للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَمَسْجِدَ الْمَدِينَةِ وَالْمَسْجِدَ الْأَقْصَى فَتَتَعَيَّنُ لِعِظَمِ فَضْلِهَا وَإِنْ تَفَاوَتَتْ فِيهِ وَيَقُومُ الْأَوَّلُ مَقَامَ الْآخَرِينَ وَأَوَّلُهُمَا مَقَامَ الْآخَرِ دُونَ الْعَكْسِ كَمَا عُلِمَ ذَلِكَ مِنْ التَّنْظِيرِ فَهُوَ أَعَمُّ مِمَّا عُبِّرَ بِهِ.

(أَوْ) نَذَرَ (صَوْمًا) مُطْلَقًا أَوْ مُقَيَّدًا بِنَحْوِ دَهْرٍ كَحِينٍ (فَيَوْمٌ) يُحْمَلُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَا يُفْرَدُ بِالصَّوْمِ (أَوْ أَيَّامًا) أَيْ صَوْمَهَا (فَثَلَاثَةٌ) لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْجَمْعِ.

(أَوْ) نَذَرَ (صَدَقَةً فَبِمُتَمَوَّلٍ) يَتَصَدَّقُ بِهِ وَإِنْ قَلَّ وَكَذَا لَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِمَالٍ عَظِيمٍ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ الْوَاجِبَةَ لَا تَنْحَصِرُ فِي قَدْرٍ لِأَنَّ الْخُلَطَاءَ قَدْ يَشْتَرِكُونَ فِي نِصَابٍ فَيَجِبُ عَلَى أَحَدِهِمْ شَيْءٌ قَلِيلٌ وَتَعْبِيرِي بِمُتَمَوَّلٍ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا كَانَ إذْ لَا يَكْفِي بِمَا لَا يُتَمَوَّلُ.

(أَوْ) نَذَرَ (صَلَاةً فَرَكْعَتَانِ) تَكْفِيَانِ لِأَنَّهُمَا أَقَلُّ وَاجِبٍ مِنْهَا (بِقِيَامِ قَادِرٍ) إلْحَاقًا لِلنَّذْرِ بِوَاجِبِ الشَّرْعِ.

(أَوْ) نَذْرُهُ (صَلَاةً قَاعِدًا جَازَ) فِعْلُهَا (قَائِمًا) لِإِتْيَانِهِ بِالْأَفْضَلِ (لَا عَكْسَهُ) أَيْ نَذَرَ الصَّلَاةَ قَائِمًا فَلَا يَجُوزُ فِعْلُهَا قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ لِأَنَّهُ دُونَ مَا الْتَزَمَهُ.

(أَوْ) نَذَرَ (عِتْقًا فَرَقَبَةٌ) تُجْزِي وَلَوْ نَاقِصَةً كَكَافِرَةٍ لِوُقُوعِ الِاسْمِ عَلَيْهَا (أَوْ) نَذَرَ (عِتْقَ كَافِرَةٍ أَوْ مَعِيبَةٍ أَجْزَأَهُ) رَقَبَةٌ (كَامِلَةٌ) لِإِتْيَانِهِ بِالْأَفْضَلِ (فَإِنْ عَيَّنَ) رَقَبَةً (نَاقِصَةً) كَلِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُ هَذَا الْعَبْدِ الْكَافِرِ أَوْ الْمَعِيبِ (تَعَيَّنَتْ) لِتَعَلُّقِ النَّذْرِ بِالْعَيْنِ.

(كِتَابُ الْقَضَاءِ)

ــ

[حاشية الجمل]

لَزِمَهُ وَلَهُ فِعْلُهُ فِي مَسْجِدٍ غَيْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَكْثَرَ جَمَاعَةً فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِمَنْ قَيَّدَهُ بِهِ لِأَنَّا إنَّمَا أَوْجَبْنَا الْمَسْجِدَ لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ مَقْصُودَةٌ فِي الْفَرْضِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مَسْجِدًا فَيُجْزِئُ كُلُّ مَسْجِدٍ لِذَلِكَ، وَيَتَّجِهُ إلْحَاقُ النَّوَافِلِ الَّتِي يُسَنُّ فِعْلُهَا فِي الْمَسْجِدِ بِالْفَرْضِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إلَخْ) الْمَذْهَبُ أَنَّهُ خَاصٌّ بِالْكَعْبَةِ، وَالْمَسْجِدِ حَوْلَهَا، وَإِنْ وُسِّعَ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ قَالَهُ حَجّ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ فَتَتَعَيَّنُ) قَالَ الشَّاشِيُّ وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ بِالنُّسُكِ كَمَا لَوْ نَذَرَ إتْيَانَ الْحَرَمِ اهـ عَمِيرَةُ اهـ سم (قَوْلُهُ وَإِنْ تَفَاوَتَتْ فِيهِ) فَقَدْ وَرَدَ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِمِائَةِ صَلَاةٍ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ وَبِمِائَتَيْنِ فِي الْأَقْصَى وَبِمِائَةِ أَلْفٍ فِيمَا سِوَاهُمَا، وَأَنَّ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ بِصَلَاتَيْنِ فِي الْأَقْصَى وَبِأَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ، وَأَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْأَقْصَى بِخَمْسِمِائَةٍ فِيمَا سِوَاهُ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ.

(قَوْلُهُ أَوْ مُقَيَّدًا بِنَحْوِ دَهْرٍ) كَأَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ دَهْرًا فَيُحْمَلَ عَلَى مُطْلَقِ الزَّمَنِ بِخِلَافِ الدَّهْرِ الْمُعَرَّفِ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى جَمِيعِ الْأَيَّامِ، وَيَلْزَمُهُ صَوْمُهَا حَيْثُ لَا يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ ح ل، وَغَيْرُهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَا يُفْرَدُ بِالصَّوْمِ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَا يَصْدُقُ بِهِ الصَّوْمُ اهـ وَلَعَلَّ مُرَادَهُ الصَّوْمُ الْمُلْتَزَمُ أَيْ أَقَلُّ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ أَيَّامًا فَثَلَاثَةٌ) قَالَهُ فِي الْإِيعَابِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ الْأَيَّامُ فَيَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ فَقَطْ فِيمَا يَظْهَرُ تَرْجِيحُهُ مِنْ تَرَدُّدٍ طَوِيلٍ لِلْأَذْرَعِيِّ، وَيَأْتِي نَظِيرُ مَا ذُكِرَ فِي عَلَيَّ صَوْمُ شَهْرٍ أَوْ الشُّهُورِ فَيَلْزَمُهُ فِي الْأَوَّلِ شَهْرٌ وَاحِدٌ، وَفِي الثَّانِي ثَلَاثَةٌ لَا غَيْرُ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ تَرَدُّدٍ لِلزَّرْكَشِيِّ فِي ذَلِكَ وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهِ جَمْعَ كَثْرَةٍ، وَأَقَلُّهُ أَحَدَ عَشَرَ لِأَنَّ ذَاكَ مِنْ دَقَائِقِ الْعَرَبِيَّةِ فَلَا تَنْزِلُ عَلَيْهَا الْأَلْفَاظُ الْعُرْفِيَّةُ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ فَبِمُتَمَوَّلٍ) أَيْ وَإِنْ وَصَفَهَا بِعِظَمٍ أَوْ نَحْوِهِ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ.

(قَوْلُهُ فَرَكْعَتَانِ) أَيْ بِسَلَامٍ وَاحِدٍ فَلَوْ زَادَ عَلَيْهِمَا لَمْ يَصِحَّ إحْرَامُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ أَوْ صَلَاةً فَرَكْعَتَانِ) وَلَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ وَغَيْرِهِ كَالرَّوَاتِبِ وَالضُّحَى فَيَجِبُ الْقِيَامُ فِي الْجَمِيعِ اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ أَوْ نَذَرَ عِتْقًا) الْأَوْلَى الْإِعْتَاقُ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ أَنْكَرَ الْأَوَّلَ، وَإِنْ قَالَ النَّوَوِيُّ إنَّ إنْكَارَهُ جَهْلٌ لَكِنَّهُ حَسَنٌ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ فِي ارْتِكَابِ الْحَسَنِ الرَّدَّ عَلَى الْمُنْكِرِ فَكَانَ أَهَمَّ مِنْ ارْتِكَابِ الْأَحْسَنِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَوْ نَاقِصَةً) وَلِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْعِتْقِ مَعَ كَوْنِهِ غَرَامَةً سُومِحَ فِيهِ، وَخَرَجَ عَنْ قَاعِدَةِ يُسْلَكُ بِالنَّذْرِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ اهـ س ل.

(فَائِدَةٌ) لَوْ نَذَرَ عِتْقَ رَقَبَةٍ مُعَيَّنَةٍ ثُمَّ تَلِفَتْ أَوْ أَتْلَفَهَا قَبْلَ الْإِعْتَاقِ لَمْ يَلْزَمْهُ إبْدَالُهَا لِأَنَّ الْعِتْقَ حَقُّ الرَّقَبَةِ، وَإِنْ أَتْلَفَهَا أَجْنَبِيٌّ لَزِمَهُ قِيمَتُهَا لِمَالِكِهَا وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا رَقَبَةً بِخِلَافِ الْهَدْيِ فَإِنَّ الْحَقَّ فِيهِ لِلْفُقَرَاءِ، وَهُمْ مَوْجُودُونَ قَالَهُ فِي الْبَيَانِ اهـ سم (قَوْلُهُ لِوُقُوعِ الِاسْمِ عَلَيْهَا) أَيْ، وَلِأَنَّهَا مِنْ بَابِ الْغَرَامَاتِ فَلَمْ يُكَلَّفْ فِيهَا بِمَا يَشُقُّ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا، وَلِأَنَّ الْغَرَضَ تَخْلِيصُ الرَّقَبَةِ اهـ عَمِيرَةُ اهـ سم (قَوْلُهُ أَجْزَأَهُ كَامِلَةٌ لِإِتْيَانِهِ إلَخْ) أَيْ، وَلِأَنَّ صِفَةَ الْكُفْرِ لَا يُتَقَرَّبُ بِهَا فَحُمِلَتْ عَلَى التَّعْرِيفِ اهـ عَمِيرَةُ.

١ -

(فَرْعٌ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَمَنْ نَذَرَ زِيَارَةَ قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَزِمَهُ، وَفِي زِيَارَةِ قَبْرِ غَيْرِهِ تَرَدُّدٌ اهـ قَالَ فِي شَرْحِهِ أَيْ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا اللُّزُومُ فِي حَقِّ الرَّجُلِ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ الْمَقْبُورُ صَالِحًا لِأَنَّ فِيهِ قُرْبَةً لِخَبَرِ «زُورُوا الْقُبُورَ» ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ زِيَارَةَ سَائِرِ الْقُبُورِ كَزِيَارَةِ قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اهـ سم.

[كِتَابُ الْقَضَاءِ]

(كِتَابُ الْقَضَاءِ) أَصْلُهُ قَضَايَ بِوَزْنِ سَلَامٍ مِنْ قَضَيْت قُلِبَتْ الْيَاءُ هَمْزَةً لِتَطَرُّفِهَا إثْرَ أَلِفٍ زَائِدَةٍ اهـ بُرُلُّسِيٌّ اهـ سم وَجَمْعُهُ أَقْضِيَةٌ كَقَبَاءٍ وَأَقْبِيَةٍ، وَهُوَ فِي الْأَصْلِ يُقَالُ لِإِتْمَامِ الشَّيْءِ وَإِحْكَامِهِ، وَإِمْضَائِهِ وَالْفَرَاغِ مِنْهُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْقَاضِيَ يُتِمُّ الْأَمْرَ وَيُحْكِمُهُ وَيُمْضِيهِ، وَيَفْرُغُ مِنْهُ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر، وَهُوَ فِي اللُّغَةِ إحْكَامُ الشَّيْءِ وَإِمْضَاؤُهُ، وَأَتَى لِمَعَانٍ أُخَرَ كَالْوَحْيِ وَالْخَلْقِ، وَفِي الشَّرْعِ الْوِلَايَةُ الْآتِيَةُ، وَالْحُكْمُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهَا أَوْ إلْزَامُ مَنْ لَهُ إلْزَامٌ بِحُكْمِ الشَّرْعِ فَخَرَجَ الْإِفْتَاءُ، وَاَلَّذِي يَسْتَفِيدُهُ الْقَاضِي بِالْوِلَايَةِ إظْهَارُ حُكْمِ الشَّرْعِ، وَإِمْضَاؤُهُ فِيمَا يُرْفَعُ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْمُفْتِي فَإِنَّهُ مُظْهِرٌ لَا مُمْضٍ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْقِيَامُ بِحَقِّهِ أَفْضَلَ مِنْ الْإِفْتَاءِ انْتَهَتْ

، وَالْقَضَاءُ

<<  <  ج: ص:  >  >>