فَيَضْمَنُهُ مَنْ خَتَنَهُ بِالْقَوَدِ أَوْ بِالْمَالِ بِشَرْطِهِ لِتَعَدِّيهِ (وَمُؤْنَتُهُ) أَيْ الْخَتْنِ هِيَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَأُجْرَتُهُ (فِي مَالِ مَخْتُونٍ) لِأَنَّهُ لِمَصْلَحَتِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَعَلَى مَنْ عَلَيْهِ مُؤْنَتُهُ.
(فَصْلٌ)
فِيمَا تُتْلِفُهُ الدَّوَابُّ مَنْ (صَحِبَ دَابَّةً) وَلَوْ مُسْتَأْجِرًا أَوْ مُسْتَعِيرًا أَوْ غَاصِبًا (ضَمِنَ مَا أَتْلَفَتْهُ) نَفْسًا وَمَالًا لَيْلًا وَنَهَارًا سَوَاءٌ أَكَانَ سَائِقُهَا أَمْ رَاكِبُهَا أَمْ قَائِدُهَا لِأَنَّهَا فِي يَدِهِ وَعَلَيْهِ تَعَهُّدُهَا وَحِفْظُهَا وَأَشَرْت بِزِيَادَتِي (غَالِبًا) إلَى أَنَّهُ قَدْ لَا يَضْمَنُ كَأَنْ أَرْكَبَهَا أَجْنَبِيٌّ بِغَيْرِ إذْنِ
ــ
[حاشية الجمل]
فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ لِأَنَّ ظَنَّ ذَلِكَ لَا يُبِيحُ لَهُ الْإِقْدَامَ بِوَجْهٍ فَلَا شُبْهَةَ وَلَيْسَ كَقَطْعِ يَدِ سَارِقٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ لِإِهْدَارِهِ بِالنِّسْبَةِ لِكُلِّ أَحَدٍ مَعَ تَعَدِّي السَّارِقِ بِخِلَافِهِ هُنَا نَعَمْ إنْ ظَنَّ الْجَوَازَ وَعُذِرَ بِجَهْلِهِ فَالْقِيَاسُ عَدَمُ وُجُوبِ الْقَوَدِ وَكَذَا خَاتِنٌ بِإِذْنِ أَجْنَبِيٍّ ظَنَّهُ وَلِيًّا فِيمَا يَظْهَرُ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَيْضًا فَيَضْمَنُ لِتَعَدِّيهِ) أَيْ يَضْمَنُهُ بِالدِّيَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ إهْلَاكَهُ اهـ وَتَقَدَّمَ عَنْ ع ش عَلَى م ر أَنَّهُ يَضْمَنُ ضَمَانَ شِبْهِ الْعَمْدِ (قَوْلُهُ: فَيَضْمَنُهُ مَنْ خَتَنَهُ) يُحْتَمَلُ تَقْيِيدُهُ فِيمَا إذَا كَانَ الَّذِي خَتَنَهُ مَأْذُونَ الْوَلِيِّ بِمَا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا يُطِيقُ فَإِنْ جَهِلَ ذَلِكَ وَاحْتَمَلَ فَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بَلْ عَلَى الْوَلِيِّ كَمَا فِي الْجَلَّادِ مَعَ الْإِمَامِ وَعَلَى هَذَا فَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُهُ: فِي دَعْوَاهُ جَهْلَهُ بِذَلِكَ لَا يَبْعُدُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ: عِنْدَ الِاحْتِمَالِ اهـ سم (قَوْلُهُ: بِالْقَوَدِ أَوْ بِالْمَالِ بِشَرْطِهِ) شَرْطُ الْقَوَدِ الْمُكَافَأَةُ وَشَرْطُ الْمَالِ أَنْ يَكُونَ مَعْصُومًا، وَالْخَاتِنُ مُلْتَزِمًا لِلْأَحْكَامِ تَأَمَّلْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَصْلٌ فِيمَا تُتْلِفُهُ الدَّوَابُّ مَنْ]
(فَصْلٌ فِيمَا تُتْلِفُهُ الدَّوَابُّ)
أَيْ وَمَا يَتْبَعُهُ كَمَنْ حَمَلَ حَطَبًا عَلَى ظَهْرِهِ وَدَخَلَ بِهِ سُوقًا وَإِنْ أُرِيدَ بِالدَّابَّةِ مَا يَشْمَلُ الْآدَمِيَّ دَخَلَتْ هَذِهِ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: مَنْ صَحِبَ دَابَّةً. . . إلَخْ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر مَنْ كَانَ مَعَ دَابَّةٍ أَوْ دَوَابَّ فِي طَرِيقٍ مَثَلًا وَلَوْ مَقْطُورَةً سَائِقًا أَوْ قَائِدًا أَوْ رَاكِبًا مَثَلًا سَوَاءٌ أَكَانَتْ يَدُهُ عَلَيْهَا بِحَقٍّ أَوْ بِغَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكَلَّفًا أَوْ حُرًّا أَذِنَ سَيِّدُهُ أَمْ لَا كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ وَيَتَعَلَّقُ مُتْلِفُهَا بِرَقَبَتِهِ فَقَطْ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَلُقَطَةٍ أَقَرَّهَا مَالِكُهَا بِيَدِهِ فَتَلِفَتْ فَإِنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ وَبَقِيَّةُ أَمْوَالِ السَّيِّدِ بِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ ثَمَّ بِتَرْكِهَا بِيَدِهِ الْمُنَزَّلَةِ مَنْزِلَةَ يَدِ الْمَالِكِ يُعَدُّ عِلْمُهُ بِهَا وَلَا كَذَلِكَ هُنَا وَدَعْوَى أَنَّ الْقِنَّ لَا يَدَ لَهُ مَمْنُوعَةٌ بِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْيَدِ هُنَا الْمُقْتَضِيَةَ لِلْمِلْكِ بَلْ الْمُقْتَضِيَةَ لِلضَّمَانِ وَهُوَ بِهَذَا الْمَعْنَى لَهُ يَدٌ كَمَا لَا يَخْفَى ضَمِنَ إتْلَافَهَا بِجُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهَا نَفْسًا عَلَى الْعَاقِلَةِ وَمَالًا فِي مَالِهِ لَيْلًا وَنَهَارًا لِأَنَّ فِعْلَهَا مَنْسُوبٌ إلَيْهِ وَعَلَيْهِ تَعَهُّدُهَا وَحِفْظُهَا وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا فِي طَرِيقٍ مَثَلًا مَنْ دَخَلَ دَارًا بِهَا كَلْبٌ عَقُورٌ فَعَقَرَهُ أَوْ دَابَّةٌ فَرَفَسَتْهُ فَلَا يَضْمَنُهُ صَاحِبُهَا إنْ عَلِمَ بِهِمَا وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي دُخُولِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا جَهِلَ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الدُّخُولِ ضَمِنَهُ وَإِلَّا فَلَا وَبِخِلَافِ الْخَارِجِ مِنْهُمَا عَنْ الدَّارِ وَلَوْ بِجَانِبِ بَابِهَا لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ أَيْ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ طَرِيقٌ إلَّا عَلَيْهِ أَوْ كَانَ أَعْمَى وَخَرَجَ بِهِ أَيْضًا رَبْطُهَا بِمَوَاتٍ أَوْ مِلْكِهِ فَلَا يَضْمَنُ بِهِ مُتْلِفُهَا بِالِاتِّفَاقِ وَلَوْ أَجَّرَهُ دَارًا إلَّا بَيْتًا مُعَيَّنًا فَأَدْخَلَ دَابَّتَهُ فِيهِ وَتَرَكَهُ مَفْتُوحًا فَخَرَجَتْ وَأَتْلَفَتْ مَالًا لِلْمُكْتَرِي لَمْ يَضْمَنْهُ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مَعَ دَابَّةٍ مَا لَوْ انْفَلَتَتْ مِنْهُ بَعْدَ إحْكَامِ نَحْوِ رَبْطِهَا وَأَتْلَفَتْ شَيْئًا فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ وَمَا لَوْ كَانَ رَاكِبُهَا يَقْدِرُ عَلَى ضَبْطِهَا فَاتَّفَقَ أَنَّهَا غَلَبَتْهُ لِنَحْوِ قَطْعِ عَنَانٍ وَثِيقٍ وَأَتْلَفَتْ شَيْئًا لَمْ يَضْمَنْ عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الضَّمَانُ وَمَا لَوْ كَانَ مَعَ دَوَابَّ رَاعٍ فَتَفَرَّقَتْ لِنَحْوِ هَيَجَانِ رِيحٍ أَوْ ظُلْمَةٍ لَا لِنَحْوِ نَوْمٍ وَأَفْسَدَتْ زَرْعًا فَلَا يَضْمَنُهُ كَمَا لَوْ نَدَّ بَعِيرُهُ أَوْ انْفَلَتَتْ دَابَّتُهُ مِنْ يَدِهِ وَأَفْسَدَتْ شَيْئًا وَمَا لَوْ رَبَطَهَا بِطَرِيقٍ مُتَّسِعٍ بِإِذْنِ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ كَمَا لَوْ حَفَرَ فِيهِ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ انْتَهَتْ.
(فَرْعٌ)
لَوْ كَانَ رَاكِبًا حِمَارَةً مَثَلًا وَوَرَاءَهَا جَحْشٌ فَأَتْلَفَ شَيْئًا ضَمِنَهُ كَذَا فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اهـ سم اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَيْضًا مَنْ صَحِبَ دَابَّةً. . . إلَخْ) الْمُرَادُ الْمُصَاحَبَةُ الْعُرْفِيَّةُ لِيَشْمَلَ مَا لَوْ رَعَى الْبَقَرَ فِي الصَّحْرَاءِ فَهُوَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يُعَدُّ مُصَاحِبًا اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُسْتَأْجِرًا) أَيْ أَوْ مُودِعًا أَوْ مُرْتَهِنًا أَوْ عَامِلَ قِرَاضٍ كَمَا يَأْتِي لَهُ آخِرَ الْفَصْلِ (قَوْلُهُ: أَوْ غَاصِبًا) أَيْ أَوْ مُكْرَهًا بِفَتْحِ الرَّاءِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُكْرِهِ بِكَسْرِهَا لِأَنَّهُ إنَّمَا أَكْرَهَهُ عَلَى رُكُوبِ الدَّابَّةِ لَا عَلَى إتْلَافِ الْمَالِ وَبِهَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى إتْلَافِ الْمَالِ حَيْثُ قِيلَ فِيهِ أَنَّ كُلًّا طَرِيقٌ فِي الضَّمَانِ، وَالْقَرَارُ عَلَى الْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ لَكِنْ نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا ز ي بِالدَّرْسِ أَنَّ قَرَارَ الضَّمَانِ عَلَى الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ، وَأَنَّ الْمُكْرَهَ طَرِيقٌ فِي الضَّمَانِ وَعَلَيْهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِكْرَاهِ عَلَى الْإِتْلَافِ وَعَلَى الرُّكُوبِ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: ضَمِنَ مَا أَتْلَفَتْهُ) أَيْ وَلَوْ صَيْدَ حُرُمٍ أَوْ شَجَرِهِ اهـ (قَوْلُهُ: نَفْسًا وَمَالًا) ضَمَانُ النَّفْسِ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَضَمَانُ الْمَالِ عَلَيْهِ اهـ ز ي (قَوْلُهُ: كَأَنْ أَرْكَبَهَا أَجْنَبِيٌّ. . . إلَخْ) أَيْ وَكَمَا لَوْ كَانَ مَعَ الدَّوَابِّ رَاعٍ فَهَاجَتْ رِيحٌ وَأَظْلَمَ النَّهَارُ فَتَفَرَّقَتْ الدَّوَابُّ وَوَقَعَتْ فِي زَرْعٍ وَأَفْسَدَتْهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الرَّاعِي فِي الْأَظْهَرِ لِلْغَلَبَةِ كَمَا لَوْ نَدَّ بَعِيرُهُ أَوْ انْفَلَتَتْ دَابَّتُهُ مِنْ يَدِهِ وَأَفْسَدَتْ شَيْئًا اهـ س ل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute