قُدِّمَ حَقُّ الْآدَمِيِّ جَزْمًا كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَإِلَّا قُدِّمَتْ جَزْمًا كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ هُنَا.
(بَابُ أَدَاءِ زَكَاةِ الْمَالِ) هُوَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِفَصْلٍ لِعَدَمِ انْدِرَاجِهِ فِي تَرْجَمَةِ الْبَابِ قَبْلَهُ (يَجِبُ) أَيْ أَدَاؤُهَا (فَوْرًا) ؛ لِأَنَّ حَاجَةَ الْمُسْتَحِقِّينَ إلَيْهَا نَاجِزَةٌ (إذَا تَمَكَّنَ) مِنْ الْأَدَاءِ كَسَائِرِ الْوَاجِبَاتِ وَيَحْصُلُ التَّمَكُّنُ (بِحُضُورِ مَالِ) غَائِبٍ سَائِرٍ أَوْ قَارٍّ عَسِرَ الْوُصُولُ إلَيْهِ أَوْ مَالٍ مَغْصُوبٍ أَوْ مَجْحُودٍ أَوْ دَيْنٍ مُؤَجَّلٍ أَوْ حَالٍّ تَعَذَّرَ أَخْذُهُ (وَ) حُضُورِ (آخِذٍ) لِلزَّكَاةِ مِنْ إمَامٍ أَوْ سَاعٍ أَوْ مُسْتَحِقٍّ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْأَصْنَافِ (وَبِجَفَافٍ) لِثَمَرٍ (وَتَنْقِيَةٍ) لِحَبٍّ وَتِبْرٍ وَمَعْدِنٍ (وَخُلُوِّ مَالِكٍ مِنْ مُهِمٍّ) دِينِيٍّ أَوْ دُنْيَوِيٍّ كَصَلَاةٍ وَأَكْلٍ وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ مِنْ زِيَادَتِي (وَبِقُدْرَةٍ عَلَى غَائِبٍ قَارٍّ) بِأَنْ سَهُلَ الْوُصُولُ لَهُ (أَوْ) عَلَى اسْتِيفَاءِ دَيْنٍ (حَالٍّ) بِأَنْ كَانَ عَلَى مَلِيءٍ حَاضِرٍ بَاذِلٍ أَوْ عَلَى جَاحِدٍ وَبِهِ حُجَّةٌ وَقَوْلِي قَارٍّ مِنْ زِيَادَتِي (وَبِزَوَالِ حَجْرِ فَلَسٍ) ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ بِهِ مَانِعٌ مِنْ التَّصَرُّفِ فَالْأَدَاءُ إنَّمَا يَجِبُ عَلَى الْمُزَكِّي إذَا تَمَكَّنَ.
ــ
[حاشية الجمل]
تَقْيِيدُ هَذَا التَّفْصِيلِ بِمَا إذَا لَمْ تَتَعَلَّقْ الزَّكَاةُ بِالْعَيْنِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ النِّصَابُ وَلَا بَعْضُهُ مَوْجُودًا وَإِلَّا بِأَنْ تَعَلَّقَتْ بِالْعَيْنِ بِأَنْ كَانَ النِّصَابُ أَوْ بَعْضُهُ مَوْجُودًا قُدِّمَتْ مُطْلَقًا أَيْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ أَمْ لَا اهـ. مِنْ شَرْحِ م ر.
(قَوْلُهُ: قُدِّمَ حَقُّ الْآدَمِيِّ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ اجْتَمَعَ عَلَى حَيٍّ مَعَ حَقِّ الْآدَمِيِّ حُرِّيَّةٌ فَإِنَّهُ يُسَوَّى بَيْنَهُمَا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ نَقَلَهُ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي بَابِ الْجِزْيَةِ قُبَيْلَ الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ كِتَابِ الْأَيْمَانِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا قُدِّمَتْ جَزْمًا) أَيْ عَلَى دَيْنِ الْآدَمِيِّ وَلَوْ اجْتَمَعَتْ الزَّكَاةُ وَحُقُوقُ اللَّهِ وَضَاقَ الْمَالُ عَنْهَا قُسِّطَتْ إنْ أَمْكَنَ كَمَا فَعَلَ بِهِ فِيمَا لَوْ اجْتَمَعَتْ فِي التَّرِكَةِ كَمَا تَقَدَّمَ اهـ. ع ش عَلَى م ر وَفِي الشَّوْبَرِيِّ وَلَوْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ زَكَاةٌ وَحَجٌّ فَوْرِيٌّ فَيَظْهَرُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْغُرَمَاءِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِيمَنْ مَاتَ وَلَمْ يَفِ مَالُهُ بِالْحَقَّيْنِ نَقَلَهُ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي بَابِ الْفَلَسِ اهـ. .
[بَابُ أَدَاءِ زَكَاةِ الْمَالِ]
(بَابُ أَدَاءِ زَكَاةِ الْمَالِ) أَيْ بَابُ حُكْمِ الْأَدَاءِ مِنْ كَوْنِهِ فَوْرِيًّا أَوْ لَا وَمِنْ كَوْنِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِوَكِيلِهِ لِلْمُسْتَحِقِّينَ أَوْ لِلْحَاكِمِ وَمِنْ وُجُوبِ النِّيَّةِ فِيهِ. اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَيْ أَدَاؤُهَا) الْمُرَادُ بِالْأَدَاءِ الدَّفْعُ لَا الْأَدَاءُ بِالْمَعْنَى الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ لَا وَقْتَ لَهَا مَحْدُودٌ حَتَّى تَصِيرَ قَضَاءً بِخُرُوجِهِ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: بِحُضُورِ مَالٍ) أَيْ وَإِنْ عَسِرَ الْوُصُولُ إلَيْهِ مَعَ كَوْنِهِ حَاضِرًا لِاتِّسَاعِ الْبَلَدِ أَوْ ضَيَاعِ الْمِفْتَاحِ اهـ. مِنْ شَرْحِ م ر وع ش عَلَيْهِ وَهَذَا تَعْمِيمٌ فِي الْمَالِ الْحَاضِرِ بِالْفِعْلِ وَأَمَّا قَوْلُ الشَّارِحِ غَائِبٌ سَائِرًا وَقَارًّا. . . إلَخْ فَهُوَ بَيَانٌ لِحَالِ الْمَالِ قَبْلَ حُضُورِهِ وَبَيَانٌ لِمَحِلِّ اشْتِرَاطِ حُضُورِهِ أَيْ إنَّمَا يُشْتَرَطُ حُضُورُهُ إذَا كَانَ فِي حَالِ غَيْبَتِهِ فِي وَقْتِ الْوُجُوبِ سَائِرًا فِي السُّفُنِ أَوْ الْقَوَافِلِ أَوْ قَارًّا مَاكِثًا فِي مَحَلِّ غَيْبَتِهِ كَمَا لَوْ كَانَ الْمَالِكُ وَقْتَ الْوُجُوبِ بِمِصْرَ، وَالْمَالُ مُسْتَقِرٌّ بِمَكَّةَ مَثَلًا وَقَوْلُهُ: عَسِرَ الْوُصُولُ لَهُ مُحْتَرَزُهُ سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَبِقُدْرَةٍ عَلَى غَائِبٍ قَارٍّ أَيْ إنَّ الْمَالَ إذَا كَانَ وَقْتَ الْوُجُوبِ قَارًّا وَسَهُلَ الْوُصُولُ إلَيْهِ لَا يُشْتَرَطُ فِي التَّمَكُّنِ حُضُورُهُ بِالْفِعْلِ بَلْ سُهُولَةُ الْوُصُولِ إلَيْهِ كَافِيَةٌ فِي التَّمَكُّنِ فَيَجِبُ عَلَى الْفَوْرِ إخْرَاجُ زَكَاتِهِ مَعَ أَنَّهُ غَائِبٌ تَأَمَّلْ اهـ.
شَيْخُنَا وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: بِحُضُورِ مَالٍ أَيْ بِحُضُورِ الْمَالِ إلَيْهِ أَوْ بِحُضُورِهِ عِنْدَ الْمَالِ وَلَوْ تَقْدِيرًا اهـ. (قَوْلُهُ: سَائِرًا) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ الْمَالِكُ أَوْ وَكِيلُهُ مُسَافِرًا مَعَهُ وَإِلَّا وَجَبَ الْإِخْرَاجُ فِي الْحَالِ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُهُمْ فِي قِسْمِ الصَّدَقَاتِ إنْ كَانَ بِبَادِيَةٍ صَرَفَ إلَى فُقَرَاءِ أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِ اهـ. سُلْطَانٌ (قَوْلُهُ: أَوْ حَالَ تَعَذُّرِ أَخْذِهِ) بِأَنْ كَانَ عَلَى مُعْسِرٍ أَوْ مَلِيءٍ وَلَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ حُجَّةٌ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَعَذَّرْ أَخْذُهُ بِأَنْ كَانَ عَلَى مَلِيءٍ بَاذِلٍ حَاضِرٍ أَوْ عَلَى جَاحِدٍ وَبِهِ حُجَّةٌ فَإِنَّهَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ فَوْرًا وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى أَخْذِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَوْ عَلَى اسْتِيفَاءِ دَيْنٍ حَالٍّ فَهُوَ مُحْتَرَزُ مَا هُنَا. اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَوْ مُسْتَحِقٍّ) وَلَا يَكْفِي حُضُورُ الْمُسْتَحِقِّينَ وَحْدَهُمْ حَيْثُ وَجَبَ الصَّرْفُ إلَى الْإِمَامِ بِأَنْ طَلَبَهَا عَنْ الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ كَمَا سَيَأْتِي فَلَا يَحْصُلُ التَّمَكُّنُ بِذَلِكَ فَلَوْ حَضَرَ بَعْضُ مُسْتَحِقِّيهَا فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ حَتَّى لَوْ تَلِفَ الْمَالُ ضَمِنَ حِصَّتَهُمْ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا أَوْ مُسْتَحِقٍّ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبُوهُ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ دَيْنِ الْآدَمِيِّ حَيْثُ لَا يَجِبُ دَفْعُهُ إلَّا بِالطَّلَبِ أَنَّ الدَّيْنَ لَزِمَ ذِمَّةَ الْمَدِينِ بِاخْتِيَارِهِ وَرِضَاهُ فَتُوُقِّفَ وُجُوبُ دَفْعِهِ عَلَى طَلَبِهِ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ وَجَبَ لَهُ بِحُكْمِ الشَّرْعِ وَدَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى احْتِيَاجِهِ إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ فَقِيرٌ فَلَمْ يُتَوَقَّفْ وُجُوبُ دَفْعِهِ عَلَى طَلَبٍ. اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: بِأَنْ سَهُلَ الْوَصْلُ إلَيْهِ) تَصْوِيرٌ لِلْقُدْرَةِ عَلَى الْغَائِبِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى اسْتِيفَاءِ دَيْنٍ) حَالٍّ وَسَيَأْتِي تَعَلُّقُ الزَّكَاةِ بِعَيْنِ الْمَالِ فَعَلَيْهِ يَمْلِكُ الْمُسْتَحِقُّونَ مِنْ الدَّيْنِ مَا وَجَبَ لَهُمْ وَمَعَ ذَلِكَ يَدَّعِي الْمَالِكُ بِالْكُلِّ وَيَحْلِفُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةَ الْقَبْضِ وَمِنْ ثَمَّ لَا يَحْلِفُ أَنَّهُ لَهُ مَثَلًا بَلْ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ قَبْضَهُ قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَلَا يَجُوزُ جَعْلُ دَيْنِهِ عَلَى مُعْسِرٍ مِنْ زَكَاتِهِ إلَّا إنْ قَبَضَهُ مِنْهُ ثُمَّ نَوَاهَا قَبْلَ الْأَدَاءِ إلَيْهِ أَوْ مَعَهُ أَوْ يُعْطِيهِ مِنْ زَكَاتِهِ ثُمَّ يَرُدُّهَا إلَيْهِ عَنْ دَيْنِهِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ اهـ. حَجّ (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ عَلَى مَلِيءٍ. . . إلَخْ) تَصْوِيرٌ لِلْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ الْحَالِّ (قَوْلُهُ: وَبِزَوَالِ حَجْرِ فَلَسٍ) بِخِلَافِ حَجْرِ السَّفَهِ لَا يُشْتَرَطُ زَوَالُهُ بَلْ يُخْرِجُ الْوَلِيُّ كَمَا مَرَّ. اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَبِزَوَالِ حَجْرِ فَلَسٍ) أَيْ، وَالزَّكَاةُ مُتَعَلِّقَةٌ بِالذِّمَّةِ وَإِلَّا قُدِّمَتْ عَلَى الْغُرَمَاءِ وَلَا يُحْتَاجُ إلَى زَوَالِ الْحَجْرِ اهـ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute