للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أَجْزَأَهُمْ) وُقُوفُهُمْ سَوَاءٌ أَبَانَ لَهُمْ ذَلِكَ فِي الْعَاشِرِ أَمْ بَعْدَهُ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِمْ إذْ لَوْ كُلِّفُوا بِهِ لَمْ يَأْمَنُوا وُقُوعَ مِثْلِ ذَلِكَ فِيهِ وَلِأَنَّ فِيهِ مَشَقَّةً عَامَّةً بِخِلَافِ مَا إذَا قَلُّوا وَلَيْسَ مِنْ الْغَلَطِ الْمُرَادِ لَهُمْ مَا إذَا وَقَعَ ذَلِكَ بِسَبَبِ حِسَابٍ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَخَرَجَ بِالْعَاشِرِ مَا لَوْ وَقَفُوا الْحَادِيَ عَشَرَ أَوْ الثَّامِنَ غَلَطًا فَلَا يُجْزِيهِمْ لِنُدْرَةِ الْغَلَطِ فِيهِمَا؛ وَلِأَنَّ تَأْخِيرَ الْعِبَادَةِ عَنْ وَقْتِهَا أَقْرَبُ إلَى الِاحْتِسَابِ مِنْ تَقْدِيمِهَا عَلَيْهِ فِي الثَّانِي.

(فَصْلٌ) فِي الْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ وَالدَّفْعِ مِنْهَا وَفِيمَا يُذْكَرُ مَعَهُمَا (يَجِبُ) بَعْدَ الدَّفْعِ مِنْ عَرَفَةَ (مَبِيتٌ) أَيْ مُكْثٌ (لَحْظَةٍ) وَلَوْ بِلَا نَوْمٍ (بِمُزْدَلِفَةَ) لِلِاتِّبَاعِ الْمَعْلُومِ مِنْ الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ وَالتَّصْرِيحُ بِالْوُجُوبِ وَبِالِاكْتِفَاءِ بِلَحْظَةٍ مِنْ زِيَادَتِي فَالْمُعْتَبَرُ الْحُصُولُ فِيهَا لَحْظَةً (مِنْ نِصْفٍ ثَانٍ) مِنْ اللَّيْلِ

ــ

[حاشية الجمل]

اهـ. م ر، ثُمَّ قَالَ أَعْنِي سم وَهَلْ يَثْبُتُ كَوْنُ الْحَادِيَ عَشَرَ هُوَ الْعِيدُ وَالثَّلَاثَةِ بَعْدَهُ هِيَ التَّشْرِيقُ فِي حَقِّ غَيْرِ الْحَجِيجِ أَيْضًا بِالنِّسْبَةِ لِصَلَاةِ الْعِيدِ وَذَبْحِ الْأُضْحِيَّةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي فِي غَيْرِهِمْ أَنَّ مَنْ سَلِمَ مِنْ الْغَلَطِ وَثَبَتَتْ الرُّؤْيَةُ فِي حَقِّهِ كَأَنْ كَانَ هُوَ الرَّائِيَ أَوْ لَا لَمْ يَثْبُتْ مَا ذُكِرَ فِي حَقِّهِ بَلْ يَعْمَلُ بِمُقْتَضَى تِلْكَ الرُّؤْيَةِ وَمِمَّا يُعَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّ بَعْضَ الْحَجِيجِ لَوْ انْفَرَدَ بِالرُّؤْيَةِ لَزِمَهُ الْعَمَلُ بِالرُّؤْيَةِ وَلَمْ يَجُزْ لَهُ مُوَافَقَةُ الْغَالِطِينَ وَإِنْ كَثُرُوا وَإِذَا كَانَ هَذَا فِي بَعْضِ الْحَجِيجِ فَفِي غَيْرِهِمْ أَوْلَى.

وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ وَمَنْ رَأَى الْهِلَالَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ مَرْدُودِ الشَّهَادَةِ وَقَفَ فِي التَّاسِعِ عِنْدَهُ وَإِنْ وَقَفَ النَّاسُ بَعْدَهُ اهـ. وَمَنْ لَمْ يَسْلَمْ مِنْ الْغَلَطِ بِأَنْ لَمْ يَرَهُ هُوَ وَلَا مَنْ يَلْزَمُهُ الْعَمَلُ بِرُؤْيَتِهِ فَيُحْتَمَلُ ثُبُوتُ مَا ذُكِرَ فِي حَقِّهِ تَبَعًا لِلْحَجِيجِ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ خَصَائِصِ الْحَجِّ أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ لَوْ تَرَكُوا الْحَجَّ وَوَقَفُوا فِي هَذَا الْغَلَطِ لَمْ يَثْبُتْ فِي حَقِّهِمْ هَذَا الْحُكْمُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، بَلْ الْعِبْرَةُ فِي حَقِّهِمْ بِمَا تَبَيَّنَ وَهَذَا كُلُّهُ بِالنِّسْبَةِ لِأَهْلِ مَكَّةَ وَمَنْ وَافَقَهُمْ فِي الْمَطْلَعِ أَمَّا مَنْ خَالَفَهُمْ فِيهِ فَلَا تَوَقُّفَ فِي عَدَمِ ثُبُوتِ مَا ذُكِرَ فِي حَقِّهِمْ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.

(قَوْلُهُ: أَجْزَأَهُمْ وُقُوفُهُمْ) وَيَكُونُ أَدَاءً لَا قَضَاءً؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُهُ الْقَضَاءُ أَصْلًا وَقَدْ قَالُوا لَيْسَ يَوْمُ الْفِطْرِ أَوَّلَ شَوَّالٍ مُطْلَقًا، بَلْ يَوْمَ يُفْطِرُ النَّاسُ، وَكَذَا يَوْمُ النَّحْرِ يَوْمَ يُضَحِّي النَّاسُ وَيَوْمُ عَرَفَةَ الَّذِي يَظْهَرُ لَهُمْ أَنَّهُ يَوْمُ عَرَفَةَ سَوَاءٌ التَّاسِعُ وَالْعَاشِرُ لِخَبَرِ «الْفِطْرُ يَوْمَ يُفْطِرُ النَّاسُ وَالْأَضْحَى يَوْمَ يُضَحِّي النَّاسُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلشَّافِعِيِّ «وَعَرَفَةُ يَوْمَ يَعْرِفُ النَّاسُ» ، وَمَنْ رَأَى الْهِلَالَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ وَشَهِدَ بِهِ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ يَقِفُ قَبْلَهُمْ لَا مَعَهُمْ وَيُجْزِيهِ إذْ الْعِبْرَةُ فِي دُخُولِ وَقْتِ عَرَفَةَ وَخُرُوجِهِ بِاعْتِقَادِهِ، وَهَذَا كَمَنْ شَهِدَ بِرُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ، وَقِيَاسُهُ وُجُوبُ الْوُقُوفِ عَلَى مَنْ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ وَوَقَعَ فِي قَلْبِهِ صِدْقُهُ اهـ. شَرْحُ م ر، وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُهُ الْقَضَاءُ أَصْلًا بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِي غَيْرِ يَوْمِهِ الْمَخْصُوصِ فِي غَيْرِ الْغَلَطِ الْمَارِّ وَإِلَّا فَهُوَ يَقْضِي بِالْإِفْسَادِ كَمَا يَأْتِي وَقَوْلُهُ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ فَالْمَدَارُ عَلَى أَنَّهُ رَآهُ، وَقَوْلُهُ وَقِيَاسُهُ وُجُوبُ الْوُقُوفِ عَلَى مَنْ أَخْبَرَهُ وَانْظُرْ هَلْ يُجْزِئُ هُنَا مَا مَرَّ فِي الصَّوْمِ مِنْ الْعَمَلِ بِالْحِسَابِ اهـ. رَشِيدِيٌّ وَلَا فَرْقَ فِي إجْزَاءِ الْوُقُوفِ غَلَطًا فِي الْعَاشِرِ بَيْنَ وُقُوفِهِمْ فِيهِ مَعًا أَوْ مُرَتَّبِينَ وَاحِدًا وَاحِدًا مَثَلًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ تَوَهَّمَ بَعْضُ الطَّلَبَةِ خِلَافَهُ اهـ. سم عَلَى حَجّ.

(قَوْلُهُ: مَا إذَا وَقَعَ ذَلِكَ بِسَبَبِ حِسَابٍ) أَيْ فَلَا يُجْزِيهِمْ وَوَجْهُهُ نِسْبَتُهُمْ إلَى التَّقْصِيرِ فِي الْحِسَابِ اهـ. رَشِيدِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالْعَاشِرِ إلَخْ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَإِنْ وَقَفُوا فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ غَلَطًا بِأَنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ بِرُؤْيَةِ هِلَالِ ذِي الْحِجَّةِ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ ذِي الْقِعْدَةِ ثُمَّ بَانَا كَافِرَيْنِ أَوْ فَاسِقَيْنِ وَعَلِمُوا قَبْلَ فَوَاتِ الْوُقُوفِ وَجَبَ الْوُقُوفُ فِي الْوَقْتِ تَدَارُكًا لَهُ وَإِنْ عَلِمُوا بَعْدَهُ أَيْ بَعْدَ فَوَاتِ وَقْتِ الْوُقُوفِ وَجَبَ الْقَضَاءُ لِهَذِهِ الْحِجَّةِ فِي عَامٍ آخَرَ فِي الْأَصَحِّ لِنُدْرَةِ الْغَلَطِ وَفَارَقَ الْعَاشِرُ بِأَنَّ تَأْخِيرَ الْعِبَادَةِ عَنْ وَقْتِهَا أَقْرَبُ إلَى الِاحْتِسَابِ مِنْ تَقْدِيمِهَا عَلَيْهِ وَبِأَنَّ الْغَلَطَ بِالتَّقْدِيمِ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَقَعُ لِغَلَطٍ فِي الْحِسَابِ أَوْ خَلَلٍ فِي الشُّهُودِ الَّذِينَ شَهِدُوا بِتَقْدِيمِ الْهِلَالِ وَالْغَلَطُ بِالتَّأْخِيرِ قَدْ يَكُونُ بِالْغَيْمِ الَّذِي لَا حِيلَةَ فِي دَفْعِهِ وَالثَّانِي لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ عَلَيْهِمْ قِيَاسًا عَلَى مَا إذَا غَلِطُوا بِالتَّأْخِيرِ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِمَا مَرَّ وَلَوْ غَلِطُوا بِيَوْمَيْنِ فَأَكْثَرَ أَوْ فِي الْمَكَانِ لَمْ يَصِحَّ جَزْمًا لِنُدْرَةِ ذَلِكَ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: فَلَا يُجْزِيهِمْ) وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - بِإِجْزَائِهِ لَهُمْ وَنَقَلَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ عَنْ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

[فَصْلٌ فِي الْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ]

وَيَنْقَضِي بِقَوْلِهِ لَزِمَهُ دَمٌ وَاَلَّذِي يُذْكَرُ مَعَهُ هُوَ قَوْلُهُ وَسُنَّ أَنْ يَأْخُذُوا مِنْهَا إلَى قَوْلِهِ إلَى أَسْفَارٍ، وَقَوْلُهُ وَالدَّفْعُ مِنْهَا هُوَ الْمَذْكُورُ بِقَوْلِهِ، ثُمَّ يَسِيرُوا فَيَدْخُلُوا مِنًى بَعْدَ طُلُوعِ شَمْسٍ وَاَلَّذِي يُذْكَرُ مَعَهُ هُوَ قَوْلُهُ فَيَرْمِي كُلٌّ إلَخْ الْفَصْلُ.

(قَوْلُهُ: يَجِبُ مَبِيتُ لَحْظَةٍ إلَخْ) وَقِيلَ الْمَبِيتُ سُنَّةٌ وَرَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ، وَقِيلَ رُكْنٌ وَعَلَيْهِ كَثِيرُونَ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَعَلَى كُلٍّ يَكْفِي فِيهِ لَحْظَةٌ مِنْ النِّصْفِ الثَّانِي اهـ. حَجّ.

(قَوْلُهُ: أَيْ مُكْثُ لَحْظَةٍ) عِبَارَةُ حَجّ وَيَحْصُلُ بِلَحْظَةٍ مِنْ النِّصْفِ الثَّانِي وَلَوْ بِالْمُرُورِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمْعٌ أَخْذًا مِنْ الْأُمِّ وَالْإِمْلَاءِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ تَعْبِيرُ الشَّارِحِ وَغَيْرِهِ بِمُكْثِ لَحْظَةٍ انْتَهَتْ، وَعِبَارَتُهُ فِي الْحَاشِيَةِ، بَلْ قَالَ السُّبْكِيُّ يُجْزِئُ الْمُرُورُ كَمَا فِي عَرَفَاتٍ وَعَلَيْهِ يَدُلُّ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ انْتَهَتْ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ كَمَا فِي عَرَفَاتٍ أَنَّهُ لَا يَنْصَرِفُ بِالصَّرْفِ وَأَنَّهُ يُجْزِئُ وَإِنْ قَصَدَ آبِقًا وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا مُزْدَلِفَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>