للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِمَفْهُومِ خَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ سُئِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتُتَّخَذُ الْخَمْرُ خَلًّا قَالَ لَا (بِدِنِّهَا) أَيْ فَتَطْهُرُ مَعَ دِنِّهَا لِلضَّرُورَةِ وَإِلَّا لَمْ يُوجَدْ خَلٌّ طَاهِرٌ مِنْ خَمْرٍ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي، أَمَّا إذَا تَخَلَّلَتْ بِمُصَاحَبَةِ عَيْنٍ، وَإِنْ لَمْ تُؤَثِّرْ فِي التَّخْلِيلِ كَحَصَاةٍ فَلَا تَطْهُرُ لِتَنَجُّسِهَا بَعْدَ تَخَلُّلِهَا بِالْعَيْنِ الَّتِي تَنَجَّسَتْ بِهَا وَلَا ضَرُورَةَ وَلَا يُشْتَرَطُ طَرْحُ الْعَيْنِ فِيهَا، وَإِنْ أَفْهَمَ كَلَامُ الْأَصْلِ خِلَافَهُ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُمْ أَنَّهَا تَطْهُرُ بِالتَّخَلُّلِ إذَا نُزِعَتْ الْعَيْنُ مِنْهَا قَبْلَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ نَعَمْ لَوْ كَانَتْ الْعَيْنُ الْمَنْزُوعَةُ قَبْلَهُ نَجِسَةً كَعَظْمِ مَيْتَةٍ لَمْ تَطْهُرْ كَمَا أَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ وَالْخَمْرُ حَقِيقَةً الْمُسْكِرُ الْمُتَّخَذُ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ وَخَرَجَ بِهِ النَّبِيذُ وَهُوَ الْمُتَّخَذُ مِنْ الزَّبِيبِ وَنَحْوِهِ فَلَا يَطْهُرُ بِالتَّخَلُّلِ لِوُجُودِ الْمَاءِ فِيهِ لَكِنْ اخْتَارَ السُّبْكِيُّ خِلَافَهُ

ــ

[حاشية الجمل]

مِنْهَا التَّخَلُّلَ أَوْ لَا، وَالنَّقْلُ حَرَامٌ عِنْدَ الْعَلَّامَةِ م ر، وَقَالَ شَيْخُنَا إنَّهُ مَكْرُوهٌ وَحُمِلَ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ أَتُتَّخَذُ الْخَمْرُ خَلًّا قَالَ لَا عَلَى الْمُتَخَلِّلِ بِالْعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَنْبِطُ مِنْ النَّصِّ مَعْنًى يُخَصِّصُهُ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ لِمَفْهُومِ خَبَرِ مُسْلِمٍ إلَخْ) وَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّهَا تَكُونُ خَلًّا مِنْ غَيْرِ مُعَالَجَةٍ، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْخَلَّ طَاهِرٌ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا اسْتِدْلَالٌ بِالْمَفْهُومِ، وَشَرْطُ الْعَمَلِ بِالْمَفْهُومِ أَنْ لَا يَخْرُجَ عَلَى سُؤَالٍ فَالْأَوْلَى الِاسْتِدْلَال بِالْإِجْمَاعِ اهـ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ لِمَفْهُومِ خَبَرِ مُسْلِمٍ إلَخْ سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ فِي بَابِ اللِّعَانِ مَا نَصُّهُ وَشَرْطُ الْعَمَلِ بِالْمَفْهُومِ أَنْ لَا يَخْرُجَ الْقَيْدُ عَلَى سَبَبٍ اهـ انْتَهَتْ. وَيُجَابُ بِأَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الْعَمَلِ بِالْمَفْهُومِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَامًّا وَمَا هُنَا عَامٌّ اهـ عَزِيزِيٌّ. (قَوْلُهُ عَنْ أَنَسٍ) هُوَ أَبُو حَمْزَةَ أَنَسُ بْنُ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ الْأَنْصَارِيُّ الصَّحَابِيُّ خَادِمُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ يَفْتَخِرُ بِذَلِكَ، رَوَى عَنْهُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَغَيْرُهُ الْمُتَوَفَّى بِالْبَصْرَةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ عَنْ مِائَةٍ وَسَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ وَهُوَ آخِرُ الصَّحَابَةِ مَوْتًا بِالْبَصْرَةِ وَدُفِنَ خَارِجَ الْبَصْرَةِ عَلَى نَحْوِ فَرْسَخٍ وَنِصْفٍ بِمَوْضِعٍ هُنَاكَ يُعْرَفُ بِقَصْرِ أَنَسٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ أَتُتَّخَذُ الْخَمْرُ خَلًّا) بِتَاءَيْنِ كَمَا نُقِلَ عَنْ شَرْحِ الْأَعْلَامِ اهـ شَوْبَرِيٌّ أَيْ أَتُعَالَجُ حَتَّى تَصِيرَ خَلًّا قَالَ لَا أَيْ لَا تُعَالَجُ، وَهَذَا الْجَوَابُ شَامِلٌ لِعِلَاجِهَا بِالْعَيْنِ وَبِغَيْرِهَا فَقَصَرَ بِأَدِلَّةٍ أُخْرَى عَلَى الْعِلَاجِ بِالْعَيْنِ إذْ غَيْرُهُ لَا يَضُرُّ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ بِدِنِّهَا) وَمِثْلُ دِنِّهَا مَا بَقِيَ فِي قَعْرِ الدَّنِّ مِنْ دُرْدِيِّ الْخَمْرِ فَيَطْهُرُ تَبَعًا لِلدِّنِّ سَوَاءٌ اسْتَحْجَرَ أَمْ لَا اهـ ح ل.

وَفِي الْمِصْبَاحِ الدَّنُّ مِثْلُ الْجُبِّ إلَّا أَنَّهُ أَطْوَلُ مِنْهُ وَأَوْسَعُ رَأْسًا وَجَمْعُهُ دِنَانٌ، مِثْلُ سَهْمٍ وَسِهَامٍ. (قَوْلُهُ أَيْ فَتَطْهُرُ مَعَ دِنِّهَا) أَيْ، وَإِنْ تَشَرَّبَ بِهَا أَوْ عَلَتْ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ مَعَ دِنِّهَا) أَيْ، وَإِنْ تَحَجَّرَتْ فِيهِ كَمَا لَوْ بَقِيَ فِي قَعْرِهِ دُرْدِيُّ خَمْرٍ، فَإِنَّهُ يَطْهُرُ كَبَاطِنِ جَوْفِ الدَّنِّ بَلْ أَوْلَى وَلَيْسَ لَنَا عَصِيرٌ يَصِيرُ خَلًّا مِنْ غَيْرِ تَخَمُّرٍ إلَّا فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ: إحْدَاهَا أَنْ يُصَبَّ فِي الدَّنِّ الْمُعَتَّقُ بِالْخَلِّ، الثَّانِيَةُ أَنْ يُصَبَّ الْخَلُّ فِي الْعَصِيرِ، الثَّالِثَةُ إذَا تَجَرَّدَتْ حَبَّاتُ الْعِنَبِ مِنْ عَنَاقِيدِهِ وَمُلِئَ مِنْهَا الدَّنُّ وَطَيَّنَ رَأْسَهُ وَيُعْفَى عَمَّا يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ أَوْ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ كَحَبَّاتٍ قَلِيلَةٍ وَنَوَى تَمْرٍ كَذَلِكَ إذَا بَقِيَ فِي الدَّنِّ. وَأَمَّا الدُّودُ الْمُتَوَلِّدُ مِنْ الْخَمْرِ بَعْدَ انْقِلَابِهِ خَلًّا فَقِيَاسُ حَبَّاتِ الْعِنَبِ الْعَفْوُ عَنْهُ وَهُوَ طَاهِرٌ لَا نَجِسٌ وَأَقَرَّهُ شَيْخُنَا ع ش، وَلَوْ فَارَتْ بِالنَّارِ، ثُمَّ نَقَصَتْ، فَإِنَّهَا لَا تَطْهُرُ بِخِلَافِ مَا لَوْ فَارَتْ بِنَفْسِهَا، فَإِنَّهَا تَطْهُرُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ ضَرُورِيَّاتِهَا، وَلَوْ ارْتَفَعَتْ بِفِعْلِ فَاعِلٍ، ثُمَّ وَقَعَ فِيهَا خَمْرٌ آخَرُ حَتَّى غَمَرَتْ مَا ارْتَفَعَ قَبْلَ الْجَفَافِ طَهُرَتْ بِالتَّخَلُّلِ وَاخْتُلِفَ فِيمَا قَبْلَ الْجَفَافِ هَلْ هُوَ شَرْطٌ أَوْ لَا أَفْتَى الشِّهَابُ م ر بِأَنَّهُ شَرْطٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَإِلَّا لَمْ يُوجَدْ خَلٌّ طَاهِرٌ مِنْ خَمْرٍ) اُعْتُرِضَ بِمَنْعِ الْمُلَازَمَةِ وَمَا الْمَانِعُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الدَّنَّ نَجِسٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ لِلضَّرُورَةِ وَلَا يَلْزَمُ مَا ذُكِرَ، وَقَدْ أَشَارَ لَهُ ع ش عَلَى م ر وَفِي سم قَوْلُهُ وَإِلَّا لَمْ يُوجَدْ إلَخْ الْمُلَازَمَةُ مَمْنُوعَةٌ؛ لِأَنَّ الْعَفْوَ عَنْ مُلَاقَاةِ الدَّنِّ يَكْفِي فِي الطَّهَارَةِ تَأَمَّلْ اهـ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ قَوْلُهُ بِلَا عَيْنٍ وَقَوْلُهُ بِدِنِّهَا مِنْ زِيَادَتِي اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ بِمُصَاحَبَةِ عَيْنٍ) أَيْ لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِهَا أَمَّا الَّتِي مِنْ جِنْسِهَا فَلَا تَضُرُّ فَلَوْ صُبَّ عَلَى الْخَمْرِ خَمْرٌ آخَرُ أَوْ نَبِيذٌ طَهُرَ الْجَمِيعُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ زي وَلَيْسَ مِنْ الْعَيْنِ فِيمَا يَظْهَرُ الدُّودُ الْمُتَوَلِّدُ مِنْ الْعَصِيرِ فَلَا يَضُرُّ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ تَخَمَّرَ مَا فِي أَجْوَافِ الْحَبَّاتِ، ثُمَّ تَخَلَّلَ حَيْثُ قَالُوا بِطَهَارَتِهِ وَمِمَّا يَتَسَاقَطُ مِنْ الْعِنَبِ عِنْدَ الْعَصْرِ مِنْ النَّوَى، فَإِنَّ الِاحْتِرَازَ عَنْ ذَلِكَ أَسْهَلُ مِنْ الِاحْتِرَازِ عَنْ الدُّودِ فَتَنَبَّهْ لَهُ اهـ ع ش عَلَى م ر، وَمِنْ الْعَيْنِ الْمُضِرَّةِ تَلْوِيثُ مَا فَوْقَهَا مِنْ الدَّنِّ بِوَضْعِ الْعَيْنِ فِيهَا أَوْ بِغَيْرِهِ لَا ارْتِفَاعُهَا بِنَفْسِهَا، فَإِنْ وُضِعَ عَلَيْهَا فِي الْأَوَّلِ مَا يَصِلُ إلَى مَحَلِّ ارْتِفَاعِهَا مِمَّا يَأْتِي طَهُرَتْ اهـ. (قَوْلُهُ كَحَصَاةٍ) مِثَالٌ لِلْعَيْنِ الَّتِي لَمْ تُؤَثِّرْ فِي التَّخَلُّلِ وَمِثَالُ الْعَيْنِ الَّتِي تُؤَثِّرُ الْبَصَلُ وَالْخُبْزُ الْحَارُّ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ وَلَا ضَرُورَةَ) أَتَى بِهِ لِإِخْرَاجِ فُتَاتِ الْبِزْرِ، فَإِنَّهُ طَاهِرٌ مَعَ أَنَّهُ عَيْنٌ لِلضَّرُورَةِ وَاحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الدَّنِّ أَيْضًا اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُمْ إلَخْ) ، وَكَذَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْمَتْنِ بِمُلَاحَظَةِ مَا قَدَّرَهُ فِيهِ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ إذَا نُزِعَتْ الْعَيْنُ مِنْهَا قَبْلَهُ) أَيْ وَهِيَ طَاهِرَةٌ، وَلَمْ يَتَخَلَّلْ مِنْهَا شَيْءٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ وَالْخَمْرُ حَقِيقَةً الْمُسْكِرُ الْمُتَّخَذُ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ) .

وَفِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ أَنَّهَا اسْمٌ لِكُلِّ مُسْكِرٍ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ لَكِنْ اخْتَارَ السُّبْكِيُّ خِلَافَهُ) مُعْتَمَدٌ، فَإِنَّ كُلَّ مُسْكِرٍ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الرُّطَبِ أَوْ التَّمْرِ أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>