للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دُخَانُ النَّجَاسَةِ نَجِسٌ يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ وَبُخَارُهَا كَذَلِكَ إنْ تَصَاعَدَ بِوَاسِطَةِ نَارٍ؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ النَّجَاسَةِ تَفْصِلُهُ النَّارُ لِقُوَّتِهَا وَإِلَّا فَطَاهِرٌ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ إطْلَاقُ مَنْ أَطْلَقَ نَجَاسَتَهُ أَوْ طَهَارَتَهُ (وَاَلَّذِي يَطْهُرُ مِنْ نَجِسِ الْعَيْنِ) شَيْئَانِ (خَمْرٌ) ، وَلَوْ غَيْرَ مُحْتَرَمَةٍ (تَخَلَّلَتْ) أَيْ صَارَتْ خَلًّا (بِلَا) مُصَاحَبَةِ (عَيْنٍ) وَقَعَتْ فِيهَا، وَإِنْ نُقِلَتْ مِنْ شَمْسٍ إلَى ظِلٍّ أَوْ عَكْسُهُ

ــ

[حاشية الجمل]

أَيْ وَهُوَ الْحَيَوَانُ لَا الْمَنِيُّ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَلَقَةِ وَالْمُضْغَةِ فَلَا يُقَالُ مُقْتَضَاهُ أَنَّ مَنْ يَقُولُ بِنَجَاسَةِ الْمَنِيِّ مِنْ الْآدَمِيِّ يَقُولُ بِنَجَاسَةِ مَا ذُكِرَ اهـ ح ل.

[فَرْعٌ دُخَانُ النَّجَاسَةِ]

(قَوْلُهُ دُخَانُ النَّجَاسَةِ إلَخْ) هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ فِي الطَّهَارَةِ، وَمِنْ دُخَانٍ نَجِسٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ ذِكْرُهُ هُنَا تَوْطِئَةٌ لِقَوْلِهِ وَبُخَارُهَا فَكَأَنَّهُ زِيَادَةٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَمِنْهُ دُخَانُ النَّدِّ الْمَعْجُونُ بِالْخَمْرِ وَدُخَانٌ انْفَصَلَ مِنْ لَهِيبِ شَمْعَةٍ وَقُودُهَا نَجِسٌ وَدُخَانُ خَمْرٍ أُغْلِيَتْ عَلَى النَّارِ، وَلَمْ يَبْقَ فِيهَا شِدَّةٌ مُطْرِبَةٌ وَدُخَانُ حَطَبٍ أُوقِدَ بَعْدَ تَنَجُّسِهِ بِنَحْوِ بَوْلٍ. وَأَمَّا النُّوشَادِرُ وَتُسَمِّيهِ الْعَامَّةُ بِالنَّشَادِرِ وَهُوَ مِمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى، فَإِنْ تَحَقَّقَ انْعِقَادُهُ مِنْ دُخَانِ النَّجَاسَةِ أَوْ قَالَ عَدْلَانِ خَبِيرَانِ إنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ إلَّا مِنْ دُخَانِهَا، فَإِنَّهُ نَجِسٌ وَإِلَّا فَلَا وَالسُّمُّ نَجِسٌ وَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِمَا ظَهَرَ مِنْهُ لَا بِمَا خَفِيَ كَاَلَّذِي مِنْ الْعَقْرَبِ؛ لِأَنَّهُ فِي الدَّاخِلِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ أَيْضًا دُخَانُ النَّجَاسَةِ) ، وَكَذَا دُخَانُ الْمُتَنَجِّسِ كَحَطَبٍ تَنَجَّسَ بِنَحْوِ بَوْلٍ قَالَهُ شَيْخُنَا وَبِهِ يُعْلَمُ مَا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى فِي الشِّتَاءِ اهـ عَشْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ وَبُخَارُهَا كَذَلِكَ إلَخْ) ، وَمِنْهُ مَا يَقَعُ مِنْ حَرْقِ الْجُلَّةِ حَتَّى تَصِيرَ جَمْرًا لَا دُخَانَ فِيهِ لَكِنْ يَصْعَدُ مِنْهُ بُخَارٌ فَهُوَ نَجِسٌ؛ لِأَنَّهُ بُخَارٌ بِوَاسِطَةِ نَارٍ، وَلَوْ أُوقِدَ مِنْ هَذَا الْجَمْرِ شَيْءٌ كَيَدِك وَدَوَاةِ دُخَانٍ، فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ رُطُوبَةٌ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ بِحَيْثُ يَتَنَجَّسُ بِهَا الطَّاهِرُ كَانَ الدُّخَانُ الْمُتَصَاعِدُ نَجِسًا وَإِلَّا فَلَا اهـ عَزِيزِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَبُخَارُهَا كَذَلِكَ إلَخْ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ نَشَّفَ شَيْئًا رَطْبًا عَلَى اللَّهَبِ الْمُجَرَّدِ عَنْ الدُّخَانِ لَا يَتَنَجَّسُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، ثُمَّ رَأَيْت فِي ابْنِ الْعِمَادِ مِنْ كِتَابِ دَفْعِ الْإِلْبَاسِ عَنْ وَهْمِ الْوَسْوَاسِ مَا نَصُّهُ السَّابِعُ إذَا أُوقِدَ بِالْأَعْيَانِ النَّجِسَةِ تَصَاعَدَتْ النَّارُ وَتَصَاعَدَ مِنْ النَّارِ الدُّخَانُ، وَقَدْ سَبَقَ حُكْمُ الدُّخَانِ. وَأَمَّا النَّارُ الْمُتَصَاعِدَةُ فِي حَالِ الْوُقُودِ فَلَيْسَتْ مِنْ نَفْسِ الْوُقُودِ، وَإِنَّمَا هِيَ تَأْكُلُ الْوُقُودَ وَيَخْرُجُ مِنْ الدُّخَانِ أَجْزَاءٌ لَطِيفَةٌ تَنْفَصِلُ مِنْ الْوُقُودِ وَلِهَذَا يَجْتَمِعُ مِنْهُ الْهِبَابُ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ النَّارَ الْمُتَصَاعِدَةَ مِنْ الدُّخَانِ إذَا مَسَّتْ ثَوْبًا رَطْبًا لَمْ يُحْكَمْ بِتَنْجِيسِهِ إلَّا أَنَّهَا فِي الْغَالِبِ تَخْتَلِطُ بِالدُّخَانِ بِدَلِيلِ أَنَّ الدُّخَانَ يَصْعَدُ مِنْ أَعْلَاهَا فِي حَالِ التَّلَهُّبِ وَالدُّخَانُ يَخْتَلِطُ بِهَا وَلِهَذَا إذَا لَاقَتْ النَّارُ شَيْئًا رَطْبًا أَسْوَدَ مِنْ الدُّخَانِ الَّذِي هُوَ مُخْتَلِطٌ بِهَا فَعَلَى هَذَا إذَا لَاقَاهَا شَيْءٌ رَطْبٌ تَنَجَّسَ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَلَوْ غَيْرَ مُحْتَرَمَةٍ) وَهِيَ مَا أُمْسِكَتْ بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ، وَإِنْ عُصِرَتْ بِقَصْدِ الْخَلِّيَّةِ كَمَا أَنَّ الْمُحْتَرَمَةَ مَا أُمْسِكَتْ بِقَصْدِ الْخَلِّيَّةِ، وَإِنْ عُصِرَتْ بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ وَالْعِبْرَةُ بِقَصْدِ مَنْ يُبَاشِرُ لِنَفْسِهِ أَوْ يُؤْكَلُ غَيْرُهُ وَبِقَصْدِ الْمُتَبَرِّعِ وَقَصْدُ الْمَجْنُونِ كَلَا قَصْدَ بِخِلَافِ السَّكْرَانِ اهـ ح ل.

وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ الْمُحْتَرَمَةُ هِيَ الَّتِي عُصِرَتْ لَا بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ وَغَيْرُ الْمُحْتَرَمَةِ هِيَ الَّتِي عُصِرَتْ بِقَصْدِهَا.

وَعِبَارَةُ سم.

(فَرْعٌ) مَا عَصَرَهُ نَحْوُ الْمَجْنُونِ مُحْتَرَمٌ، وَكَذَا مَا عَصَرَهُ السَّكْرَانُ بِلَا قَصْدٍ كَغَيْرِ السَّكْرَانِ. وَأَمَّا إذَا قَصَدَ السَّكْرَانُ فَهَلْ يُعْتَبَرُ قَصْدُهُ حَتَّى إذَا قَصَدَ الْخَلِّيَّةَ كَانَتْ مُحْتَرَمَةً أَوْ الْخَمْرِيَّةَ كَانَتْ غَيْرَ مُحْتَرَمَةٍ فِيهِ تَرَدُّدٌ وَالْوَجْهُ اعْتِبَارُ قَصْدِهِ؛ لِأَنَّهُمْ أَلْحَقُوهُ بِالصَّاحِي فِيمَا لَهُ وَعَلَيْهِ اهـ م ر انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ أَيْ صَارَتْ خَلًّا) أَيْ بِنَفْسِهَا لَا بِمَعْنَى نَشَأَتْ عَنْ غَيْرِهَا، نَحْوُ عَيْنٍ تَفَجَّرَتْ أَوْ انْفَصَلَ عَنْهَا نَحْوُ هِنْدُ تَكَلَّمَتْ وَيَحِلُّ اتِّخَاذُ الْخَلِّ بِالْإِجْمَاعِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَيَكْفِي زَوَالُ النَّشْوَةِ وَغَلَبَةُ الْحُمُوضِيَّةِ وَلَا تُشْتَرَطُ نِهَايَتُهَا بِحَيْثُ لَا تَزِيدُ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ بِلَا مُصَاحَبَةِ عَيْنٍ) أَيْ صَاحَبَتْهَا مِنْ وَقْتِ التَّخَمُّرِ إلَى وَقْتِ التَّخَلُّلِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بَعْدُ بِقَوْلِهِ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُمْ إلَخْ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ نُقِلَتْ مِنْ شَمْسٍ إلَى ظِلٍّ إلَخْ) هَذِهِ الْغَايَةُ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ إنَّهَا لَا تَطْهُرُ بِالتَّخَلُّلِ النَّاشِئِ عَنْ النَّقْلِ عَلَى الْقَاعِدَةِ أَنَّ مَنْ اسْتَعْجَلَ عَلَى شَيْءٍ قَبْلَ أَوَانِهِ عُوقِبَ بِحِرْمَانِهِ كَمَا فِي التُّحْفَةِ اهـ.

وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ، وَإِنْ نُقِلَتْ مِنْ شَمْسٍ إلَى ظِلٍّ إلَخْ وَلَا يَحْرُمُ التَّخْلِيلُ بِالنَّقْلِ الْمَذْكُورِ بِخِلَافِهِ بِمُصَاحَبَةِ عَيْنٍ فَيَحْرُمُ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخَانِ فِي الرَّهْنِ وَجَرَى بَعْضُهُمْ عَلَى حُرْمَةِ التَّخْلِيلِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ بِعَيْنٍ أَوْ بِنَحْوِ نَقْلٍ مِنْ شَمْسٍ إلَى ظِلٍّ وَهُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ فِي ذَلِكَ وَيَرُدُّهُ صَرِيحُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ قَالَهُ حَجّ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ.

وَجَرَى شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَتَبِعَهُ مَشَايِخُنَا عَلَى التَّحْرِيمِ انْتَهَتْ وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ، وَالنَّقْلُ مَكْرُوهٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لَا حَرَامٌ خِلَافًا لِلشَّارِحِ وَحَدِيثُ أَتُتَّخَذُ الْخَمْرُ خَلًّا قَالَ لَا مَحْمُولٌ عَلَى الْعَيْنِ اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ، وَكَذَا مِنْ دِنٍّ إلَى آخَرَ أَوْ فَتَحَ رَأْسَ ظَرْفِهِ لِلْهَوَاءِ لِزَوَالِ الشِّدَّةِ الْمُطْرِبَةِ مِنْ غَيْرِ نَجَاسَةٍ تَخْلُفُهَا سَوَاءٌ قَصَدَ بِكُلٍّ

<<  <  ج: ص:  >  >>