للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ الظِّهَارِ مِنْ وُجُوبِ كَفَّارَةٍ وَتَحْرِيمِ تَمَتُّعٍ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا. يَجِبُ (عَلَى مُظَاهِرٍ عَادَ كَفَّارَةٌ، وَإِنْ فَارَقَ) هَا بَعْدُ بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ (وَالْعَوْدُ فِي) ظِهَارٍ (غَيْرِ مُؤَقَّتٍ مِنْ غَيْرِ رَجْعِيَّةٍ أَنْ يُمْسِكَهَا بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ ظِهَارِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِوُجُودِ الصِّفَةِ فِي الْمُعَلَّقِ (زَمَنَ إمْكَانِ فُرْقَةٍ) وَلَمْ يُفَارِقْ؛ لِأَنَّ الْعَوْدَ لِلْقَوْلِ مُخَالَفَتُهُ، يُقَالُ قَالَ فُلَانٌ قَوْلًا ثُمَّ عَادَ لَهُ وَعَادَ فِيهِ أَيْ خَالَفَهُ وَنَقَضَهُ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِهِمْ عَادَ فِي هِبَتِهِ وَمَقْصُودُ الظِّهَارِ وَصْفُ الْمَرْأَةِ بِالتَّحْرِيمِ، وَإِمْسَاكُهَا يُخَالِفُهُ وَهَلْ وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ بِالظِّهَارِ وَالْعَوْدِ أَوْ بِالظِّهَارِ، وَالْعَوْدُ شَرْطٌ أَوْ بِالْعَوْدِ؛ لِأَنَّهُ الْجُزْءُ الْأَخِيرُ أَوْجَهُ، وَالْأَوْجَهُ مِنْهَا الْأَوَّلُ. (فَلَوْ اتَّصَلَ بِهِ) أَيْ بِظِهَارِهِ (جُنُونُهُ) أَوْ إغْمَاؤُهُ (أَوْ فُرْقَةٌ) بِمَوْتٍ أَوْ فَسْخٍ مِنْ أَحَدِهِمَا بِمُقْتَضِيهِ كَعَيْبٍ بِأَحَدِهِمَا

ــ

[حاشية الجمل]

مَعَ مَسْأَلَةِ إطْلَاقِهِ لِأَحَدِهِمَا، الْمُرَادُ بِأَحَدِهِمَا مَا يَصْدُقُ بِالْأَوَّلِ وَحْدَهُ وَبِالثَّانِي وَحْدَهُ وَبِهِمَا مَعًا فَمَسْأَلَةُ إطْلَاقِ الْأَوَّلِ وَحْدَهُ هِيَ الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ فِيمَا قَبْلَ إلَّا، وَالثَّالِثَةَ عَشَرَ فِيمَا بَعْدَ إلَّا وَمَسْأَلَةُ إطْلَاقِ الثَّانِي وَحْدَهُ تَحْتَهَا أَرْبَعُ صُوَرٍ مِمَّا بَعْدَ إلَّا وَهِيَ التَّاسِعَةُ وَمَا بَعْدَهَا الْمَذْكُورَةُ بِقَوْلِهِ أَوْ أَطْلَقَ الثَّانِي وَنَوَى بِالْأَوَّلِ مَعْنَاهُ إلَخْ، وَمَسْأَلَةُ إطْلَاقِهِمَا هِيَ الْأَوْلَى فِيمَا بَعْدَ إلَّا، وَقَوْلُهُ: وَمَسْأَلَةُ نِيَّتِهِ غَيْرُهُمَا أَيْ بِالْأُوَّلِ وَهِيَ التَّاسِعَةُ وَالْعَاشِرَةُ فِيمَا قَبْلَ إلَّا، وَالثَّامِنَةُ فِيمَا بَعْدَهَا أَوْ بِالثَّانِي وَهِيَ السَّادِسَةَ عَشَرَ فِيمَا بَعْدَ إلَّا، أَوْ بِهِمَا أَيْ بِمَجْمُوعِهِمَا وَهِيَ الرَّابِعَةَ عَشَرَ فِيمَا بَعْدَهَا أَوْ بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَهِيَ الْخَامِسَةَ عَشَرَ فِيمَا بَعْدَهَا فَجُمْلَةُ الْمَسَائِلِ الَّتِي زَادَهَا عَلَى الْأَصْلِ سَبْعَةَ عَشَرَ مِنْ سِتَّةٍ وَعِشْرِينَ وَبَقِيَ تِسْعَةٌ ذَكَرَهَا الْأَصْلُ.

[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الظِّهَارِ]

(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ الظِّهَارِ. (قَوْلُهُ: وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا) أَيْ الْأَحْكَامِ وَفِيهِ أَنَّهُ بَيَّنَ الْأَحْكَامَ بِشَيْئَيْنِ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُمَا بِالتَّثْنِيَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَرَادَ بِالْجَمْعِ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ، وَأَرَادَ بِاَلَّذِي يُذْكَرُ تَفَاصِيلَ الْعَوْدِ، وَمَا يَحْصُلُ بِهِ مِنْ إمْسَاكٍ تَارَةً وَرَجْعَةٍ أُخْرَى وَوَطْءٍ أُخْرَى عَلَى مَا سَيَأْتِي، وَأَرَادَ بِهِ أَيْضًا مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ وَلَوْ ظَاهَرَ مِنْ أَرْبَعٍ بِكَلِمَةٍ فَإِنْ أَمْسَكَهُنَّ إلَى آخِرِ الْفَصْلِ. (قَوْلُهُ: وَالْعَوْدُ) أَيْ الْمُخَالَفَةُ لِمَا قَالَهُ إذْ مُقْتَضَى مَا قَالَهُ أَنْ يُفَارِقَهَا أَوْ لَا يُرَاجِعَهَا أَوْ لَا يَطَأَهَا فَتَحْصُلُ الْمُخَالَفَةُ بِثَلَاثِ صُوَرٍ بِالْإِمْسَاكِ فِي غَيْرِ الْمُؤَقَّتِ الْخَالِي عَنْ الطَّلَاقِ وَبِالرَّجْعَةِ فِي الرَّجْعِيِّ وَفِي الْمُؤَقَّتِ بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ فِي الْمُدَّةِ. اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَالْعَوْدُ فِي غَيْرِ مُؤَقَّتٍ إلَخْ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ الْجَدِيدِ مِنْ مَذْهَبِ إمَامِنَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعَلَى الْقَدِيمِ فِيهِ تَأْوِيلَانِ أَحَدُهُمَا وَبِهِ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ أَنَّهُ بِالْعَزْمِ عَلَى الْوَطْءِ وَثَانِيهِمَا بِالْوَطْءِ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ مِنْ أَئِمَّتِنَا وَنَقَلَ الْبَيْضَاوِيُّ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ بِشَهْوَةِ الْوَطْءِ وَلَوْ بِالنَّظَرِ إلَيْهَا. اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: مَعَ عِلْمِهِ بِوُجُودِ الصِّفَةِ فِي الْمُعَلَّقِ) أَيْ، وَإِنْ نَسِيَ أَوْ جُنَّ عِنْدَ وُجُودِهَا كَمَا مَرَّ. اهـ مِنْ شَرْحِ م ر يَعْنِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عِلْمِهِ بِوُجُودِ الصِّفَةِ فِي الْمُعَلَّقِ فِي الْحُكْمِ بِالْعَوْدِ وَلَا يَضُرُّ فِي الْحُكْمِ بِالْعَوْدِ حِينَئِذٍ كَوْنُهُ عِنْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ نَاسِيًا أَوْ مَجْنُونًا. اهـ رَشِيدِيٌّ. وَقَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ الَّذِي مَرَّ هُوَ أَنَّ الصِّفَةَ إذَا وُجِدَتْ مَعَ نِسْيَانٍ أَوْ جُنُونٍ حَصَلَ الظِّهَارُ وَلَا يَصِيرُ عَائِدًا إلَّا بِالْإِمْسَاكِ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ أَوْ التَّذَكُّرِ فَيُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ عَائِدًا إلَّا بِالْإِمْسَاكِ الْمَذْكُورِ. اهـ ع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: أَيْ بَعْدَ ظِهَارِهِ) وَلَوْ مُكَرَّرًا لِلتَّأْكِيدِ، وَكَأَنَّهُمْ إنَّمَا لَمْ يَنْظُرُوا لِإِمْكَانِ الطَّلَاقِ بَدَلَ التَّأْكِيدِ لِمَصْلَحَةِ تَقْوِيَةِ الْحُكْمِ فَكَانَ غَيْرَ أَجْنَبِيٍّ عَنْ الصِّيغَةِ. اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: أَنْ يُمْسِكَهَا زَمَنَ إمْكَانِ فُرْقَةٍ) أَيْ وَلَوْ جَاهِلًا.

وَاعْلَمْ أَنَّ مُرَادَهُمْ إمْكَانُ الْفُرْقَةِ شَرْعًا فَلَا عَوْدَ فِي نَحْوِ حَائِضٍ إلَّا بِالْإِمْسَاكِ بَعْدَ انْقِطَاعِ دَمِهَا وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ أَنَّ الْإِكْرَاهَ الشَّرْعِيَّ كَالْحِسِّيِّ. اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: يُقَالُ قَالَ فُلَانٌ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْمَعْنَى يَعُودُونَ فِيمَا قَالُوا أَوْ فِي بَعْضِ مَا قَالُوا فَاللَّامُ صِلَةُ يَعُودُونَ وَقَالَ الْأَخْفَشُ صِلَةٌ فَتَحْرِيرُ وَمَنْ حَمَلَ الْعَوْدَ عَلَى الْوَطْءِ أَوْ النَّظَرِ بِشَهْوَةٍ وَنَحْوِهِ اسْتَنَدَ إلَى أَنَّ {ثُمَّ يَعُودُونَ} [المجادلة: ٣] يَقْتَضِي حُدُوثَ فِعْلٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَمُرُورُ الزَّمَانِ لَيْسَ بِفِعْلٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُرَدُّ بِأَنَّ التَّرْكَ فِعْلٌ. اهـ سم. (قَوْلُهُ: وَهَلْ وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ إلَخْ) يَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ أَنَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ لَهَا سَبَبَانِ الظِّهَارُ وَالْعَوْدُ فَيَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْعَوْدِ الَّذِي هُوَ السَّبَبُ الثَّانِي، وَأَمَّا عَلَى غَيْرِ الْأَوَّلِ فَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْعَوْدِ. اهـ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ. (فَإِنْ قُلْت) هَلْ لِهَذَا الْخِلَافِ فَائِدَةٌ؟ . قُلْت نَعَمْ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُجْزِيَ التَّكْفِيرُ قَبْلَ الْعَوْدِ إنْ قُلْنَا الظِّهَارُ شَرْطٌ وَالْعَوْدُ سَبَبٌ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُمَا سَبَبَانِ لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى الظِّهَارِ وَيَجُوزُ عَلَى الْعَوْدِ، وَذَهَبَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ إلَى أَنَّهَا تَجِبُ بِثَلَاثَةِ أَسْبَابٍ عَقْدِ النِّكَاحِ وَالظِّهَارِ وَالْعَوْدِ، وَوَافَقَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الظِّهَارِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ النِّكَاحِ لِبَقَاءِ سَبَبَيْنِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَسْبَابٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَا وَجَبَ بِسَبَبَيْنِ وَبَيْنَ مَا وَجَبَ بِسَبَبٍ وَشَرْطٍ أَوْ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ. انْتَهَتْ. وَقَوْلُهُ: أَوْ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ لَعَلَّ فِيهِ تَحْرِيفًا وَحَقُّهُ أَوْ بِثَلَاثَةِ أَسْبَابٍ بِدَلِيلِ مَا قَبْلَهُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ مِنْهَا الْأَوَّلُ) أَيْ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِتَرْجِيحِهِمْ أَنَّ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ تَجِبُ بِالْيَمِينِ وَالْحِنْثِ جَمِيعًا، وَقَدْ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِهَا أَيْ الْكَفَّارَةِ بِأَنَّهَا أَيْ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ عَلَى التَّرَاخِي مَا لَمْ يَطَأْ فَإِنْ وَطِئَ وَجَبَتْ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>