وَلِهَذَا التَّفْصِيلِ حَذَفْت عِنْدَ وَعَيْنَ مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ.
(كِتَابُ الْإِقْرَارِ) . هُوَ لُغَةً الْإِثْبَاتُ مِنْ قَرَّ الشَّيْءُ أَيْ ثَبَتَ وَشَرْعًا إخْبَارُ الشَّخْصِ بِحَقٍّ عَلَيْهِ، وَيُسَمَّى اعْتِرَافًا أَيْضًا وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [النساء: ١٣٥] وَفُسِّرَتْ شَهَادَةُ الْمَرْءِ عَلَى نَفْسِهِ بِالْإِقْرَارِ، وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «اُغْدُ يَا أُنَيْسُ إلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا»
ــ
[حاشية الجمل]
دَفْعِ الْعَيْنِ يَرْجِعُ عَلَى مَنْ هِيَ عِنْدَهُ مِنْهُمَا فَإِنْ تَلِفَتْ طَالَبَ كُلًّا مِنْهُمَا، وَلَا يَرْجِعُ الْغَارِمُ عَلَى الْآخَرِ إلَّا إنْ فَرَّطَ الْقَابِضُ وَالْقَرَارُ عَلَيْهِ. اهـ.
وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: وَلَكِنْ يَجُوزُ دَفْعُهُ إنْ صَدَّقَهُ، وَكَذَا يَجُوزُ لَهُ الدَّفْعُ أَيْضًا إنْ كَذَّبَهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَصَرِّفٌ فِي مَالِ نَفْسِهِ فَلَوْ حَضَرَ الْمُسْتَحِقُّ وَأَنْكَرَهَا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ ثُمَّ إنْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ عَيْنًا أَخَذَهَا مِنْ الْقَابِضِ إنْ كَانَتْ بَاقِيَةً، وَإِنْ تَلِفَتْ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ فَلَهُ تَغْرِيمُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا، وَلَا رُجُوعَ لِلْغَارِمِ عَلَى الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ مَظْلُومٌ بِزَعْمِهِ، وَإِنْ تَلِفَتْ بِتَفْرِيطِ الْقَابِضِ فَإِنْ غَرَّمَهُ الْمُسْتَحِقُّ فَلَا رُجُوعَ لَهُ وَإِنْ غَرَّمَهُ الدَّافِعُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْقَابِضِ؛ لِأَنَّ الْقَابِضَ وَكِيلٌ عَنْهُ وَالْوَكِيلُ يَضْمَنُ بِالتَّفْرِيطِ وَالْمُسْتَحِقُّ ظَلَمَهُ بِأَخْذِ الْبَدَلِ وَحَقُّهُ فِي ذِمَّةِ الْقَابِضِ فَيَسْتَوْفِيهِ بِحَقِّهِ وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ دَيْنًا فَلَهُ مُطَالَبَةُ الدَّافِعِ بِحَقِّهِ وَيَسْتَرِدُّ هُوَ الْمَدْفُوعَ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا التَّفْصِيلِ) أَيْ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ لَكِنْ إلَخْ وَبِقَوْلِهِ فِي غَيْرِ مَسْأَلَةِ الْمُحْتَالِ (قَوْلُهُ: حُذِفَتْ عِنْدَ وَعَيْنُ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ عِنْدَ لِلْعَيْنِ وَالتَّفْصِيلُ الَّذِي فِي الْأَصْلِ يُنَاسِبُ الدَّيْنَ فَلَا يُنَاسِبُ أَنْ يَذْكُرَ عِنْدَ وَعَيْنَ وَيَذْكُرَ أَحْكَامًا لَا تُنَاسِبُ إلَّا الدَّيْنَ، وَأَجَابَ عَنْهُ م ر بِأَنَّ عِنْدَ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي الدَّيْنِ عَلَى خِلَافِ الْغَالِبِ اهـ.
وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ، وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ وَكَّلَنِي الْمُسْتَحِقُّ بِقَبْضِ مَا لَهُ عِنْدَك مِنْ دَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ وَصَدَّقَهُ إلَخْ.
[كِتَابُ الْإِقْرَارِ]
(كِتَابُ الْإِقْرَارِ) مَصْدَرُ أَقَرَّ يُقِرُّ إقْرَارًا فَهُوَ مُقِرٌّ فَقَوْلُهُمْ مَأْخُوذٌ مِنْ قَرَّ بِمَعْنَى ثَبَتَ فِيهِ تَجَوُّزٌ، وَقَوْلُهُ: مِنْ قَرَّ الشَّيْءُ أَيْ يَقَرُّ قَرَارًا إذَا ثَبَتَ وَالْإِقْرَارُ يُشْبِهُ الْوَكَالَةَ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمُقِرَّ قَبْلَ إقْرَارِهِ كَانَ مُتَصَرِّفًا فِيمَا بِيَدِهِ، وَلَيْسَ لَهُ، وَقَدْ عُزِلَ عَنْهُ بِإِقْرَارِهِ فَلِذَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ عَقِبَهَا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ قَرَّ الشَّيْءُ مِنْ بَابِ ضَرَبَ اسْتَقَرَّ بِالْمَكَانِ وَالِاسْمُ الْقَرَارُ. اهـ. (قَوْلُهُ: إخْبَارُ الشَّخْصِ بِحَقٍّ عَلَيْهِ) لِغَيْرِهِ وَعَكْسُهُ الدَّعْوَى، وَلِغَيْرِهِ عَلَى غَيْرِهِ الشَّهَادَةُ، وَقَيَّدَ ذَلِكَ حَجّ بِالْأَمْرِ الْخَاصِّ، وَإِلَّا فَعَنْ مَحْسُوسٍ رِوَايَةٌ، وَمَعَ إلْزَامِ حُكْمٍ، وَإِلَّا فَفَتْوَى وَنُظِرَ فِيهِ بِأَنَّ فِي الرِّوَايَةِ إقْرَارًا بِمَشْيَخَةِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ وَدَعْوَى السَّمَاعِ عَلَى غَيْرِهِ، وَفِي الْإِفْتَاءِ وَالْحُكْمِ إخْبَارًا بِحَقٍّ لِغَيْرِهِ، وَهُوَ الْمُقَلَّدُ بِفَتْحِ اللَّامِ عَلَى غَيْرِهِ، وَهُوَ الْمُسْتَفْتِي أَوْ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ هُوَ اصْطِلَاحٌ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَالَ الْقَسْطَلَّانِيُّ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الشَّهَادَةِ وَالرِّوَايَةِ مَعَ أَنَّهُمَا خَبَرَانِ كَمَا فِي شَرْحِ الْبُرْهَانِ لِلْبَارِزِيِّ أَنَّ الْمُخْبَرَ عَنْهُ فِي الرِّوَايَةِ أَمْرٌ عَامٌّ لَا يَخْتَصُّ بِمُعَيَّنٍ نَحْوُ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» «، وَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ بِالشُّفْعَةِ فِيمَا لَمْ يُقَسَّمْ» فَلَا يَخْتَصُّ بِمُعَيَّنٍ بَلْ عَامٌّ فِي كُلِّ الْخَلْقِ وَالْأَعْصَارِ وَالْأَمْصَارِ بِخِلَافِ قَوْلِ الْعَدْلِ أَشْهَدُ أَنَّ لِهَذَا عِنْدَ هَذَا دِينَارًا إلْزَامٌ لِمُعَيَّنٍ لَا يَتَعَدَّاهُ وَتَعَقَّبَهُ الْإِمَامُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّ الرِّوَايَةَ تَتَعَلَّقُ بِالْجُزْئِيِّ كَثِيرًا كَحَدِيثِ «يُخَرِّبُ الْكَعْبَةَ ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنْ الْحَبَشَةِ» انْتَهَى وَقَدْ يَكُونُ الْخَبَرُ مُرَكَّبًا مِنْ الشَّهَادَةِ وَالرِّوَايَةِ كَالْإِخْبَارِ عَنْ رُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الصَّوْمَ لَا يَخْتَصُّ بِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ بَلْ عَامٌّ حَتَّى عَلَى مَنْ دُونَ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا الَّتِي هِيَ مَسَافَةُ اخْتِلَافِ الْمَطَالِعِ رِوَايَةً، وَمِنْ جِهَةِ أَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِأَهْلِ الْمَسَافَةِ الْمَذْكُورَةِ شَهَادَةٌ، قَالَهُ الْكَرْمَانِيُّ اهـ. مَعَ بَعْضِ تَصَرُّفٍ وَتَغْيِيرٍ لِضَعِيفٍ بِمُعْتَمَدٍ فِي الْمَذْهَبِ اهـ. شَيْخُنَا الْحِفْنِيُّ. (قَوْلُهُ: وَيُسَمَّى) أَيْ لُغَةً وَشَرْعًا وَذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ اُغْدُ اهـ. عِ ش.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ لَهُ ثَلَاثَ مَعَانٍ لُغَوِيٌّ فَقَطْ، وَهُوَ الْأَوَّلُ وَشَرْعِيٌّ فَقَطْ، وَهُوَ الثَّانِي وَشَرْعِيٌّ وَلُغَوِيٌّ، وَهُوَ الثَّالِثُ اهـ. (قَوْلُهُ: قَوَّامِينَ) أَيْ مُوَاظِبِينَ عَلَى الْعَدْلِ مُجِدِّينَ فِي إقَامَتِهِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ بِالْحَقِّ أَيْ تُقِيمُونَ شَهَادَتَكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ خَبَرٌ ثَانٍ أَوْ حَالٌ {وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [النساء: ١٣٥] بِأَنْ تُقِرُّوا عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ بَيَانُ الْحَقِّ سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ اهـ. عَنَانِيٌّ (قَوْلُهُ: اُغْدُ يَا أُنَيْسُ) هُوَ أُنَيْسُ بْنُ الضَّحَّاكِ الْأَسْلَمِيُّ مَعْدُودٌ فِي الشَّامِيِّينَ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ هُوَ أُنَيْسُ بْنُ أَبِي مَرْثَدٍ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْأَصَحُّ الْمَشْهُورُ، وَهُوَ أَسْلَمِيٌّ وَالْمَرْأَةُ أَيْضًا أَسْلَمِيَّةٌ قَالَ الْحَافِظُ أُنَيْسٌ هُوَ ابْنُ الضَّحَّاكِ الْأَسْلَمِيُّ نَقَلَهُ ابْنُ الْأَثِيرِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَوَهَمَ مَنْ قَالَ إنَّهُ أُنَيْسُ بْنُ أَبِي مَرْثَدٍ فَإِنَّهُ غَنَوِيٌّ، وَكَذَا قَوْلُ ابْنِ التِّينِ كَانَ الْخِطَابُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ لَكِنَّهُ صُغِّرَ اهـ. مِنْ مُخْتَصَرِ شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلْإِمَامِ النَّوَوِيِّ لِلطَّيِّبِ بْنِ عَفِيفِ الدِّينِ الشَّهِيرِ بِأَبِي مَخْزَمَةَ الْيَمَنِيِّ اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: اُغْدُ يَا أُنَيْسُ) أَمْرٌ مِنْ غَدَا.
وَفِي الْمِصْبَاحِ غَدَا غُدُوًّا مِنْ بَابِ قَعَدَ ذَهَبَ غُدْوَةً بِالضَّمِّ، وَهُوَ مَا بَيْنَ صَلَاةِ الصُّبْحِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute