للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بَابُ الْغُسْلِ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَضَمِّهَا (مُوجِبُهُ) خَمْسَةٌ (مَوْتٌ) لِمُسْلِمٍ غَيْرِ شَهِيدٍ

ــ

[حاشية الجمل]

[بَابُ الْغُسْلِ]

هُوَ لُغَةً سَيَلَانُ الْمَاءِ عَلَى الشَّيْءِ مُطْلَقًا بَدَنًا أَوْ غَيْرَهُ وَشَرْعًا سَيَلَانُهُ عَلَى جَمِيعِ الْبَدَنِ بِنِيَّةٍ وَاجِبَةٍ فِي غَيْرِ غُسْلِ الْمَيِّتِ وَمَنْدُوبَةٍ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ مَرَّةً وَاحِدَةً مِنْ الْفَاعِلِ أَوْ غَيْرِهِ بِشَرَائِطَ مَخْصُوصَةٍ وَمَا قِيلَ إنَّهُ كَانَ يَجِبُ سَبْعَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ نُسِخَ لَمْ يَثْبُتْ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ فِي حَدِيثٍ أَوْ أَثَرٍ أَوْ نَقْلٍ مُعْتَبَرٍ وَهُوَ ثَانِي مَقَاصِدِ الطَّهَارَةِ وَأُخِّرَ عَنْ الْوُضُوءِ لِقِلَّتِهِ كَمَا أُخِّرَتْ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ عَنْهُمَا لِذَلِكَ وَلِصِحَّتِهِمَا مَعَهَا قِيلَ وَكَانَ وَاجِبًا لِكُلِّ صَلَاةٍ، ثُمَّ نُسِخَ وَسَكَتُوا عَنْ كَوْنِهِ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَيَقْرُبُ كَوْنُهُ مِنْ خَصَائِصِهَا، قَالَ السُّهَيْلِيُّ.

وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ الْغُسْلَ مِنْ الْجَنَابَةِ كَانَ مَعْمُولًا بِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بَقِيَّةً مِنْ دِينِ إبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَمَا بَقِيَ مِنْهُ الْحَجُّ وَالنِّكَاحُ وَالْكَلَامُ عَلَيْهِ مُنْحَصِرٌ فِي ثَلَاثِ أَطْرَافٍ: الْأَوَّلُ فِي مُوجِبَاتِهِ، وَالثَّانِي فِي وَاجِبَاتِهِ، وَالثَّالِثُ فِي سُنَنِهِ وَلَا يَجِبُ فَوْرًا أَصَالَةً، وَلَوْ عَلَى الزَّانِي خِلَافًا لِابْنِ الْعِمَادِ قَالَ بَعْضُهُمْ، وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُ مَعْنَاهُ لُغَةً وَشَرْعًا لِطُولِ الْعِبَارَةِ فِيهِ وَلِلِاخْتِلَافِ فِي كَوْنِهِ مَصْدَرًا أَوْ اسْمَ مَصْدَرٍ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، قَالَ شَيْخُنَا الْبَابِلِيُّ: وَهَذَا لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ عِلَّةً لِإِسْقَاطِ التَّعْرِيفِ فَانْظُرْ مَا حِكْمَةُ إسْقَاطِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ بِفَتْحِ الْغَيْنِ) أَيْ مَصْدَرُ الْغُسْلِ وَاسْمُ مَصْدَرٍ لَاغْتَسَلَ وَقَوْلُهُ وَبِضَمِّهَا أَيْ عَلَى أَنَّهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمَاءِ الَّذِي يَغْتَسِلُ بِهِ. وَأَمَّا بِكَسْرِهَا فَهُوَ اسْمٌ لِمَا يُغْتَسَلُ بِهِ مِنْ نَحْوِ سِدْرٍ وَالْفَتْحُ أَشْهَرُ مِنْ الضَّمِّ وَأَفْصَحُ لُغَةً لَكِنَّ الضَّمَّ أَشْهَرُ فِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ، وَإِنْكَارُهُ غَلَطٌ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَحَيْثُ ضُمَّ جَازَ فِيهِ ضَمُّ ثَانِيهِ تَبَعًا لِأَوَّلِهِ اهـ فَيْض اهـ شَوْبَرِيٌّ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ غَسَلَ غَسْلًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَالِاسْمُ الْغُسْلُ بِالضَّمِّ وَجَمْعُهُ أَغْسَالٌ، مِثْلُ قُفْلٍ وَأَقْفَالٍ وَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُ الْمَضْمُومَ وَالْمَفْتُوحَ بِمَعْنًى وَعَزَاهُ إلَى سِيبَوَيْهِ، وَقِيلَ الْغُسْلُ بِالضَّمِّ هُوَ الْمَاءُ الَّذِي يُتَطَهَّرُ بِهِ وَهُوَ اسْمٌ مِنْ الِاغْتِسَالِ.

وَفِي التَّهْذِيبِ الْغُسْلُ بِالضَّمِّ تَمَامُ غَسْلِ الْجَسَدِ كُلِّهِ، وَالْمَصْدَرُ الْغَسْلُ بِالْفَتْحِ اهـ.

قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَاقْتَضَى هَذَا أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ فِي غَسْلِ الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْغُسْلَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ بِضَمِّ الْغَيْنِ فِي غَسْلِ الْبَدَنِ أَشْهَرُ مِنْ الْفَتْحِ وَالْفَتْحُ فِي غَسْلِ الثَّوْبِ أَشْهَرُ مِنْ الضَّمِّ فَافْهَمْ اهـ مَدَابِغِيٌّ عَلَى التَّحْرِيرِ. (قَوْلُهُ مُوجِبُهُ) أَيْ السَّبَبُ فِي وُجُوبِهِ مَوْتٌ أَيْ، وَلَوْ حُكْمًا لِيَدْخُلَ السِّقْطُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ عِبَارَةِ م ر اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ أَيْضًا مُوجِبُهُ مَوْتٌ) الْمُوجِبُ بِكَسْرِ الْجِيمِ الْمُقْتَضِي لِلشَّيْءِ وَالطَّالِبُ لَهُ وَالْمُوجَبُ بِفَتْحِ الْجِيمِ هُوَ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى الْمُوجِبِ بِكَسْرِهَا وَيُعَبَّرُ عَنْ الْأَوَّلِ بِالسَّبَبِ وَعَنْ الثَّانِي بِالْمُسَبَّبِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

وَعِبَارَةُ سم وَالْمُرَادُ بِالْمُوجِبِ مَا يَشْمَلُ الْإِيجَابَ عَلَى الْغَيْرِ لِقَوْلِهِ مَوْتٌ وَلَا خَفَاءَ أَنَّ هَذِهِ الْأَسْبَابَ مُوجِبَةٌ لِذَاتِهَا فَلَا تَرِدُ النَّجَاسَةُ الْمَجْهُولَةُ فِي الْبَدَنِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ تَعْمِيمِ الْبَدَنِ لِأَمْرٍ عَارِضٍ لَا لِذَاتِ النَّجَاسَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَسْقَطَ الْمَوْتَ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْإِيجَابَ عَلَى الشَّخْصِ نَفْسِهِ وَإِلَى أَنَّ وُجُوبَهُ عَلَى الْغَيْرِ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَالْكَلَامُ فِي وُجُوبِ الْعَيْنِ اهـ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ الْوَاجِبُ فِي مَسْأَلَةِ النَّجَاسَةِ لَيْسَ خُصُوصَ الْغُسْلِ بَلْ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ حَتَّى لَوْ فَرَضَ كَشْطَ الْجِلْدِ كَفَى بِخِلَافِهِ فِي الْجَنَابَةِ وَغَيْرِهَا لَا يَكْفِي كَشْطُ الْجِلْدِ انْتَهَتْ.

وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيّ قَوْلُهُ مُوجِبُهُ مَوْتٌ بِكَسْرِ الْجِيمِ بِمَعْنَى سَبَبِهِ، وَإِنْ لَمْ يَجِبْ أَوْ وَجَبَ عَلَى الْغَيْرِ كَمَا فِي الْكَافِرِ وَالْمَيِّتِ، وَالْمُرَادُ الْمُوجِبُ لِذَاتِهِ فَلَا يَرِدُ تَنَجُّسُ جَمِيعِ الْبَدَنِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ، وَلَوْ بِكَشْطِ الْجِلْدِ مَثَلًا فَمَا فِي التَّحْرِيرِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ اهـ.

(قَوْلُهُ مَوْتٌ) وَهُوَ عَدَمُ الْحَيَاةِ وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِمُفَارَقَةِ الرُّوحِ الْجَسَدَ، وَقِيلَ عَدَمُ الْحَيَاةِ عَمَّا مَنْ شَأْنُهُ الْحَيَاةُ، وَقِيلَ عَرَضٌ يُضَادُّهَا وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَمِثْلُهُ مَا يَلِيهِ، وَلِذَلِكَ قَالَ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ بَعْدَ قَوْلِهِ عَدَمُ الْحَيَاةِ أَيْ بِالْفِعْلِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ مَخْلُوقٌ لِلَّهِ تَعَالَى، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ وُجُودِيٌّ أَيْ كَيْفِيَّةٌ يَخْلُقُهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي الْحَيِّ تُضَادُّ الْحَيَاةَ، وَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهُ عَدَمِيٌّ أَيْ عَدَمُ الْحَيَاةِ عَمَّنْ اتَّصَفَ بِهَا وَعَلَى هَذَا فَالتَّقَابُلُ بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْحَيَاةِ تَقَابُلُ الْعَدَمِ وَالْمَلَكَةِ وَعَلَى الْأَوَّلِ تَقَابُلُ التَّضَادِّ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَقَوْلُهُ، وَقِيلَ عَرَضٌ يُضَادُّهَا ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَشْتَرِطُ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِيَ سَبْقَ الْحَيَاةِ فَيَدْخُلُ السِّقْطُ فِي الْمَيِّتِ عَلَى الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ.

وَفِي التُّحْفَةِ مَا يَقْضِي خِلَافَهُ حَيْثُ جَعَلَ الْمَوْتَ عَلَى الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ صَادِقًا عَلَى السِّقْطِ لَكِنْ نَظَرَ فِيهِ سم بِالنِّسْبَةِ لِلْأَوَّلِ بِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ الْمُقَارَنَةِ سَبْقُ الْوُجُودِ قَالَ: إلَّا أَنْ يَكُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>