للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(ثُمَّ) إنْ تَعَذَّرَ الِاقْتِرَاضُ أَوْ لَمْ يَرَهُ الْقَاضِي (بَاعَ مِنْهَا قَدْرَ مُؤْنَتِهَا وَلَهُ أَنْ يَأْذَنَ لِمُكْتَرٍ فِي مُؤْنَتِهَا) مِنْ مَالِهِ (لِيَرْجِعَ) لِلضَّرُورَةِ وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي قَدْرِهَا عَادَةً وَيَدْخُلُ فِي مُؤْنَتِهَا مُؤْنَةُ مَنْ يَتَعَهَّدُهَا وَلَوْ هَرَبَ مُكْرِيهَا بِهَا فَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فِي الذِّمَّةِ اكْتَرَى الْقَاضِي عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ لَهُ مَالًا اقْتَرَضَ عَلَيْهِ الْقَاضِي وَاكْتَرَى فَإِنْ تَعَذَّرَ الِاكْتِرَاءُ عَلَيْهِ فَلِلْمُكْتَرِي الْفَسْخُ وَإِنْ كَانَتْ إجَارَةَ عَيْنٍ فَلَهُ الْفَسْخُ كَمَا لَوْ نَدَّتْ الدَّابَّةُ وَتَعْبِيرِي بِثُمَّ الثَّانِيَةِ هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا بِخِلَافِ تَعْبِيرِهِ بِالْوَاوِ.

(كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ) وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ أَخْبَارٌ كَخَبَرِ «مَنْ عَمَرَ أَرْضًا لَيْسَتْ لِأَحَدٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَخَبَرِ «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَلَهُ فِيهَا أَجْرٌ وَمَا أَكَلَتْ الْعَوَافِي» أَيْ طُلَّابُ الرِّزْقِ «مِنْهَا فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ» رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ

ــ

[حاشية الجمل]

قَوْلُهُ ثُمَّ بَاعَ مِنْهَا إلَخْ) خَرَجَ بِمِنْهَا جَمِيعُهَا فَلَا يَبِيعُهُ ابْتِدَاءً لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ بِأَعْيَانِهَا وَمُنَازَعَةُ مُجَلِّي فِيهِ بِأَنَّهُ لَا يَفُوتُ حَقُّهُ لِعَدَمِ انْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ بِهِ غَيْرُ ظَاهِرَةٍ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ رَأَى الْحَاكِمُ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ

مَصْلَحَةً

فِي بَيْعِهَا وَالِاكْتِرَاءِ بِبَعْضِ الثَّمَنِ لِلْمُسْتَأْجِرِ جَازَ لَهُ جَزْمًا حَيْثُ جَازَ لَهُ بَيْعُ مَالِ الْغَائِبِ

بِالْمَصْلَحَةِ

وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَوْ رَأَى مُشْتَرِيًا لَهَا مَسْلُوبَةَ الْمَنْفَعَةِ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ لَزِمَهُ أَنْ يَبِيعَ مِنْهُ مَا يَحْتَاجُ مِنْهَا لِبَيْعِهِ مُقَدَّمًا لَهُ عَلَى غَيْرِهِ لِأَنَّهُ

الْأَصْلَحُ

اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يَأْذَنَ لِمُكْتَرٍ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مُسْتَقِلٌّ لَيْسَ مُتَرَتِّبًا عَلَى ثُمَّ الثَّانِيَةِ اهـ. عَمِيرَةُ اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَقَوْلُهُ لِلضَّرُورَةِ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ وَلَهُ أَنْ يَأْذَنَ إلَخْ وَافْهَمْ كَلَامَهُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْحَاكِمِ وَمَحَلُّهُ إنْ وُجِدَ وَأَمْكَنَ إثْبَاتُ الْوَاقِعَةِ عِنْدَهُ وَإِلَّا أَشْهَدَ عَلَى أَنَّهُ أَنْفَقَ بِشَرْطِ الرُّجُوعِ ثُمَّ رَجَعَ فَإِنْ تَعَذَّرَ الْإِشْهَادُ فَلَا رُجُوعَ وَإِنْ نَوَاهُ لِأَنَّهُ نَادِرٌ اهـ عَنَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَهُ) أَيْ لِلْقَاضِي وَهَذَا رَاجِعٌ لِأَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وَلَيْسَ مَرْتَبَةً أُخْرَى اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَلَوْ هَرَبَ مُكْرِيهَا بِهَا إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَسَلَّمَهَا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ الِاكْتِرَاءُ عَلَيْهِ إلَخْ) لَمْ يَذْكُرُوا بَيْعَ الْقَاضِي حِينَئِذٍ وَلَوْ قِيلَ بِهِ إذَا كَانَ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَبَاعَهُ لِقَادِرٍ عَلَى انْتِزَاعِهِ لَمْ يَبْعُدْ فَلْيُحَرَّرْ اهـ. ح ل.

[كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ]

(كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ) أَيْ عِمَارَةُ الْأَرْضِ الَّتِي لَمْ تُعْمَرْ شُبِّهَتْ عِمَارَتُهَا بِإِحْيَاءِ الْمَوْتَى لِمَا فِيهَا مِنْ إحْدَاثِ مَنْفَعَةٍ بِأَمْرٍ جَائِزٍ قَالَ بَعْضُهُمْ: الْأَرْضُ مِلْكٌ لِلَّهِ ثُمَّ مَلَّكَهَا لِلشَّارِعِ ثُمَّ رَدَّهَا الشَّارِعُ عَلَى أُمَّتِهِ الْمُسْلِمِينَ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الْأَرْضُ إمَّا مَمْلُوكَةٌ أَوْ مَحْبُوسَةٌ عَلَى حُقُوقٍ عَامَّةٍ أَوْ خَاصَّةٍ أَوْ مُنْفَكَّةٌ عَنْ ذَلِكَ وَهُوَ الْمَوَاتُ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ فَصْلُ مَنْفَعَةِ الشَّارِعِ مُرُورًا إلَى آخِرِ الْكِتَابِ اهـ. (قَوْلُهُ مَنْ عَمَرَ أَرْضًا) بِتَخْفِيفِ الْمِيمِ وَهُوَ لُغَةُ الْقُرْآنِ قَالَ تَعَالَى {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ} [التوبة: ١٨] وَيَجُوزُ فِيهِ التَّشْدِيدُ وَهَذَا كُلُّهُ حَيْثُ لَمْ تُعْلَمْ الرِّوَايَةُ اهـ. ع ش عَلَى م ر.

وَفِي الْمِصْبَاحِ أَنَّهُ مِنْ بَابِ قَتَلَ (قَوْلُهُ وَخَبَرِ مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً إلَخْ) أَتَى بِهَذَا بَعْدَ الْأَوَّلِ لِيَدُلَّ عَلَى السُّنِّيَّةِ الَّتِي سَيَدَّعِيهَا وَقَوْلُهُ فِيهَا أَيْ فِي إحْيَائِهَا وَقَوْلُهُ مِنْهَا أَيْ مِمَّا خَرَجَ مِنْهَا بِزَرْعِهَا أَوَّلًا وَثَانِيًا (قَوْلُهُ فَلَهُ فِيهَا أَجْرٌ) هُوَ مَخْصُوصٌ بِالْآخِرَةِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الذِّمِّيَّ لَا إحْيَاءَ لَهُ لِأَنَّهُ لَا ثَوَابَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْإِحْيَاءِ بِدَارِهِمْ وَفِيهِ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يُسْلِمْ فَإِذَا أَسْلَمَ أَثْبَتَ وَإِلَّا فَلَا يُثَابُ فِي الْآخِرَةِ فَلَهُ الْإِحْيَاءُ وَإِذَا أَحْيَا فَإِنْ أَسْلَمَ أَثْبَتَ وَإِلَّا فَلَا اهـ. ح ل.

(قَوْلُهُ الْعَوَافِي) جَمْعُ عَافِيَةٍ أَوْ عَافٍ أَيْ طُلَّابُ الرِّزْقِ مِنْ إنْسَانٍ أَوْ طَيْرٍ أَوْ غَيْرِهِمَا مِنْهَا فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ وَالشُّرْبُ كَالْأَكْلِ وَهُمَا لِلْأَغْلَبِ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَفِي الْمُخْتَارِ عَفَا مِنْ بَابِ عَدَا وَاعْتَفَاهُ إذَا أَتَاهُ يَطْلُبُ مَعْرُوفَهُ وَالْعُفَاةُ طُلَّابُ الْمَعْرُوفِ الْوَاحِدُ عَافٍ اهـ. (قَوْلُهُ وَمَا أَكَلَتْ الْعَوَافِي مِنْهَا) أَيْ مَا صَرَفَهُ عَلَى الْعَمَلَةِ فِي إحْيَائِهَا فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ أَيْ يُثَابُ عَلَيْهِ كَثَوَابِ الصَّدَقَةِ وَإِنْ كَانَ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِمْ وَلَا يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى نِيَّةٍ بَلْ يُثَابُ عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَنْوِ وَكَأَنَّ ذَلِكَ لِغَرَضِ نَفْسِهِ لِأَنَّ الْإِحْيَاءَ سُنَّةٌ وَمَا كَانَ وَاجِبًا أَوْ سُنَّةً لَا يَتَوَقَّفُ حُصُولُ الثَّوَابِ فِيهِ عَلَى نِيَّةٍ وَقَوْلُهُ مِنْهَا أَيْ حَقِيقَةً إنْ كَانَ مِنْ نَفْسِ مَا ثَبَتَ فِيهَا أَوْ مِنْ أَجْلِهَا كَالْأُجْرَةِ الْمَذْكُورَةِ وَفِي زي نَقْلًا عَنْ الْإِسْعَادِ مَا نَصُّهُ بَيَانًا لِطُلَّابِ الرِّزْقِ مِنْ إنْسَانٍ أَوْ بَهِيمَةٍ أَوْ طَيْرٍ وَهُوَ يَشْمَلُ مَا يُزْرَعُ فِيهَا أَوْ يُغْرَسُ بَعْدَ الْإِحْيَاءِ اهـ. ع ش.

(قَوْلُهُ أَيْ طُلَّابُ الرِّزْقِ) أَيْ مِنْ إنْسَانٍ أَوْ بَهِيمَةٍ أَوْ طَيْرٍ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الذِّمِّيَّ لَيْسَ لَهُ الْإِحْيَاءُ لِأَنَّ الْأَجْرَ لَا يَكُونُ إلَّا لِلْمُسْلِمِ اهـ. إسْعَادٌ اهـ. زِيَادِيٌّ أَقُولُ: وَقَدْ تَمْنَعُ دَلَالَتُهُ عَلَى مَنْعِ إحْيَاءِ الذِّمِّيِّ وَقَوْلُهُ فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ التَّخْصِيصُ بِالْمُسْلِمِ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَهُ الصَّدَقَةُ وَيُثَابُ عَلَيْهَا إمَّا فِي الدُّنْيَا فَبِكَثْرَةِ الْمَالِ وَالْبَنِينَ وَإِمَّا فِي الْآخِرَةِ فَبِتَخْفِيفِ الْعَذَابِ كَبَاقِي الْمَطْلُوبَاتِ الَّتِي لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةٍ بِخِلَافِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ خُصُوصًا وَالتَّخْصِيصُ بِالْمُسْلِمِ يَقْتَضِي أَنَّ الْكَافِرَ لَا يَصِحُّ إحْيَاؤُهُ وَهُوَ فَاسِدٌ لِمَا يَأْتِي فِي الْمَتْنِ فِي قَوْلِهِ أَوْ بِبِلَادِ كُفَّارٍ إلَخْ وَالْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ الْوَارِدَةُ بِعُمُومٍ تَشْمَلُ الْكُفَّارَ فَإِنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِالْفُرُوعِ عَلَى الصَّحِيحِ وَلَوْ كَانَ التَّخْصِيصُ فِي الْخَبَرِ مُرَادًا لَقِيلَ بِبِلَادِ الْمُسْلِمِينَ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ الثَّوَابُ الْجَزَاءُ وَأَثَابَهُ اللَّهُ فَعَلَ لَهُ ذَلِكَ وَقَالَ فِي الْأَلِفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>