بَابُ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ مَسْحُ الْخُفِّ (يَجُوزُ) الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا لَا عَلَى خُفِّ رِجْلٍ مَعَ غَسْلِ الْأُخْرَى (فِي الْوُضُوءِ) بَدَلًا عَنْ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ، وَتَعْبِيرُهُمْ بِ يَجُوزُ
ــ
[حاشية الجمل]
وَلِغَضَبٍ، وَنَحْوِهِ وَلَا يُسَنُّ لِلُبْسِ ثَوْبٍ جَدِيدٍ، وَلَا لِصَوْمٍ، وَعَقْدِ نِكَاحٍ، وَلَا لِخُرُوجٍ لِسَفَرٍ، وَلِقَاءِ قَادِمٍ، وَلَا لِزِيَارَةِ وَالِدٍ وَصَدِيقٍ، وَلَا لِعِيَادَةِ مَرِيضٍ، وَتَشْيِيعِ جِنَازَةٍ، وَلَا لِدُخُولِ سُوقٍ، وَعَلَى نَحْوِ أَمِيرٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
[بَابُ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ]
(بَابُ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ) مُثَنَّى خُفٍّ وَهُوَ مَعْرُوفٌ وَجَمْعُهُ خِفَافٌ كَرُمْحٍ وَرِمَاحٍ، وَخُفُّ الْبَعِيرِ جَمْعُهُ أَخْفَافٌ كَقُفْلٍ وَأَقْفَالٍ وَهُوَ جُزْءٌ مِنْ الْوُضُوءِ فَذَكَرَهُ عَقِبَهُ لِتَمَامِ مُنَاسَبَتِهِ لَهُ وَلِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ بَلْ ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ فِي خَامِسِ فُرُوضِهِ لِبَيَانِ أَنَّ الْوَاجِبَ الْغَسْلُ أَوْ الْمَسْحُ وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ عَقِبَ التَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّهُمَا مَسْحَانِ يُجَوِّزَانِ الْإِقْدَامَ عَلَى الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا وَإِنْ كَانَ هَذَا لِحَاجَةٍ وَذَاكَ لِضَرُورَةٍ وَأَصْلُ مَشْرُوعِيَّتِهِ أَخْبَارٌ صَحِيحَةٌ كَثِيرَةٌ بَلْ مُتَوَاتِرَةٌ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ: أَخْشَى أَنْ يَكُونَ إنْكَارُهُ أَيْ مِنْ أَصْلِهِ كُفْرًا، وَإِلَّا فَالْأَئِمَّةُ مُخْتَلِفُونَ فِي قَدْرِ الْمَسْحِ وَهُوَ جَزْمًا مِنْ أَعْلَاهُ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، أَوْ قَدْرُ ثَلَاثَةِ أَصَابِعَ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ، أَوْ جَمِيعُهُ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْإِمَامِ مَالِكٍ، أَوْ أَكْثَرُهُ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَأَمَّا أَصْلُهُ فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَهُوَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ قَالَ شَيْخُنَا الْبَابِلِيُّ: وَلَمْ يُعْلَمْ فِي أَيِّ سَنَةٍ شُرِعَ حَتَّى إنَّ كُتُبَ الْحَدِيثِ سَاكِتَةٌ عَنْ ذَلِكَ لَكِنْ قَالَ شَيْخُنَا الشبراملسي يُؤْخَذُ مِنْ جَعْلِهِمْ قِرَاءَةَ الْجَرِّ فِي قَوْلِهِ {وَأَرْجُلَكُمْ} [المائدة: ٦] دَلِيلًا عَلَى الْمَسْحِ أَنَّ مَشْرُوعِيَّتَهُ كَانَتْ مَعَ الْوُضُوءِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي بَعْضِ شُرُوحِ الْمِنْهَاجِ أَنَّهُ شُرِعَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعٍ مِنْ الْهِجْرَةِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَهِيَ آخِرُ الْغَزَوَاتِ وَمَا بَعْدَهَا سَرَايَا وَلَمْ يَكُنْ مَنْسُوخًا بِآيَةِ الْمَائِدَةِ؛ لِأَنَّ نُزُولَهَا قَبْلَهُ بِمُدَّةٍ كَثِيرَةٍ اهـ وَهُوَ رُخْصَةٌ وَيَرْفَعُ الْحَدَثَ وَيُبِيحُ الصَّلَاةَ مِنْ غَيْرِ حَصْرٍ، وَالْكَلَامُ عَلَيْهِ مُنْحَصِرٌ فِي خَمْسَةِ أَطْرَافٍ الْأَوَّلُ فِي أَحْكَامِهِ الثَّانِي فِي مُدَّتِهِ الثَّالِثُ فِي كَيْفِيَّتِهِ الرَّابِعُ فِي شُرُوطِهِ الْخَامِسُ فِيمَا يَقْطَعُ الْمُدَّةَ وَالرُّخَصُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالسَّفَرِ ثَمَانِيَةٌ أَرْبَعَةٌ خَاصَّةٌ بِالطَّوِيلِ: وَهِيَ مَسْحُ الْخُفِّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَالْقَصْرُ، وَالْجَمْعُ، وَفِطْرُ رَمَضَانَ. وَأَرْبَعَةٌ عَامَّةٌ: وَهِيَ أَكْلُ الْمَيْتَةِ وَالنَّافِلَةُ عَلَى الرَّاحِلَةِ وَتَرْكُ الْجُمُعَةِ، وَإِسْقَاطُ الصَّلَاةِ بِالتَّيَمُّمِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: هُوَ الْأَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ مَسْحُ الْخُفِّ) أَيْ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُوهِمُ جَوَازَ غَسْلِ رِجْلٍ وَمَسْحِ الْأُخْرَى إلَّا أَنْ يُقَالَ " أَلْ " فِي الْخُفِّ لِلْجِنْسِ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ لَا يَشْمَلُ الْخُفَّ الْوَاحِدَ فِيمَا لَوْ فُقِدَتْ إحْدَى رِجْلَيْهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ نَظَرَ لِلْغَالِبِ فَعَلَى هَذَا اسْتَوَتْ الْعِبَارَتَانِ بَلْ رُبَّمَا يُقَالُ التَّوَهُّمُ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ أَكْثَرُ اهـ شَيْخُنَا، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ إنَّ " أَلْ " لِلْعَهْدِ الشَّرْعِيِّ، وَالْخُفُّ الشَّرْعِيُّ اسْمٌ لِلِاثْنَيْنِ مَعًا اهـ لِكَاتِبِهِ.
وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَيُطْلَقُ الْخُفُّ عَلَى الْفَرْدَتَيْنِ وَعَلَى إحْدَاهُمَا فَيَجُوزُ حَيْثُ لَمْ يَبْقَ مِنْ الْأُخْرَى شَيْءٌ يَجِبُ غَسْلُهُ وَالْمَسْحُ عَلَى الْأُخْرَى وَبِذَلِكَ يَسْقُطُ الْقَوْلُ بِأَنَّ التَّعْبِيرَ بِالْخُفَّيْنِ أَوْلَى كَمَا فِي الْمَنْهَجِ اهـ. (قَوْلُهُ: يَجُوزُ فِي الْوُضُوءِ إلَخْ) أَيْ يَجُوزُ الْعُدُولُ إلَيْهِ، وَإِلَّا فَهُوَ إذَا وَقَعَ لَا يَكُونُ إلَّا وَاجِبًا عَيْنًا، أَوْ مِنْ الْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ عَلَى الْخِلَافِ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: مَعَ غَسْلِ الْأُخْرَى) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ، وَإِنْ كَانَ بِشُرُوطِهِ وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ مَا لَوْ لَبِسَهُمَا وَأَرَادَ غَسْلَ إحْدَاهُمَا فِي الْخُفِّ، وَالْمَسْحَ عَلَى الْأُخْرَى فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا رِجْلٌ وَاحِدَةٌ جَازَ الْمَسْحُ عَلَى خُفِّهَا، وَإِذَا قُطِعَتْ إحْدَى رِجْلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ قَدَمِ الْمَقْطُوعَةِ شَيْءٌ مِنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ جَازَ لَهُ لُبْسُ الْخُفِّ فِي الرِّجْلِ الْبَاقِيَةِ وَالْمَسْحُ عَلَيْهَا، وَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ، وَإِنْ قَلَّ جَازَ لَهُ لُبْسُ خُفٍّ فِي الرِّجْلِ الْبَاقِيَةِ وَخُفٍّ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ الْبَاقِي، وَالْمَسْحُ عَلَيْهِمَا وَلَوْ كَانَتْ إحْدَى رِجْلَيْهِ عَلِيلَةً بِحَيْثُ لَا يَجِبُ غَسْلُهَا فَلَبِسَ الْخُفَّ فِي الصَّحِيحَةِ لَمْ يَجُزْ الْمَسْحُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ التَّيَمُّمُ عَنْ الرِّجْلِ الْعَلِيلَةِ فَهِيَ كَالصَّحِيحَةِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فِي الْوُضُوءِ) أَيْ وَلَوْ وُضُوءَ سَلِسٍ بِكَسْرِ اللَّامِ وَهُوَ اسْمٌ لِدَائِمِ الْحَدَثِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: بَدَلًا عَنْ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ) أَيْ فَيُسَنُّ لَهُ أَنْ يَسْتَصْحِبَ النِّيَّةَ عِنْدَ الْمَسْحِ وَيَأْتِيَ فِيهِ أَيْضًا مَا تَقَدَّمَ مِنْ وُجُوبِ وُجُودِ النِّيَّةِ عِنْدَ وُجُودِ الصَّارِفِ اهـ ع ش.
وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ قَوْلُهُ: بَدَلًا عَنْ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ يَعْنِي أَنَّهُ كَانَ عَنْ الْغَسْلِ لَا أَنَّهُ أَصْلٌ كَمَا فِي خِصَالِ الْكَفَّارَةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ حَقِيقَةَ الْبَدَلِيَّةِ الْمُتَوَقِّفَةَ عَلَى تَعَذُّرِ الْأَصْلِ فَمَتَى وَقَعَ كَانَ وَاجِبًا كَمَا مَرَّ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَتَعْبِيرُهُمْ بِ يَجُوزُ إلَخْ) مُقْتَضَاهُ خُرُوجُ مَسَائِلِ الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ وَالْكَرَاهَةِ مِنْ عِبَارَتِهِمْ الْمَذْكُورَةِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْجَوَازِ عَدَمُ الِامْتِنَاعِ فَيَشْمَلُ الْجَمِيعَ وَقَالَ شَيْخُنَا الشبراملسي يُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ مُرَادَهُمْ بِالْجَوَازِ مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ