(خُطُوطًا) بِأَنْ يَضَعَ يَدَهُ الْيُسْرَى تَحْتَ الْعَقِبِ وَالْيُمْنَى عَلَى ظَهْرِ الْأَصَابِعِ، ثُمَّ يُمِرَّ الْيُمْنَى إلَى آخِرِ سَاقِهِ وَالْيُسْرَى إلَى أَطْرَافِ الْأَصَابِعِ مِنْ تَحْتٍ مُفَرِّجًا بَيْنَ أَصَابِعِ يَدَيْهِ فَاسْتِيعَابُهُ بِالْمَسْحِ خِلَافُ الْأَوْلَى وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ الرَّوْضَةِ لَا يُنْدَبُ اسْتِيعَابُهُ وَيُكْرَهُ تَكْرَارُهُ وَغَسْلُ الْخُفِّ (وَيَكْفِي مُسَمَّى مَسْحٍ) كَمَسْحِ الرَّأْسِ (فِي مَحَلِّ الْفَرْضِ بِظَاهِرِ أَعْلَى الْخُفِّ) لَا بِأَسْفَلِهِ وَبَاطِنِهِ وَعَقِبِهِ وَحَرْفِهِ إذْ لَمْ يَرِدْ الِاقْتِصَارُ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا كَمَا وَرَدَ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْأَعْلَى فَيُقْتَصَرُ عَلَيْهِ وُقُوفًا عَلَى مَحَلِّ الرُّخْصَةِ وَلَوْ وَضَعَ يَدَهُ الْمُبْتَلَّةَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُمِرَّهَا أَوْ قَطَّرَ أَجْزَأَهُ وَقَوْلِي بِظَاهِرِ مِنْ
ــ
[حاشية الجمل]
قَوْلُهُ: خُطُوطًا) هُوَ سُنَّةٌ أُخْرَى فَكَانَ مُقْتَضَى عَادَتِهِ أَنْ يَقُولَ وَخُطُوطًا بِالْعَطْفِ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: تَحْتَ الْعَقِبِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَيَجُوزُ إسْكَانُهَا مَعَ فَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِهَا وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ وَجَمْعُهَا أَعْقَابٌ، وَالْمُرَادُ مُؤَخَّرُ الْقَدَمِ مِمَّا وَرَاءَ الْكَعْبِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَوْقَ الْعَقِبِ لِيَشْمَلَ الْمَسْحُ جَمِيعَ الْعَقِبِ اهـ شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر وَلَا يَظْهَرُ مِنْ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ شُمُولُ الْمَسْحِ لِلْعَقِبِ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِأَسْفَلِهِ وَضْعُ الْيَدِ عَلَى مُؤَخَّرِ الْعَقِبِ بِحَيْثُ يَسْتَوْعِبُهُ بِالْمَسْحِ وَمَعْنَى كَوْنِ ذَلِكَ أَسْفَلَهُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ السَّاقِ، هَذَا وَجَعَلَ الْبَكْرِيُّ ذَلِكَ مُفِيدًا لِدُخُولِهِ حَيْثُ قَالَ: قَوْلُهُ: تَحْتَ الْعَقِبِ إشَارَةٌ إلَى اسْتِحْبَابِ مَسْحِ الْعَقِبِ وَلَا يُشْعِرُ بِهِ الْمَتْنُ اهـ، وَفِي جَعْلِهِ مُفِيدًا لَهُ تَأَمُّلٌ كَمَا عَلِمْته وَكَذَا لَا تُفِيدُ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ إدْخَالَ الْحَرْفِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: إلَى آخِرِ سَاقِهِ) عِبَارَةُ حَجّ: ثُمَّ يُمِرُّ الْيُمْنَى لِسَاقِهِ وَفِي هَذَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ التَّحْجِيلُ فِي مَسْحِ الْخُفِّ وَهَذَا مَا اعْتَمَدَهُ م ر وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ إلَى آخِرِ سَاقِهِ مَا هُوَ عِنْدَ كَعْبَيْهِ كَمَا نُقِلَ ذَلِكَ عَنْ سم وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَيْهِ لِمَا صَرَّحَ هُوَ بِهِ فِي شَرْحِ الْجَزَرِيَّةِ مِنْ أَنَّ مَا وَضَعَهُ عَلَى الِانْتِصَابِ؛ أَعْلَاهُ أَوَّلُهُ وَأَسْفَلُهُ آخِرُهُ، وَمِنْ ذَلِكَ السَّاقُ فَأَوَّلُهُ مَا يَلِي الرُّكْبَةَ وَآخِرُهُ مَا يَلِي الْقَدَمَ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ: فَاسْتِيعَابُهُ بِالْمَسْحِ إلَخْ) مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ خُطُوطًا، وَقَوْلُهُ: خِلَافُ الْأَوْلَى اُعْتُرِضَ بِأَنَّهُ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ يَجِبُ اسْتِيعَابُهُ فَهَلَّا رُوعِيَ خِلَافُهُ وَلَمْ يَكُنْ خِلَافَ الْأَوْلَى وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَحَلَّ مُرَاعَاةِ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهَا تَرْكُ سُنَّةٍ وَاضِحَةٍ بِالدَّلِيلِ وَقَدْ وَرَدَ الدَّلِيلُ بِمَسْحِهِ خُطُوطًا اهـ شَيْخُنَا ح ف. (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ الرَّوْضَةِ إلَخْ) إنَّمَا احْتَاجَ لِحَمْلِهِ عَلَى مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مَنْ لَا يَنْدُبُ الْإِبَاحَةَ فَبَيَّنَ أَنَّ ظَاهِرَهَا غَيْرُ مُرَادٍ، وَإِنَّمَا أَمْكَنَ الْحَمْلُ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَعْنَى لَا يَنْدُبُ لَا يَطْلُبُ وَهُوَ - وَإِنْ كَانَ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ الْإِبَاحَةَ - صَادِقٌ بِخِلَافِ الْأَوْلَى اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ تَكْرَارُهُ وَغَسْلُ الْخُفِّ) أَيْ لِأَنَّهُ يَعِيبُهُ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ الْخُفَّ لَوْ كَانَ مِنْ حَدِيدٍ، أَوْ نَحْوِهِ لَا يُكْرَهُ تَكْرَارُ مَسْحِهِ وَلَا غَسْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعِيبُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ فَإِنْ قُلْت التَّعْيِيبُ فِيهِ إتْلَافُ مَالٍ فَهَلَّا حَرُمَ التَّكْرَارُ وَالْغَسْلُ قُلْت لَيْسَ التَّعْيِيبُ مُحَقَّقًا وَلَوْ سُلِّمَ فَقَدْ يُقَالُ لَمَّا كَانَ هُنَا لِغَرَضِ أَدَاءِ الْعِبَادَةِ كَانَ مُغْتَفَرًا وَلَمْ يَحْرُمْ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ وَيُكْرَهُ تَكْرَارُهُ وَكَذَا غَسْلُ الْخُفِّ وَقِيلَ لَا يُجْزِئُ وَلَوْ وَضَعَ يَدَهُ الْمُبْتَلَّةَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُمِرَّهَا، أَوْ قَطَرَ عَلَيْهِ أَجْزَأَهُ وَقِيلَ لَا انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: وَغَسْلُ الْخُفِّ) أَبْرَزَ الضَّمِيرَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْكَرَاهَةَ لِتَكْرِيرِ الْغَسْلِ اهـ شَوْبَرِيٌّ أَيْ يُتَوَهَّمَ أَنَّ " غَسْلُ " بِالْجَرِّ مَعْطُوفٌ عَلَى الْهَاءِ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا التَّوَهُّمَ مَوْجُودٌ مَعَ الْإِظْهَارِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ لَوْ أَضْمَرَ لَلَزِمَ عَلَيْهِ تَشْتِيتُ الضَّمَائِرِ اهـ شَيْخُنَا وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ أَيْ قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ تَكْرَارُهُ وَغَسْلُ الْخُفِّ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ لَا مِنْ بَقِيَّةِ قَوْلِ الرَّوْضَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شُرُوحِ الْمِنْهَاجِ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَيَكْفِي مُسَمَّى مَسْحٍ) أَيْ خِلَافًا لِلْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي التَّقْدِيرِ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ وَلِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي التَّعْمِيمِ إلَّا فِي مَوَاضِعِ الْغُضُونِ أَيْ الثَّنَيَاتِ وَلِأَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي التَّقْدِيرِ بِأَكْثَرِ الْخُفِّ، وَدَلِيلُنَا تَعَرُّضُ النُّصُوصِ لِمُطْلَقِ الْمَسْحِ وَيَكْفِي مَسْحُ أَعْلَى الْكَعْبِ وَمَا يُوَازِيهِ مِنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ غَيْرِ الْعَقِبِ خِلَافًا لِمَا قِيلَ إنَّ الْعِبْرَةَ بِمَا قُدَّامَ السَّاقِ إلَى رُءُوسِ الْأَظْفَارِ لَا غَيْرُ وَيَكْفِي الْمَسْحُ عَلَى الْخَيْطِ الَّذِي خِيطَ بِهِ الْخُفُّ سَوَاءٌ كَانَ جِلْدًا، أَوْ كَتَّانًا، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مِنْ جُمْلَتِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: كَمَسْحِ الرَّأْسِ) يُؤْخَذُ مِنْ التَّشْبِيهِ الِاكْتِفَاءُ بِمَسْحِ الشَّعْرِ الَّذِي عَلَيْهِ وَجَرَى عَلَيْهِ حَجّ وَجَرَى شَيْخُنَا م ر عَلَى عَدَمِ إجْزَائِهِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّأْسِ اهـ شَوْبَرِيٌّ أَيْ فَرَّقَ بِأَنَّ الرَّأْسَ اسْمٌ لِمَا رَأَسَ وَعَلَا، وَالشَّعْرُ مِنْهُ بِخِلَافِ الْخُفِّ شَعْرُهُ لَيْسَ مِنْهُ كَمَا فِي ز ي وَيَكْفِي الْمَسْحُ عَلَى الْخَيْطِ الَّذِي خِيطَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ مِنْهُ وَعَلَى الْأَزْرَارِ، وَالْعُرَى الَّتِي لَهُ إذَا كَانَتْ مُثَبَّتَةً فِيهِ بِنَحْوِ الْخِيَاطَةِ اهـ سم. (قَوْلُهُ: بِظَاهِرِ أَعْلَى الْخُفِّ) هَلْ الْمُرَادُ مَا هُوَ ظَاهِرٌ بِالْأَصَالَةِ، أَوْ مَا هُوَ ظَاهِرٌ الْآنَ بِأَنْ انْقَلَبَتْ رِجْلُهُ فَجَعَلَ أَعْلَاهَا سَافِلَهَا يُحَرَّرُ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: لَا بِأَسْفَلِهِ وَبَاطِنِهِ) لَوْ مَسَحَ بَاطِنَهُ فَنَفَذَ الْمَاءُ مِنْ مَوَاضِعِ الْخَرْزِ إلَى ظَاهِرِهِ فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُجْزِئَ إنْ قَصَدَ الظَّاهِرَ، أَوْ الْبَاطِنَ أَوْ أَطْلَقَ بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَ الْبَاطِنَ فَقَطْ وَكَذَا يُقَالُ إذَا مَسَحَ الشَّعْرَ الَّذِي بِظَاهِرِ أَعْلَى الْخُفِّ فَأَصَابَ الْمَاءُ بَقِيَّةَ مَسْحِ الْخُفِّ وَقُلْنَا إنَّ مَسْحَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute