للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْجَاهِلُ لِعُذْرِهِ وَكَالثِّقَةِ عَدَدُ التَّوَاتُرِ وَلَوْ مِنْ فَسَقَةٍ أَوْ كُفَّارٍ.

قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَكُلُّ ذَلِكَ فِي الظَّاهِرِ أَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَالْعِبْرَةُ بِمَا يَقَعُ فِي نَفْسِهِ مِنْ صِدْقٍ وَضِدِّهِ وَلَوْ مِنْ فَاسِقٍ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (وَكَذَا) يَبْطُلُ حَقُّهُ (لَوْ أَخْبَرَ بِالْبَيْعِ بِقَدْرٍ فَتَرَكَ فَبَانَ بِأَكْثَرَ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَرْغَبْ فِيهِ بِالْأَقَلِّ فَبِالْأَكْثَرِ أَوْلَى (لَا) إنْ بَانَ (بِدُونِهِ أَوْ لَقِيَ الْمُشْتَرِي فَسَلَّمَ عَلَيْهِ أَوْ بَارَكَ لَهُ فِي صَفْقَتِهِ) فَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُ؛ لِأَنَّ التَّرْكَ لِخَبَرٍ تَبَيَّنَّ كَذِبُهُ بِالزِّيَادَةِ فِي الْأُولَى، وَالسَّلَامُ سُنَّةٌ قَبْلَ الْكَلَامِ فِي الثَّانِيَةِ وَقَدْ يَدْعُو بِالْبَرَكَةِ لِيَأْخُذَ صَفْقَتَهُ مُبَارَكَةً فِي الثَّالِثَةِ وَتَعْبِيرِي بِقَدْرٍ وَبِدُونِهِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِأَلْفٍ وَبِخَمْسِمِائَةٍ

(كِتَابُ الْقِرَاضِ)

مُشْتَقٌّ مِنْ الْقَرْضِ وَهُوَ الْقَطْعُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْمَالِكَ قَطَعَ لِلْعَامِلِ قِطْعَةً مِنْ مَالِهِ يَتَصَرَّفُ فِيهَا وَقِطْعَةً مِنْ الرِّبْحِ، وَيُسَمَّى أَيْضًا مُضَارَبَةً كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَمُقَارَضَةً وَالْأَصْلُ فِيهِ الْإِجْمَاعُ وَالْحَاجَةُ، وَاحْتَجَّ لَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: ١٩٨] «وَبِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَارَبَ لِخَدِيجَةَ بِمَالِهَا إلَى الشَّامِ وَأَنْفَذَتْ مَعَهُ عَبْدَهَا مَيْسَرَةَ» وَالْقِرَاضُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي تَوْكِيلُ مَالِكٍ بِجَعْلِ مَالِهِ بِيَدِ آخَرَ لِيَتَّجِرَ فِيهِ، وَالرِّبْحُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ الْقِرَاضُ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مَالًا إلَى آخِرِهِ

(أَرْكَانُهُ) سِتَّةٌ (مَالِكٌ وَعَامِلٌ وَعَمَلٌ وَرِبْحٌ وَصِيغَةٌ وَمَالٌ وَشَرْطٌ فِيهِ) أَيْ فِي الْمَالِ

ــ

[حاشية الجمل]

حِصَّتِهِ كُلِّهَا، وَالرَّابِعَةُ هِيَ بَيْعُ بَعْضِ حِصَّتِهِ عَالِمًا بِالشُّفْعَةِ اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ الْجَاهِلُ لِعُذْرِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ جَهْلُهُ بِالْبَيْعِ أَوْ بِثُبُوتِ الشُّفْعَةِ مَعَ عِلْمِهِ بِالْبَيْعِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَمْ يُصَرِّحُوا بِالثَّانِيَةِ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ أَوْبَارَكَ لَهُ فِي صَفْقَتِهِ) أَيْ أَوْ سَأَلَهُ عَنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِهِ أَوْ سَلَّمَ عَلَيْهِ وَبَارَكَ لَهُ وَسَأَلَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ ظَاهِرُ تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ بِأَوْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ أَوْ فِي كَلَامِهِ مَانِعَةَ خُلُوٍّ فَتَجُوزُ الْجَمْعُ فَتَشْمَلُ مَا ذَكَرَ.

(قَوْلُهُ وَالسَّلَامُ سُنَّةٌ قَبْلَ الْكَلَامِ) وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يُنْدَبُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِنَحْوِ فِسْقِهِ كَذَا قَالَ حَجّ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ مَتَى سَلَّمَ عَلَى مَنْ لَا يُنْدَبُ السَّلَامُ عَلَيْهِ بَطَلَ حَقُّهُ حَيْثُ كَانَ عَالِمًا بِالْحَالِ اهـ. حَلَبِيٌّ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ السَّلَامَ لَوْ لَمْ يَكُنْ سُنَّةً كَأَنْ كَانَ فِي حَالٍ لَا يُطْلَبُ السَّلَامُ عَلَيْهِ فِيهِ بَطَلَ حَقُّهُ بِالسَّلَامِ اهـ. ع ش

[كِتَابُ الْقِرَاضِ]

(كِتَابُ الْقِرَاضِ) (قَوْلُهُ مُشْتَقُّ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَهُوَ بِكَسْرِ الْقَافِ لُغَةَ أَهْلِ الْحِجَازِ مُشْتَقٌّ مِنْ الْقَرْضِ وَهُوَ الْقَطْعُ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ يَقْطَعُ لِلْعَامِلِ قِطْعَةً مِنْ مَالِهِ يَتَصَرَّفُ فِيهَا وَقِطْعَةً مِنْ الرِّبْحِ أَوْ الْمُقَارَضَةِ وَهِيَ الْمُسَاوَاةُ لِتَسَاوِيهِمَا فِي الرِّبْحِ، أَوْ لِأَنَّ الْمَالَ مِنْ الْمَالِكِ وَالْعَمَلَ مِنْ الْعَامِلِ وَيُسَمَّى عِنْدَ أَهْلِ الْعِرَاقِ مُضَارَبَةً؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَضْرِبُ بِسَهْمٍ فِي الرِّبْحِ وَلِمَا فِيهِ غَالِبًا مِنْ السَّفَرِ وَهُوَ يُسَمَّى ضَرْبًا انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ سُمِّيَ بِذَلِكَ إلَخْ) لَعَلَّ الضَّمِيرَ الْمُسْتَكِنَ فِي الْفِعْلِ عَائِدٌ عَلَى الْمَعْنَى الِاصْطِلَاحِيِّ الْآتِي فِي قَوْلِهِ وَالْقِرَاضُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي إلَخْ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُقَدِّمَ هَذَا الْمَعْنَى هُنَا ثُمَّ يَقُولُ سُمِّيَ بِذَلِكَ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ فِيهِ) أَيْ فِي جَوَازِهِ اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ وَاحْتَجَّ) وَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْ الْآيَةِ أَنَّ الْفَضْلَ هُوَ الرِّبْحُ وَالرِّزْقُ وَطَلَبُهُ صَادِقٌ بِأَنْ يَطْلُبَهُ الْإِنْسَانُ بِمَالِهِ أَوْ بِمَالِ غَيْرِهِ وَأَتَى بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ لِعَدَمِ صَرَاحَةِ الْآيَةِ فِي الْمَطْلُوبِ اهـ. شَيْخُنَا وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكُنْ مُقَارِضًا؛ لِأَنَّ خَدِيجَةَ لَمْ تَدْفَعْ لَهُ مَالًا، وَإِنَّمَا كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التَّصَرُّفِ عَنْهَا فَهُوَ كَالْوَكِيلِ بِجَعْلٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ. فَرَاجِعْهُ وَفِي ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ وَأَنْفَذَتْ أَيْ أَرْسَلَتْ وَقَدْ يُرَدُّ عَلَيْهِ مَا قَالُوهُ فِي السِّيَرِ مِنْ أَنَّهَا اسْتَأْجَرَتْهُ بِقَلُوصَيْنِ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِتَعَدُّدِ الْوَاقِعَةِ أَوْ أَنَّ مَنْ عَبَّرَ بِالِاسْتِئْجَارِ تَسَمَّحَ بِهِ فَعَبَّرَ بِهِ عَنْ الْهِبَةِ انْتَهَى، وَعِبَارَتُهُ عَلَى الشَّارِحِ أَسْنَدَ الِاحْتِجَاجَ إلَى الْمَاوَرْدِيِّ لِمَا فِي الْآيَةِ مِنْ الْخَفَاءِ؛ لِأَنَّهَا تَحْتَمِلُ الدُّعَاءَ وَغَيْرَهُ فَلَيْسَتْ نَصًّا فِي الْقِرَاضِ انْتَهَتْ.

وَعِبَارَةُ الْمَدَابِغِيِّ قَوْلُهُ فَضْلًا أَيْ زِيَادَةً عَلَى مَالِكُمْ أَوْ مَالِ غَيْرِكُمْ وَهِيَ الرِّبْحُ فَصَحَّ الِاحْتِجَاجُ بِالْآيَةِ مِنْ حَيْثُ عُمُومُهَا فَإِنَّ الرِّبْحَ فَضْلٌ اهـ.

(قَوْلُهُ ضَارَبَ لِخَدِيجَةَ) أَيْ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِنَحْوِ شَهْرَيْنِ وَسِنُّهُ إذْ ذَاكَ نَحْوَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَهَذَا قَبْلَ النُّبُوَّةِ وَلَعَلَّ وَجْهَ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَكَاهُ مُقَرِّرًا لَهُ بَعْدَهَا وَهُوَ قِيَاسُ الْمُسَاقَاةِ بِجَامِعِ الْعَمَلِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا بِبَعْضِ مَالِهِ مَعَ جَهَالَةِ الْعِوَضِ، وَلِهَذَا اتَّحِدَا فِي أَكْثَرِ الْأَحْكَامِ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ تَقْدِيمُهَا عَلَيْهِ، وَلَعَلَّ عَكْسَهُمْ لِذَلِكَ إنَّمَا هُوَ؛ لِأَنَّهُ أَشْهَرُ وَأَكْثَرُ وَأَيْضًا فَهِيَ شَبِيهَةٌ بِالْإِجَارَةِ فِي اللُّزُومِ وَالتَّأْقِيتِ فَوُسِّطَتْ بَيْنَهُمَا إشْعَارًا بِمَا فِيهَا مِنْ الشَّبَهَيْنِ وَهُوَ رُخْصَةٌ لِخُرُوجِهِ عَنْ قِيَاسِ الْإِجَارَاتِ كَمَا أَنَّهَا كَذَلِكَ لِخُرُوجِهَا عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يُخْلَقْ. اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَأَنْفَذَتْ مَعَهُ عَبْدَهَا مَيْسَرَةَ) قَالَ السُّيُوطِيّ لَمْ أَقِفْ عَلَى رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ أَنَّهُ بَقِيَ إلَى الْبَعْثَةِ اهـ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَمْ أَرَ لَهُ ذِكْرًا فِي الصَّحَابَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ الْبَعْثَةِ وَلَوْ أَدْرَكَ الْبَعْثَةَ لَأَسْلَمَ، وَإِنَّمَا أَرْسَلَتْهُ مَعَهُ لِيَكُونَ مُعَاوِنًا لَهُ وَلِيَتَحَمَّلَ عَنْهُ الْمَشَاقَّ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ تَوْكِيلُ مَالِكٍ) أَيْ مَالِكٍ لِعَيْنِ الْمَالِ أَوْ لِلتَّصَرُّفِ فِيهِ لِيَدْخُلَ وَلِيُّ السَّفِيهِ وَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُقَارِضَ لَهُمْ فِي مَالِهِمْ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَلِوَلِيِّهِمْ أَنْ يُقَارِضَ لَهُمْ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ إلَخْ) وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ مُسَمَّى الْقِرَاضِ دَفْعُ الْمَالِ اهـ. ع ش أَيْ وَلَوْ بِدُونِ عَقْدٍ يَعْنِي مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَلِذَلِكَ حَاوَلَ م ر فِي عِبَارَةِ الْأَصْلِ فَقَالَ الْقِرَاضُ أَيْ مَوْضُوعُهُ الشَّرْعِيُّ هُوَ الْعَقْدُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى تَوْكِيلِ الْمَالِكِ لِآخَرَ وَعَلَى أَنْ يَدْفَعَ إلَخْ

(قَوْلُهُ وَعَمَلٌ وَرِبْحٌ) الْمُرَادُ مِنْ كَوْنِ الْعَمَلِ وَالرِّبْحِ رُكْنَيْنِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِمَا لِتُوجَدَ مَاهِيَّةُ الْقِرَاضِ فَانْدَفَعَ مَا قَبْلَ الْعَمَلِ وَالرِّبْحِ إنَّمَا يُوجَدَانِ بَعْدَ عَقْدِ الْقِرَاضِ بَلْ قَدْ يُقْرَضُ وَلَا يُوجَدُ عَمَلٌ مِنْ الْعَامِلِ أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>