للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِأَنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا (جَعَلَهُ عَمَّا شَاءَ) مِنْهُمَا كَمَا فِي زَكَاةِ الْمَالَيْنِ الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ فَإِنْ جَعَلَهُ عَنْهُمَا قُسِّطَ عَلَيْهِمَا بِالسَّوِيَّةِ لَا بِالْقِسْطِ كَمَا أَوْضَحْتُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ أَلْفَانِ بِأَحَدِهِمَا رَهْنٌ.

(فَصْلٌ) فِي تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ (مَنْ مَاتَ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ) مُسْتَغْرِقٌ أَوْ غَيْرُهُ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ لِآدَمِيٍّ (تَعَلَّقَ بِتَرِكَتِهِ كَمَرْهُونٍ)

ــ

[حاشية الجمل]

يُجْبَرَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ عَلَى مُوَافَقَتِهِ وَيَلْزَمُ بِالْقَبْضِ عَنْ الْجِهَةِ الَّتِي أَرَادَهَا الدَّافِعُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ السَّيِّدَ يَخْشَى أَنْ يَفُوتَ دَيْنُ الْمُعَامَلَةِ بِعَجْزِ الْمُكَاتَبِ وَرُجُوعِهِ لِلرِّقِّ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَثْبُتُ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ مَالٌ فِي نَحْوِ ذَلِكَ بِخِلَافِ دَيْنِ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهُ لَوْ سَقَطَ بِالرِّقِّ خَلَفَتْهُ الرَّقَبَةُ فَاقْتَضَتْ

الْمَصْلَحَةُ

إجَابَتَهُ، وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ إذَا وَقَعَ التَّنَازُعُ بَعْدَ الْأَدَاءِ لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ التَّعْيِينِ عِنْدَ الْأَدَاءِ كَذَا فَرَّقَ م ر

وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّا لَوْ أَلْزَمْنَاهُ بِقَبُولِهِ عَنْ دَيْنِ الْكِتَابَةِ ثُمَّ عَجَزَ وَسَلَّمْنَا سُقُوطَ دَيْنِ الْمُعَامَلَةِ كَانَ مَا قَبَضَهُ عَنْ دَيْنِ الْكِتَابَةِ جَابِرًا لِمَا فَاتَهُ مِنْ دَيْنِ الْمُعَامَلَةِ فَلْيُحَرَّرْ.

(فَرْعٌ) لَوْ طَلَبَ فَقِيرٌ مِنْ شَخْصٍ دِينَارًا مَثَلًا فَدَفَعَهُ إلَيْهِ ثُمَّ ادَّعَى الْفَقِيرُ أَنَّهُ صَدَقَةٌ وَالدَّافِعُ أَنَّهُ قَرْضٌ مَثَلًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْفَقِيرِ، وَكَذَا لَوْ دَفَعَ إلَى فَقِيرٍ دِينَارًا مَثَلًا وَقَالَ الدَّافِعُ اشْتَرِ بِهِ عِمَامَةً مَثَلًا فَإِنْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ التَّقْيِيدَ بِذَلِكَ لَزِمَهُ صَرْفُهُ فِيهَا فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ الصَّرْفِ مَلَكَهُ وَرَثَتُهُ مُطْلَقًا فَلَوْ اسْتَغْنَى عَنْ الْعِمَامَةِ فَهَلْ هُوَ كَالْمَوْتِ فَيَمْلِكُهُ هُوَ مُطْلَقًا بَحَثَ م ر نَعَمْ عَلَى تَرَدُّدٍ وَتَأَمُّلٍ اهـ. سم

(قَوْلُهُ بِأَنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا) أَيْ حَالَةَ الدَّفْعِ. اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ كَمَا أَوْضَحْتُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ) عِبَارَتُهُ هُنَاكَ قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَإِنْ دَفَعَ عَنْهُمَا قُسِّطَ عَلَيْهِمَا أَيْ بِالسَّوِيَّةِ لَا بِالْقِسْطِ أَخْذًا مِمَّا رَجَّحَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَغَيْرُهُ فِيمَا إذَا دَفَعَ، وَلَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا وَقُلْنَا لَا يُرَاجِعُ بَلْ يَقَعُ عَنْهُمَا فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ التَّعْيِينِ قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ السُّبْكِيُّ فِيمَا إذَا كَانَ بِأَحَدِهِمَا كَفِيلٌ قَالَ فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ جُعِلَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَإِذَا عُيِّنَ فَهَلْ يَنْفَكُّ الرَّهْنُ مِنْ وَقْتِ اللَّفْظِ أَوْ التَّعْيِينِ؟ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ كَمَا فِي الطَّلَاقِ الْمُبْهَمِ. انْتَهَتْ قَالَ حَجّ وَتَرَدَّدَ بَعْضُهُمْ فِيمَا لَوْ فَوَّضَ الْمَدِينُ إرَادَةَ أَحَدِ الدَّيْنَيْنِ لِلدَّائِنِ أَوْ الْوَكِيلِ ابْتِدَاءً أَوْ دَوَامًا وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ صِحَّةُ ذَلِكَ فَتُعْتَبَرُ إرَادَةُ مَنْ فُوِّضَ إلَيْهِ ذَلِكَ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.

[فَصْلٌ فِي تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ]

(فَصْلٌ فِي تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ وَلِلْوَارِثِ إمْسَاكُهَا بِالْأَقَلِّ إلَخْ وَمِنْ قَوْلِهِ، وَلَوْ تَصَرَّفَ وَلَا دَيْنَ إلَخْ ع ش عَلَى مَنْهَجِ م ر، وَهَذَا شُرُوعٌ فِي الرَّهْنِ الشَّرْعِيِّ فَنَاسَبَ ذِكْرُهُ هُنَا، وَقَوْلُهُ بِالتَّرِكَةِ أَيْ وَلَوْ كَانَتْ دَيْنًا أَوْ مَنْفَعَةً، وَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ الْجَعْلِيُّ لَا يَصِحُّ بِهِمَا (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ دَيْنٌ) أَيْ لُقَطَةٌ تَمَلَّكَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا غَايَةَ لِتَعَلُّقِهِ وَقَدْ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ بِأَنَّهُ لَا مُطَالَبَةَ بِهَا فِي الْآخِرَةِ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَهَا مِنْ جُمْلَةِ كَسْبِهِ بِخِلَافِ دَيْنِ مَنْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ لِانْتِقَالِهِ لِبَيْتِ الْمَالِ بَعْدَ مُضِيِّ الْعُمْرِ الْغَالِبِ بِشَرْطِهِ فَيُدْفَعُ لِإِمَامٍ عَادِلٍ فَقَاضٍ أَمِينٍ فَثِقَةٍ، وَلَوْ مِنْ الْوَرَثَةِ يَصْرِفُهُ كُلٌّ مِنْهُمْ فِي مَصَارِفِهِ وَشَمِلَ الدَّيْنُ مَا بِهِ رَهْنٌ أَوْ كَفِيلٌ وَشَمِلَ دَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَمِنْهُ الْحَجُّ فَلَيْسَ لِلْوَارِثِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا حَتَّى يُتِمَّ الْحَجَّ، وَلَا يَكْفِي الِاسْتِئْجَارُ وَدَفْعُ الْأُجْرَةِ كَذَا قَالَهُ السَّنْبَاطِيُّ، وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ لِوَارِثٍ سَقَطَ عَنْهُ بِقَدْرِهِ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

(قَوْلُهُ مُسْتَغْرِقٌ أَوْ غَيْرُهُ) أَيْ، وَإِنْ قَلَّ الدَّيْنُ جِدًّا (قَوْلُهُ تَعَلَّقَ بِتَرِكَتِهِ) أَيْ، وَإِنْ كَانَ بِذَلِكَ الدَّيْنِ رَهْنٌ فَإِنَّ الْمُرْتَهِنَ يَتَعَلَّقُ بِالتَّرِكَةِ زِيَادَةً عَلَى الْمَرْهُونِ اهـ. م ر اهـ. سم أَيْ فَيَتَعَلَّقُ بِالرَّهْنِ تَعَلُّقًا خَاصًّا وَبِالتَّرِكَةِ تَعَلُّقًا عَامًّا، وَفَائِدَةُ الثَّانِي أَنَّ الرَّهْنَ إذَا لَمْ يَفِ بِهِ يُزَاحِمُ بِمَا بَقِيَ لَهُ قَالَهُ الْعِرَاقِيُّ فِي النُّكَتِ مَا نُقِلَ عَنْ سم نُقِلَ بِتَصَرُّفٍ وَنَصُّ عِبَارَتِهِ قَوْلُهُ تَعَلَّقَ بِتَرِكَتِهِ كَمَرْهُونٍ أَيْ، وَإِنْ كَانَتْ مَرْهُونَةً فَيَجْتَمِعُ عَلَيْهَا تَعَلُّقَانِ حَتَّى إذَا زَالَ تَعَلُّقُ الرَّهْنِ بَقِيَ التَّعَلُّقُ الْآخَرُ الْحَاصِلُ بِالْمَوْتِ كَمَا قَالَهُ طب - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبِهِ أَفْتَى شَيْخُنَا م ر فَيَجْتَمِعُ عَلَيْهَا تَعَلُّقَانِ خَاصٌّ وَعَامٌّ حَتَّى لَوْ انْفَكَّ الْمَرْهُونُ مِنْ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا عَنْ جِهَةِ الرَّهْنِ الْجَعْلِيِّ اسْتَمَرَّ التَّعَلُّقُ الشَّرْعِيُّ فَلَيْسَ لِلْوَارِثِ التَّصَرُّفُ فِيهَا بِغَيْرِ إذْنِ أَرْبَابِ الدُّيُونِ الْأُخَرِ فَلَوْ فَكَّ أَصْحَابُ الدُّيُونِ رَهْنِيَّةَ التَّرِكَةِ لَمْ يَنْفَكَّ وَيُفَارِقُ الرَّهْنَ الْجَعْلِيَّ حَيْثُ يَنْفَكُّ بِفَكِّ الْمُرْتَهِنِ بِأَنَّ هَذَا

لِمَصْلَحَةِ الْمَيِّتِ

اهـ. م ر

(قَوْلُهُ أَيْضًا تَعَلَّقَ بِتَرِكَتِهِ) أَيْ مُرَاعَاةً لِمَصْلَحَةِ الْمَيِّتِ ثُمَّ إذَا وَفَّتْ التَّرِكَةُ بِالدَّيْنِ فَلَا تَكُونُ نَفْسُهُ مُرْتَهِنَةً بِهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ مُسْتَدِلًّا بِمَوْتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ. اهـ. سم

(قَوْلُهُ كَمَرْهُونٍ) أَيْ كَتَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالْمَرْهُونِ رَهْنًا جَعْلِيًّا فَالْوَارِثُ بِمَنْزِلَةِ الرَّاهِنِ وَصَاحِبُ الدَّيْنِ بِمَنْزِلَةِ الْمُرْتَهِنِ، وَإِنْ كَانَتْ تَحْتَ يَدِ الْوَارِثِ اهـ. فَيُخَالِفُ الشَّرْعِيُّ الْجَعْلِيَّ فِي هَذَا الْحُكْمِ، وَهُوَ أَنَّ الرَّهْنَ فِيهِ تَحْتَ يَدِ الرَّاهِنِ وَيُخَالِفُهُ أَيْضًا فِي أَنَّهُ لَا يَنْفَكُّ بِفَسْخِ الْمُرْتَهِنِ الَّذِي هُوَ صَاحِبُ الدَّيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ شَرْحِ م ر فِي قَوْلِهِ وَيَنْفَكُّ بِفَسْخِ مُرْتَهِنٍ وَيُخَالِفُهُ أَيْضًا فِيمَا لَوْ كَانَتْ التَّرِكَةُ أَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ حَيْثُ لَا يَجِبُ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>