للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ لَا تُكَلَّفُ حُضُورَ مَجْلِسِ الْحُكْمِ لِلدَّعْوَى عَلَيْهَا بَلْ وَلَا الْحُضُورَ لِلتَّحْلِيفِ إلَّا لِتَغْلِيظِ يَمِينٍ بِمَكَانٍ (، وَهِيَ مَنْ لَا يَكْثُرُ خُرُوجُهَا لِحَاجَاتٍ) كَشِرَاءِ خُبْزٍ وَقُطْنٍ وَبَيْعِ غَزْلٍ وَنَحْوِهَا وَذَلِكَ بِأَنْ لَمْ تَخْرُجْ أَصْلًا إلَّا لِضَرُورَةٍ أَوْ تَخْرُجُ قَلِيلًا لِحَاجَةٍ كَعَزَاءٍ وَزِيَارَةٍ وَحَمَّامٍ.

(بَابُ الْقِسْمَةِ) هِيَ تَمْيِيزُ الْحِصَصِ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ

وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتٌ كَآيَةِ {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ} [النساء: ٨] وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْسِمُ الْغَنَائِمَ بَيْنَ أَرْبَابِهَا»

وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَيْهَا

فَقَدْ يَتَبَرَّمُ الشَّرِيكُ مِنْ الْمُشَارَكَةِ أَوْ يَقْصِدُ الِاسْتِبْدَادَ بِالتَّصَرُّفِ (قَدْ يَقْسِمُ) الْمُشْتَرَكَ (الشُّرَكَاءُ أَوْ حَاكِمٌ وَلَوْ مَنْصُوبَهُمَا وَشَرْطُ مَنْصُوبِهِ) أَيْ الْحَاكِمِ (أَهْلِيَّتُهُ لِلشَّهَادَاتِ) فَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مُكَلَّفًا ذَكَرًا حُرًّا مُسْلِمًا عَدْلًا ضَابِطًا سَمِيعًا بَصِيرًا نَاطِقًا فَلَا يَصِحُّ نَصْبُ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ نَصْبَهُ لِذَلِكَ وِلَايَةٌ وَهَذَا لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا فَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ ذَكَرٌ حُرٌّ عَدْلٌ (وَعِلْمُهُ بِقِسْمَةٍ) وَالْعِلْمُ بِهَا يَسْتَلْزِمُ الْعِلْمَ بِالْمِسَاحَةِ وَالْحِسَابِ لِأَنَّهُمَا آلَتَاهَا وَيُعْتَبَرُ كَوْنُهُ عَفِيفًا عَنْ الطَّمَعِ وَمَعْرِفَتُهُ بِالْقِيمَةِ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ رَجَّحَ مِنْهُمَا الْإِسْنَوِيُّ نَدْبَهَا تَبَعًا لِجَزْمِ جَمَاعَةٍ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهَا سَأَلَ عَدْلَيْنِ وَرَدَّهُ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ الْمُعْتَمَدُ: اعْتِبَارُهَا فِي التَّعْدِيلِ وَالرَّدِّ أَمَّا مَنْصُوبُ الشُّرَكَاءِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ إلَّا التَّكْلِيفُ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْهُمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فَتُعْتَبَرُ فِيهِ الْعَدَالَةُ وَمُحَكَّمُهُمْ كَمَنْصُوبِ الْحَاكِمِ (وَكَذَا) يُشْتَرَطُ إمَّا (تَعَدُّدُهُ لِتَقْوِيمٍ) فِي الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّهُ شَهَادَةٌ بِالْقِيمَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا تَقْوِيمٌ كَفَى قَاسِمٌ؛ لِأَنَّ قِسْمَتَهُ تَلْزَمُ بِنَفْسِ قَوْلِهِ فَأَشْبَهَ الْحَاكِمَ وَلَا يَحْتَاجُ الْقَاسِمُ إلَى لَفْظِ الشَّهَادَةِ، وَإِنْ وَجَبَ تَعَدُّدُهُ؛ لِأَنَّهَا تَسْتَنِدُ إلَى عَمَلٍ مَحْسُوسٍ (أَوْ جَعْلُهُ) بِأَنْ يَجْعَلَهُ الْحَاكِمُ (حَاكِمًا فِيهِ) أَيْ فِي التَّقْوِيمِ فَيَقْسِمُ وَحْدَهُ.

ــ

[حاشية الجمل]

قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ، وَلَوْ كَانَتْ بَرْزَةً ثُمَّ لَازَمَتْ الْخِدْرَ فَكَالْفَاسِقِ إذَا تَابَ فَيُعْتَبَرُ مُضِيُّ سَنَةٍ اهـ شَرْحُ م ر

(قَوْلُهُ أَيْ لَا تُكَلَّفُ حُضُورَ مَجْلِسِ الْحُكْمِ لِلدَّعْوَى عَلَيْهَا) أَيْ بَلْ لَهَا أَنْ تُوَكِّلَ مَنْ يُخَاصِمُ عَنْهَا وَقَوْلُهُ بَلْ وَلَا الْحُضُورَ لِلتَّحْلِيفِ أَيْ بَلْ يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يُرْسِلَ إلَيْهَا مَنْ يُحَلِّفَهَا فِي مَحَلِّهَا اهـ شَرْحُ م ر.

[بَابُ الْقِسْمَةِ]

(بَابُ الْقِسْمَةِ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَسُكُونِ السِّينِ (قَوْلُهُ هِيَ تَمْيِيزُ الْحِصَصِ إلَخْ) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مَعْنَاهَا لُغَةً وَاصْطِلَاحًا وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهَا الِاصْطِلَاحِيَّ، وَأَمَّا اللُّغَوِيُّ فَمُطْلَقُ التَّمْيِيزِ وَكَلَامُ الصِّحَاحِ يُفِيدُ أَنَّهَا التَّفْرِيقُ اهـ ح ل وَوَجْهُ ذِكْرِهَا عَقِبَ الْقَضَاءِ احْتِيَاجُ الْقَاضِي إلَيْهَا؛ وَلِأَنَّ الْقَاسِمَ كَالْقَاضِي عَلَى مَا سَيَأْتِي اهـ م ر اهـ عَنَانِيٌّ (قَوْلُهُ {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ} [النساء: ٨] أَيْ لِلْمِيرَاثِ اهـ جَلَالٌ (قَوْلُهُ فَقَدْ يَتَبَرَّمُ الشَّرِيكُ) أَيْ يَتَضَرَّرُ اهـ شَيْخُنَا.

وَفِي الْمِصْبَاحِ بَرِمَ بَرَمًا مِثْلُ ضَجِرَ ضَجَرًا فَهُوَ ضَجِرٌ وَزْنًا وَمَعْنًى وَيَتَعَدَّى بِالْهَمْزَةِ فَيُقَالُ أَبْرَمْته بِهِ وَتَبَرَّمَ مِثْلُ بَرِمَ اهـ (قَوْلُهُ أَوْ يَقْصِدُ الِاسْتِبْدَادَ) أَيْ الِاسْتِقْلَالَ اهـ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ وَاسْتَبَدَّ بِالْأَمْرِ انْفَرَدَ بِهِ مِنْ غَيْرِ مُشَارِكٍ فِيهِ اهـ (قَوْلُهُ قَدْ يَقْسِمُ الشُّرَكَاءَ) أَيْ الْكَامِلُونَ أَمَّا غَيْرُ الْكَامِلِينَ فَلَا يَقْسِمُ لَهُمْ وَلِيُّهُمْ إلَّا إذَا كَانَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ غِبْطَةٌ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ إلَّا إنْ كَانَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ غِبْطَةٌ مَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَطْلُبْ الشُّرَكَاءُ الْقِسْمَةَ وَإِلَّا وَجَبَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا غِبْطَةٌ لِغَيْرِ الْكَامِلِينَ كَمَا فِي الْبَهْجَةِ اهـ رَشِيدِيٌّ فَلَوْ قَسَمَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ فِي غَيْبَةِ الْبَاقِينَ وَأَخَذَ قِسْطَهُ فَلَمَّا عَلِمُوا قَرَّرُوهُ صَحَّتْ لَكِنْ مِنْ حِينِ التَّقْرِيرِ أَيْ فَلَوْ وَقَعَ مِنْهُ تَصَرُّفٌ فِيمَا خَصَّهُ قَبْلَ التَّقْرِيرِ كَانَ بَاطِلًا اهـ ع ش عَلَيْهِ وَقَدْ لِلتَّحْقِيقِ؛ لِأَنَّ الْقَاسِمَ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْقِسْمَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِمَنْصُوبِهِمَا) لَوْ وَكَّلَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ وَاحِدًا مِنْهُمْ فِي الْقِسْمَةِ بِأَنْ وَكَّلَهُ فِي إفْرَازِ نَصِيبِهِ عَنْ كُلِّ نَصِيبٍ امْتَنَعَ، وَإِنْ وَكَّلَهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ نَصِيبُهُ مَعَ نَصِيبِهِ جُزْءًا وَاحِدًا جَازَ قَالَهُ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ اهـ سم (قَوْلُهُ: أَهْلِيَّتُهُ لِلشَّهَادَاتِ) أَيْ لِكُلِّ شَهَادَةٍ فَلَا يَقْسِمُ الْأَصْلُ لِفَرْعِهِ وَعَكْسُهُ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ عَدْلًا) الْعَدْلُ مَنْ لَا يَرْتَكِبُ كَبِيرَةً وَلَا يُصِرُّ عَلَى صَغِيرَةٍ وَمُجَرَّدُ هَذَا غَيْرُ كَافٍ اهـ ح ل (قَوْلُهُ سَمِيعًا بَصِيرًا) أَيْ؛ لِأَنَّ غَيْرَ السَّمِيعِ لَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالسَّمْعِ وَغَيْرَ الْبَصِيرِ لَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْبَصَرِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ حُرٌّ عَدْلٌ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ عِبَارَتَهُ تَصْدُقُ بِجَوَازِ قِسْمَةِ الْأَعْمَى وَغَيْرِ الضَّابِطِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَالْعِلْمُ بِهَا يَسْتَلْزِمُ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يَرِدُ عَلَيْهِ مِنْ عَدَمِ التَّعَرُّضِ لِعِلْمِ الْمِسَاحَةِ وَالْحِسَابِ مَعَ ذِكْرِ الْأَصْلِ لَهُ هُنَا وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ تَعَرَّضَ لَهُ فِي ضِمْنِ تَعَرُّضِهِ لِعِلْمِ الْقِسْمَةِ وَقَوْلُهُ الْعِلْمَ بِالْمِسَاحَةِ بِأَنْ يَعْلَمَ طُرُقَ اسْتِعْلَامِ الْمَجْهُولَاتِ الْعَدَدِيَّةِ الْعَارِضَةِ لِلْمَقَادِيرِ كَطَرِيقِ مَعْرِفَةِ الْقِلَّتَيْنِ بِخِلَافِ الْعَدَدِيَّةِ فَقَطْ، فَإِنَّ عِلْمَهَا يَكُونُ بِالْجَبْرِ وَالْمُقَابَلَةِ وَقَوْلُهُ وَالْحِسَابِ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ؛ لِأَنَّ الْمِسَاحَةَ مِنْ الْحِسَابِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ رَجَّحَ مِنْهُمَا الْإِسْنَوِيُّ نَدْبَهَا) مُعْتَمَدٌ اهـ ح ل (قَوْلُهُ إلَّا التَّكْلِيفُ) أَيْ دُونَ مَا عَدَاهُ مِنْ بَقِيَّةِ الْمَذْكُورَاتِ وَغَيْرِهَا، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قِنًّا وَفَاسِقًا وَامْرَأَةً وَذِمِّيًّا اهـ ح ل (قَوْلُهُ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ الْعَدَالَةُ) أَيْ مَعَ بَقِيَّةِ شُرُوطِ الشَّاهِدِ السَّبْعَةِ اهـ شَيْخُنَا ح ف.

وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ الْعَدَالَةُ أَيْ عَدَالَةُ الشَّاهِدِ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهِ بِالْقِسْمَةِ انْتَهَتْ

(قَوْلُهُ كَمَنْصُوبِ الْحَاكِمِ) أَيْ فَيَلْزَمُهُمْ قَبُولُ قِسْمَتِهِ بِخِلَافِ الْمَنْصُوبِ اهـ ح ل أَيْ وَيُشْتَرَطُ فِيهِ شُرُوطُ مَنْصُوبِ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ وَكَذَا يُشْتَرَطُ أَمَّا تَعَدُّدُهُ إلَخْ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ هَذَا شَرْطٌ حَتَّى فِي مَنْصُوبِ الْحَاكِمِ فَقَطْ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْلِ وَشُرَّاحِهِ أَنَّ هَذَا شَرْطٌ حَتَّى فِي مَنْصُوبِ الشُّرَكَاءِ فَمَتَى كَانَ فِي الْقِسْمَةِ تَقْوِيمٌ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعَدُّدِ الْمُقَوَّمِ وَلْيَنْظُرْ مَا وَجْهُ ذَلِكَ فِي مَنْصُوبِ الشُّرَكَاءِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ وَلَا يَحْتَاجُ الْقَاسِمُ إلَى لَفْظِ الشَّهَادَةِ) ، وَأَمَّا الشَّاهِدُ بِالتَّقْوِيمِ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ لَفْظِ الشَّهَادَةِ، وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>