للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زِيَادَتِي.

(وَلَا مَسْحَ لِشَاكٍّ فِي بَقَاءِ الْمُدَّةِ) كَأَنْ نَسِيَ ابْتِدَاءَهَا أَوْ أَنَّهُ مَسَحَ حَضَرًا أَوْ سَفَرًا لِأَنَّ الْمَسْحَ رُخْصَةٌ بِشُرُوطٍ مِنْهَا الْمُدَّةُ فَإِذَا شَكَّ فِيهَا رَجَعَ إلَى الْأَصْلِ وَهُوَ الْغَسْلُ (وَلَا لِمَنْ لَزِمَهُ) أَيْ لَابِسِ الْخُفِّ (غُسْلٌ) هَذَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ أَجْنَبَ وَجَبَ تَجْدِيدُ لُبْسٍ أَيْ إنْ أَرَادَ الْمَسْحَ فَيَنْزِعُ وَيَتَطَهَّرُ، ثُمَّ يَلْبَسُ حَتَّى لَوْ اغْتَسَلَ لَابِسًا لَا يَمْسَحُ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَذَلِكَ لِخَبَرِ «صَفْوَانَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْمُرُنَا إذَا كُنَّا مُسَافِرِينَ أَوْ سَفْرًا أَنْ لَا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ إلَّا مِنْ جَنَابَةٍ»

ــ

[حاشية الجمل]

الشَّعْرِ لَا يَكْفِي فَتَأَمَّلْ اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: وَلَا مَسْحَ لِشَاكٍّ فِي بَقَاءِ الْمُدَّةِ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الشَّكَّ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي مَنْعِ الْمَسْحِ لَا أَنَّهُ يَقْتَضِي الْحُكْمَ بِانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فَلَوْ زَالَ الشَّكُّ وَتَحَقَّقَ بَقَاءُ الْمُدَّةِ جَازَ الْمَسْحُ وَعَلَيْهِ لَوْ كَانَ مَسَحَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي عَلَى الشَّكِّ فِي أَنَّهُ مَسَحَ فِي الْحَضَرِ، أَوْ السَّفَرِ وَصَلَّى، ثُمَّ زَالَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَعَلِمَ أَنَّ ابْتِدَاءَهُ وَقَعَ فِي السَّفَرِ فَعَلَيْهِ إعَادَةُ صَلَاةِ الْيَوْمِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ صَلَّاهَا مَعَ الشَّكِّ وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِالْمَسْحِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ لِعِلْمِهِ بِبَقَاءِ الْمُدَّةِ وَيَجُوزُ لَهُ إعَادَةُ صَلَاةِ الْيَوْمِ الثَّانِي بِالْمَسْحِ الْوَاقِعِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ ثُمَّ إنْ كَانَ عَلَى مَسْحِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يُحْدِثْ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ بِذَلِكَ الْمَسْحِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَحْدَثَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي لَكِنَّهُ مَسَحَ فِيهِ عَلَى الشَّكِّ وَجَبَ عَلَيْهِ إعَادَةُ مَسْحِهِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَلَا مَسْحَ لِشَاكٍّ فِي بَقَاءِ الْمُدَّةِ) أَيْ لَا يَصِحُّ مَسْحُهُ وَلَا صَلَاتُهُ الْمُرَتَّبَةُ عَلَيْهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(فَائِدَةٌ) : وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ شَكَّ هَلْ بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ مَا يَسَعُ الصَّلَاةَ كَامِلَةً أَمْ لَا، هَلْ الْإِحْرَامُ بِهَا جَائِزٌ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي لِتَرَدُّدِهِ فِي النِّيَّةِ حَالَ الْإِحْرَامِ بِهَا عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ مَا لَا يَسَعُ الصَّلَاةَ وَأَحْرَمَ عَالِمًا بِذَلِكَ لَمْ تَنْعَقِدْ خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ هُنَا وَتَبِعَهُ الْخَطِيبُ مِنْ الصِّحَّةِ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَلَا لِمَنْ لَزِمَهُ غُسْلٌ) أَيْ أَصَالَةً فَخَرَجَ الْمَنْذُورُ فَلَهُ الْمَسْحُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ نَزْعُهُ وَلَهُ أَنْ يَغْتَسِلَ وَهُوَ لَابِسٌ لَهُ اهـ ع ش، وَإِيضَاحُ هَذَا الْمَقَامِ أَنَّ لَابِسَ الْخُفِّ الَّذِي طَرَأَتْ عَلَيْهِ الْجَنَابَةُ لَهُ أَحْوَالٌ ثَلَاثَةٌ الْحَالَةُ الْأُولَى أَنْ تَطْرَأَ عَلَيْهِ الْجَنَابَةُ وَهُوَ بِطُهْرِ الْغُسْلِ قَبْلَ الْحَدَثِ وَقَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْمُدَّةِ وَحُكْمُهُ أَنَّ هَذَا اللُّبْسَ يَبْطُلُ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ نَزْعُهُ وَيُجَدِّدُ لُبْسًا بَعْدَ غُسْلِ الْجَنَابَةِ حَتَّى لَوْ غَسَلَ رِجْلَيْهِ دَاخِلَ الْخُفِّ عَنْهَا لَا بُدَّ مِنْ النَّزْعِ وَإِعَادَةِ اللُّبْسِ وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ أَنْ تَتَجَرَّدَ جَنَابَتُهُ عَنْ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ أَوْ لَا.

الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ أَنْ يَكُونَ قَدْ شَرَعَ فِي الْمُدَّةِ بِأَنْ أَحْدَثَ وَاتَّفَقَ أَنَّهُ تَوَضَّأَ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ فِي الْخُفِّ ثُمَّ طَرَأَتْ عَلَيْهِ الْجَنَابَةُ وَحُكْمُهُ أَنَّ الْمُدَّةَ تَنْقَطِعُ فِي حَقِّهِ حَتَّى لَوْ غَسَلَ رِجْلَيْهِ عَنْ الْجَنَابَةِ دَاخِلَ الْخُفِّ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا بَعْدُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ النَّزْعِ، وَإِعَادَةِ اللُّبْسِ وَسَوَاءٌ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ تَجَرَّدَتْ جَنَابَتُهُ عَنْ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ، أَوْ لَا فَإِنْ لَمْ تَتَجَرَّدْ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ، وَإِنْ تَجَرَّدَتْ فَيَكْفِيهِ الْغُسْلُ عَنْ الْجَنَابَةِ وَلَا يَحْتَاجُ لِغَسْلِ رِجْلَيْهِ زِيَادَةً عَلَى غُسْلِ الْجَنَابَةِ؛ لِأَنَّهُمَا خَالِيَانِ عَنْ الْأَصْغَرِ كَمَا هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ.

الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ أَنْ يَشْرَعَ فِي الْمُدَّةِ بِالْحَدَثِ، ثُمَّ يَتَوَضَّأَ وَيَمْسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ، ثُمَّ تَطْرَأَ عَلَيْهِ الْجَنَابَةُ فَإِنْ كَانَ مَعَهَا حَدَثٌ أَصْغَرُ طَرَأَ عَلَيْهِ أَيْضًا فَأَمْرُهُ ظَاهِرٌ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَبْطُلُ وُضُوءُهُ مِنْ أَصْلِهِ وَيَلْزَمُهُ الْغُسْلُ وَيَلْزَمُهُ النَّزْعُ وَتَجْدِيدُ اللُّبْسِ حَتَّى لَوْ غَسَلَ رِجْلَيْهِ دَاخِلَ الْخُفِّ لَا بُدَّ مِنْ النَّزْعِ وَتَجْدِيدِ اللُّبْسِ، وَإِنْ تَجَرَّدَتْ جَنَابَتُهُ عَنْ الْأَصْغَرِ كَأَنْ أَمْنَى بِمُجَرَّدِ النَّظَرِ وَهُوَ بِطُهْرِ الْمَسْحِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْغُسْلُ وَتَبْطُلُ طَهَارَةُ رِجْلَيْهِ الْحَاصِلَةُ بِالْمَسْحِ وَلَا يَبْطُلُ وُضُوءُهُ مِنْ أَصْلِهِ وَيَنْبَنِي عَلَى هَذَا أَنَّهُ إذَا اغْتَسَلَ وَقُلْنَا بِالِانْدِرَاجِ لَا يَحْتَاجُ إلَى غَسْلِ رِجْلَيْهِ عَنْ الْأَصْغَرِ، وَإِنْ قُلْنَا بِعَدَمِهِ فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ لِغَسْلِهِمَا وَحْدَهُمَا مَرَّةً أُخْرَى غَيْرَ غَسْلِهِمَا فِي ضِمْنِ الْغُسْلِ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ عَنْهُمَا وَعَلَى كُلِّ حَالٍ يَجِبُ النَّزْعُ وَتَجْدِيدُ اللُّبْسِ لِبُطْلَانِ اللُّبْسِ الْأَوَّلِ بِالْجَنَابَةِ اهـ مِنْ التَّحْرِيرِ وَحَوَاشِيهِ.

(قَوْلُهُ: أَيْ لَابِسَ الْخُفِّ) بِالْجَرِّ عَلَى أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِمَنْ وَبِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِلْهَاءِ اهـ ع ش وَالْأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ الْمَعْنَى عَلَى الثَّانِي: وَلَا مَسْحَ لِشَخْصٍ لَزِمَهُ أَيْ لَابِسَ الْخُفِّ إلَخْ وَفِيهِ نَوْعُ رَكَاكَةٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَتْ " مَنْ " وَاقِعَةً عَلَى الشَّخْصِ فَإِنْ كَانَتْ وَاقِعَةً عَلَى لَابِسٍ كَانَ ظَاهِرًا اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ صَفْوَانَ) هُوَ أَبُو عَسَّالٍ بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَسِينٍ مُشَدَّدَةٍ صَفْوَانُ بْنُ عَسَّالٍ الْمُرَادِيُّ الصَّحَابِيُّ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اثْنَتَيْ عَشْرَةَ غَزْوَةً وَرَوَى عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا لَا صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: أَوْ سَفْرًا) شَكٌّ مِنْ الرَّاوِي، وَإِلَّا فَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ اهـ ع ش وَمُسَافِرِينَ جَمْعُ مُسَافِرٍ، وَسَفْرًا جَمْعُ سَافِرٍ بِمَعْنَى مُسَافِرٍ كَرَكْبٍ وَرَاكِبٍ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: إلَّا مِنْ جَنَابَةٍ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ النَّفْيِ لَا مِنْ " يَأْمُرُنَا " فَكُلٌّ مِنْ الْمُسْتَثْنَى، وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَوْرِدٌ وَمَحَلٌّ لِلطَّلَبِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِيَأْمُرُنَا فَيَكُونُ الْإِثْبَاتُ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الِاسْتِثْنَاءُ مَطْلُوبًا وَمَأْمُورًا بِهِ وَنَظِيرُ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>