وَخَرَجَ بِرَمَضَانَ غَيْرُهُ فَلَا إمْسَاكَ فِيهِ كَنَذْرٍ وَقَضَاءٍ لِأَنَّ وُجُوبَ الصَّوْمِ فِي رَمَضَانَ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ وَلِهَذَا لَا يُقْبَلُ غَيْرُهُ بِخِلَافِ أَيَّامِ غَيْرِهِ ثُمَّ الْمُمْسِكُ لَيْسَ فِي صَوْمٍ شَرْعِيٍّ وَإِنْ أُثِيبَ عَلَيْهِ فَلَوْ ارْتَكَبَ فِيهِ مَحْظُورًا لَمْ يَلْزَمْهُ سِوَى الْإِثْمُ
(فَصْلٌ) فِي فِدْيَةِ فَوْتِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ (مَنْ فَاتَهُ) مِنْ الْأَحْرَارِ (صَوْمٌ وَاجِبٌ) وَلَوْ نَذْرًا أَوْ كَفَّارَةً (فَمَاتَ قَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِنْ قَضَائِهِ فَلَا تَدَارُكَ) لِلْفَائِتِ (وَلَا إثْمَ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (إنْ فَاتَ بِعُذْرٍ) كَمَرَضٍ اسْتَمَرَّ إلَى الْمَوْتِ فَإِنْ فَاتَ بِلَا عُذْرٍ أَثِمَ وَوَجَبَ تَدَارُكُهُ بِمَا سَيَأْتِي (أَوْ) مَاتَ (بَعْدَهُ) سَوَاءٌ أَفَاتَهُ بِعُذْرٍ أَوْ بِغَيْرِهِ (أُخْرِجَ مِنْ تَرِكَتِهِ لِكُلِّ يَوْمٍ) فَاتَ صَوْمُهُ (مُدٌّ) وَهُوَ رِطْلٌ وَثُلُثٌ كَمَا مَرَّ وَبِالْكَيْلِ الْمِصْرِيِّ نِصْفُ قَدَحٍ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامُ شَهْرٍ
ــ
[حاشية الجمل]
فَوْرًا فَلْيُرَاجَعْ شَرْحُ الْمُهَذَّبِ. اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِرَمَضَانَ) أَيْ الْمَذْكُورِ صَرِيحًا فِي قَوْلِهِ إمْسَاكٌ فِي رَمَضَانَ الْمُتَعَلِّقُ بِالْمَسَائِلِ الْخَمْسَةِ وَالْمَذْكُورِ ضِمْنًا فِي الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ: وَيَلْزَمُ مَنْ أَخْطَأَ بِفِطْرِهِ، فَالضَّمِيرُ فِي يَلْزَمُ رَاجِعٌ عَلَى الْإِمْسَاكِ بِقَيْدِ كَوْنِهِ فِي رَمَضَانَ كَمَا صَنَعَ الشَّرْحُ فِي حَلِّهِ فَقَوْلُهُ: فَلَا إمْسَاكَ فِيهِ أَيْ لَا وَاجِبَ وَلَا مَنْدُوبَ لَكِنَّ نَفْيَ الْإِمْسَاكِ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ فِي صُوَرِ النَّدْبِ فِي رَمَضَانَ لَا يَتَأَتَّى فِي جَمِيعِهَا إذْ لَا يَتَأَتَّى فِي إسْلَامِ الْكَافِرِ وَلَا إفَاقَةِ الْمَجْنُونِ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يُسْلِمَ وَهُوَ صَائِمٌ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ، وَالْمَجْنُونَ لَا يُفِيقُ وَهُوَ صَائِمٌ أَيْضًا تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: لَيْسَ فِي صَوْمٍ شَرْعِيٍّ) بِخِلَافِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ فَإِنَّهُ فِي صَلَاةٍ شَرْعِيَّةٍ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَفْقُودَ هُنَا رُكْنٌ وَهُنَاكَ شَرْطٌ اهـ. شَرْحُ م ر اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَمَعَ ذَلِكَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَثْبُتُ لَهُ أَحْكَامُ الصَّائِمِينَ فَيُكْرَهُ لَهُ شَمُّ الرَّيَاحِينِ وَنَحْوِهَا وَيُؤَيِّدُهُ كَرَاهَةُ السِّوَاكِ فِي حَقِّهِ بَعْدَ الزَّوَالِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِيهِ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
[فَصْلٌ فِي فِدْيَةِ فَوْتِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ]
(فَصْلٌ فِي فِدْيَةِ فَوْتِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ) أَيْ وُجُودًا وَعَدَمًا أَيْ فِي بَيَانِ مَا يُوجِبُهَا وَمَا لَا يُوجِبُهَا وَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ فِي التَّرْجَمَةِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا مِنْ قَوْلِهِ لَا مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَلَاةٌ أَوْ اعْتِكَافٌ كَمَا زَادَهُ ع ش عَلَى م ر وَمِنْ الْكَلَامِ عَلَى الْكَفَّارَةِ بِقَوْلِهِ وَيَجِبُ مَعَ قَضَاءِ كَفَّارَةٍ. . إلَخْ الْفَصْلُ كَمَا زَادَهُ ع ش هُنَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْفِدْيَةَ لَا تَشْمَلُ الْكَفَّارَةَ بَلْ هِيَ غَيْرُهَا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ التَّحْرِيرِ حَيْثُ قَالَ بَابُ الْكَفَّارَةِ وَعَدَّ مِنْهَا كَفَّارَةَ الْجِمَاعِ فِي رَمَضَانَ ثُمَّ قَالَ بَابُ الْفِدْيَةِ هِيَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ الْأَوَّلُ مُدٌّ لِإِفْطَارٍ فِي رَمَضَانَ لِحَمْلٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ كِبَرٍ وَلِتَأْخِيرِ قَضَاءِ رَمَضَانَ بِلَا عُذْرٍ إلَى رَمَضَانَ آخَرَ الثَّانِي مُدَّانِ لِإِزَالَةِ شَعْرَتَيْنِ فِي الْإِحْرَامِ الثَّالِثُ لِقَتْلِ صَيْدٍ وَوَطْءٍ اهـ. بِاخْتِصَارٍ وَقَوْلُهُ: وَالْوَاجِبُ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ لَا لِلِاحْتِرَازِ اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: مِنْ الْأَحْرَارِ) لَيْسَ قَيْدًا وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ أُخْرِجَ مِنْ تَرِكَتِهِ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدٌّ وَحِينَئِذٍ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْحُرِّ وَالرَّقِيقِ فَلِلْقَرِيبِ أَنْ يَصُومَ عَنْهُ أَوْ يُطْعِمَ؛ لِأَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الرَّقِيقَ إذَا مَاتَ وَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُطْعِمَ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا تَرِكَةَ لَهُ وَقِيَاسُهُ أَنَّ الْقَرِيبَ فِيهِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الصَّوْمِ وَبَيْنَ الْإِطْعَامِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: أَيْضًا مِنْ الْأَحْرَارِ) أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا أَخْذًا مِنْ تَعْلِيلِ الِاحْتِرَازِ عَنْ الرَّقِيقِ بِأَنَّهُ لَا تَرِكَةَ لَهُ فَيَخْرُجُ عَنْ الْمُبَعَّضِ فَإِنَّهُ يُورَثُ عَنْهُ مَا مَلَكَهُ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ وَتُخْرَجُ مِنْهُ دُيُونُهُ وَمِنْهَا الْفِدْيَةُ فَيُخْرَجُ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ فَاتَهُ مُدٌّ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: أَوْ كَفَّارَةً) أَيْ عَنْ يَمِينٍ أَوْ تَمَتُّعٍ أَوْ قَتْلٍ أَوْ ظِهَارٍ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: فَمَاتَ قَبْلَ تَمَكُّنِهِ) الْمُرَادُ بِالتَّمَكُّنِ أَنْ يُدْرِكَ زَمَنًا قَابِلًا لِلصَّوْمِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِقَدْرِ مَا عَلَيْهِ وَلَوْ قُبَيْلَ رَمَضَانَ الثَّانِي خِلَافًا لِابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَخَرَجَ مَا لَوْ عَجَزَ فِي حَيَاتِهِ بِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يُصَامُ عَنْهُ مَا دَامَ حَيًّا وَهَلْ يَتَصَدَّقُ عَنْهُ أَوْ يُعْتِقُ رَاجِعْهُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فَلَا تَدَارَكَ لِلْفَائِتِ) أَيْ لَا بِفِدْيَةٍ وَلَا قَضَاءٍ اهـ. شَرْحُ م ر قَالَ شَيْخُنَا هَذَا قَدْ يُخَالِفُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ مَنْ أَفْطَرَ لِهَرَمٍ أَوْ عَجْزٍ عَنْ صَوْمٍ لِزَمَانَةٍ أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ وَجَبَ عَلَيْهِ مُدٌّ لِكُلِّ يَوْمٍ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَا يَأْتِي فِيمَنْ لَا يَرْجُو الْبُرْءَ وَمَا هُنَا فِي خِلَافِهِ ثُمَّ رَأَيْت فِي سم مَا نَصُّهُ لَا يُشْكِلُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ الشَّيْخُ الْهَرِمُ إذَا مَاتَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ؛ لِأَنَّ وَاجِبَهُ أَصَالَةً الْفِدْيَةُ بِخِلَافِ هَذَا ذَكَرَ الْفَرْقَ الْقَاضِي انْتَهَى اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَلَا إثْمَ) أَيْ مَا دَامَ عُذْرُهُ بَاقِيًا إنْ اسْتَمَرَّ سِنِينَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ فِي الْأَدَاءِ بِعُذْرٍ فَفِي الْقَضَاءِ بِهِ أَوْلَى اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: إنْ فَاتَ بِعُذْرٍ) قَيْدٌ فِي كُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ فَلَا تَدَارُكَ وَلَا إثْمَ اهـ. ح ل وَيَدُلُّ عَلَيْهِ صَنِيعُ الشَّرْحِ (قَوْلُهُ: كَمَرَضٍ اسْتَمَرَّ إلَى الْمَوْتِ. . . إلَخْ) أَيْ وَكَأَنْ اسْتَمَرَّ مُسَافِرًا أَوْ الْمَرْأَةُ حَامِلًا أَوْ مُرْضِعًا إلَى الْمَوْتِ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ فَاتَ بِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ وَيَأْثَمُ فِي الصُّورَتَيْنِ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر وَعِبَارَتُهُ قَوْلُهُ: وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ التَّمَكُّنِ أَيْ وَقَدْ فَاتَ بِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ أَثِمَ كَمَا أَفْهَمَهُ الْمَتْنُ، وَصَرَّحَ بِهِ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ وَأَجْرَوْا ذَلِكَ فِي كُلِّ عِبَادَةٍ وَجَبَ قَضَاؤُهَا وَأَخَّرَهَا مَعَ التَّمَكُّنِ إلَى أَنْ مَاتَ قَبْلَ الْفِعْلِ وَإِنْ ظَنَّ السَّلَامَةَ، فَيَعْصِي مَنْ أَخَّرَ زَمَنَ الْإِمْكَانِ كَالْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَعْلَم الْآخَرَ كَانَ التَّأْخِيرُ لَهُ مَشْرُوطًا بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ بِخِلَافِ الْمُوَقَّتِ الْمَعْلُومِ الطَّرَفَيْنِ لَا إثْمَ فِيهِ بِالتَّأْخِيرِ عَنْ زَمَنِ إمْكَانِ أَدَائِهِ اهـ. حَجّ انْتَهَتْ فَعُلِمَ مِنْ هَذَا وَمِنْ قَوْلِ الشَّرْحِ فَإِنْ فَاتَ بِلَا عُذْرٍ. . . إلَخْ أَنَّهُ يَأْثَمُ وَيَجِبُ التَّدَارُكُ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ وَأَنَّهُ لَا إثْمَ وَلَا تَدَارُكَ فِي صُورَةٍ وَهِيَ قَوْلُ الْمَتْنِ فَمَاتَ قَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِنْ قَضَائِهِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: أُخْرِجَ مِنْ تَرِكَتِهِ) أَيْ وُجُوبًا، وَالْإِخْرَاجُ أَفْضَلُ مِنْ الصَّوْمِ