للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بَيْنَ زَوَالٍ وَفَجْرٍ) يَوْمَ (نَحْرٍ) لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَفِي خَبَرِهِ «وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ» وَلِخَبَرِ «الْحَجُّ عَرَفَةَ مَنْ جَاءَ لَيْلَةَ جَمْعٍ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ» ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَلَيْلَةُ جَمْعٍ هِيَ لَيْلَةُ الْمُزْدَلِفَةِ وَخَرَجَ بِالْأَهْلِ غَيْرُهُ كَمُغْمًى عَلَيْهِ وَسَكْرَانَ وَمَجْنُونٍ فَلَا يُجْزِئُهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا أَهْلًا لِلْعِبَادَةِ لَكِنْ يَقَعُ حَجُّهُمْ نَفْلًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخَانِ فِي الْمَجْنُونِ كَحَجِّ الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ فَاتَهُ الْحَجُّ لِصِحَّةِ حَمْلِهِ عَلَى فَوَاتِ الْحَجِّ الْوَاجِبِ.

(وَلَوْ فَارَقَهَا) أَيْ عَرَفَةَ (قَبْلَ غُرُوبٍ وَلَمْ يَعُدْ) إلَيْهَا (سُنَّ) لَهُ (دَمٌ) خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ لَا إنْ عَادَ إلَيْهَا وَلَوْ لَيْلًا؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا يُسَنُّ لَهُ وَهُوَ الْجَمْعُ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فِي الْمَوْقِفِ.

(وَلَوْ وَقَفُوا) الْيَوْمَ (الْعَاشِرَ غَلَطًا وَلَمْ يَقِلُّوا) عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ فِي الْحَجِيجِ لِظَنِّهِمْ أَنَّهُ التَّاسِعُ بِأَنْ غُمَّ عَلَيْهِمْ هِلَالُ ذِي الْحِجَّةِ فَأَكْمَلُوا ذَا الْقِعْدَةِ ثَلَاثِينَ ثُمَّ بَانَ لَهُمْ أَنَّ الْهِلَالَ أَهَلَّ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ

ــ

[حاشية الجمل]

لَا يُجْزِئُ، وَأَمَّا هَوَاهَا كَنَحْوِ سَحَابٍ أَوْ غُصْنِ شَجَرَةٍ أَصْلُهَا خَارِجٌ عَنْهَا أَوْ عَكْسُهُ فَلَا يَكْفِي وَلَوْ كَانَ وَلِيًّا وَمَرَّ عَلَيْهَا فِي الْهَوَاءِ فَإِنْ وَقَفَ عَلَى غُصْنٍ فِي هَوَائِهَا وَأَصْلُهُ فِي أَرْضِهَا كَفَى؛ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ هُنَا بِالْأَرْضِ وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَا فِي الِاعْتِكَافِ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِذَلِكَ كُلِّهِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: بَيْنَ زَوَالٍ وَفَجْرِ نَحْرٍ) قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ يَحْرُمُ تَأْخِيرُ الْوُقُوفِ إلَى اللَّيْلِ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ نَهَارًا، وَالرَّاجِحُ خِلَافُهُ وَعَلَى هَذَا هَلْ يُشْتَرَطُ لِلْجَوَازِ الْعَزْمُ عَلَى الْفِعْلِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ إذَا دَخَلَ وَقْتُهَا لَا يَبْعُدُ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ؛ لِأَنَّ تَلَبُّسَهُ بِالْإِحْرَامِ كَافٍ إذْ هُوَ شَامِلٌ لِجَمِيعِ الْأَرْكَانِ وَبِهَذَا فَارَقَ نَحْوَ الصَّلَاةِ وَأَيْضًا هُوَ جُزْءُ عِبَادَةٍ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَإِنَّمَا لَمْ يُعْتَبَرْ هُنَا مُضِيُّ قَدْرِ الْخُطْبَتَيْنِ وَالصَّلَاةِ بَعْدَ الزَّوَالِ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى اعْتِبَارِ الزَّوَالِ، بَلْ جَوَّزَهُ أَحْمَدُ قَبْلَهُ فَالْوَجْهُ الْقَائِلُ بِاشْتِرَاطِ ذَلِكَ كَمَا فِي الْأُضْحِيَّةِ شَاذٌّ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ التَّسْهِيلُ عَلَى الْحَاجِّ لِكَثْرَةِ أَعْمَالِهِ فَوُسِّعَ لَهُ الْوَقْتُ وَلَمْ يُضَيَّقْ عَلَيْهِ بِاشْتِرَاطِ تَوَقُّفِهِ عَلَى شَيْءٍ آخَرَ بَعْدَ الزَّوَالِ بِخِلَافِ الْمُضَحِّي اهـ. شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: وَفِي خَبَرِهِ وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر لِخَبَرِ «وَقَفْت هَا هُنَا وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: مَنْ جَاءَ لَيْلَةَ جَمْعٍ) أَيْ مَنْ جَاءَ عَرَفَةَ كَمَا يَدُلُّ لَهُ أَوَّلُ الْحَدِيثِ اهـ.

(قَوْلُهُ: هِيَ لَيْلَةُ الْمُزْدَلِفَةِ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِاجْتِمَاعِ الْحُجَّاجِ بِهَا أَوْ لِلْجَمْعِ فِيهَا بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ أَوْ لِاجْتِمَاعِ آدَمَ وَحَوَّاءَ بِهَا وَفِي تَسْمِيَتِهَا لَيْلَةَ جَمْعٍ رَدٌّ لِمَا قِيلَ إنَّهَا تُسَمَّى لَيْلَةَ عَرَفَةَ وَأَنَّ هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ كَوْنِ اللَّيْلِ يَسْبِقُ النَّهَارَ وَكَأَنَّ قَائِلَهُ تَوَهَّمَهُ مِنْ إعْطَائِهَا حُكْمَ يَوْمِ عَرَفَةَ فِي إدْرَاكِ الْوُقُوفِ وَهُوَ فَاسِدٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ. حَجّ.

(قَوْلُهُ: لَكِنْ يَقَعُ حَجُّهُمْ نَفْلًا) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمَجْنُونَ يَقَعُ حَجُّهُ نَفْلًا بِخِلَافِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالسَّكْرَانِ فَإِنَّ حَجَّهُمَا لَا يَقَعُ نَفْلًا وَلَا فَرْضًا وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَجْنُونَ لَهُ وَلِيٌّ يُحْرِمُ عَنْهُ وَلَا كَذَلِكَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالسَّكْرَانُ فَإِنَّهُ لَا وَلِيَّ لَهُمَا فَهُمَا وَإِنْ أَحْرَمَا عَنْ أَنْفُسِهِمَا قَبْلَ الْإِغْمَاءِ وَالسُّكْرِ لَيْسَ لَهُمَا مَنْ يَأْتِي عَنْهُمَا بِأَعْمَالِ الْحَجِّ اهـ. ز ي اهـ ع ش وَاعْتَمَدَ ح ل فِي السَّكْرَانِ تَفْصِيلًا فَقَالَ إنْ زَالَ عَقْلُهُ فَهُوَ كَالْمَجْنُونِ وَإِنْ لَمْ يَزُلْ انْتَظَرَتْ إفَاقَتَهُ وَيَقَعُ حَجُّهُ فَرْضًا وَسَبَقَهُ إلَى ذَلِكَ الشَّيْخُ سُلْطَانُ اهـ شَيْخُنَا وَفِي شَرْحِ م ر مَا يَقْتَضِي هَذَا التَّفْصِيلَ.

وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمُغْمَى عَلَيْهِ جَمِيعَ الْوَقْتِ لَا يَقَعُ حَجَّةُ لَا فَرْضًا وَلَا نَفْلًا لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ وَالسَّكْرَانِ إذَا زَالَ عَقْلُهُ فَيَقَعُ حَجُّهُمَا نَفْلًا بِخِلَافِ السَّكْرَانِ إذَا لَمْ يَزُلْ عَقْلُهُ فَيَقَعُ حَجُّهُ فَرْضًا وَسَوَاءٌ تَعَدَّى السَّكْرَانُ وَالْمَجْنُونُ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ بِمَا فَعَلُوهُ أَوْ لَا انْتَهَتْ. وَفِي الرَّشِيدِيِّ مَا نَصُّهُ وَصُورَتُهُ فِي الْمَجْنُونِ أَنْ يَبْنِيَ لَهُ وَلِيُّهُ عَلَى إحْرَامِهِ السَّابِقِ فَلَا يَكْفِي حُضُورُ الْمَجْنُونِ بِنَفْسِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: أَيْضًا لَكِنْ يَقَعُ حَجُّهُمْ نَفْلًا) هَذَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَهُوَ أَهْلٌ لِلْعِبَادَةِ فِي الْفَرْضِ لَا مُطْلَقًا اهـ. سم.

(قَوْلُهُ: سُنَّ دَمٌ) أَيْ كَدَمِ التَّمَتُّعِ اهـ. شَرْحُ م ر وَهُوَ دَمُ تَرْتِيبٍ وَتَقْدِيرٍ اهـ. حَجّ.

(قَوْلُهُ: خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ) وَهُوَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ لَيْلًا) غَايَةٌ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ عَوْدُهُ فِي اللَّيْلِ لَا يُسْقِطُ وُجُوبَ الدَّمِ؛ لِأَنَّ النُّسُكَ الْوَارِدَ الْجَمْعُ بَيْنَ آخِرِ النَّهَارِ وَأَوَّلِ اللَّيْلِ وَقَدْ فَوَّتَهُ اهـ. شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ وَقَفُوا الْعَاشِرَ إلَخْ) مُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْوُقُوفُ لَيْلَةَ الْحَادِيَ عَشَرَ وَهُوَ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَخَالَفَهُ ابْنُ الْمُقْرِي فِي إرْشَادِهِ فَصَرَّحَ بِصِحَّةِ الْوُقُوفِ لَيْلَةَ الْحَادِيَ عَشَرَ حَيْثُ قَالَ بَيْنَ زَوَالِ يَوْمٍ أَوْ ثَانِيهِ لِغَلَطِ الْجَمْعِ وَفَجْرِ غَدِهِ وَعَلَيْهِ فَلَا يُجْزِئُ قَبْلَ الزَّوَالِ وَيَكُونُ أَدَاءً وَلَا يَصِحُّ نَحْوُ رَمْيٍ إلَّا بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ وَتَقَدَّمَ الْوُقُوفُ وَلَا ذَبْحَ إلَّا بَعْدَ طُلُوعِ شَمْسِ الْحَادِيَ عَشَرَ وَمُضِيِّ قَدْرِ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ وَتَمْتَدُّ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ عَلَى حِسَابِ وُقُوفِهِمْ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَأَعْرَبَ بَعْضُهُمْ غَلَطًا مَفْعُولًا لَهُ لِيَشْمَلَ مَسْأَلَةَ الرَّافِعِيِّ وَهِيَ مَا لَوْ تَبَيَّنَ لَهُمْ الْحَالُ قَبْلَ الزَّوَالِ فَوَقَفُوا عَالِمِينَ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ يُجْزِيهِمْ إذْ لَوْ أُعْرِبَ مَصْدَرًا فِي مَوْضِعِ الْحَالِ بِمَعْنَى غَالِطِينَ خَرَجَتْ هَذِهِ الصُّورَةُ وَدَخَلَ غَلَطُ الْحَاسِبِ الَّذِي يَعْتَمِدُ مَنَازِلَ الْقَمَرِ وَتَقْدِيرَ سَيْرِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُجْزِيهِ، وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُ عِبَارَةِ الْأَصْلِ عَلَى الْحَالِ لِتَخَرُّجِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَإِنَّ فِيهَا خِلَافًا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ إذْ لَوْ دَخَلَتْ فِي عِبَارَتِهِ لَزِمَ الْقَطْعُ فِيهَا بِالْإِجْزَاءِ مَعَ أَنَّ فِيهَا خِلَافًا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَفِي سم عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ (فَرْعٌ)

الْوَجْهُ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ الْغَلَطُ صَارَ الْعَاشِرُ هُوَ يَوْمُ عَرَفَةَ شَرْعًا وَالْحَادِيَ عَشَرَ هُوَ الْعِيدُ شَرْعًا فِي حَقِّ كُلِّ مَنْ كَانَ مُحْرِمًا بِالْحَجِّ أَوْ أَحْرَمَ بِهِ فِي ذَلِكَ فَلَا تُجْزِئُ تَضْحِيَتُهُ فِي الْيَوْمِ التَّاسِعِ وَلَا الْعَاشِرِ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ صِحَّةُ صَوْمِهِ الْعَاشِرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>