للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ بِالنَّارِ فِيهِمَا) لِقِلَّةِ الْمُمَوَّهِ بِهِ فَكَأَنَّهُ مَعْدُومٌ بِخِلَافِ مَا إذَا حَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ بِهَا لِكَثْرَتِهِ وَالتَّصْرِيحُ بِالثَّانِيَةِ مَعَ التَّقْيِيدِ فِيهِمَا مِنْ زِيَادَتِي وَبِالتَّقْيِيدِ صَرَّحَ الشَّيْخَانِ فِي الْأُولَى وَابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ فِي الثَّانِيَةِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ

(بَابُ الْأَحْدَاثِ)

ــ

[حاشية الجمل]

بِقَوْلِي إنَّ الظَّاهِرَ أَنْ يُقَالَ فِيهِ أَنَّ الْجَوَازَ لَا شَكَّ فِيهِ حَيْثُ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ نَفْعٌ بَلْ وَكَذَا إنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ ذَلِكَ لِتَصْرِيحِهِمْ فِي الْأَطْعِمَةِ بِأَنَّ الْحِجَارَةَ وَنَحْوَهَا لَا يَحْرُمُ مِنْهَا إلَّا مَا أَضَرَّ بِالْبَدَنِ أَوْ الْعَقْلِ وَأَمَّا تَعْلِيلُ الْحُرْمَةِ بِإِضَاعَةِ الْمَالِ فَمَمْنُوعٌ لِأَنَّ الْإِضَاعَةَ إنَّمَا تَحْرُمُ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ لِغَرَضٍ وَمَا هُنَا لِقَصْدِ التَّدَاوِي وَصَرَّحُوا بِجَوَازِ التَّدَاوِي بِاللُّؤْلُؤِ فِي الِاكْتِحَالِ وَغَيْرِهِ وَرُبَّمَا زَادَتْ قِيمَتُهُ عَلَى الذَّهَبِ اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ) أَيْ مُتَمَوَّلٌ وَأَمَّا الْخَاتَمُ فَقَالَ شَيْخُنَا: إنَّهُ كَالْمُمَوَّهِ فَإِنْ كَانَ مِنْ ذَهَبٍ وَمُوِّهَ بِفِضَّةٍ فَإِنْ حَصَلَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ جَازَ وَإِلَّا فَلَا وَإِذَا كَانَ فِضَّةً وَمُوِّهَ بِذَهَبٍ فَإِنْ حَصَلَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا قَرَّرَهُ شَبْشِيرِيٌّ اهـ ع ش (قَوْلُهُ أَيْضًا إنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ إلَخْ) لَوْ شَكَّ هَلْ يَحْصُلُ مِنْهُ شَيْءٌ أَوْ لَا فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ الْحُرْمَةُ وَلَا يُشْكِلُ بِالضَّبَّةِ عِنْدَ الشَّكِّ لِأَنَّ هَذَا أَضْيَقُ بِدَلِيلِ حُرْمَةِ الْفِعْلِ مُطْلَقًا وَيُحْتَمَلُ الْحِلُّ وَمَحَلُّ هَذَا فِي الْأُولَى أَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَيَنْبَغِي الْجَزْمُ فِيهَا بِالْحُرْمَةِ نَظَرًا لِلْأَصْلِ وَهُوَ الْحُرْمَةُ اهـ شَوْبَرِيٌّ (تَنْبِيهٌ) ذَكَرَ بَعْضُ الْخُبَرَاءِ الْمَرْجُوعِ إلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ أَنَّ لَهُمْ مَاءً يُسَمَّى بِالْجَادِّ وَأَنَّهُ يُخْرِجُ الطِّلَاءَ وَيُحَصِّلُهُ وَإِنْ قَلَّ بِخِلَافِ النَّارِ مِنْ غَيْرِ مَاءٍ فَإِنَّ الْقَلِيلَ لَا يُقَاوِمُهَا فَيَضْمَحِلُّ بِخِلَافِ الْكَثِيرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَ الْأَئِمَّةِ هَذَا دُونَ الْأَوَّلِ لِنُدْرَتِهِ كَالْعَارِفِينَ بِهِ نَعَمْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ مَا خُلِطَ بِالزِّئْبَقِ لَا يَتَحَصَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ بِهَا وَإِنْ كَثُرَ وَبِتَسْلِيمِهِ فَيَظْهَرُ اعْتِبَارُ تَجَرُّدِهِ عَنْ الزِّئْبَقِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ وَابْنُ الرِّفْعَةِ) هُوَ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الشَّهِيرُ بِابْنِ الرِّفْعَةِ الْأَنْصَارِيِّ الْمِصْرِيِّ وُلِدَ بِمِصْرَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ وَأَخَذَ الْفِقْهَ عَنْ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ السُّبْكِيُّ وَجَمَاعَةٌ تُوُفِّيَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ عَشْرٍ وَسَبْعِمِائَةٍ وَدُفِنَ بِالْقَرَافَةِ وَقَبْرُهُ مَشْهُورٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

[بَابُ الْأَحْدَاثِ]

(بَابُ الْأَحْدَاثِ) أَيْ بَابُ بَيَانِ حَقِيقَتِهَا وَأَحْكَامِهَا الَّتِي تَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا هُوَ كَغَيْرِهِ مِنْ التَّرَاجِمِ كَالْكِتَابِ، وَالْفَصْلِ وَنَحْوِهِمَا، وَأَصْلُهُ بَوَبَ بِوَزْنِ فَعَلَ تَحَرَّكَتْ الْوَاوُ وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا قُلِبَتْ أَلِفًا فَصَارَ بَابَ وَهُوَ دَاخِلٌ تَحْتَ الْكِتَابِ كَمَا سَبَقَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الطَّهَارَةِ وَهُوَ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ هَذَا بَابٌ، وَجَوَّزَ بَعْضُهُمْ فِيهِ النَّصْبَ بِتَقْدِيرِ اقْرَأْ أَوْ افْهَمْ، أَوْ خُذْ بَابَ وَجَوَّزَ فِيهِ جَدُّنَا الشَّمْسُ الْبِرْمَاوِيُّ الْكَسْرَ أَيْضًا وَتَقْدِيرُهُ اقْرَأْ فِي بَابِ، أَوْ اُنْظُرْ فِي بَابِ لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَرْجَحُ لِبَقَاءِ أَحَدِ رُكْنَيْ الْإِسْنَادِ فِيهِ وَهُوَ الْخَبَرُ وَهُوَ لُغَةُ مَا يُتَوَصَّلُ مِنْهُ إلَى غَيْرِهِ وَيُعَبَّرُ عَنْ ذَلِكَ بِفُرْجَةٍ فِي سَاتِرٍ يُتَوَصَّلُ بِهَا مِنْ دَاخِلٍ إلَى خَارِجٍ وَعَكْسُهُ، وَإِنْ شِئْت قُلْت هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ الْمَدْخَلِ لِلشَّيْءِ أَوْ الْمَخْرَجِ مِنْهُ وَهَذَا أَخْصَرُ وَأَحْسَنُ وَهُوَ حَقِيقَةٌ فِي الْأَجْرَامِ كَبَابِ الدَّارِ مَجَازٌ فِي الْمَعَانِي كَهَذَا الْبَابِ مَثَلًا وَاصْطِلَاحًا اسْمٌ لِجُمْلَةٍ مُخْتَصَّةٍ مِنْ الْعِلْمِ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى فُصُولٍ وَفُرُوعٍ وَمَسَائِلَ غَالِبًا قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَإِنَّمَا بُوِّبَتْ الْكُتُبُ؛ لِأَنَّ الْقَارِئَ إذَا قَرَأَ بَابًا وَشَرَعَ فِي آخَرَ كَانَ أَنْشَطَ لَهُ وَأَبْعَثَ كَالْمُسَافِرِ إذَا قَطَعَ مَسَافَةً وَشَرَعَ فِي أُخْرَى وَلِذَلِكَ جُعِلَ الْقُرْآنُ سُوَرًا وَقَالَ السَّيِّدُ الصَّفَوِيُّ: لِأَنَّهَا أَسْهَلُ فِي وِجْدَانِ الْمَسَائِلِ وَالرُّجُوعِ إلَيْهَا وَأَدْعَى لِحُسْنِ التَّرْتِيبِ وَالنَّظْمِ وَإِلَّا لَرُبَّمَا تُذْكَرُ الْمَسَائِلُ مُنَشَّرَةً فَتَعْسُرُ مُرَاجَعَتُهَا أَقُولُ: وَلَا مَانِعَ مِنْ إرَادَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ هَذَا الْبَابَ عَلَى بَابِ الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يُولَدُ مُحْدِثًا أَيْ لَهُ حُكْمُ الْمُحْدِثِ، وَكَانَ الْأَصْلُ فِيهِ ذَلِكَ وَلَا يُولَدُ جُنُبًا فَنَاسَبَ تَأْخِيرُ الْغُسْلِ مُطْلَقًا عَنْ مُوجِبَاتِهِ، وَتَأْخِيرُهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ الْوُضُوءِ يُوَجَّهُ بِأَنَّ الرَّفْعَ لِلطَّهَارَةِ فَرْعُ وُجُودِهَا، وَالتَّعْبِيرُ بِالْأَحْدَاثِ أَوْلَى مِنْ التَّعْبِيرِ بِنَوَاقِضِ الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّ النَّاقِضَ يَنْقُضُ الشَّيْءَ أَيْ يُزِيلُهُ مِنْ أَصْلِهِ نَحْوُ نَقَضْت الْجِدَارَ أَيْ أَزَلْته مِنْ أَصْلِهِ فَيَلْزَمُ عَلَى مَنْ عَبَّرَ بِهَا أَنَّ الْوُضُوءَ انْتَقَضَ مِنْ أَصْلِهِ فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ الَّتِي فُعِلَتْ بِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَمَنْ عَبَّرَ كَأَصْلِهِ بِأَسْبَابِ الْحَدَثِ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ الْأَسْبَابَ غَيْرُ الْحَدَثِ إلَّا أَنْ تُجْعَلَ الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةً أَيْ أَسْبَابٌ هِيَ الْحَدَثُ كَمَا سَيَأْتِي وَمَنْ عَبَّرَ بِمُبْطِلَاتِ الطَّهَارَةِ يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَقَدُّمُ صِحَّةِ الطَّهَارَةِ وَلَيْسَ شَرْطًا مَعَ أَنَّ كُلَّ شَخْصٍ يُولَدُ مُحْدِثًا فَلَمْ يَسْبِقْ لَهُ طُهْرٌ يُبْطِلُهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

وَعِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ وَلِتَقَدُّمِ السَّبَبِ طَبْعًا الْمُنَاسِبُ لَهُ تَقَدُّمُهُ وَضْعًا كَانَ تَقْدِيمُهَا هُنَا عَلَى الْوُضُوءِ أَظْهَرَ مِنْ عَكْسِهِ الَّذِي هُوَ فِي الرَّوْضَةِ، وَإِنْ وُجِّهَ بِأَنَّهُ لَمَّا وُلِدَ مُحْدِثًا أَيْ لَهُ حُكْمُ الْمُحْدِثِ احْتَاجَ إلَى أَنْ يَعْرِفَ أَوَّلًا الْوُضُوءَ، ثُمَّ نَوَاقِضَهُ وَلِذَا لَمَّا لَمْ يُولَدْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>