وَمُقْتَضَى قَوْلِنَا: إنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْإِقْرَارِ أَنْ يَعُودَ فِيهِ مَا ذَكَرْنَا فِي حَالَةِ التَّصْدِيقِ أَيْ فَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَهُوَ الْحَقُّ قَالَ وَمَا ذَكَرَاهُ مِنْ إطْلَاقِهِمْ غَيْرُ مُسَلَّمٍ فَإِنَّ الْمُتَوَلِّيَ وَالْإِمَامَ وَالْغَزَالِيَّ أَوْرَدُوا أَنَّهُ كَالتَّصْدِيقِ.
(بَابُ) بَيْعِ (الْأُصُولِ) وَهِيَ الشَّجَرُ وَالْأَرْضُ (وَ) بَيْعِ (الثِّمَارِ) جَمْعُ ثَمَرٍ جَمْعُ ثَمَرَةٍ مَعَ مَا يَأْتِي (يَدْخُلُ فِي بَيْعِ أَرْضٍ أَوْ سَاحَةٍ أَوْ بُقْعَةٍ
ــ
[حاشية الجمل]
لَا لِلْمُشْتَرِي، وَمَا هُنَا كَذَلِكَ أَيْ فَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ لَا لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَلِمَا أَطْلَقَ الْفُقَهَاءُ ذَلِكَ أَيْ لَمْ يَبْنُوهُ عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْإِقْرَارِ أَوْ كَالْبَيِّنَةِ، قَالُوا لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ وَلَوْ بَنَوْهُ عَلَى وَاحِدٍ مِمَّا تَقَدَّمَ لَنَفَوْا عَنْهُ الْخِيَارَ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَشْمَاوِيٍّ (قَوْلُهُ: كَذَا أَطْلَقُوهُ) أَيْ الْفُقَهَاءُ وَتَفْسِيرُ شَيْخِنَا لِلضَّمِيرِ بِالْأَصْحَابِ لَا يُنَاسِبُ صَنِيعَ الشَّارِحِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَصْحَابِ أَصْحَابُ الْإِمَامِ وَهَذَا لَا يُنَاسِبُهُ قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْإِمَامَ وَالْمُتَوَلِّي وَالْغَزَالِيَّ إلَخْ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ لَيْسُوا مِنْ الْأَصْحَابِ، وَإِنَّمَا هُمْ مِنْ أَكَابِرِ الْفُقَهَاءِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَى قَوْلِنَا إلَخْ) هَذَا إشَارَةٌ إلَى بِنَاءِ الْقَوْلِ بِالرَّدِّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا كَالْإِقْرَارِ وَلَمْ يُشِرْ الشَّيْخَانِ إلَى الْبِنَاءِ عَلَى أَنَّهَا كَالْبَيِّنَةِ لِمَا عَلِمْت أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَأْتِي فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ، وَهِيَ مَا إذَا بَيَّنَ، وَأَمَّا فِي الْأُولَى فَلَوْ بَنَيْنَا عَلَى أَنَّهَا كَالْبَيِّنَةِ لَمْ تَرِدْ؛ إذْ الْبَيِّنَةُ لَمْ تُسْمَعْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَلَا تَرِدُ الْيَمِينُ (قَوْلُهُ: فَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي) تَفْسِيرٌ لِمَا فِي قَوْلِهِ مَا ذَكَرْنَا (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْأَنْوَارِ) هُوَ لِلْأرْدَبِيلِيِّ اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: قَالَ: وَمَا ذَكَرَاهُ) أَيْ قَالَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَمُرَادُهُ الِاعْتِرَاضُ عَلَى الشَّيْخَيْنِ فِي دَعْوَاهُمَا إطْلَاقَ الْفُقَهَاءِ (قَوْلُهُ: أَوْرَدُوا) أَيْ ذَكَرُوا أَنَّهُ أَيْ حَلِفَ الْبَائِعِ بَعْدَ نُكُولِ الْمُشْتَرِي كَالتَّصْدِيقِ اهـ.
[بَابُ بَيْعِ الْأُصُولِ]
(بَابُ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ) أَيْ بَيَانُ مَا يَدْخُلُ فِي لَفْظِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَمَا لَا يَدْخُلُ وَفِي جَعْلِ الْمَذْكُورَاتِ أُصُولًا تَجَوُّزٌ أَوْ هُوَ حَقِيقَةٌ عُرْفِيَّةٌ فَتَأَمَّلْ وَتَرْجَمَ فِي الْمُحَرَّرِ بِفَصْلٍ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْمُطْلَقَةِ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهَا قِسْمَانِ مَا لَهُ مَدْلُولٌ شَرْعِيٌّ يُحْمَلُ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْأَوَّلُ، وَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَلْفَاظٍ كَمَا مَرَّ وَمَا يَسْتَتْبِعُ غَيْرَ مُسَمَّاهُ وَهُوَ مَا هُنَا، وَفِيهِ سَبْعَةُ أَلْفَاظٍ بِحَسَبِ النَّوْعِ: الْأَرْضُ وَالدَّارُ وَالْبُسْتَانُ وَالْقَرْيَةُ وَالدَّابَّةُ وَالشَّجَرَةُ وَالثَّمَرَةُ وَمَا فَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ أَنْسَبُ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ، وَالْمُرَادُ بِالْأُصُولِ هُنَا أَلْفَاظٌ مُطْلَقَةٌ تَسْتَتْبِعُ غَيْرَ مُسَمَّاهَا لُغَةً، وَإِنْ كَانَ مِنْ مُسَمَّاهَا شَرْعًا وَالْمَذْكُورُ مِنْهَا هُنَا سِتَّةٌ: الْأَرْضُ وَالْبُسْتَانُ وَالْقَرْيَةُ وَالدَّارُ وَالدَّابَّةُ وَالشَّجَرُ، وَإِنَّمَا قَصَرَ الشَّارِحُ التَّفْسِيرَ عَلَى الْأَرْضِ وَالشَّجَرِ لِاشْتِهَارِهِمَا فِي الِاسْتِتْبَاعِ اهـ. شَيْخُنَا
وَقَوْلُهُ: الْمُرَادُ بِالْأُصُولِ هُنَا إلَخْ فِيهِ خَفَاءٌ مِنْ حَيْثُ الْإِضَافَةُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ بَيْعُ الْأُصُولِ فَإِنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْهَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأُصُولِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الْبَيْعُ لَا نَفْسُ الْأَلْفَاظِ فَالْأَحْسَنُ كَمَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَنَّ تَفْسِيرَ الْأُصُولِ بِأُمُورٍ تَسْتَتْبِعُ شَرْعًا مَا لَيْسَ مِنْ حَقِيقَتِهَا لُغَةً مِثْلُ الدَّابَّةِ فَإِنَّ حَقِيقَتَهَا لُغَةً لَا تَتَنَاوَلُ النَّعْلَ مَعَ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِيهَا شَرْعًا أَيْ فِي بَيْعِهَا، وَعَلَى هَذَا يَكُونُ قَوْلُ الشَّارِحِ وَهِيَ الشَّجَرُ وَالْأَرْضُ شَامِلًا لِأَقْسَامٍ خَمْسَةٍ مِنْ السِّتَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَيَكُونُ الْخَارِجُ عَنْ كَلَامِهِ هُنَا هُوَ الدَّابَّةَ فَقَطْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ فِي كَلَامِهِ تَارَةً يُعَبِّرُ الْبَائِعُ عَنْهَا بِلَفْظِ الْأَرْضِ وَتَارَةً بِلَفْظِ الدَّارِ وَتَارَةً بِلَفْظِ الْقَرْيَةِ وَتَارَةً بِلَفْظِ الْبُسْتَانِ فَهَذِهِ كُلُّهَا مِنْ أَقْسَامِ الْأَرْضِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ الشَّجَرُ وَالْأَرْضُ) اعْتَرَضَ حَصْرَ الْأُصُولِ فِيمَا ذَكَرَ بِأَنَّهَا أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ كَالدَّارِ فَإِنَّهَا أَصْلٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا فِيهَا وَكَذَلِكَ الدَّابَّةُ فَإِنَّهَا أَصْلٌ بِالنِّسْبَةِ لِنَعْلِهَا وَكَذَلِكَ الْبُسْتَانُ كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ كُلُّهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: اقْتَصَرَ عَلَى الْأَرْضِ وَالشَّجَرِ؛ لِأَنَّ كَوْنَهُمَا أَصْلَيْنِ لِغَيْرِهِمَا أَشْهَرُ فِي الْعُرْفِ بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا اهـ. شَيْخُنَا عَشْمَاوِيٍّ
(قَوْلُهُ: جَمْعُ ثَمَرَةٍ) أَيْ جَمْعٌ مَعْنًى، وَإِلَّا فَهُوَ اسْمُ جَمْعٍ لَهَا كَمَا فِي الْمُخْتَارِ وَجَمْعُهَا الْحَقِيقِيُّ ثَمَرَاتٌ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ الثَّمَرُ بِفَتْحَتَيْنِ، وَالثَّمَرَةُ مِثْلُهُ فَالْأَوَّلُ مُذَكَّرٌ وَيُجْمَعُ عَلَى ثِمَارٍ مِثْلُ جَبَلٍ وَجِبَالٍ ثُمَّ يُجْمَعُ الثِّمَارُ عَلَى ثُمُرٍ مِثْلُ كِتَابٍ وَكُتُبٍ ثُمَّ يُجْمَعُ عَلَى أَثْمَارٍ مِثْلُ عُنُقٍ وَأَعْنَاقٍ، وَالثَّانِي مُؤَنَّثٌ، وَيُجْمَعُ عَلَى ثَمَرَاتٍ مِثْلُ قَصَبَةٍ وَقَصَبَاتٍ وَالثَّمَرُ هُوَ الْحِمْلُ الَّذِي تُخْرِجُهُ الشَّجَرَةُ سَوَاءٌ أُكِلَ أَمْ لَا فَيُقَالُ: ثَمَرُ الْأَرَاكِ وَثَمَرُ الْعَوْسَجِ وَثَمَرُ الدَّوْمِ وَهُوَ الْمُقْلُ كَمَا يُقَالُ: ثَمَرُ النَّخْلِ وَثَمَرُ الْعِنَبِ (قَوْلُهُ: مَعَ مَا يَأْتِي) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ: وَجَازَ بَيْعُ زَرْعٍ بِالْأَوْجُهِ السَّابِقَةِ إلَخْ الْبَابِ (قَوْلُهُ: يَدْخُلُ فِي بَيْعِ أَرْضٍ أَوْ سَاحَةٍ إلَخْ) الْأَلْفَاظُ الْأَرْبَعَةُ مُتَرَادِفَةٌ اصْطِلَاحًا عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ؛ إذْ الْمُرَادُ بِهَا الْقِطْعَةُ مِنْ الْأَرْضِ مُطْلَقًا، وَأَمَّا فِي اللُّغَةِ فَبَيْنَهَا فَرْقٌ فَفِي الْمُخْتَارِ الْأَرْضُ مُؤَنَّثَةٌ، وَهِيَ اسْمُ جِنْسٍ وَكَانَ حَقَّ الْوَاحِدَةِ مِنْهَا أَنْ يُقَالَ: أَرْضَةٌ لَكِنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوهُ وَالْجَمْعُ أَرَضَاتٌ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَأَرَضُونَ بِفَتْحِهَا أَيْضًا اهـ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ سَاحَةُ الدَّارِ الْمَوْضِعُ الْمُتَّسِعُ أَمَامَهَا وَالْجَمْعُ سَاحَاتٌ وَسَاحٌ مِثْلُ سَاعَةٍ وَسَاعَاتٍ وَسَاعٍ اهـ. وَفِيهِ أَيْضًا الْبُقْعَةُ مِنْ الْأَرْضِ الْقِطْعَةُ مِنْهَا بِضَمِّ الْبَاءِ فِي الْأَكْثَرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute