للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَصْلٌ) فِيمَا يُطْلَبُ فِي الطَّوَافِ مِنْ وَاجِبَاتٍ وَسُنَنٍ (وَاجِبَاتُ الطَّوَافِ) بِأَنْوَاعِهِ ثَمَانِيَةٌ أَحَدُهَا وَثَانِيهَا (سِتْرٌ) لِعَوْرَةٍ (وَطُهْرٌ) عَنْ حَدَثٍ أَصْغَرَ أَوْ أَكْبَرَ وَعَنْ نَجَسٍ كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَلِخَبَرِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ (فَلَوْ زَالَا) بِأَنْ عَرِيَ أَوْ أَحْدَثَ أَوْ تَنَجَّسَ ثَوْبُهُ أَوْ بَدَنُهُ

ــ

[حاشية الجمل]

يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ بِلَا خِلَافٍ وَإِذَا قُلْنَا يَجِبُ الدُّخُولُ مُحْرِمًا فَدَخَلَ غَيْرَ مُحْرِمٍ عَصَى وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لِفَوَاتِهِ كَمَا لَا يَقْضِي تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ إذَا جَلَسَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَهَا وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ حُكْمَ دُخُولِ الْحَرَمِ حُكْمُ دُخُولِ مَكَّةَ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْحُرْمَةِ اهـ.

[فَصْلٌ فِيمَا يُطْلَبُ فِي الطَّوَافِ مِنْ وَاجِبَاتٍ وَسُنَنٍ]

أَيْ وَفِيمَا يُذْكَرُ مَعَهُ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَوْ حَمَلَ شَخْصٌ مُحْرِمًا إلَى آخِرِ الْفَصْلِ اهـ. شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: وَاجِبَاتُ الطَّوَافِ) أَيْ الْأُمُورُ الَّتِي تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الطَّوَافِ عَلَيْهَا فَهَذِهِ الْعِبَارَةُ عَلَى الْقَاعِدَةِ مِنْ أَنَّ الْوَاجِبَ وَالْفَرْضَ بِمَعْنًى وَقَوْلُهُمْ فِي تَخْصِيصِهَا إلَّا فِي الْحَجِّ مُرَادُهُمْ بِقَوْلِهِمْ إلَّا فِي الْحَجِّ خُصُوصُ إضَافَةِ الْوَاجِبَاتِ لِلْحَجِّ كَمَا لَوْ قَالُوا وَاجِبَاتُ الْحَجِّ كَذَا فَيَكُونُ الْوَاجِبُ فِيهَا مَا يُجْبَرُ بِالدَّمِ وَلَا تَتَوَقَّفُ الصِّحَّةُ عَلَيْهِ وَعَلَى هَذَا الْمُرَادِ تَعْبِيرُ م ر وحج هُنَا بِقَوْلِهِمَا: وَاللَّفْظُ الْأَوَّلُ لِلطَّوَافِ وَاجِبَاتٌ لَا يَصِحُّ إلَّا بِهَا سَوَاءٌ كَانَتْ أَرْكَانًا أَمْ شُرُوطًا اهـ. لَكِنْ لَمْ يُبَيِّنَاهُمَا وَلَا حَوَاشِيَهُمَا، الْبَعْضُ مِنْ هَذِهِ الْوَاجِبَاتِ الَّذِي هُوَ رُكْنٌ وَاَلَّذِي هُوَ شَرْطٌ تَأَمَّلْ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الطَّوَافُ أَفْضَلُ أَرْكَانِ الْحَجِّ حَتَّى الْوُقُوفَ اهـ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ أَفْضَلَهَا الْوُقُوفُ لِخَبَرِ: «الْحَجُّ عَرَفَةَ» وَلِهَذَا لَا يَفُوتُ الْحَجُّ إلَّا بِفَوَاتِهِ وَلَمْ يَرِدْ غُفْرَانٌ فِي شَيْءٍ مَا وَرَدَ فِي الْوُقُوفِ فَالصَّوَابُ الْقَطْعُ بِأَنَّهُ أَفْضَلُ الْأَرْكَانِ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الطَّوَافَ أَفْضَلُ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ مُشَبَّهٌ بِالصَّلَاةِ وَقُرْبَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ وَالْوُقُوفُ أَفْضَلُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ رُكْنًا لِلْحَجِّ لِفَوَاتِهِ بِهِ وَتَوَقُّفِ صِحَّتِهِ عَلَيْهِ وَاخْتِصَاصِهِ بِهِ وَيُحْمَلُ كَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى الْأَوَّلِ وَالزَّرْكَشِيِّ عَلَى الثَّانِي اهـ. شَرْحُ م ر فِي مَبْحَثِ السَّعْيِ.

(قَوْلُهُ: بِأَنْوَاعِهِ) أَيْ السِّتَّةِ مِنْ قُدُومٍ وَرُكْنٍ وَوَدَائِعَ وَمَا يَتَحَلَّلُ بِهِ فِي الْفَوَاتِ وَطَوَافِ نَذْرٍ وَتَطَوُّعٍ اهـ. شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ أَيْضًا بِأَنْوَاعِهِ) شَمِلَ طَوَافَ التَّطَوُّعِ وَقَضِيَّتُهُ مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي وَكَوْنُهُ سَبْعًا أَنَّهُ لَا تَطَوُّعَ فِيهِ بِشَوْطٍ أَوْ أَكْثَرَ أَيْ أَقَلَّ مِنْ السَّبْعِ وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ وَنُقِلَ عَنْ الْخَادِمِ أَنَّ لَهُ التَّطَوُّعَ بِذَلِكَ فَلْيُحَرَّرْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي الْإِيعَابِ وَفِي حَدِيثٍ غَرِيبٍ «مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ خَمْسِينَ مَرَّةً خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» ، وَالْمُرَادُ بِالْمَرَّةِ الْأُسْبُوعُ وَإِلَّا لَاقْتَضَى جَوَازَ التَّطَوُّعِ بِطَوْفَةٍ وَاحِدَةٍ وَالصَّحِيحُ خِلَافُهُ إلَى آخِرِ مَا أَطَالَ بِهِ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ ضَعِيفٌ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: أَحَدُهَا وَثَانِيهَا إلَخْ) جَمَعَهُمَا؛ لِأَنَّ دَلِيلَهُمَا وَاحِدٌ وَلِأَجْلِ التَّفْرِيعِ بِقَوْلِهِ فَلَوْ زَالَا إلَخْ وَلَا يُشْتَرَطَانِ فِي شَيْءٍ مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ إلَّا فِي الطَّوَافِ اهـ. شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: كَمَا فِي الصَّلَاةِ) رَاجِعٌ لِلسِّتْرِ وَالطُّهْرِ وَعِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَصِحُّ طَوَافُ الْمُحْدِثِ وَيَجِبُ مَعَ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ بَدَنَةٌ وَمَعَ الْحَدَثِ شَاةٌ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: فَلَوْ زَالَا فِيهِ إلَخْ) هَذَا لَا يَصْلُحُ تَفْرِيعًا عَلَى مَا قَبْلَهُ وَإِنَّمَا هُوَ فِي جَوَابِ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ أَيْ إذَا عَلِمْت أَنَّ مِنْ وَاجِبَاتِ الطَّوَافِ السِّتْرَ وَالطُّهْرَ فَإِذَا زَالَا فَحُكْمُهُ التَّجْدِيدُ اهـ.

بِرْمَاوِيٌّ. وَانْظُرْ لَوْ تَعَمَّدَ زَوَالَهُمَا هَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ إنْ قُلْنَا يَبْنِي أَوْ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْبِنَاءِ وَبِهِ يُفَارِقُ غَيْرَهُ مِنْ الْعِبَادَاتِ الَّتِي تَبْطُلُ بِعُرُوضِ الْمَانِعِ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَلَعَلَّ الْوَجْهَ هُوَ الثَّانِي فَلْيُحَرَّرْ اهـ، شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ عَرِيَ) يُقَالُ عَرِيَ مِنْ ثِيَابِهِ بِالْكَسْرِ عُرْيًا بِالضَّمِّ فَهُوَ عَارٍ وَعُرْيَانُ وَالْمَرْأَةُ عُرْيَانَةُ اهـ. مُخْتَارٌ اهـ. ع ش.

(قَوْلُهُ أَيْضًا بِأَنْ عَرِيَ) أَيْ انْكَشَفَ شَيْءٌ مِنْ عَوْرَتِهِ كَأَنْ بَدَا شَيْءٌ مِنْ شَعْرِ رَأْسِ الْحُرَّةِ أَوْ ظُفْرٌ مِنْ يَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا اهـ. شَرْحُ م ر. (مَسْأَلَةٌ)

قَالَ الشَّيْخُ مَنْصُورٌ الطَّبَلَاوِيُّ سُئِلَ شَيْخُنَا سم عَنْ امْرَأَةٍ شَافِعِيَّةِ الْمَذْهَبِ طَافَتْ لِلْإِفَاضَةِ بِغَيْرِ سُتْرَةٍ مُعْتَبَرَةٍ جَاهِلَةً بِذَلِكَ أَوْ نَاسِيَةً ثُمَّ تَوَجَّهَتْ إلَى بِلَادِ الْيَمَنِ فَنَكَحَتْ شَخْصًا ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهَا فَسَادُ الطَّوَافِ فَأَرَادَتْ أَنْ تُقَلِّدَ أَبَا حَنِيفَةَ فِي صِحَّتِهِ لِتَصِيرَ بِهِ حَلَالًا وَتَتَبَيَّنَ صِحَّةَ النِّكَاحِ وَحِينَئِذٍ فَهَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ وَتَتَضَمَّنُ صِحَّةَ التَّقْلِيدِ بَعْدَ الْعَمَلِ فَأَفْتَى بِالصِّحَّةِ وَأَنَّهُ لَا مَحْذُورَ مِنْ ذَلِكَ وَلَمَّا سَمِعْت عَنْهُ ذَلِكَ اجْتَمَعْت بِهِ فَإِنِّي كُنْت أَحْفَظُ عَنْهُ خِلَافَهُ فِي الْعَامِ قَبْلَهُ، فَقَالَ هَذَا هُوَ الَّذِي اعْتَقَدَهُ مِنْ الصِّحَّةِ وَأَفْتَى بِهِ بَعْضُ الْأَفَاضِلِ أَيْضًا تَبَعًا لَهُ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ مُهِمَّةٌ كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ وَأَشْبَاهُهَا كَثِيرَةٌ وَمُرَادُهُ بِأَشْبَاهِهَا كُلُّ مَا كَانَ مُخَالِفًا لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ مَثَلًا وَهُوَ صَحِيحٌ عَلَى بَعْضِ الْمَذَاهِبِ الْمُعْتَبَرَةِ فَإِذَا فَعَلَهُ عَلَى وَجْهٍ فَاسِدٍ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَصَحِيحٍ عِنْدَ غَيْرِهِ ثُمَّ عَلِمَ بِالْحَالِ جَازَ أَنْ يُقَلِّدَ الْقَائِلَ بِصِحَّتِهِ فِيمَا مَضَى وَفِيمَا يَأْتِي فَيُرَتِّبَ عَلَيْهِ أَحْكَامَهُ فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ جِدًّا وَيَنْبَغِي أَنَّ إثْمَ الْإِقْدَامِ بَاقٍ حَيْثُ فَعَلَهُ عَالِمًا اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>