا وَإِلَّا فَالْأَظْهَرُ التَّعْبِيرُ بِالْكِتَابِ لِعَدَمِ انْدِرَاجِهِ تَحْتَ كِتَابِ السَّرِقَةِ وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ مَا نَصُّهُ بَابُ قَاطِعِ الطَّرِيقِ مِنْ الْقَطْعِ بِمَعْنَى الْمَنْعِ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ مَنْعِ سُلُوكِ الْمَارَّةِ فَهُوَ الْبُرُوزُ لِأَخْذِ مَالٍ أَوْ قَتْلٍ أَوْ إرْعَابٍ عَلَى مَا يَأْتِي وَفِيهِ قَطْعُ الْأَيْدِي، وَالْأَرْجُلِ وَقَدْرُ النِّصَابِ فِي السَّرِقَةِ فَذُكِرَ مَعَهَا وَأُخِّرَ عَنْهَا لِأَنَّهَا كَجِزْيَةٍ وَعَبَّرَ بِالْقَاطِعِ دُونَ الْقَطْعِ لِأَجْلِ مَا بَعْدَهُ، وَالْمُرَادُ بِالطَّرِيقِ مَحَلُّ الْمُرُورِ وَلَوْ فِي دَاخِلِ الْأَبْنِيَةِ، وَالدُّورِ وَلَهُمْ بِاعْتِبَارِ فِعْلِهِمْ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ مِنْ أَصْلِ تِسْعَةٍ لِأَنَّهَا مِنْ ضَرْبِ ثَلَاثَةٍ: الْقَتْلِ وَأَخْذِ الْمَالِ، وَالْإِخَافَةِ فِي مِثْلِهَا يَسْقُطُ مِنْهَا خَمْسَةٌ كُلُّ وَاحِدٍ مَعَ نَفْسِهِ، وَالْإِخَافَةُ مَعَ الْقَتْلِ أَوْ مَعَ أَخْذِ الْمَالِ وَيَبْقَى أَرْبَعَةٌ كُلُّ وَاحِدٍ مُنْفَرِدًا وَجُمِعَ الْقَتْلُ مَعَ أَخْذِ الْمَالِ فَتَأَمَّلْ وَيَثْبُتُ بِرَجُلَيْنِ لَا بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ يَمِينٍ اهـ (قَوْلُهُ: الْأَصْلُ فِيهِ آيَةُ {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ} [المائدة: ٣٣] . . . إلَخْ) قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ: إنَّهَا نَزَلَتْ فِي قُطَّاعِ الطَّرِيقِ لَا فِي الْكُفَّارِ وَاحْتَجُّوا لَهُ بِقَوْلِهِ {إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} [المائدة: ٣٤] إذْ الْمُرَادُ التَّوْبَةُ عَنْ قَطْعِ الطَّرِيقِ وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ الْكُفَّارَ لَكَانَتْ تَوْبَتُهُمْ بِإِسْلَامِهِمْ وَهُوَ دَافِعٌ لِلْعُقُوبَةِ قَبْلَ الْقُدْرَةِ وَبَعْدَهَا اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: هُوَ الْبُرُوزُ) أَيْ شَرْعًا اهـ ع ش.

وَفِي الْمِصْبَاحِ وَقَطَعْت الصَّدِيقَ قَطِيعَةً: هَجَرْته، وَقَطَعْته عَنْ حَقِّهِ مَنَعْته، وَمِنْهُ قَطَعَ الرَّجُلُ الطَّرِيقَ إذَا أَخَافَهُ وَهُوَ قَاطِعٌ الطَّرِيقَ، وَالْجَمْعُ قُطَّاعٌ وَهُمْ الَّذِينَ يَعْتَمِدُونَ عَلَى قُوَّتِهِمْ وَيَأْخُذُونَ الْأَمْوَالَ وَيَقْتُلُونَ النَّاسَ اهـ.

(قَوْلُهُ: مَعَ الْبُعْدِ عَنْ الْغَوْثِ) أَيْ وَلَوْ حُكْمًا كَمَا لَوْ دَخَلُوا دَارًا وَمَنَعُوا أَهْلَهَا الِاسْتِغَاثَةَ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي) رَاجِعٌ لِلتَّعْرِيفِ بِتَمَامِهِ (قَوْلُهُ: لَا بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ) أَيْ وَلَا بِرَجُلٍ وَيَمِينٍ وَلَا بِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: هُوَ مُلْتَزِمٌ لِلْأَحْكَامِ) لَمْ يَقُلْ هُنَا وَلَوْ حُكْمًا كَمَا تَقَدَّمَ لَهُ فِي كِتَابِ الزِّنَا زِيَادَةُ ذَلِكَ لِإِدْخَالِ عَبِيدِ الذِّمِّيِّينَ وَنِسَائِهِمْ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَهَذَا التَّعْرِيفُ يَشْمَلُ الْمُنْتَهِبَ بِالتَّفْسِيرِ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ فِي أَوَّلِ بَابِ السَّرِقَةِ فَانْظُرْ ذَلِكَ مَعَ إخْرَاجِهِ بِقَوْلِهِ الْآتِي وَخَرَجَ بِالْقُيُودِ. . . إلَخْ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِمَا هُنَاكَ مَعَ الْقُرْبِ مِنْ الْغَوْثِ،.

وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ هُنَا فَإِنْ اسْتَسْلَمَ لَهُمْ الْقَادِرُونَ عَلَى دَفْعِهِمْ فَمُنْتَهِبُونَ اهـ سم (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَكْرَانَ) فِي نُسْخَةٍ سَكْرَانًا، وَالْأُولَى أَوْلَى لِأَنَّ سَكْرَانَ مَمْنُوعٌ مِنْ الصَّرْفِ فَالْأَوْلَى حَذْفُ أَلِفِهِ لَكِنَّهُ صَرَفَهُ إمَّا لِلتَّنَاسُبِ أَوْ عَلَى لُغَةِ بَنِي أَسَدٍ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ فِي مُؤَنَّثِهِ سَكْرَانَةَ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ ذِمِّيًّا) أَيْ حَيْثُ قُلْنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>