للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَى مَنْ لَمْ يَأْتَمِنْهُ فَكَانَ مِنْ حَقِّهِ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِي فِيمَا مَرَّ أَوْ قَالَ أَتَيْت بِالتَّصَرُّفِ إلَى آخِرِهِ وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِحَضْرَتِهِ، وَإِلَّا صُدِّقَ الْوَكِيلُ لِنِسْبَةِ التَّقْصِيرِ حِينَئِذٍ لِلْمُوَكِّلِ بِتَرْكِهِ الْإِشْهَادَ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ حَقِّهِ مِنْ زَيْدٍ فَادَّعَى زَيْدٌ دَفْعَهُ لَهُ وَصَدَّقَهُ الْمُوَكِّلُ، وَأَنْكَرَهُ الْوَكِيلُ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ عَلَى مُوَكِّلِهِ وَسَيَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ أَنَّ قَيِّمَ الْيَتِيمِ وَوَصِيَّهُ لَا يُقْبَلُ دَعْوَاهُمَا دَفَعَ الْمَالَ إلَيْهِ بَعْدَ رُشْدِهِ (وَلِمَنْ لَا يُصَدَّقُ فِي أَدَاءً) كَمُسْتَعِيرٍ وَغَاصِبٍ، وَمَدِينٍ (تَأْخِيرُهُ لِإِشْهَادٍ بِهِ) أَيْ بِالْأَدَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُكْتَفَى فِيهِ بِيَمِينِهِ بِخِلَافِ مَنْ يُصَدَّقُ فِيهِ كَوَكِيلٍ وَوَدِيعٍ (وَمَنْ ادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلٌ بِقَبْضِ مَا عَلَى زَيْدٍ لَمْ يَجِبْ دَفْعُهُ) لَهُ (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) بِوَكَالَتِهِ لِاحْتِمَالِ إنْكَارِ الْمُوَكِّلِ لَهَا (وَ) لَكِنْ (يَجُوزُ دَفْعُهُ إنْ صَدَّقَهُ) فِي دَعْوَاهُ لِأَنَّهُ مُحِقٌّ عِنْدَهُ (أَوْ) ادَّعَى (أَنَّهُ مُحْتَالٌ بِهِ أَوْ) أَنَّهُ (وَارِثٌ لَهُ) أَوْ وَصِيٌّ أَوْ مُوصًى لَهُ مِنْهُ (وَصَدَّقَهُ وَجَبَ) دَفْعُهُ لَهُ لِاعْتِرَافِهِ بِانْتِقَالِ الْمَالِ إلَيْهِ، وَمِثْلُ مَا عَلَى زَيْدٍ فِي غَيْرِ مَسْأَلَةِ الْمُحْتَالِ مَا عِنْدَهُ لَكِنْ لَا يَجُوزُ لَهُ دَفْعُ الْعَيْنِ لِمُدَّعِي الْوَكَالَةِ بِلَا بَيِّنَةٍ، وَإِنْ صَدَّقَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ

ــ

[حاشية الجمل]

الدَّائِنَ لَمْ يَأْتَمِنْ الْوَكِيلَ فِي الدَّيْنِ الَّذِي يَدْفَعُهُ لَهُ حَتَّى يُصَدَّقَ الْوَكِيلُ فِي دَفْعِهِ لَهُ بِلَا بَيِّنَةٍ، وَقَوْلُهُ: فَكَانَ مِنْ حَقِّهِ الْإِشْهَادُ إلَخْ أَيْ فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ إمَّا الْإِشْهَادُ، وَلَوْ وَاحِدًا مَسْتُورًا لِيَحْلِفَ مَعَهُ، وَإِمَّا الدَّفْعُ بِحَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ كَمَا فِي م ر اهـ. مَعَ زِيَادَةٍ (قَوْلُهُ: إلَى مَنْ لَمْ يَأْتَمِنْهُ) الضَّمِيرُ يُحْتَمَلُ رُجُوعُهُ إلَى الْمُوَكِّلِ وَإِلَى الْوَكِيلِ وَعَلَى كُلٍّ فَلْيُتَأَمَّلْ هَذَا التَّعْلِيلُ تَأَمَّلْنَاهُ فَرَأَيْنَاهُ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ فَإِنَّ مُحَصِّلَهُ أَنَّهُ مَفْهُومُ الْقَاعِدَةِ الْقَائِلَةِ كُلُّ مَنْ ادَّعَى الرَّدَّ عَلَى مَنْ يَأْتَمِنُهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَمَفْهُومُهَا أَنَّ مَنْ ادَّعَى الرَّدَّ عَلَى مَنْ لَمْ يَأْتَمِنْهُ لَمْ يُصَدَّقْ بِيَمِينِهِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ، وَهُنَا الْوَكِيلُ يَدَّعِي دَفْعَ الدَّيْنِ لِلْمُسْتَحِقِّ الَّذِي لَمْ يَأْتَمِنْ الْوَكِيلَ.

(قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ) أَيْ مَحَلُّ عَدَمِ تَصْدِيقِهِ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ، وَلَا يُصَدَّقُ الْوَكِيلُ إلَخْ، وَقَوْلُهُ: بِحَضْرَتِهِ أَيْ الْمُوَكِّلِ، وَقَوْلُهُ: وَهَذَا بِخِلَافِ أَيْ عَدَمِ التَّصْدِيقِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِمَا مَرَّ أَيْ فَمَا مَرَّ لَا يُصَدَّقُ فِيهَا الْوَكِيلُ، وَهَذِهِ يُصَدَّقُ فِيهَا فَهُمَا مُتَخَالِفَانِ (قَوْلُهُ: بِتَرْكِهِ الْإِشْهَادَ) أَيْ عَلَى أَخْذِ الْمُسْتَحِقِّ حَقَّهُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ عَلَى مُوَكِّلِهِ) أَيْ، وَيَبْرَأُ الْمَدِينُ بِتَصْدِيقِ الْمُوَكِّلِ لَهُ وَحِينَئِذٍ فَيَظْهَرُ أَنَّ الْوَكِيلَ لَا يُطَالِبُ الْمَدِينَ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر. وَإِذَا صَدَّقْنَا الْوَكِيلَ فَحَلَفَ بَرِئَ الْمَدِينُ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ عِنْدَ الْإِمَامِ وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ وَصَحَّحَهُ الْغَزَالِيُّ فِي بَسِيطِهِ وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الْبَغَوِيّ عَدَمُهُ وَعَلَى نَقْلِهِ اقْتَصَرَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ. انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ إلَخْ) مُرَادُهُ بِهَذَا الِاعْتِذَارُ عَنْ تَرْكِ هَذَا هُنَا مَعَ ذِكْرِهِ فِي الْأَصْلِ، وَمُرَادُهُ أَيْضًا التَّوْطِئَةُ لِقَوْلِهِ، وَلِمَنْ لَا يُصَدَّقُ إلَخْ، وَقَوْلُهُ: أَنَّ قَيِّمَ الْيَتِيمِ وَوَصِيَّهُ لَيْسَا بِقَيْدٍ بَلْ مِثْلُهُمَا الْأَبُ وَالْجَدُّ وَعِبَارَتُهُ فِي الْوَصِيَّةِ وَصُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَلِيٌّ فِي إنْفَاقٍ عَلَى مُوَلِّيهِ لَائِقٍ لَا فِي دَفْعِ الْمَالِ. اهـ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَالْمُرَادُ بِالْقَيِّمِ مَا كَانَ مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي إذْ ذَاكَ مُرَادُهُمْ بِالْقَيِّمِ حَالَةَ الْإِطْلَاقِ وَدَعْوَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا يَعُمُّ الْأَبَ وَالْجَدَّ مَرْدُودَةٌ بِأَنَّ الْيَتِيمَ لَا أَبَ لَهُ، وَلَا جَدَّ وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْأَبَ وَالْجَدَّ كَالْقَيِّمِ فِي ذَلِكَ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ وَأُلْحِقَ بِهِمَا قَاضٍ عَدْلٌ أَمِينٌ ادَّعَى ذَلِكَ زَمَنَ قَضَائِهِ. انْتَهَتْ بِاخْتِصَارٍ.

(قَوْلُهُ: تَأْخِيرُهُ لِإِشْهَادٍ بِهِ) سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِالْأَخْذِ أَمْ لَا وَاغْتُفِرَ التَّأْخِيرُ لِذَلِكَ لِلْغَاصِبِ مَعَ وُجُوبِ الْأَدَاءِ عَلَيْهِ فَوْرًا لِتَصِحَّ تَوْبَتُهُ؛ لِأَنَّ زَمَنَ التَّأْخِيرِ يَسِيرٌ أَيْ غَالِبًا مَعَ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ: لَمْ يَجِبْ دَفْعُهُ لَهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) وَإِذَا دَفَعَ إلَيْهِ ثُمَّ أَنْكَرَ الْمُسْتَحِقُّ وَحَلَفَ عَلَى نَفْيِ، وَكَالَتِهِ فَإِنْ كَانَ الْمَدْفُوعُ عَيْنًا اسْتَرَدَّهَا إنْ بَقِيَتْ، وَإِلَّا غَرَّمَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا، وَلَا رُجُوعَ لِلْغَارِمِ عَلَى الْآخَرِ لِأَنَّهُ مَظْلُومٌ بِزَعْمِهِ قَالَ الْمُتَوَلِّي هَذَا إذَا لَمْ يَتْلَفْ بِتَفْرِيطِ الْقَابِضِ وَإِلَّا فَإِنْ غَرَّمَهُ لَمْ يَرْجِعْ أَوْ الدَّافِعَ رَجَعَ؛ لِأَنَّ الْقَابِضَ وَكِيلٌ بِزَعْمِهِ وَالْوَكِيلُ يَضْمَنُ بِالتَّفْرِيطِ وَالْمُسْتَحِقُّ ظَلَمَهُ، وَمَالُهُ فِي ذِمَّةِ الْقَابِضِ يَسْتَوْفِيهِ بِحَقِّهِ أَوْ دَيْنًا طَالَبَ الدَّافِعَ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْقَابِضَ فُضُولِيٌّ بِزَعْمِهِ، وَإِذَا عَدِمَ الدَّافِعُ فَإِنْ بَقِيَ الْمَدْفُوعُ عِنْدَ الْقَابِضِ اسْتَرَدَّهُ ظَفَرًا، وَإِلَّا فَإِنْ فَرَّطَ فِيهِ غَرِمَ، وَإِلَّا فَلَا. اهـ. شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّهُ مُحْتَالٌ بِهِ) ، وَإِذَا دَفَعَ إلَيْهِ ثُمَّ أَنْكَرَ الدَّائِنُ الْحَوَالَةَ وَحَلَفَ أَخَذَ دَيْنَهُ مِمَّنْ كَانَ عَلَيْهِ وَلَا يَرْجِعُ الْمُؤَدِّي عَلَى مَنْ دَفَعَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ اعْتِرَافٌ بِالْمِلْكِ لَهُ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّهُ وَارِثٌ لَهُ) أَيْ لَا مُشَارِكٌ لَهُ فِي ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ لَهُ مُشَارِكٌ وَصَدَّقَهُ لَا يَدْفَعُ لَهُ شَيْئًا؛ لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مَدْفُوعٍ يَكُونُ مُشْتَرَكًا اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّهُ وَارِثٌ أَوْ وَصِيٌّ إلَخْ) ، وَإِذَا سَلَّمَهُ ثُمَّ ظَهَرَ الْمُسْتَحِقُّ حَيًّا وَغَرَّمَهُ رَجَعَ الْغَرِيمُ عَلَى الْوَارِثِ وَالْوَصِيُّ وَالْمُوصَى لَهُ بِمَا دَفَعَهُ إلَيْهِمْ لِتَبَيُّنِ كَذِبِهِمْ بِخِلَافِ صُورَةِ الْوَكَالَةِ لَا رُجُوعَ فِيهَا فِي بَعْضِ صُوَرِهَا كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ صَدَّقَهُ عَلَى الْوَكَالَةِ وَإِنْكَارُ الْمُسْتَحِقِّ لَا يَرْفَعُ تَصْدِيقَهُ وَصُدِّقَ الْوَكِيلُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ وَكَّلَهُ ثُمَّ جَحَدَ، وَهَذَا بِخِلَافِهِ اهـ. شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: أَوْ مُوصًى لَهُ مِنْهُ) اُنْظُرْ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ لِمَا عَلَى زَيْدٍ أَوْ رَاجِعٌ لِمُسْتَحِقِّهِ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي وِفَاقًا لِشَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: لِاعْتِرَافِهِ بِانْتِقَالِ الْمَالِ إلَيْهِ) أَيْ وَلَوْ عَلَى سَبِيلِ الْوِلَايَةِ كَالْوَصِيِّ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ إذْ لَا وِلَايَةَ لَهُ، وَقَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مَسْأَلَةِ الْمُحْتَالِ قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّ عِنْدَ لِلْعَيْنِ وَهِيَ لَا يُحَالُ بِهَا، وَقَوْلُهُ: لَكِنْ لَا يَجُوزُ أَيْ، وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَى التَّشْبِيهِ الْجَوَازَ عِنْدَ التَّصْدِيقِ أَيْ فَبَيْنَ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ فَرْقٌ فِي الْجَوَازِ وَعَدَمِهِ عِنْدَ التَّصْدِيقِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا يَجُوزُ لَهُ دَفْعُ الْعَيْنِ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ الْجَوَازُ لَكِنَّهُ لَا يَجِبُ اهـ. شَوْبَرِيٌّ، وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ، وَإِذَا دَفَعَ ثُمَّ أَنْكَرَ الْمُسْتَحِقُّ الْوَكَالَةَ وَحَلَفَ عَلَى نَفْيِهَا أَخَذَ دَيْنَهُ مِنْ مَدِينِهِ، وَهُوَ يَرْجِعُ عَلَى مَنْ دَفَعَهُ لَهُ بِهِ إنْ بَقِيَ أَوْ بِبَدَلِهِ إنْ تَلِفَ بِتَقْصِيرٍ، وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ وَفِي

<<  <  ج: ص:  >  >>