(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَمَا يُبِيحُ تَرْكَ صَوْمِهِ (شَرْطُ وُجُوبِهِ إسْلَامٌ) وَلَوْ فِيمَا مَضَى وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي (وَتَكْلِيفٌ) كَمَا فِي الصَّلَاةِ فِيهِمَا (وَإِطَاقَةٌ لَهُ) وَصِحَّةٌ وَإِقَامَةٌ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فَلَا يَجِبُ عَلَى كَافِرٍ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ فِي الصَّلَاةِ وَلَا عَلَى صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ وَسَكْرَانٍ وَلَا عَلَى مَنْ لَا يُطِيقُهُ حِسًّا أَوْ شَرْعًا لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ أَوْ حَيْضٍ أَوْ نَحْوِهِ وَلَا عَلَى مَرِيضٍ وَمُسَافِرٍ بِقَيْدٍ يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَوُجُوبُهُ عَلَيْهِمَا وَعَلَى السَّكْرَانِ، وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ، وَالْحَائِضِ وَنَحْوِهَا عِنْدَ مَنْ عَبَّرَ بِوُجُوبِهِ عَلَيْهِمْ وُجُوبُ انْعِقَادِ سَبَبٍ كَمَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فِي الْأُصُولِ لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِمْ كَمَا سَيَأْتِي وَمَنْ أَلْحَقَ بِهِمْ الْمُرْتَدَّ فِي ذَلِكَ فَقَدْ سَهَا فَإِنَّ وُجُوبَهُ عَلَيْهِ وُجُوبُ تَكْلِيفٍ.
ــ
[حاشية الجمل]
لَا يُنَاسِبُ الصَّائِمَ اهـ. شَرْحُ م ر وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَصْلٌ فِي شُرُوطِ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَمَا يُبِيحُ تَرْكَ صَوْمِهِ]
(فَصْلٌ فِي شُرُوطِ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ. إلَخْ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ: وَيَجِبُ قَضَاءُ مَا فَاتَ وَلَوْ بِعُذْرٍ إلَى آخِرِ الْفَصْلِ وَتَقَدَّمَتْ شُرُوطُ الصِّحَّةِ فِي قَوْلِهِ وَشَرْطُهُ إسْلَامٌ. إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِيمَا مَضَى) أَيْ فَيَدْخُلُ الْمُرْتَدُّ وَفِيهِ أَنَّ إطْلَاقَ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِ مَجَازٌ يَحْتَاجُ إلَى قَرِينَةٍ وَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ الْقَرِينَةُ قَوْلَهُ فِيمَا بَعْدُ لَا بِكُفْرٍ أَصْلِيٍّ فَيَكُونُ لَفْظُ إسْلَامٍ فِي كَلَامِهِ مُسْتَعْمَلًا فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ. اهـ شَيْخُنَا وَكَأَنَّهُ انْتَقَلَ نَظَرُهُ مِنْ عِبَارَتِهِ فِي الصَّلَاةِ إلَى مَا هُنَا وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا إذْ هُنَاكَ عَبَّرَ بِالْمُشْتَقِّ وَهُنَا بِالْمَصْدَرِ، وَهُوَ حَقِيقَةٌ فِي الْأَزْمِنَةِ الثَّلَاثَةِ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ: وَقَرِينَةُ التَّعْمِيمِ. إلَخْ وَلَا يَقُولُ وَقَرِينَةُ الْمَجَازِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَتَكْلِيفٌ) أَيْ بُلُوغٌ وَعَقْلٌ وَقَوْلُهُ: كَمَا فِي الصَّلَاة أَيْ قِيَاسًا عَلَى اشْتِرَاطِهِمَا أَيْ الْإِسْلَامَ وَالتَّكْلِيفَ فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: وَصِحَّةٌ) قَدْ يُقَالُ يُغْنِي عَنْ الصِّحَّةِ الْإِطَاقَةُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ الْإِطَاقَةُ حِسًّا وَشَرْعًا كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ بَعْدُ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا إذَا لَمْ تَلْحَقْهُ مَشَقَّةٌ تُبِيحُ التَّيَمُّمَ ثُمَّ رَأَيْت بِهَامِشِ قَوْلِهِ: وَإِطَاقَةٌ أَيْ وَلَوْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَدَخَلَ الْمَرِيضُ الَّذِي يُرْجَى بُرْؤُهُ؛ لِأَنَّهُ مُطِيقٌ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَأَخْرَجَهُ بِقَوْلِهِ وَصِحَّةٌ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ فِي الْمُحْتَرَزَاتِ الْآتِيَةِ اهـ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ أَيْضًا بِأَنَّ الْمُرَادَ الْإِطَاقَةُ بِالْفِعْلِ تَدَبَّرْ.
وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ فِي هَذَا الْمَقَامِ إنَّ بَيْنَ مُحْتَرِزَيْ الْإِطَاقَةِ وَالصِّحَّةِ عُمُومًا وَخُصُوصًا مِنْ وَجْهٍ يَجْتَمِعَانِ فِي مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ وَيَنْفَرِدُ الْأَوَّلُ فِي الْكِبَرِ وَالْحَيْضِ وَنَحْوِهِمَا وَيَنْفَرِدُ الثَّانِي فِي مَرَضٍ يُرْجَى بُرْؤُهُ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَلَا عَلَى مَرِيضٍ أَيْ أَعَمَّ مِنْ أَنْ يُرْجَى بُرْؤُهُ أَمْ لَا وَإِذَا عَرَفْت أَنَّ بَيْنَ الْمُحْتَرَزَيْنِ النِّسْبَةُ الْمَذْكُورَةُ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يُغْنِي أَحَدُ قَيْدَيْهِمَا عَنْ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: بِالْمَعْنَى السَّابِقِ فِي الصَّلَاةِ) أَيْ وُجُوبُ مُطَالَبَةٍ فِي الدُّنْيَا (قَوْلُهُ: وَلَا عَلَى صَبِيٍّ) لَكِنْ يُؤْمَرُ بِهِ لِسَبْعٍ إذَا أَطَاقَ وَمَيَّزَ وَيُضْرَبُ عَلَى تَرْكِهِ لِعَشْرٍ لِيَتَمَرَّنَ عَلَيْهِ، وَالصَّبِيَّةُ كَالصَّبِيِّ، وَالْأَمْرُ وَالضَّرْبُ وَاجِبَانِ عَلَى الْوَلِيِّ كَمَا مَرَّ فِي الصَّلَاةِ خِلَافًا لِلْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ حَيْثُ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا. اهـ. شَرْحُ م ر فَالصِّبَا وَالْجُنُونُ، وَالْحَيْضُ، وَالنِّفَاسُ مَانِعَةٌ مِنْ الْوُجُوبِ بَلْ مَا عَدَا الصِّبَا مَانِعٌ مِنْ الصِّحَّةِ إنْ تَقَدَّمَ عَلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ وَمُبْطِلٌ لِلصَّوْمِ إنْ طَرَأَ عَلَيْهِ لَا يُقَالُ لَا يُتَصَوَّرُ بُطْلَانُ الصَّوْمِ بِطُرُوءِ النِّفَاسِ؛ لِأَنَّهُ مَسْبُوقٌ بِالْوِلَادَةِ وَهِيَ مُبْطِلَةٌ فَالنِّفَاسُ إنَّمَا حَصَلَ بَعْدَ بُطْلَانِهِ؛ لِأَنَّهُ الدَّمُ الْخَارِجَ بَعْدَ فَرَاغِ الرَّحِمِ مِنْ الْحَمْلِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ يُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ بِمَا لَوْ أَلْقَتْ وَلَدًا جَافًّا فَبَطَلَ بِهِ صَوْمُهَا ثُمَّ رَأَتْ الدَّمَ نَهَارًا وَهِيَ صَائِمَةٌ قَبْلَ مُضِيِّ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَإِنَّهُ نِفَاسٌ، وَالْأَحْكَامُ مُتَرَتِّبَةٌ عَلَيْهِ مِنْ وَقْتِ رُؤْيَةِ الدَّمِ، وَمُدَّةُ النِّفَاسِ مَحْسُوبَةٌ مِنْ الْوِلَادَةِ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا نَوَتْ الصَّوْمَ بَعْدَ الْوِلَادَةِ حُكِمَ بِصِحَّتِهِ وَيَبْطُلُ بِرُؤْيَتِهَا الدَّمَ نَهَارًا وَيُعْتَدُّ بِمَا فَعَلَتْهُ مِنْ الْعِبَادَةِ مِنْ صَوْمٍ وَغَيْرِهِ قَبْلَ رُؤْيَتِهِ، أَوْ يُصَوَّرُ أَيْضًا بِمَا لَوْ وَلَدَتْ وَلَدًا جَافًّا لَيْلًا ثُمَّ نَوَتْ الصَّوْمَ وَطَرَقَهَا الدَّمُ نَهَارًا فَإِنَّ أَحْكَامَ النِّفَاسِ إنَّمَا تَتَرَتَّبُ عَلَى رُؤْيَةِ الدَّمِ كَمَا ذَكَرَهُ وَإِنْ حَسِبَتْ الْمُدَّةَ مِنْ الْوِلَادَةِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَمَجْنُونٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ وَسَكْرَانٍ) سَوَاءٌ كَانَ كُلٌّ مِنْ الثَّلَاثَةِ مُتَعَدِّيًا أَمْ لَا إذْ الْكَلَامُ هُنَا فِي نَفْيِ وُجُوبِ الْأَدَاءِ وَهُوَ لَا يَجِبُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ مُطْلَقًا وَأَمَّا وُجُوبُ الْقَضَاءِ فَسَيَأْتِي. اهـ شَيْخُنَا فَحِينَئِذٍ تَقْيِيدُ الشَّوْبَرِيِّ هُنَا عَنْ مَشَايِخِهِ بِغَيْرِ الْمُتَعَدِّي لَا يُنَاسِبُ إذْ التَّفْصِيلُ إنَّمَا هُوَ فِي وُجُوبِ الْقَضَاءِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ) رَاجِعَانِ لِلْحِسِّيِّ وَقَوْلُهُ: أَوْ حَيْضٍ أَوْ نَحْوِهِ رَاجِعَانِ لِلشَّرْعِيِّ (قَوْلُهُ: بِقَيْدٍ يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي) وَهُوَ أَنَّ الْمَرِيضَ لَا بُدَّ أَنْ يَخَافَ مَحْذُورَ تَيَمُّمٍ وَالْمُسَافِرَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ سَفَرُهُ سَفَرَ قَصْرٍ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: وَعَلَى السَّكْرَانِ) أَيْ بِقَيْدِ التَّعَدِّي عِنْدَ حَجّ وَمُطْلَقًا عِنْدَ م ر وَقَوْلُهُ: وَمُغْمًى عَلَيْهِ أَيْ مُطْلَقًا عِنْدَهُمَا وَمِثْلُهُمَا الْمَجْنُونُ بِشَرْطِ التَّعَدِّي بِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى مَا سَيَأْتِي إيضَاحُهُ اهـ. (قَوْلُهُ: وُجُوبُ انْعِقَادِ سَبَبٍ) مَعْنَى وُجُوبِ انْعِقَادِ السَّبَبِ الِاعْتِدَادُ بِهِ شَرْعًا وَتَرْتِيبُ وُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ، وَالسَّبَبُ فِي الصَّوْمِ وَاحِدٌ مِنْ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ فِي قَوْلِهِ يَجِبُ صَوْمُ رَمَضَانَ بِكَمَالِ شَعْبَانَ. . . إلَخْ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِمْ) لَا يَظْهَرُ هَذَا التَّعْلِيلُ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْقَضَاءِ مُتَحَقِّقٌ فِيمَنْ تَعَدَّى بِإِفْطَارِهِ مَعَ وُجُوبِ الْأَدَاءِ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنْ يُضَمَّ لِلْعِلَّةِ وَوُجُوبِ الْقَضَاءِ (فَرْعُ) وُجُوبِ الْأَدَاءِ كَانَ اعْتِرَافًا بِوُجُوبِ الْأَدَاءِ عَلَيْهِمْ، وَالْغَرَضُ الْفِرَارُ مِنْهُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَمَنْ أَلْحَقَ بِهِمْ الْمُرْتَدُّ. . . إلَخْ) تَعْرِيضٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute