(وَإِلَّا) بِأَنْ طَالَ الزَّمَنُ (حَلَفَ الْجَرِيحُ) أَنَّهُ بَعْدَ الِانْدِمَالِ (وَثَبَتَ) لَهُ (أَرْشَانِ) لَا ثَلَاثَةٌ بِاعْتِبَارِ الْمُوضِحَتَيْنِ وَرَفْعِ الْحَاجِزِ بَعْدَ الِانْدِمَالِ الثَّابِتِ بِحَلِفِهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ حَلِفَهُ دَافِعٌ لِلنَّقْصِ عَنْ أَرْشَيْنِ فَلَا يُوجِبُ زِيَادَةً.
(فَصْلٌ) فِي مُسْتَحِقِّ الْقَوَدِ وَمُسْتَوْفِيهِ (الْقَوَدُ) يَثْبُتُ (لِلْوَرَثَةِ) الْعَصَبَةِ وَذَوِي الْفُرُوضِ بِحَسَبِ إرْثِهِمْ الْمَالَ سَوَاءٌ كَانَ الْإِرْثُ بِنَسَبٍ أَمْ بِسَبَبٍ كَالزَّوْجَيْنِ وَالْمُعْتَقِ (وَيُحْبَسُ جَانٍ) هُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ الْقَاتِلُ ضَبْطًا لِحَقِّ الْمُسْتَحِقِّ (إلَى كَمَالِ صَبِيِّهِمْ) بِالْبُلُوغِ
ــ
[حاشية الجمل]
قَطْعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ مِنْ تَصْدِيقِ الْوَلِيِّ؛ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا هُنَا عَلَى وُقُوعِ رَفْعِ الْحَاجِزِ الصَّالِحِ لِدَفْعِ الْأَرْشَيْنِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَا فِي وَقْتِهِ فَنَظَرُوا لِلظَّاهِرِ فِيهِ وَصَدَّقُوا الْجَانِيَ عِنْدَ قِصَرِ زَمَنِهِ لِقُوَّةِ جَانِبِهِ بِالِاتِّفَاقِ وَالظَّاهِرُ الْمَذْكُورَيْنِ
وَأَمَّا ثَمَّ فَلَمْ يَتَّفِقَا عَلَى وُقُوعِ شَيْءٍ بَلْ تَنَازَعَا فِي وُقُوعِ السِّرَايَةِ وَفِي وُقُوعِ الِانْدِمَالِ فَنَظَرُوا لِقُوَّةِ جَانِبِ الْوَلِيِّ بِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى وُقُوعِ مُوجِبِ الدِّيَتَيْنِ وَعَدَمِ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى وُقُوعِ صَلَاحِيَّةِ الْمَوْتِ لِرَفْعِهِ لَا يُقَالُ قَدْ اتَّفَقَا ثَمَّ عَلَى وُقُوعِ الْمَوْتِ وَهُوَ صَالِحٌ لِلرَّفْعِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ زَعْمُ صَلَاحِيَّةِ الْمَوْتِ لِرَفْعِهِ مَمْنُوعٌ، وَإِنَّمَا الصَّالِحُ لِلسِّرَايَةِ مِنْ الْجُرْحِ الْمُتَوَلِّدِ عَنْهَا الْمَوْتُ وَهُنَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى وُقُوعِهِ فَاتَّضَحَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجَانِيَ هُنَا هُوَ الَّذِي قَوِيَ جَانِبُهُ فَأَعْطَوْا كُلًّا حُكْمَهُ وَاسْتِشْكَالُ لُزُومِ الْيَمِينِ هُنَا بِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لَهُ فَالْمُنَاسِبُ تَصْدِيقُهُ بِلَا يَمِينٍ وَوُجُوبُ أَرْشٍ ثَالِثٍ قَطْعًا يُرَدُّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِمْكَانِ وَعَدَمِهِ الْإِمْكَانُ الْقَرِيبُ عَادَةً بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ الْمَارُّ لِقِصَرِ الزَّمَنِ وَطُولِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُوضِحَةَ قَدْ يَتَّفِقُ خَتْمُهَا ظَاهِرًا وَتَبْقَى نِكَايَتُهَا بَاطِنًا لَكِنَّهُ قَرِيبٌ مَعَ قِصَرِ الزَّمَنِ وَبَعِيدٌ مَعَ طُولِهِ فَوَجَبَتْ الْيَمِينُ لِذَلِكَ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ إمْكَانِ الِانْدِمَالِ يُصَدَّقُ بِلَا يَمِينٍ لِمَا قَرَّرْنَاهُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ مَفْرُوضٌ فِي انْدِمَالٍ أَحَالَتْهُ الْعَادَةُ فِي ذَلِكَ بِدَلِيلِ تَمْثِيلِهِمْ بِادِّعَاءِ وُقُوعِهِ فِي قَطْعِ يَدَيْنِ أَوْ رِجْلَيْنِ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ وَهَذَا مُحَالٌ عَادَةً فَلَمْ تَجِبْ يَمِينٌ
وَأَمَّا فَرْضُ مَا نَحْنُ فِيهِ فَهُوَ فِي مُوضِحَتَيْنِ صَدَرَتَا مِنْهُ ثُمَّ بَعْدَ نَحْوِ عِشْرِينَ سَنَةً مَثَلًا وَقَعَ مِنْهُ رَفْعٌ لِلْحَاجِزِ فَبَقَاؤُهُمَا بِلَا انْدِمَالٍ ذَلِكَ الزَّمَنَ بَعِيدٌ عَادَةً وَلَيْسَ بِمُسْتَحِيلٍ فَاحْتِيجَ لِيَمِينِ الْجَرِيحِ حِينَئِذٍ لِإِمْكَانِ عَدَمِ الِانْدِمَالِ وَإِنْ بَعُدَ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ وَإِلَّا بِأَنْ طَالَ الزَّمَنُ) كَعَشْرِ سِنِينَ وَفِي كَلَامِ حَجّ كَعِشْرِينَ سَنَةً مَثَلًا اهـ ح ل (قَوْلُهُ وَإِلَّا بِأَنْ طَالَ الزَّمَنُ إلَخْ) لَمْ يَزِدْ الْمَحَلِّيُّ عَلَى قَوْلِ الْأَصْلِ وَإِلَّا حَلَفَ الْجَرِيحُ شَيْئًا وَلَمْ يُفَسِّرْ مَعْنَى وَإِلَّا فَقَالَ شَيْخُنَا لَمْ يَقُلْ وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْ؛ لِأَنَّهُ مُشْكِلٌ إذْ عِنْدَ عَدَمِ الْإِمْكَانِ يَجِبُ ثَلَاثَةُ أُرُوشٍ بِلَا شَكٍّ قَطْعًا، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَإِلَّا أَنْ يَكُونَ الزَّمَانُ طَوِيلًا مَعَ إمْكَانِ فَرْضِ الِانْدِمَالِ اهـ فَلِذَلِكَ فَسَّرَهُ الشَّارِحُ بِذَلِكَ اهـ سم. (قَوْلُهُ وَثَبَتَ لَهُ أَرْشَانِ) أَيْ لِأَنَّ بَقَاءَهُمَا بِلَا انْدِمَالٍ ذَلِكَ الزَّمَنَ بَعِيدٌ عَادَةً وَلَيْسَ بِمُسْتَحِيلٍ فِي الْعَادَةِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ فَلَا يُوجِبُ زِيَادَةً) أَيْ أَرْشًا ثَالِثًا وَمَحِلُّ عَدَمِ وُجُوبِ الثَّالِثِ إذَا حَلَفَ الْجَانِي عَلَى نَفْيِهِ بِأَنْ حَلَفَ أَنَّ رَفْعَ الْحَاجِزِ قَبْلَ الِانْدِمَالِ، وَإِلَّا حَلَفَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ وَثَبَتَ لَهُ الثَّالِثُ أَيْ فِيمَا إذَا رَجَعَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ وَادَّعَى ذَلِكَ الْأَرْشَ؛ لِأَنَّ مَا أَفَادَهُ حَلِفُهُ عَدَمُ شَغْلِ ذِمَّتِهِ فَقَطْ فَلَا يُنَافِي أَنَّ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ بِهِ اهـ ح ل مَعَ زِيَادَةٍ.
[فَصْلٌ فِي مُسْتَحِقِّ الْقَوَدِ وَمُسْتَوْفِيهِ]
(فَصْلٌ فِي مُسْتَحِقِّ الْقَوَدِ وَمُسْتَوْفِيهِ) أَيْ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُمَا مِنْ قَوْلِهِ وَأُجْرَةُ جَلَّادٍ إلَى آخَرِ الْفَصْلِ (قَوْلُهُ الْقَوَدُ يَثْبُتُ لِلْوَرَثَةِ) أَيْ لِجَمِيعِهِمْ لَا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَثْبُتُ لَهُ كُلُّ الْقَوَدِ فَمُرَادُ الْأَصْلِ الْكُلُّ الْمَجْمُوعِيُّ لَا الْجَمِيعِيُّ الْمُقْتَضِي لِثُبُوتِ كُلِّ الْقِصَاصِ لِكُلِّ وَارِثٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ صَرِيحَهُ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ أَيْضًا الْقَوَدُ يَثْبُتُ لِلْوَرَثَةِ) أَيْ تَلَقِّيًا عَنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لَا ابْتِدَاءً اهـ ح ل وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ م ر وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بِحَسَبِ إرْثِهِمْ الْمَالَ فَلَوْ كَانَ عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَعَفَا الْوَرَثَةُ عَلَى مَالٍ فَإِنَّ الدَّيْنَ يُوَفَّى مِنْهُ وَقِيلَ: يَثْبُتُ لِلْوَرَثَةِ ابْتِدَاءً فَلَا يُوَفَّى الدَّيْنُ مِنْ الْمَالِ الَّذِي عُفِيَ عَلَيْهِ عَلَى هَذَا وَيَأْتِي فِي قَاطِعِ الطَّرِيقِ أَنَّ قَتْلَهُ يَتَعَلَّقُ بِالْإِمَامِ حَيْثُ تَحَتَّمَ قَتْلُهُ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِمَّا هُنَا اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ الْعَصَبَةِ وَذَوِي الْفُرُوضِ) وَقِيلَ: إنَّمَا يَثْبُتُ لِلْعَصَبَةِ خَاصَّةً لِأَنَّهُ لِدَفْعِ الْعَارِ فَاخْتَصَّ بِهِمْ وَقَوْلُهُ سَوَاءٌ أَكَانَ الْإِرْثُ بِنَسَبٍ إلَخْ وَقِيلَ: أَنَّهُ لِلْوَارِثِ بِالنَّسَبِ دُونَ السَّبَبِ لِأَنَّهُ لِلتَّشَفِّي وَالسَّبَبُ يَنْقَطِعُ بِالْمَوْتِ وَقَوْلُهُ كَالزَّوْجَيْنِ وَالْمُعْتِقِ أَيْ وَالْإِمَامِ فِيمَنْ لَا وَارِثَ لَهُ مُسْتَغْرَقٌ وَذَوِي الْأَرْحَامِ إنْ وَرَّثْنَاهُمْ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ أَمْ بِسَبَبٍ كَالزَّوْجَيْنِ) فِي جَعْلِهِ مُقَابِلًا لِلنَّسَبِ مُسَاهَلَةً لِأَنَّ النَّسَبَ أَيْضًا بِسَبَبٍ كَمَا عَدُّوهُ مِنْ أَسْبَابِ الْإِرْثِ فَالْمُرَادُ السَّبَبُ غَيْرُ النَّسَبِ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ وَيُحْبَسُ جَانٍ إلَى كَمَالِ صَبِيِّهِمْ) خَالَفَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ فِي انْتِظَارِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ لَنَا أَنَّ لَهُمَا حَقًّا فِي الْقِصَاصِ بِدَلِيلِ اسْتِحْقَاقِهِمَا لَوْ انْفَرَدَا وَإِذَا وَجَبَ لَهُمَا حَقٌّ وَجَبَ أَنْ لَا يَفُوتَ عَلَيْهِمَا بِالِاسْتِيفَاءِ كَمَا فِي الْغَائِبِ لَا يُشْكِلُ بِقَتْلِ الْحُسَيْنِ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُلْجَمٍ وَكَانَ لِعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَوْلَادٌ صِغَارٌ لِأَنَّا نَقُولُ هُوَ مَذْهَبٌ لَهُ لَا يَنْهَضُ حُجَّةً عَلَى غَيْرِهِ ثُمَّ هَذَا الْحُكْمُ يُفَارِقُ وِلَايَةَ النِّكَاحِ لِأَنَّ الصَّغِيرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute