(بَابٌ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ)
ــ
[حاشية الجمل]
أَوْ بِغَيْرِهَا فَلَا يُكْرَهُ وَقَوْلُهُ بِقِيَامٍ أَيْ صَلَاةٍ خَرَجَ تَخْصِيصُهَا بِغَيْرِهَا كَصَلَاةٍ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا يُكْرَهُ اهـ شَيْخُنَا وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ بِقِيَامٍ أَيْ: بِصَلَاةٍ فَقَطْ لَا بِغَيْرِهَا كَقُرْآنٍ وَذِكْرٍ وَصَلَاةٍ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ هَذِهِ فِيهَا أَفْضَلُ مِنْ الْقُرْآنِ غَيْرَ سُورَةِ الْكَهْفِ.
(قَوْلُهُ وَتَخْصِيصُ لَيْلَةِ جُمُعَةٍ إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ قِيلَ: حِكْمَةُ ذَلِكَ ضَعْفُهُ عَنْ وَظَائِفِ يَوْمِهَا فَإِنْ قِيلَ يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ انْتِفَاءُ الْكَرَاهَةِ إذَا وَصَلَهَا بِلَيْلَةٍ قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا قُلْت الِاعْتِيَادُ يَنْتَفِي مَعَهُ الضَّعْفُ عَنْ فِعْلِ وَظَائِفِهَا وَفِي الْجَوَابِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ يَتَخَلَّفُ فِي الِاسْتِدَامَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ شَوْبَرِيٌّ أَيْ: وَلِأَنَّ الِاعْتِيَادَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِوَصْلِهَا بِمَا قَبْلَهَا لَا بِمَا بَعْدَهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ الِاعْتِيَادُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذِهِ حِكْمَةٌ لَا يَلْزَمُ اطِّرَادُهَا اهـ شَيْخُنَا ح ف.
(تَنْبِيهٌ) أَفْهَمَ كَلَامُهُ عَدَمَ كَرَاهَةِ إحْيَائِهَا مَضْمُومَةً لِمَا قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا وَهُوَ نَظِيرُ مَا ذَكَرُوهُ فِي صَوْمِ يَوْمِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ وَتَخْصِيصُهُمْ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بِذَلِكَ مُشْعِرٌ بِعَدَمِ كَرَاهَةِ تَخْصِيصِ غَيْرِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِيهِ وَقْفَةٌ اهـ شَرْحُ م ر اهـ شَوْبَرِيٌّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ وَتَخْصِيصُ لَيْلَةِ جُمُعَةٍ بِقِيَامٍ أَيْ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ اللَّيَالِي وَلَا كَرَاهَةَ فِي ضَمِّ غَيْرِهَا إلَيْهَا لِحُصُولِ الْإِدْمَانِ غَالِبًا سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا مُتَّصِلًا بِهَا قَبْلُ أَوْ مُنْفَصِلًا عَنْهَا كَمَا فِي الْخُرُوجِ مِنْ كَرَاهَةِ الْإِفْرَادِ فِي الصَّوْمِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ اهـ
[بَابٌ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ]
(بَابٌ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ) أَيْ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْجَمَاعَةِ مِنْ شُرُوطِهَا وَآدَابِهَا وَمُسْقِطَاتِهَا وَمَكْرُوهَاتِهَا، وَغَيْرِ ذَلِكَ اهـ. ع ش، وَقَدْ أَبْدَى الشَّيْخُ قُطْبُ الدِّينِ الْقَسْطَلَّانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَا نَقَلَهُ الْبِرْمَاوِيُّ فِي شَرْحِ عُمْدَةِ الْأَحْكَامِ لِمَشْرُوعِيَّةِ الْجَمَاعَةِ حُكْمًا ذَكَرَهَا فِي مَقَاصِدِ الصَّلَاةِ مِنْهَا قِيَامُ نِظَامِ الْأُلْفَةِ بَيْنَ الْمُصَلَّيْنَ، وَلِذَا شُرِعَتْ الْمَسَاجِدُ فِي الْمَحَالِّ لِيَحْصُلَ التَّعَاهُدُ بِاللِّقَاءِ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ بَيْنَ الْجِيرَانِ، وَمِنْهَا قَدْ يَتَعَلَّمُ الْجَاهِلُ مِنْ الْعَالِمِ مَا يَجْهَلُهُ مِنْ أَحْكَامِهَا، وَمِنْهَا أَنَّ مَرَاتِبَ النَّاسِ مُتَفَاوِتَةٌ فِي الْعِبَادَةِ فَتَعُودَ بَرَكَةُ الْكَامِلِ عَلَى النَّاقِصِ فَتَكْمُلَ صَلَاةُ الْجَمِيعِ اهـ. قَسْطَلَّانِيٌّ عَلَى الْبُخَارِيِّ، وَهِيَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَكَذَا الْجُمُعَةُ وَالْعِيدَانِ وَالْكُسُوفَانِ وَالِاسْتِسْقَاءُ كَمَا يَأْتِي فِي أَبْوَابِهَا، وَأَصْلُ مَشْرُوعِيَّتِهَا قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ} [النساء: ١٠٢] الْآيَةَ أَمَرَ بِهَا فِي الْخَوْفِ فَفِي الْأَمْنِ أَوْلَى، وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَبِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الْمُنْفَرِدِ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» ، وَفِي الْمِصْبَاحِ الْفَذُّ الْوَاحِدُ، وَجَمْعُهُ فُذُوذٌ مِثْلُ فَلْسٍ وَفُلُوسٍ قَالَ أَبُو زَيْدٍ أَفَذَّتْ الشَّاةُ بِالْأَلِفِ إذَا وَلَدَتْ وَاحِدًا فِي بَطْنٍ فَهِيَ مُفِذٌّ، وَلَا يُقَالُ لِلنَّاقَةِ أَفَذَّتْ لِأَنَّهَا مُفِذٌّ عَلَى كُلِّ حَالَ لَا تُنْتَجُ إلَّا وَاحِدًا أَوْ جَاءَ الْقَوْمُ فُذَّاذًا بِضَمِّ الْفَاءِ وَبِالتَّثْقِيلِ وَالتَّخْفِيفِ، وَأَفْذَاذًا أَيْ فُرَادَى قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ الْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالدَّرَجَةِ الصَّلَاةُ لِأَنَّهُ وَرَدَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ، وَفِي بَعْضِهَا التَّعْبِيرُ بِالضَّعْفِ، وَهُوَ مُشْعِرٌ بِذَلِكَ، وَفِي رِوَايَةٍ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ، وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْقَلِيلَ لَا يَنْفِي الْكَثِيرَ أَوْ أَنَّهُ أَخْبَرَ أَوَّلًا بِالْقَلِيلِ ثُمَّ أَعْلَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِزِيَادَةِ الْفَضْلِ فَأَخْبَرَ بِهَا.
أَوْ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ الْمُصَلِّينَ أَوْ أَنَّ الِاخْتِلَافَ بِحَسَبِ قُرْبِ الْمَسْجِدِ وَبُعْدِهِ أَوْ أَنَّ الْأَوْلَى فِي الصَّلَاةِ الْجَهْرِيَّةُ، وَالثَّانِيَةُ فِي الصَّلَاةِ السَّرِيَّةُ لِأَنَّهَا تَنْقُصُ عَنْ الْجَهْرِيَّةِ بِسَمَاعِ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ وَالتَّأْمِينِ لِتَأْمِينِهِ، وَحِكْمَةُ كَوْنِهَا بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ أَنَّ الْجَمَاعَةَ ثَلَاثَةٌ، وَالْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا فَقَدْ حَصَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ عَشَرَةٌ فَالْجُمْلَةُ ثَلَاثُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ رَأْسُ مَالِهِ وَاحِدٌ يَبْقَى تِسْعَةٌ تُضْرَبُ فِي ثَلَاثَةٍ بِسَبْعِ وَعِشْرِينَ، وَرَبُّنَا جَلَّ وَعَلَا يُعْطِي كُلَّ إنْسَانٍ مَا لِلْجَمَاعَةِ فَصَارَ لِكُلٍّ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّ مَنْ صَلَّى فِي عَشَرَةِ آلَافٍ لَهُ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ دَرَجَةً، وَمَنْ صَلَّى مَعَ اثْنَيْنِ لَهُ ذَلِكَ لَكِنَّ دَرَجَاتِ الْأَوَّلِ أَكْمَلُ أَيْ أَكْثَرُ ثَوَابًا مِنْ حَيْثُ الْكَيْفِيَّةُ، وَحِكْمَةُ كَوْنِ أَقَلِّ الْجَمَاعَةِ اثْنَيْنِ أَنَّ رَبَّنَا جَلَّ وَعَلَا يُعْطِيهِمَا بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ مَا يُعْطِي الثَّلَاثَةَ. وَعَنْ أَبِي سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيِّ قَالَ لَا يَفُوتُ أَحَدًا صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ إلَّا بِذَنْبٍ ارْتَكَبَهُ، وَكَانَ السَّلَفُ الصَّالِحُ يُعَزُّونَ أَنْفُسَهُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إذَا فَاتَتْهُمْ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ، وَسَبْعَةً إذَا فَاتَتْهُمْ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ، وَشُرِعَتْ بِالْمَدِينَةِ دُونَ مَكَّةَ لِقَهْرِ الصَّحَابَةِ بِهَا، وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهَا لَمْ تُطْلَبْ بِهَا بَلْ كَانَتْ مُبَاحَةً قَبْلَ الْهِجْرَةِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَهَا مَعَ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي دَارِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute