(وَلَوْ هَرَبَ) الْجَانِي (أَوْ مَاتَ بَرِئَ سَيِّدُهُ) مِنْ عُلْقَتِهِ (إلَّا أَنْ طَلَبَ) مِنْهُ (فَمَنَعَهُ) فَيَصِيرُ مُخْتَارًا لِفِدَائِهِ فَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ صَادِقٌ بِأَنْ لَمْ يَطْلُبْ مِنْهُ أَوْ طَلَبَ وَلَمْ يَمْنَعْهُ (وَلَوْ اخْتَارَ فِدَاءً فَلَهُ رُجُوعٌ) عَنْهُ (وَبِيعَ) لَهُ إنْ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ وَلَيْسَ الْوَطْءُ اخْتِيَارًا.
(فَصْلٌ) فِي الْغُرَّةِ وَتَقَدَّمَ دَلِيلُهَا فِي خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَوَائِلَ كِتَابِ الدِّيَاتِ تَجِبُ (فِي كُلِّ جَنِينٍ) حُرٍّ (انْفَصَلَ أَوْ ظَهَرَ) بِخُرُوجِ رَأْسِهِ مَثَلًا (مَيِّتًا) فِي الْحَالَيْنِ (وَلَوْ لَحْمًا فِيهِ صُورَةٌ خَفِيَّةٌ بِقَوْلِ قَوَابِلَ
ــ
[حاشية الجمل]
تَرِكَتِهِمَا وَيَخْرُجُ مَا لَوْ كَانَتْ الْمُسْتَوْلَدَةُ مَرْهُونَةً مِنْ مُعْسِرٍ وَيُقَدَّمُ بَيْعُهَا لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَيَفْدِيهَا فِي كُلِّ جِنَايَةٍ كَغَيْرِ الْمُسْتَوْلَدَةِ.
(تَنْبِيهٌ)
لَا تَعَلُّقَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِحَمْلِ غَيْرِ الْمُسْتَوْلَدَةِ بَلْ هُوَ لِلسَّيِّدِ، فَإِنْ لَمْ يَفْدِهَا بِيعَا مَعًا وَلِلسَّيِّدِ حِصَّةُ الْحَمْلِ مِنْ الثَّمَنِ يَوْمَ الْجِنَايَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا تَقَدَّمَ وَيَظْهَرُ فِي تَقْوِيمِهَا مَا مَرَّ فِي الرَّهْنِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ هَرَبَ إلَخْ) فِي هَامِشِ الْمَحَلِّيِّ بِخَطِّ شَيْخِنَا لَوْ عَلِمَ مَكَانَ الْهَارِبِ لَزِمَهُ إحْضَارُهُ؛ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ كَمَا بَحْثُهُ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي تَخَصُّصُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مُؤْنَةٌ اهـ سم. (قَوْلُهُ أَوْ طُلِبَ وَلَمْ يَمْنَعْهُ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ بِهِ وَإِنْ عَلِمَ مَحَلَّهُ وَقَدَرَ عَلَيْهِ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ يُرَدُّ بِمَنْعِ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ تَحْتَ يَدِهِ نَعَمْ يَلْزَمُهُ الْإِعْلَامُ بِهِ لَكِنَّ هَذَا غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِهِ إذْ كُلُّ مَنْ عَلِمَ بِهِ لَزِمَهُ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ مِنْ شَرْحِ م ر اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ فَلَهُ رُجُوعٌ عَنْهُ) أَيْ مَا دَامَ الْعَبْدُ بَاقِيًا بِحَالِهِ وَإِلَّا كَانَ أَبَقَ أَوْ هَرَبَ أَوْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ عَنْ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ وَلَمْ تَفِ بِالْأَرْشِ وَلَمْ يَغْرَمْ السَّيِّدُ قَدْرَ النَّقْصِ أَوْ لَزِمَ ضَرَرٌ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِتَأْخِيرِ الْبَيْعِ امْتَنَعَ الرُّجُوعُ، وَكَذَا لَوْ بَاعَهُ بِإِذْنِ الْمُسْتَحِقِّ بِشَرْطِ الْفِدَاءِ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ أَيْضًا فَلَهُ رُجُوعٌ عَنْهُ) عَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ وَعْدٌ لَا أَثَرَ لَهُ نَعَمْ لَوْ قَتَلَ أَوْ هَرَبَ بَعْدَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ، وَمَحَلُّ هَذَا فِي الْمُوسِرِ أَمَّا الْمُعْسِرُ فَلَا أَثَرَ لِاخْتِيَارِهِ قَطْعًا كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا بِهَامِشِ الْمَحَلِّيِّ اهـ سم. (قَوْلُهُ إنْ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ) أَيْ عَنْ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ، فَإِنْ نَقَصَتْ امْتَنَعَ الرُّجُوعُ كَمَا تَقَدَّمَ.
[فَصْلٌ فِي الْغُرَّةِ]
أَيْ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا مِنْ قَوْلِهِ، وَفِي جَنِينٍ رَقِيقٍ عُشْرُ أَقْصَى قِيمَةِ أُمِّهِ إلَخْ وَالْغُرَّةُ اسْمٌ لِلْخِيَارِ مِنْ الشَّيْءِ كَمَا هُنَا وَأَصْلُهَا لْبَيَاضُ فِي وَجْهٍ نَحْوُ الْفَرَسِ أَوْ بَيَاضُ الْوَجْهِ كُلِّهِ وَمِنْهُ حَدِيثُ «تُحْشَرُ أُمَّتِي غُرًّا» أَوْ مُطْلَقُ الْبَيَاضِ، وَذَكَرَ التَّحْجِيلَ عَلَى هَذَا لِبَيَانِ التَّخْصِيصِ وَعَلَى كُلٍّ لَا يُشْتَرَطُ هُنَا أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ أَبْيَضَ وَلَا الْأَمَةُ بَيْضَاءَ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ أَخْذًا بِمَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ كَمَا مَرَّ وَالرَّقِيقُ خِيَارُ مَا يَمْلِكُ الْإِنْسَانُ وَلِاعْتِبَارِ سَلَامَتِهِ هُنَا اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ فِي كُلِّ جَنِينٍ حُرٍّ إلَخْ) قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ الْحِكْمَةُ فِيهَا أَنَّ الْجَنِينَ شَخْصٌ يُرْجَى لَهُ كَمَالُ الْحَالِ بِالْحَيَاةِ فَوَجَبَ عَلَى مَنْ فَوَّتَ ذَلِكَ شَخْصٌ كَامِلُ الْحَالِ بِالْحَيَاةِ اهـ وَلَمْ يُفَرِّقُوا فِي ذَلِكَ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى لِئَلَّا يَكْثُرَ التَّنَازُعُ فِي الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ، ثُمَّ الدَّلِيلُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْجَبَ فِي جَنِينِ الْهُذَلِيَّةِ غُرَّةً عَبْدًا أَوْ وَلِيدَةً» اهـ عَمِيرَةُ اهـ سم. (قَوْلُهُ أَوْ ظَهَرَ بِخُرُوجِ رَأْسِهِ مَثَلًا إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر، وَلَوْ أَلْقَتْ يَدًا أَوْ رِجْلًا أَوْ رَأْسًا أَوْ مُتَعَدِّدًا مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ كَثُرَ، وَلَوْ لَمْ يَنْفَصِلْ الْجَنِينُ وَمَاتَتْ الْأُمُّ فَغُرَّةٌ وَاحِدَةٌ لِلْعِلْمِ بِوُجُودِ الْجَنِينِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ نَحْوَ الْيَدِ انْفَصَلَ بِالْجِنَايَةِ، وَتَعَدُّدُ مَا ذُكِرَ لَا يَسْتَلْزِمُ تَعَدُّدَهُ فَقَدْ وُجِدَ رَأْسَانِ لِبَدَنٍ وَاحِدٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَوْ أَلْقَتْ أَكْثَرَ مِنْ يَدَيْنِ لَمْ يَجِبْ لِمَا زَادَ حُكُومَةٌ؛ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا الْغُرَّةَ فِي الْجَنِينِ كَالدِّيَةِ فِي غَيْرِهِ نَعَمْ لَوْ أَلْقَتْ أَكْثَرَ مِنْ بَدَنٍ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ اتِّحَادُ الرَّأْسِ تَعَدَّدَتْ بِعَدَدِهِ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ الْوَاحِدَ لَا يَكُونَ لَهُ بَدَنَانِ بِحَالٍ
أَمَّا إذَا عَاشَتْ الْأُمُّ وَلَمْ تُلْقِ جَنِينًا فَلَا يَجِبُ فِي يَدٍ أَوْ رِجْلٍ سِوَى نِصْفِ غُرَّةٍ كَمَا أَنَّ يَدَ الْحَيِّ لَا يَجِبُ فِيهَا سِوَى نِصْفِ دِيَتِهِ وَلَا يَضْمَنُ بَاقِيَهُ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ تَلَفِهِ بِالْجِنَايَةِ انْتَهَتْ، وَاعْلَمْ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهَيْنِ هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ مِنْهُمَا وَفَرَّعَ الرَّافِعِيُّ عَلَى الْخِلَافِ مَسَائِلَ مِنْهَا لَوْ خَرَجَ رَأْسًا وَصَاحَ فَحَزَّ رَجُلٌ رَقَبَتَهُ فَيَجِبُ الْقِصَاصُ أَوْ الدِّيَةُ وَإِنْ اعْتَبَرْنَا الِانْفِصَالَ التَّامَّ فَلَا وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ يُنَافِي مَا ذَكَرَاهُ فِي الْفَرَائِضِ مِنْ أَنَّ الْحَيَاةَ تُعْتَبَرُ عِنْدَ تَمَامِ الِانْفِصَالِ فَلَوْ خَرَجَ بَعْضُهُ حَيًّا وَمَاتَ قَبْلَ تَمَامِهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ خَرَجَ مَيِّتًا قَالَا، وَكَذَا فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ حَتَّى لَوْ ضَرَبَ ضَارِبٌ بَطْنَهَا بَعْدَ خُرُوجِ نِصْفِهِ فَانْفَصَلَ مَيِّتًا وَجَبَتْ الْغُرَّةُ دُونَ الدِّيَةِ، وَذَكَرَا فِي الْعَدَدِ أَنَّ لِلزَّوْجِ الرَّجْعَةَ إلَى أَنْ يَنْفَصِلَ وَتَبْقَى سَائِرُ الْأَحْكَامِ كَمَنْعِ تَوْرِيثِهِ وَسِرَايَةِ عِتْقِ الْأُمِّ إلَيْهِ وَعَدَمِ إجْزَائِهِ فِي الْكَفَّارَةِ وَوُجُوبِ الْغُرَّةِ عِنْدَ الْجِنَايَةِ وَتَبَعِيَّةِ الْأُمِّ فِي الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَغَيْرِهَا، ثُمَّ قَالَا، وَفِي وَجْهٍ ضَعِيفٍ أَنَّ حُكْمَهُ كَالْمُنْفَصِلِ إلَّا فِي الْعِدَّةِ اهـ، أَقُولُ كَذَا فِي الزَّرْكَشِيّ وَلَا مُنَافَاةَ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ، وَإِنَّمَا وَجَبَ الْقِصَاصُ فِي جَزِّ رَقَبَتِهِ وَلَمْ تَجِبْ الدِّيَةُ فِي ضَرْبِ بَطْنِهَا بَعْدَ خُرُوجِ نِصْفِهِ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ الثَّانِيَةَ عَلَى الْأُمِّ بِخِلَافِ الْأُولَى اهـ طَبَلَاوِيٌّ اهـ سم. (قَوْلُهُ فِيهِ صُورَةٌ خَفِيَّةٌ) بِخِلَافِ مَا لَا صُورَةَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ أَصْلَ آدَمِيٍّ وَانْقَضَتْ بِهِ الْعِدَّةُ لِبَرَاءَةِ الرَّحِمِ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ بِقَوْلِ قَوَابِلَ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute