رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ وَقِيسَ بِالْجَنَابَةِ مَا فِي مَعْنَاهَا وَلِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَتَكَرَّرُ تَكَرُّرَ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ، وَفَارَقَ الْجَبِيرَةَ مَعَ أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مَسْحًا بِأَعْلَى سَاتِرٍ لِحَاجَةٍ مَوْضُوعٍ عَلَى طُهْرٍ، بِأَنَّ الْحَاجَةَ ثَمَّ أَشَدُّ وَالنَّزْعَ أَشَقُّ.
(وَمَنْ فَسَدَ خُفُّهُ أَوْ بَدَا) أَيْ ظَهَرَ (شَيْءٌ مِمَّا سُتِرَ بِهِ) مِنْ رِجْلٍ وَلِفَافَةٍ وَغَيْرِهِمَا (أَوْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَهُوَ بِطُهْرِ الْمَسْحِ) فِي الثَّلَاثِ (لَزِمَهُ غَسْلُ قَدَمَيْهِ) فَقَطْ لِبُطْلَانِ طُهْرِهِمَا دُونَ غَيْرِهِمَا بِذَلِكَ وَاخْتَارَ فِي الْمَجْمُوعِ كَابْنِ الْمُنْذِرِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ غَسْلُ شَيْءٍ وَيُصَلِّي بِطَهَارَتِهِ وَخَرَجَ بِطُهْرِ الْمَسْحِ طُهْرُ الْغَسْلِ فَلَا حَاجَةَ فِيهِ إلَى غَسْلِ قَدَمَيْهِ، وَالْأُولَى وَالثَّالِثَةُ مِنْ زِيَادَتِي وَتَعْبِيرِي فِي الثَّانِيَةِ بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَمَنْ نَزَعَ.
ــ
[حاشية الجمل]
قَوْله تَعَالَى {أَمَرَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ} [يوسف: ٤٠] اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: مَا فِي مَعْنَاهَا) وَهُوَ الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ، وَالْوِلَادَةُ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ ذَلِكَ) أَيْ الْمَذْكُورَ مِنْ الْجَنَابَةِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا وَهَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِخَبَرِ صَفْوَانَ إلَخْ، وَفِي هَذَا التَّعْلِيلِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى أَنَّ مَنْ لَزِمَهُ غُسْلٌ لَا يَمْسَحُ لِلْحَدَثِ الْأَصْغَرِ حَتَّى لَوْ غَسَلَ رِجْلَيْهِ عَنْ الْجَنَابَةِ فِي الْخُفِّ وَأَحْدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ حَدَثًا أَصْغَرَ لَا يَصِحُّ أَنْ يَمْسَحَ عَنْهُ وَلَيْسَ الْمُدَّعَى أَنَّ مَنْ لَزِمَهُ غُسْلٌ لَا يَمْسَحُ عَلَى الْخُفِّ بَدَلًا عَنْ غَسْلِهِمَا عَنْ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ كَمَا يَقْتَضِيهِ هَذَا التَّعْلِيلُ وَقَوْلُهُ: وَفَارَقَ الْجَبِيرَةَ الضَّمِيرُ فِي فَارَقَ يَعُودُ عَلَى الْمَسْحِ بَدَلًا عَنْ الْجَنَابَةِ - أَيْ فَارَقَ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفِّ بَدَلًا عَنْ غَسْلِهِمَا عَنْ الْجَنَابَةِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ وَلَا يَصِحُّ - الْجَبِيرَةَ أَيْ مَسْحَهَا عَنْ الْجَنَابَةِ حَيْثُ يَجُوزُ وَيَصِحُّ مَعَ أَنَّ الْجَنَابَةَ لَا تَتَكَرَّرُ تَكَرُّرَ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ وَقَدْ جَازَ فِيهَا الْمَسْحُ عَلَى الْجَبِيرَةِ دُونَ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَسْحٌ عَلَى سَاتِرٍ، ثُمَّ رَأَيْت فِي ح ل مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: وَفَارَقَ الْجَبِيرَةَ أَيْ حَيْثُ لَمْ يُؤَثِّرْ نَحْوُ الْجَنَابَةِ فِي مَنْعِ مَسْحِهَا اهـ أَيْ وَأَثَّرَ فِي مَنْعِ مَسِّ الْخُفِّ اهـ لِكَاتِبِهِ.
(قَوْلُهُ: وَمَنْ فَسَدَ خُفُّهُ) أَيْ خَرَجَ عَنْ صَلَاحِيَّةِ الْمَسْحِ بِأَنْ صَارَ لَا يَمْنَعُ نُفُوذَ الْمَاءِ مِنْ غَيْرِ مَحَلِّ الْخَرْزِ وَلَا يُمْكِنُ تَتَابُعُ التَّرَدُّدِ فِيهِ لِبَقِيَّةِ الْمُدَّةِ اهـ ح ل وَجَوَابُ هَذَا الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ بَطَلَ مَسْحُهُ فَيَلْزَمُهُ اسْتِئْنَافُ مُدَّةٍ أُخْرَى سَوَاءٌ كَانَ بِطُهْرِ الْغُسْلِ، أَوْ الْمَسْحِ ثُمَّ إنْ كَانَ بِطُهْرِ الْمَسْحِ لَزِمَهُ غَسْلُ قَدَمَيْهِ فَقَوْلُ الْمَتْنِ لَزِمَهُ غَسْلُ قَدَمَيْهِ لَيْسَ هُوَ الْجَوَابَ فِي الْحَقِيقَةِ بَلْ هُوَ مُرَتَّبٌ عَلَيْهِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ شَرْحِ حَجّ. (قَوْلُهُ: أَوْ بَدَا شَيْءٌ مِمَّا سُتِرَ بِهِ) هَذِهِ الْجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى صِلَةِ مَنْ فَهِيَ صِلَةٌ وَكَذَا مَا بَعْدَهَا وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْجُمْلَتَيْنِ الْمَعْطُوفَتَيْنِ لَيْسَ فِيهِمَا ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى مَنْ مَعَ أَنَّهُ يَجِبُ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَى الصِّلَةِ تَلَبُّسُهُ بِضَمِيرِ الْمَوْصُولِ؛ لِأَنَّهُ صِلَةٌ وَلَا يَسُوغُ تَرْكُهُ إلَّا إذَا كَانَ الْعَطْفُ بِالْفَاءِ كَمَا فِي الْأُشْمُونِيِّ إلَّا أَنْ يُقَالَ الرَّابِطُ فِي أُولَاهُمَا الْهَاءُ فِي بِهِ مِنْ حَيْثُ عَوْدُهَا عَلَى الْخُفِّ الْمُقَيَّدِ بِالْهَاءِ الْعَائِدَةِ عَلَى مَنْ وَهَذَا كَافٍ فِي الرَّبْطِ، وَفِي الثَّانِي مُقَدَّرٌ أَيْ مُدَّتِهِ، أَوْ الْمُدَّةِ لَهُ، أَوْ أَنَّ " أَلْ " عِوَضٌ عَنْ الضَّمِيرِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ الرَّابِطُ فِي الْجُمْلَتَيْنِ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ وَهُوَ بِطُهْرِ الْمَسْحِ؛ لِأَنَّهُ عَائِدٌ عَلَى مَنْ وَيَكْفِي الرَّابِطُ وَلَوْ كَانَ قَيْدًا فِي الصِّلَةِ، وَالضَّمِيرُ هُنَا وَاقِعٌ فِي الْجُمْلَةِ الْحَالِيَّةِ الَّتِي هِيَ قَيْدٌ فِي الصِّلَاتِ الثَّلَاثِ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: أَوْ بَدَا شَيْءٌ مِمَّا سُتِرَ بِهِ) أَيْ وَلَمْ يَسْتُرْهُ حَالًا وَإِلَّا عُفِيَ عَنْهُ، نَظِيرُ مَا يَأْتِي فِي نَحْوِ الرُّكُوعِ بِسَاتِرِ الْعَوْرَةِ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ هَذَا نَادِرٌ بِخِلَافِهِ ثَمَّ؛ لِأَنَّهُمْ احْتَاطُوا هُنَا بِتَنْزِيلِ الظُّهُورِ بِالْقُوَّةِ وَعَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ مَنْزِلَةَ الظُّهُورِ بِالْفِعْلِ وَلَمْ يَحْتَاطُوا بِنَظِيرِ ذَلِكَ ثَمَّ، وَسِرُّهُ أَنَّ مَا هُنَا رُخْصَةٌ وَالشَّكُّ فِي شَرْطِهَا يُوجِبُ الرُّجُوعَ لِلْأَصْلِ وَلَا كَذَلِكَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ قَالَهُ حَجّ اهـ ح ل وَلَوْ أَخْرَجَ رِجْلَهُ مِنْ قَدَمِ الْخُفِّ إلَى السَّاقِ لَمْ يُؤَثِّرْ عَلَى النَّصِّ وَيُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِهِ نَعَمْ لَوْ كَانَ الْخُفُّ طَوِيلًا خَارِجًا عَنْ الْعَادَةِ فَأَخْرَجَ رِجْلَهُ إلَى مَوْضِعٍ لَوْ كَانَ الْخُفُّ مُعْتَادًا لَظَهَرَ شَيْءٌ مِنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ بَطَلَ مَسْحُهُ بِلَا خِلَافٍ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: لَزِمَهُ غَسْلُ قَدَمَيْهِ) شَمِلَ كَلَامُهُ وُضُوءَ دَائِمِ الْحَدَثِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ حَيْثُ قَالَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ الِاكْتِفَاءِ بِغَسْلِ الْقَدَمَيْنِ بَعْدَ النَّزْعِ وَنَحْوِهِ فِي وُضُوءِ الرَّفَاهِيَةِ أَمَّا دَائِمُ الْحَدَثِ فَيَلْزَمُهُ الِاسْتِئْنَافُ لَا مَحَالَةَ أَمَّا لِلْفَرِيضَةِ فَوَاضِحٌ، وَأَمَّا لِلنَّافِلَةِ فَلِأَنَّ الِاسْتِبَاحَةَ لَا تَتَبَعَّضُ فَإِذَا ارْتَفَعَتْ بِالنِّسْبَةِ لِلرِّجْلَيْنِ ارْتَفَعَتْ مُطْلَقًا، كَذَا ظَنَنْتُهُ فَتَأَمَّلْهُ وَلَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا اهـ شَرْحُ م ر.
وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَشَمِلَ ذَلِكَ دَائِمَ الْحَدَثِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَيَسْتَبِيحُ مَا كَانَ لَهُ لَوْ بَقِيَ لُبْسُهُ كَمَا تَقَدَّمَ اهـ. (قَوْلُهُ أَيْضًا: لَزِمَهُ غَسْلُ قَدَمَيْهِ) أَيْ وَتَجِبُ عَلَيْهِ النِّيَّةُ لِأَنَّ هَذَا حَدَثٌ جَدِيدٌ حَدَثَ بِمَا ذُكِرَ مِنْ فَسَادِ الْخُفِّ وَغَيْرِهِ وَلَمْ يَنْدَرِجْ تَحْتَ نِيَّةِ الطَّهَارَةِ السَّابِقَةِ وَلِأَنَّ مَسْحَهُمَا صَرَفَ النِّيَّةَ عَنْ غَسْلِهِمَا اهـ سم.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ: لَزِمَهُ غَسْلُ قَدَمَيْهِ أَيْ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ عَنْهُمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ انْتَهَتْ. نَعَمْ يُسَنُّ لَهُ الْوُضُوءُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ أَيْ الْقَائِلُ بِوُجُوبِ الْوُضُوءِ بِتَمَامِهِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر. (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِطُهْرِ الْمَسْحِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْأُولَيَيْنِ، وَأَمَّا انْقِضَاءُ الْمُدَّةِ فَلَا يُتَصَوَّرُ وَهُوَ بِطُهْرِ الْغُسْلِ؛ لِأَنَّ ابْتِدَاءَهَا مِنْ الْحَدَثِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَقَدْ يُصَوَّرُ بِمَا لَوْ أَحْدَثَ وَتَوَضَّأَ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ دَاخِلَ الْخُفِّ، ثُمَّ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَهُوَ بِطُهْرِ ذَلِكَ الْغُسْلِ اهـ إطْفِيحِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَلَا حَاجَةَ فِيهِ إلَى غَسْلِ قَدَمَيْهِ) أَيْ، وَإِنْ كَانَ يَلْزَمُهُ النَّزْعُ وَتَجْدِيدُ اللُّبْسِ لِانْقِطَاعِ الْمُدَّةِ فِي حَقِّهِ بِمَا ذُكِرَ كَمَا تَقَدَّمَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute