للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى) بِدَيْنٍ (مُؤَجَّلٍ) وَإِنْ كَانَ بِهِ بَيِّنَةٌ إذْ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا إلْزَامٌ فِي الْحَالِّ فَلَوْ كَانَ بَعْضُهُ حَالًّا وَبَعْضُهُ مُؤَجَّلًا صَحَّتْ الدَّعْوَى بِهِ لِاسْتِحْقَاقِ الْمُطَالَبَةِ بِبَعْضِهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمُؤَجَّلُ فِي عَقْدٍ وَقَصَدَ بِدَعْوَاهُ لَهُ تَصْحِيحَ الْعَقْدِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا مُسْتَحِقٌّ فِي الْحَالِّ.

(فَصْلٌ) فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِجَوَابِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ.

لَوْ (أَصَرَّ عَلَى سُكُوتِهِ عَنْ جَوَابِ الدَّعْوَى

ــ

[حاشية الجمل]

لِسَبَبِ الْمِلْكِ كَإِرْثٍ وَشِرَاءٍ فَلَا يَكْفِي مُطْلَقُ الْمِلْكِ لِأَنَّا لَا نَأْمَنُ أَنْ يَعْتَمِدَ الشَّاهِدُ ظَاهِرَ الْيَدِ وَفَارَقَ غَيْرَهُ كَثَوْبٍ وَدَارٍ بِأَنَّ أَمْرَ الرِّقِّ خَطَرٌ فَاحْتِيطَ فِيهِ وَبِأَنَّ الْمَالَ مَمْلُوكٌ فَلَا تُغَيِّرُ دَعْوَاهُ وَصْفَهُ بِخِلَافِ اللَّقِيطِ لِأَنَّهُ حُرٌّ ظَاهِرًا أَوْ يُقِرُّ بَعْدَ كَمَالِهِ وَلَمْ يُكَذِّبْهُ الْمُقَرُّ لَهُ وَلَمْ يُسْبَقْ إقْرَارُهُ بَعْدَ كَمَالِهِ بِحُرِّيَّةٍ فَيُحْكَمُ بِرِقِّهِ فِي الصُّورَتَيْنِ وَإِنْ سَبَقَ مِنْهُ تَصَرُّفٌ يَقْتَضِيهَا كَبَيْعٍ وَنِكَاحٍ نَعَمْ إنْ وُجِدَ بِدَارِ حَرْبٍ لَا مُسْلِمَ فِيهَا وَلَا ذَمِّي فَرَقِيقٌ كَسَائِرِ صِبْيَانِهِمْ وَنِسَائِهِمْ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَكَلَامُهُمْ يَقْتَضِيهِ أَمَّا إذَا أَقَرَّ بِهِ لِمُكَذِّبِهِ أَوْ سُبِقَ إقْرَارُهُ بِالْحُرِّيَّةِ فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِالرِّقِّ وَإِنْ عَادَ الْمُكَذِّبُ وَصَدَّقَهُ لِأَنَّهُ لَمَّا كَذَّبَهُ حُكِمَ بِحُرِّيَّتِهِ بِالْأَصْلِ فَلَا يَعُودُ رَقِيقًا انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَجَوَابُ دَعْوَى مَنْ ادَّعَى دَيْنًا مُؤَجَّلًا وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَجَلَ لَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُهُ الْآنَ وَيَحْلِفُ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَجَلَ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ تَصْحِيحٌ لِلدَّعْوَى لِأَنَّ الدَّعْوَى بِمُؤَجَّلٍ لَمْ تُسْمَعْ كَمَا مَرَّ وَفِي جَوَازِ إنْكَارِ اسْتِحْقَاقِهِ أَيْ الْمُدَّعِي لِذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ: لَا شَيْءَ لَهُ عَلَيَّ وَجْهَانِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْمَذْهَبُ الْمَنْعُ كَمَا حَكَاهُ شُرَيْحٌ الرُّويَانِيُّ عَنْ جَدِّهِ اهـ سم وَلَوْ ادَّعَى دَيْنًا عَلَى مُعْسِرٍ وَقَصَدَ إثْبَاتَهُ لِيُطَالِبَهُ بِهِ إذَا أَيْسَرَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا تُسْمَعُ مُطْلَقًا وَاعْتَمَدَهُ الْغَزِّيِّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ اقْتَضَى مَا قَرَرْنَاهُ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ سَمَاعَهَا لِأَنَّ الْقَصْدَ إثْبَاتُهُ ظَاهِرًا مَعَ كَوْنِهِ مُسْتَحِقًّا قَبْضَهُ حَالًّا بِتَقْدِيرِ يَسَارِهِ الْقَرِيبِ عَادَةً اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ مُطْلَقًا مِنْ هَذَا يُؤْخَذُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَهِيَ أَنَّ شَخْصًا تَقَرَّرَ فِي نِظَارَةِ وَقْفٍ مِنْ أَوْقَافِ الْمُسْلِمِينَ فَوَجَدَهُ خَرَابًا ثُمَّ إنَّهُ عَمَّرَهُ عَلَى الْوَجْهِ اللَّائِقِ بِهِ ثُمَّ سَأَلَ الْقَاضِيَ بَعْدَ الْعِمَارَةِ فِي نُزُولِ كَشْفٍ عَلَى الْمَحِلِّ وَتَحْرِيرِ الْعِمَارَةِ وَكِتَابَةِ حُجَّةٍ بِذَلِكَ فَأَجَابَهُ لِذَلِكَ وَعَيَّنَ مَعَهُ كَشَّافًا وَشُهُودًا وَمُهَنْدِسِينَ فَقَطَعُوا قِيمَةَ الْعِمَارَةِ الْمَذْكُورَةِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا نِصْفٌ فِضَّةٌ وَأَخْبَرُوا الْقَاضِيَ بِذَلِكَ فَكَتَبَ لَهُ بِذَلِكَ حُجَّةً لِيَقْطَعَ عَلَى الْمُسْتَحَقِّينَ مَعَالِيمَهُمْ وَيَمْنَعَ مَنْ يُرِيدُ أَخْذَ الْوَقْفِ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمِقْدَارَ الْمَذْكُورَ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ وَهُوَ أَنَّهُ لَا يُعْمَلُ بِالْحُجَّةِ وَلَا يُجِيبُهُ لِذَلِكَ لِكَوْنِهِ لَمْ يُطَالَبْ بِشَيْءٍ إذْ ذَاكَ وَلَا وَقَعْت عَلَيْهِ دَعْوَى، وَالْكِتَابَةُ إنَّمَا تَكُونُ لِدَفْعِ مَا طُلِبَ مِنْهُ وَادُّعِيَ بِهِ عَلَيْهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مَوْجُودًا هُنَا وَطَرِيقُهُ فِي إثْبَاتِ الْعِمَارَةِ الْمَذْكُورَةِ أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً فَتَشْهَدَ لَهُ بِمَا صَرَفَهُ يَوْمًا فَيَوْمًا مَثَلًا وَيَكُونَ ذَلِكَ جَوَابًا لِدَعْوَى مُلْزِمَةٍ ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِيمَا صَرَفَهُ بِيَمِينِهِ حَيْثُ ادَّعَى قَدْرًا لَائِقًا وَسَاغَ لَهُ صَرْفُهُ بِأَنْ كَانَ لَهُ مَصْلَحَةٌ وَأَذِنَ الْقَاضِي لَهُ فِيمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنٍ كَالْقَرْضِ عَلَى الْوَقْفِ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ أَوْ مِنْ مَالِهِ إنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنَّ لِلنَّاظِرِ اقْتِرَاضَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْحَالُ مِنْ الْعِمَارَةِ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانٍ اهـ ع ش عَلَيْهِ.

(تَنْبِيهٌ) بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ الدَّعْوَى بِنَحْوِ رِيعِ وَقْفٍ تَكُونُ عَلَى النَّاظِرِ لَا عَلَى الْمُسْتَحِقِّ وَإِنْ حَضَرَ إلَّا فِي وَقْفٍ عَلَى جَمَاعَةٍ مُعَيَّنِينَ سَوَاءٌ شُرِطَ النَّظَرُ لِكُلٍّ فِي حِصَّتِهِ أَوْ لِلْقَاضِي الْمُدَّعَى عِنْدَهُ، وَالدَّعْوَى عَلَيْهِمْ إنْ حَضَرُوا أَوْ عَلَى الْحَاضِرِ مِنْهُمْ لَكِنْ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ إعْلَامِ الْجَمِيعِ بِالْحَالِ وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ الدَّعْوَى عَلَى الْوَرَثَةِ أَوْ بَعْضِهِمْ

(تَنْبِيهٌ) قَالَ شَيْخُنَا: وَاَلَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ رَأْيُ السُّبْكِيّ أَنَّ الْحَاكِمَ وَلَوْ حَنَفِيًّا لَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى نَائِبِهِ دَعْوَى لِبَيْتِ الْمَالِ أَوْ نَحْوِ يَتِيمٍ أَوْ مَحْجُورٍ تَحْتَ نَظَرِهِ أَوْ وَقْفٍ كَذَلِكَ بَلْ يَنْصِبُ الْحَاكِمُ مُدَّعِيًا وَمُدَّعًى عَلَيْهِ عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَ غَيْرِهِ فَرَاجِعْهُ وَتَأَمَّلْهُ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ.

(قَوْلُهُ: إذْ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا إلْزَامٌ فِي الْحَالِ) أَيْ وَتَقَدَّمَ أَنَّ مِنْ شَرْطِ الدَّعْوَى أَنْ تَكُونَ مُلْزِمَةً فِي الْحَالِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَ بَعْضُهُ حَالًّا إلَخْ) وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ صِحَّةَ الدَّعْوَى بِقَتْلٍ خَطَأٍ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ عَلَى الْقَاتِلِ وَإِنْ اسْتَلْزَمَتْ الدِّيَةَ مُؤَجَّلَةً لِأَنَّ الْقَصْدَ ثُبُوتُ الْقَتْلِ وَمِنْ ثَمَّ صَحَّتْ دَعْوَى عَقْدٍ بِمُؤَجَّلٍ قُصِدَ بِهَا تَصْحِيحُ أَصْلِ الْعَقْدِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا مُسْتَحَقٌّ فِي الْحَالِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: قَالَ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمُؤَجَّلُ إلَخْ) مِثْلُهُ فِي شَرْحَيْ م ر وحج.

[فَصْلٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِجَوَابِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ]

(فَصْلٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِجَوَابِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَخْ) لَمَّا بَيَّنَ فِيمَا سَبَقَ كَيْفِيَّةَ الدَّعْوَى بَيَّنَ هُنَا كَيْفِيَّةَ الْجَوَابِ أَيْ فِي بَيَانِ الْجَوَابِ وَمَا يَكْفِي فِيهِ وَمَا لَا يَكْفِي أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ وَمَا قَبْلَ إقْرَارِ رَقِيقٍ بِهِ. إلَخْ (قَوْلُهُ: لَوْ أَصَرَّ عَلَى سُكُوتِهِ عَنْ جَوَابِ الدَّعْوَى) أَيْ، وَالْحَالُ أَنَّهُ عَارِفٌ أَوْ جَاهِلٌ وَنُبِّهَ وَلَمْ يَتَنَبَّهْ كَمَا أَفَادَ ذَلِكَ كُلَّهُ قَوْلُهُ: أَصَرَّ اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>