(كِتَابُ الْعِدَدِ) جَمْعُ عِدَّةٍ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْعَدَدِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَيْهِ غَالِبًا وَهِيَ مُدَّةٌ تَتَرَبَّصُ فِيهَا الْمَرْأَةُ لِمَعْرِفَةِ بَرَاءَةِ رَحِمِهَا أَوْ لِلتَّعَبُّدِ أَوْ لِتَفَجُّعِهَا عَلَى زَوْجٍ كَمَا سَيَأْتِي وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ الْآيَاتُ الْآتِيَةُ وَشُرِعَتْ صِيَانَةً لِلْأَنْسَابِ وَتَحْصِينًا لَهَا مِنْ الِاخْتِلَاطِ (تَجِبُ عِدَّةٌ بِوَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ بِفُرْقَةِ زَوْجٍ حَيٍّ) بِطَلَاقٍ أَوْ فَسْخٍ أَوْ انْفِسَاخٍ بِلِعَانٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ (دَخَلَ مَنِيُّهُ الْمُحْتَرَمُ
ــ
[حاشية الجمل]
هُنَا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ.
[كِتَابُ الْعِدَدِ]
أُخِّرَتْ إلَى هُنَا لِتَرَتُّبِهَا غَالِبًا عَلَى الطَّلَاقِ وَاللِّعَانِ وَأُلْحِقَ الْإِيلَاءُ وَالظِّهَارُ بِالطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُمَا كَانَا طَلَاقًا وَلِلطَّلَاقِ تَعَلُّقٌ بِهِمَا وَهِيَ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ مَعْلُومَةٌ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ وَقَوْلُهُمْ لَمْ يَكْفُرْ جَاحِدُهَا؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ ضَرُورِيَّةٍ يَظْهَرُ حَمْلُهُ عَلَى بَعْضِ تَفَاصِيلِهَا، وَكُرِّرَتْ الْأَقْرَاءُ الْمُلْحَقُ بِهَا الْأَشْهُرُ مَعَ حُصُولِ الْبَرَاءَةِ بِوَاحِدٍ اسْتِظْهَارًا وَاكْتِفَاءً بِهَا مَعَ أَنَّهَا لَا تُفِيدُ يَقِينَ الْبَرَاءَةِ؛ لِأَنَّ الْحَامِلَ تَحِيضُ لِكَوْنِهِ نَادِرًا. اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: وَلِلطَّلَاقِ تَعَلُّقٌ بِهِمَا أَيْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ فِي الْإِيلَاءِ وَلَمْ يَطَأْ طُولِبَ بِالْوَطْءِ أَوْ الطَّلَاقِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ طَلَّقَ عَلَيْهِ الْقَاضِي عَلَى مَا مَرَّ، وَإِذَا ظَاهَرَ ثُمَّ طَلَّقَ فَوْرًا لَمْ يَكُنْ عَائِدًا وَلَا كَفَّارَةَ. اهـ ع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: لِاشْتِمَالِهَا عَلَيْهِ غَالِبًا) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ وَضْعِ الْحَمْلِ فَإِنَّ الْعَدَدَ غَيْرُ مَلْحُوظٍ فِيهِ. اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَهِيَ مُدَّةٌ تَتَرَبَّصُ إلَخْ) نُقِلَ عَنْ الْمُخْتَارِ أَنَّ مَعْنَاهُ تَنْتَظِرُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ مَعْنَاهُ تَصْبِرُ وَتَتَمَهَّلُ. اهـ شَيْخُنَا.
وَفِي الْمِصْبَاحِ تَرَبَّصْت الْأَمْرَ تَرَبُّصًا انْتَظَرْتُهُ وَالرُّبْصَةُ وِزَانُ غُرْفَةٍ اسْمٌ مِنْهُ وَتَرَبَّصْتُ الْأَمْرَ بِفُلَانٍ تَوَقَّعْتُ نُزُولَهُ بِهِ اهـ. (قَوْلُهُ: لِمَعْرِفَةِ بَرَاءَةِ رَحِمِهَا) الْمُرَادُ بِالْمَعْرِفَةِ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ إذْ مَا عَدَا وَضْعِ الْحَمْلِ يَدُلُّ عَلَيْهَا ظَنًّا. اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: أَوْ لِلتَّعَبُّدِ) أَوْ هَذِهِ حَقِيقَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا قَبْلَهَا وَمَانِعَةُ خُلُوٍّ بِالنِّسْبَةِ لِمَا بَعْدَهَا وَقَوْلُهُ: أَوْ لِتَفَجُّعِهَا مَانِعَةُ خُلُوٍّ بِالنِّسْبَةِ لِكُلٍّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ قَبْلَهَا فَالتَّفَجُّعُ يُجَامِعُ التَّعَبُّدَ وَمَعْرِفَةَ الْبَرَاءَةِ؛ لِأَنَّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ إمَّا لِمَعْرِفَةِ الْبَرَاءَةِ فِيمَنْ تَحْبَلُ أَوْ لِلتَّعَبُّدِ فِي غَيْرِهَا وَالتَّفَجُّعُ مُصَاحِبٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِيهَا. اهـ.
وَفِي الْمُخْتَارِ الْفَجِيعَةُ: الرَّزِيَّةُ وَقَدْ فَجَعَتْهُ الْمُصِيبَةُ أَيْ أَوْجَعَتْهُ وَبَابُهُ قَطَعَ وَفَجَّعَتْهُ أَيْضًا تَفْجِيعًا وَتَفَجَّعَ لَهُ أَيْ تَوَجَّعَ. (قَوْلُهُ: أَوْ لِلتَّعَبُّدِ) وَهُوَ اصْطِلَاحًا مَا لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ عِبَادَةً كَانَ أَوْ غَيْرَهَا فَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ لَا يُقَالُ فِيهَا تَعَبُّدٌ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْعِبَادَاتِ الْمَحْضَةِ غَيْرُ ظَاهِرٍ. اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَتَحْصِينًا لَهَا إلَخْ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ أَيْ حِفْظًا وَهَذَا بَيَانٌ لِحِكْمَتِهَا فِي الْأَصْلِ، وَإِلَّا فَقَدْ تَكُونُ لِلتَّعَبُّدِ كَالصَّغِيرَةِ وَالْآيِسَةِ. اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: تَجِبُ عِدَّةٌ بِوَطْءِ شُبْهَةٍ) أَيْ لَا تُوجِبُ الْحَدَّ عَلَى الْوَاطِئِ، وَإِنْ أَوْجَبَهُ عَلَى الْمَوْطُوءَةِ كَمَا لَوْ زَنَى الْمُرَاهِقُ بِبَالِغَةٍ أَوْ الْمَجْنُونُ بِعَاقِلَةٍ إلَّا الْمُكْرَهُ؛ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ، وَإِنْ لَمْ يُوجِبْ الْحَدَّ هُوَ زِنًا فَلَا يُوجِبُ الْعِدَّةَ وَلَا يُثْبِتُ النَّسَبَ. اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى الزِّنَا بِامْرَأَةٍ فَحَمَلَتْ مِنْهُ لَمْ يَلْحَقْهُ الْوَلَدُ؛ لِأَنَّا لَا نَعْرِفُ كَوْنَهُ مِنْهُ، وَالشَّرْعُ مَنَعَ نَسَبَهُ مِنْهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي وَسِيطِهِ وَلِأَنَّهُ وَطْءٌ مُحَرَّمٌ وَيُفَارِقُ وَطْءَ الشُّبْهَةِ بِأَنَّ ثُبُوتَ النَّسَبِ فِيهِ إنَّمَا جَاءَ مِنْ جِهَةِ ظَنِّ الْوَاطِئِ وَلَا ظَنَّ هَاهُنَا وَوَطِئَ الْأَبُ جَارِيَةَ ابْنِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّ شُبْهَةَ الْمِلْكِ فِيهَا قَامَتْ مَقَامَ الظَّنِّ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي مِنْ لُحُوقِهِ بِهِ ضَعِيفٌ. انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: بِوَطْءِ شُبْهَةٍ) أَيْ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَتْ هِيَ زَانِيَةً وَمِثْلُهُ اسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي الْقُبُلِ أَوْ الدُّبُرِ. اهـ شَيْخُنَا وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: وَاسْتِدْخَالُ مَنِيِّهِ أَيْ وَلَوْ فِي الدُّبُرِ أَوْ مِنْ مَجْبُوبٍ أَوْ خَصِيٍّ أَوْ غَيْرِ مُسْتَحْكِمٍ لَا مِنْ مَمْسُوحٍ وَالْمُرَادُ الْمَنِيُّ الْمُحْتَرَمُ بِأَنْ لَا يَكُونَ حَالَ خُرُوجِهِ مُحَرَّمًا لِذَاتِهِ فِي ظَنِّهِ أَوْ فِي الْوَاقِعِ فَشَمِلَ الْخَارِجَ بِوَطْءِ زَوْجَتِهِ فِي الْحَيْضِ مَثَلًا أَوْ بِاسْتِمْنَائِهِ بِيَدِهَا أَوْ بِوَطْءِ أَجْنَبِيَّةٍ يَظُنُّهَا حَلِيلَتَهُ أَوْ عَكْسَهُ أَوْ بِوَطْءِ شُبْهَةٍ كَنِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ بِوَطْءِ الْأَبِ أَمَةَ وَلَدِهِ وَلَوْ مَعَ عِلْمِهِ بِهَا فَإِذَا اسْتَدْخَلَتْهُ امْرَأَةٌ وَلَوْ أَجْنَبِيَّةً عَالِمَةً بِحَالِهِ وَجَبَ بِهِ الْعِدَّةُ وَلَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ الْحَاصِلُ مِنْهُ كَالْحَاصِلِ مِنْ ذَلِكَ الْوَطْءِ وَخَرَجَ بِذَلِكَ الْحَرَامُ فِي ظَنِّهِ، وَالْوَاقِعُ مَعًا كَالزِّنَا وَالِاسْتِمْنَاءِ بِيَدِ غَيْرِ حَلِيلَتِهِ، وَأَلْحَقَ شَيْخُنَا الْخَارِجَ بِالنَّظَرِ أَوْ الْفِكْرِ الْمُحَرَّمِ فَلَا عِبْرَةَ بِاسْتِدْخَالِهِ وَلَوْ مِنْ زَوْجَتِهِ، وَإِنْ ظَنَّتْهُ غَيْرَ مُحَرَّمٍ كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا لَكِنْ تَقَدَّمَ عَنْ الزَّرْكَشِيّ أَنَّ الْوَلَدَ الْحَاصِلَ بِهِ مِنْ زَوْجَتِهِ لَاحِقٌ بِهِ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ مِنْ حَيْثُ الْفِرَاشُ وَبِمَا ذَكَرَ عُلِمَ أَنَّهُ كَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ إسْقَاطَ الضَّمِيرِ فِي مَنِيِّهِ فَتَأَمَّلْ اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِفُرْقَةِ زَوْجٍ) أَيْ يُنْسَبُ لَهُ الْوَلَدُ بِأَنْ كَانَ فَحْلًا أَوْ خَصِيًّا أَوْ مَجْبُوبًا لَا مَمْسُوحًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُنْسَبُ لَهُ الْوَلَدُ. اهـ مِنْ الْحَلَبِيِّ وَقَوْلُهُ: لَا مَمْسُوحًا أَيْ وَلَوْ سَاحَقَهَا حَتَّى نَزَلَ مَاؤُهُ فِي فَرْجِهَا. اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمَذْكُورِ كَالرِّدَّةِ وَالْمِلْكِ. (قَوْلُهُ: دَخَلَ مَنِيُّهُ الْمُحْتَرَمُ) شَمِلَ كَلَامُهُ مَنِيَّ الْمَجْبُوبِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِلْعُلُوقِ مِنْ مُجَرَّدِ إيلَاجٍ قُطِعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute