للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيَبْطُلُ حَقُّهُ مُطْلَقًا وَلَوْ لَمْ يُفَارِقْ الْمَحَلَّ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ حَتَّى لَوْ اسْتَمَرَّ إلَى وَقْتِ صَلَاةٍ أُخْرَى فَحَقُّهُ بَاقٍ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد السَّابِقِ وَإِنَّمَا لَمْ يَسْتَمِرَّ حَقُّهُ مَعَ الْمُفَارَقَةِ كَمَقَاعِدِ الشَّوَارِعِ لِأَنَّ غَرَضَ الْمُعَامَلَةِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَقَاعِدِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ بِبِقَاعِ الْمَسْجِدِ (أَوْ) سَبَقَ إلَى مَحَلٍّ (مِنْ نَحْوِ رِبَاطٍ) مُسَبَّلٍ كَخَانِقَاهْ وَفِيهِ شَرْطُ مَنْ يَدْخُلُهُ (وَخَرَجَ) مِنْهُ (لِحَاجَةٍ) وَلَمْ تَطُلْ غَيْبَتُهُ كَشِرَاءِ طَعَامٍ وَدُخُولِ حَمَّامٍ (فَحَقُّهُ بَاقٍ) وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ فِيهِ مَتَاعَهُ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْإِمَامُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ بِخِلَافِ مَا لَوْ خَرَجَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ أَوْ لِحَاجَةٍ وَطَالَتْ غَيْبَتُهُ فَيَبْطُلُ حَقُّهُ

(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُكْمِ الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ الْمُسْتَفَادَةِ مِنْ الْأَرْضِ

(الْمَعْدِنُ) بِمَعْنَى مَا يُسْتَخْرَجُ مِنْهَا نَوْعَانِ: ظَاهِرٌ وَبَاطِنٌ. فَالْمَعْدِنُ (الظَّاهِرُ مَا خَرَجَ بِلَا عِلَاجٍ) وَإِنَّمَا الْعِلَاجُ فِي تَحْصِيلِهِ (كَنِفْطٍ) بِكَسْرِ النُّونِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا مَا يُرْمَى بِهِ (وَكِبْرِيتٍ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ (وَقَارٍ) أَيْ زِفْتٍ (وَمُومْيَا) بِضَمِّ أَوَّلِهِ يُمَدُّ وَيُقْصَرُ، وَهُوَ شَيْءٌ يُلْقِيهِ الْبَحْرُ إلَى السَّاحِلِ فَيَجْمُدُ وَيَصِيرُ كَالْقَارِ (وَبِرَامٍ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ حَجَرٌ تُعْمَلُ مِنْهُ الْقُدُورُ. (وَ) الْمَعْدِنُ (الْبَاطِنُ بِخِلَافِهِ) أَيْ بِخِلَافِ الظَّاهِرِ فَهُوَ مَا لَا يَخْرُجُ إلَّا بِعِلَاجٍ (كَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَحَدِيدٍ) وَلِقِطْعَةِ ذَهَبٍ مَثَلًا أَظْهَرَهَا السَّيْلُ حُكْمُ الْمَعْدِنِ الظَّاهِرِ (وَلَا يُمْلَكُ ظَاهِرٌ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (عَلِمَهُ) أَيْ مَنْ يُحْيِي (بِإِحْيَاءٍ) كَمَا عَلَيْهِ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ (وَلَا بَاطِنٌ بِحَفْرٍ) ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْمَوَاتَ، وَهُوَ إنَّمَا يُمْلَكُ بِالْعِمَارَةِ، وَحَفْرُ الْمَعْدِنِ

ــ

[حاشية الجمل]

ح ل.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَا عِبْرَةَ بِفَرْشِ سَجَّادَةٍ لَهُ قَبْلَ حُضُورِهِ فَلِغَيْرِهِ تَنْحِيَتُهَا بِرِجْلِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرْفَعَهَا بِهِ عَنْ الْأَرْضِ لِئَلَّا تَدْخُلَ فِي ضَمَانِهِ وَلَوْ قِيلَ: حُرْمَةُ فَرْشِهَا كَمَا يُفْعَلُ بِالرَّوْضَةِ الشَّرِيفَةِ وَخَلْفَ مَقَامِ سَيِّدِنَا إبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا وَسَلَّمَ لَمْ يَبْعُدْ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضْيِيقِ عَلَى النَّاسِ وَتَحَجُّرِ الْمَسْجِدِ وَلَا نَظَرَ لِتَمَكُّنِهِمْ مِنْ تَنْحِيَتِهَا لِأَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَهَابُ ذَلِكَ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ فَيَبْطُلُ حَقُّهُ مُطْلَقًا) أَيْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ أَوْ لَا اهـ. ع ش وَيَصِحُّ أَنْ يُفَسَّرَ الْإِطْلَاقُ بِأَنْ يُقَالَ مُطْلَقًا أَيْ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا بَلْ هَذَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ سِيَاقِ الْعِبَارَةِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ بِبِقَاعِ الْمَسْجِدِ) اعْتَرَضَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ الصَّلَاةَ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ أَفْضَلُ وَرُدَّ بِأَنَّ هَذَا إنَّمَا جَاءَ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِمَامِ اهـ. ح ل.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَاعْتِرَاضُ الرَّافِعِيِّ بِأَنَّ ثَوَابَهَا فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ أَكْثَرُ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ لَوْ تَرَكَ لَهُ مَوْضِعَهُ مِنْهُ وَأُقِيمَتْ لَزِمَ عَدَمُ اتِّصَالِ الصَّفِّ الْمُسْتَلْزِمِ لِنَقْصِهَا فَإِنَّ تَسْوِيَتَهُ مِنْ تَمَامِهَا وَمَجِيئُهُ فِي أَثْنَائِهَا لَا يَجْبُرُ الْخَلَلَ الْوَاقِعَ فِي الْأَوَّلِ وَبِأَنَّ الصَّفَّ الْأَوَّلَ لَا يَتَعَيَّنُ لَهُ مِنْ الْمَسْجِدِ مَحَلٌّ بَلْ هُوَ مَا يَلِي الْإِمَامَ فِي أَيِّ مَكَان مِنْهُ فَثَوَابُهُ غَيْرُ مُخْتَلِفٍ بِاخْتِلَافِ بِقَاعِهِ بِخِلَافِ مَقَاعِدِ الْأَسْوَاقِ فَإِنَّهَا مُخْتَلِفَةٌ فِي ذَاتِهَا مِنْ حَيْثُ اخْتِصَاصُ بَعْضِهَا بِكَثْرَةِ الْوَارِدِينَ فِيهِ وَبِالْوِقَايَةِ مِنْ نَحْوِ حَرٍّ وَبَرْدٍ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ الْجَوَابِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ يُلْزِمُ قَائِلَهُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ مَجِيئِهِ قَبْلُ فَيَبْقَى حَقُّهُ وَبَيْنَ أَنْ يَتَأَخَّرَ فَيَبْطُلَ حَقُّهُ وَهُمْ لَمْ يَقُولُوا بِذَلِكَ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ أَوْ مِنْ نَحْوِ رِبَاطٍ) هُوَ مَا يُبْنَى لِلْمُحْتَاجِينَ وَالْخَانِقَاهْ مَا يُبْنَى لِلصُّوفِيَّةِ فَهُوَ أَخَصُّ (قَوْلُهُ مِنْ نَحْوِ رِبَاطٍ) لَا يُشْتَرَطُ فِي اسْتِحْقَاقِهِ وَبَقَاءِ حَقِّهِ إذْنُ النَّاظِرِ إلَّا أَنْ شَرَطَهُ الْوَاقِفُ أَوْ اطَّرَدَتْ الْعَادَةُ بِاسْتِئْذَانِهِ اهـ. م ر.

(فَرْعٌ) لَيْسَ لِلْمُسْلِمِ دُخُولُ كَنِيسَةٍ بِغَيْرِ إذْنِ أَهْلِهَا اهـ. سم (قَوْلُهُ وَفِيهِ شَرْطُ مَنْ يَدْخُلُهُ) وَلِغَيْرِ أَهْلِ الْمَدْرَسَةِ مَا اُعْتِيدَ فِيهَا مِنْ نَحْوِ نَوْمٍ وَشُرْبٍ وَطُهْرٍ مِنْ مَائِهَا مَا لَمْ يَنْقُصْ الْمَاءُ عَنْ حَاجَةِ أَهْلِهَا عَلَى الْأَوْجَهِ قَالَهُ فِي التُّحْفَةِ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَهَلْ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ مَنَعَهُ أَهْلُهَا وَهَلْ لَهُمْ الْمَنْعُ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ ضَرَرٌ لَهُمْ حُرِّرَ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَخَرَجَ مِنْهُ لِحَاجَةٍ) اُنْظُرْ لَمْ لِمَ يَقُلْ هُنَا لِيَعُودَ كَمَا قَالَ فِي الَّذِي قَبْلَهُ وَلَعَلَّ هَذَا يُفْهَمُ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالْحَاجَةِ إذْ شَأْنُ مَنْ خَرَجَ لِحَاجَةٍ الْعَوْدُ (قَوْلُهُ وَطَالَتْ غَيْبَتُهُ) أَيْ بِحَيْثُ يُعَدُّ مُعْرِضًا اهـ. ح ل

[فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ الْمُسْتَفَادَةِ مِنْ الْأَرْضِ]

(فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَقِسْمَةِ مَاءِ الْقَنَاةِ الْمُشْتَرَكَةِ (قَوْلُهُ: الْمَعْدِنُ الظَّاهِرُ إِلَخْ) هَذَا لَيْسَ هُوَ الْحُكْمَ، بَلْ تَوْطِئَةٌ وَالْحُكْمُ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَا يُمْلَكُ ظَاهِرٌ عَلِمَهُ (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى مَا يُسْتَخْرَجُ مِنْهَا) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر: الْمَعْدِنُ حَقِيقَةُ الْبُقْعَةِ الَّتِي أَوْدَعَهَا اللَّهُ تَعَالَى جَوَاهِرَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا؛ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِعُدُونِ أَيْ إقَامَةِ مَا أَثْبَتَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا، وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا انْتَهَتْ. وَتَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ أَنَّهُ يُطْلَقُ حَقِيقَةً عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمَكَانِ وَالْجَوْهَرِ الْمَخْلُوقِ فِيهِ وَأَنَّهُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا بِفَتْحِ الدَّالِ وَكَسْرِهَا اهـ.

(قَوْلُهُ مَا يُرْمَى بِهِ) وَهُوَ الْمُسَمَّى الْآنَ بِالْبَارُودِ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ هُوَ دُهْنٌ يَكُونُ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ فِي الْعَيْنِ اهـ. أُجْهُورِيٌّ عَلَى التَّحْرِيرِ، وَهُوَ الْمُسَمَّى الْآنَ بِالزَّيْتِ الْجَبَلِيِّ فَقَدْ أَخْبَرَنِي مَنْ يُوثَقُ بِهِ أَنَّ الْجَبَلَ الْمُقَابِلَ لِلطُّورِ بِسَاحِلِ الْبَحْرِ الْمِلْحِ فِي الْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إذَا اشْتَدَّتْ حَرَكَاتُ الْبَحْرِ وَارْتَفَعَ مَوْجُهُ فِي فَصْلِ الشِّتَاءِ يَصِلُ مَاؤُهُ إلَى حُفَرٍ فِي ذَلِكَ الْجَبَلِ فَيَبْقَى فِيهَا بَعْدَ مُدَّةٍ يَجِدُونَ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ الَّذِي فِي الْحُفَرِ شَيْئًا يُشْبِهُ الزَّيْتَ فِي الطَّعْمِ وَاللَّوْنِ فَيَقْشِطُونَهُ مِنْ فَوْقَ الْمَاءِ وَيَبِيعُونَهُ غَالِبًا الرَّطْلُ بِنَحْوِ دِينَارٍ، وَهُوَ نَافِعٌ لِجَبْرِ الْعِظَامِ الْمُنْكَسِرَةِ.

(قَوْلُهُ وَكِبْرِيتٌ) أَصْلُهُ عَيْنٌ تَجْرِي فَإِذَا جَمَدَ مَاؤُهَا صَارَ كِبْرِيتًا وَأَعَزُّهُ الْأَحْمَرُ وَيُقَالُ إنَّهُ مِنْ الْجَوَاهِرِ وَلِهَذَا يُضِيءُ فِي مَعْدِنِهِ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَهُوَ شَيْءٌ يُلْقِيهِ الْبَحْرُ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْعَنْبَرَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ يَنْبُتُ فِي قَاعِ الْبِحَارِ ثُمَّ يَقْذِفُهُ الْمَاءُ بِتَمَوُّجِهِ إلَى الْبَرِّ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ يَصِيرُ كَالْقَارِ) وَيُؤْخَذُ مِنْ عِظَامِ مَوْتَى الْكُفَّارِ شَيْءٌ يُسَمَّى بِذَلِكَ، وَهُوَ نَجَسٌ أَوْ مُتَنَجِّسٌ اهـ. شَرْحُ م ر اهـ. ع ش.

(قَوْلُهُ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ) جَمْعُ بُرْمَةٍ بِضَمِّهِ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ بِإِحْيَاءٍ) بِأَنْ يُنْصَبَ عَلَيْهِ عَلَامَاتٌ؛ لِأَنَّ إحْيَاءَ كُلِّ شَيْءٍ بِحَسْبِهِ اهـ. ح ل وَمُقْتَضَى هَذِهِ الْعِبَارَاتِ أَنَّ الْإِحْيَاءَ فِي الْمَتْنِ إحْيَاءُ الْمَعْدِنِ نَفْسِهِ وَالْأَوْلَى أَنْ يُرَادَ بِهِ إحْيَاءُ الْبُقْعَةِ نَفْسِهَا اهـ (قَوْلُهُ كَمَا عَلَيْهِ السَّلَفُ وَالْخَلْفُ) الْمُرَادُ مِنْ مِثْلِ هَذِهِ الْعِبَارَةِ الْمُتَقَدِّمُونَ وَالْمُتَأَخِّرُونَ اهـ. ع ش.

(قَوْلُهُ وَلَا بَاطِنٌ بِحَفْرٍ) اُنْظُرْ لِمَ خَصَّ الْبَاطِنَ بِذَلِكَ فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الظَّاهِرَ كَالْبَاطِنِ فِي ذَلِكَ لَا يُمْلَكُ بِمُجَرَّدِ الْحَفْرِ فَلْيُحَرَّرْ اهـ. سم

<<  <  ج: ص:  >  >>