للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ تَخَلَّلَ الْمُتَعَاطِفَاتِ مَا ذُكِرَ كَوَقَفْتُ عَلَى أَوْلَادِي عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَأَعْقَبَ فَنَصِيبُهُ بَيْنَ أَوْلَادِهِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَإِلَّا فَنَصِيبُهُ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ فَإِذَا انْقَرَضُوا صُرِفَ إلَى إخْوَتِي الْمُحْتَاجِينَ أَوْ إلَّا مَنْ يَفْسُقُ مِنْهُمْ اخْتَصَّ ذَلِكَ بِالْمَعْطُوفِ الْأَخِيرِ وَتَعْبِيرِي بِالْمُتَعَاطِفَاتِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْجُمَلِ وَإِلْحَاقِي الصِّفَةَ الْمُتَوَسِّطَةَ بِغَيْرِهَا مِنْ زِيَادَتِي، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ الْمَنْقُولُ خِلَافُ مَا اخْتَارَهُ صَاحِبُ جَمْعِ الْجَوَامِعِ مِنْ أَنَّهَا تَخْتَصُّ بِمَا قَبْلَهَا، وَقَدْ بَيَّنْت ذَلِكَ فِي حَاشِيَتِي عَلَى شَرْحِهِ وَغَيْرِهَا وَعُلِمَ مِنْ تَعْبِيرِي بِمُشْرِكٍ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْوَاوِ وَإِنْ وَقَعَ التَّقْيِيدُ بِهَا فِي الْأَصْلِ فِي الصِّفَةِ الْمُتَأَخِّرَةِ وَالِاسْتِثْنَاءِ تَبَعًا لِلْإِمَامِ فِي غَيْرِ الْبُرْهَانِ فَقَدْ صَرَّحَ هُوَ فِيهِ بِأَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ الْعَوْدُ إلَى الْجَمِيعِ وَإِنْ كَانَ الْعَطْفُ بِثُمَّ، وَقَدْ نَقَلَهُ عَنْهُ الزَّرْكَشِيُّ، ثُمَّ قَالَ فَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْوَاوِ بَلْ الضَّابِطُ وُجُودُ عَاطِفٍ جَامِعٍ بِالْوَضْعِ كَالْوَاوِ وَالْفَاءِ وَثُمَّ بِخِلَافِ بَلْ وَلَكِنْ وَغَيْرِهِمَا، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ الْقُشَيْرِيِّ فِي الْأُصُولِ، وَقَالَ السُّبْكِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَطْفِ بِالْوَاوِ وَثُمَّ.

(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ الْمَعْنَوِيَّةِ (الْمَوْقُوفُ مِلْكٌ لِلَّهِ) تَعَالَى أَيْ يَنْفَكُّ عَنْ اخْتِصَاصِ الْآدَمِيِّ كَالْعِتْقِ

ــ

[حاشية الجمل]

لَا تَحْتَاجَ ابْنَتُهُ وَيُحْتَمَلُ عَدَمُهُ قِيَاسًا عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ فِيمَا لَوْ قَالَ وَقَفْت عَلَى وَلَدِي مَا دَامَ فَقِيرًا فَاسْتَغْنَى ثُمَّ افْتَقَرَ مِنْ عَدَمِ الِاسْتِحْقَاقِ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الدَّيْمُومَةَ تَنْقَطِعُ بِالِاسْتِغْنَاءِ وَلَيْسَ فِي عِبَارَةِ الْوَاقِفِ مَا يَشْمَلُ اسْتِحْقَاقَهُ بَعْدَ عَوْدِ الْفَقْرِ اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ فَإِنْ تَخَلَّلَ الْمُتَعَاطِفَاتِ إلَخْ) جَوَابُهُ قَوْلُهُ اخْتَصَّ ذَلِكَ بِالْمَعْطُوفِ الْأَخِيرِ اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ فَإِذَا انْقَرَضُوا) لَوْ عَبَّرَ بَدَلَ قَوْلِهِ فَإِذَا انْقَرَضُوا إلَخْ بِقَوْلِهِ وَإِخْوَتِي الْمُحْتَاجِينَ قَالَ م ر لَمْ يَخْتَلِفْ الْحُكْمُ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الطَّوْلِ اهـ. سم.

(قَوْلُهُ أَوْ إلَّا مَنْ يَفْسُقُ مِنْهُمْ) وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفِسْقِ هُنَا ارْتِكَابُ كَبِيرَةٍ أَوْ إصْرَارٌ عَلَى صَغِيرَةٍ أَوْ صَغَائِرَ وَلَمْ تَغْلِبْ طَاعَتُهُ عَلَى مَعَاصِيهِ وَبِالْعَدَالَةِ انْتِفَاءُ ذَلِكَ، وَإِنْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ لِخَرْمِ مُرُوءَةٍ أَوْ تَغَفُّلٍ أَوْ نَحْوِهِمَا اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ اخْتَصَّ ذَلِكَ بِالْمَعْطُوفِ الْأَخِيرِ) وَهُوَ الْأُخُوَّةُ وَسَمَّاهُ مَعْطُوفًا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى لَا مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ (قَوْلُهُ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْجُمَلِ) وَمَثَّلَ الْإِمَامُ لِلْجُمَلِ بِوَقَفْتُ عَلَى أَوْلَادِي دَارِي وَحَبَسْت عَلَى أَقَارِبِي ضَيْعَتِي وَسَبَّلْت عَلَى خَدَمِ بَيْتِي الْمُحْتَاجِينَ أَوْ إلَّا أَنْ يَفْسُقَ أَحَدٌ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَإِلْحَاقِي الصِّفَةَ الْمُتَوَسِّطَةَ) هَذَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ لَوْ قَالَ عَبْدِي حُرٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَنَوَى صَرْفَ الِاسْتِثْنَاءِ إلَيْهِمَا صَحَّ فَافْهَمْ أَنَّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لَا يَنْصَرِفُ إلَيْهِمَا، وَإِذَا كَانَ هَذَا فِي الشَّرْطِ فَفِي الصِّفَةِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ لَهُ الصَّدْرُ اهـ.

وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ فَتَأَمَّلْ ثُمَّ قَالَ ع ش (فَائِدَةٌ) قَالَ وَقَفْت عَلَى وَلَدِي فُلَانٍ وَوَلَدِي فُلَانٍ ثُمَّ عَلَى وَلَدِ وَلَدِي وَلَهُ وَلَدٌ لِصُلْبِهِ ثَالِثٌ دَخَلَ هَذَا الثَّالِثُ دُونَهُ بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَقَالَ هُوَ الْمُرَجَّحُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ اهـ. سم (قَوْلُهُ خِلَافُ مَا اخْتَارَهُ صَاحِبُ جَمْعِ الْجَوَامِعِ) عِبَارَتُهُ أَمَّا الْمُتَوَسِّطَةُ نَحْوُ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي الْمُحْتَاجِينَ وَأَوْلَادِهِمْ قَالَ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ قَوْلِهِ لَا نَعْلَمُ فِيهَا نَقْلًا فَالْمُخْتَارُ اخْتِصَاصُهَا بِمَا وَلِيَتْهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ تَعُودُ إلَى مَا وَلِيَهَا أَيْضًا انْتَهَتْ.

وَكَتَبَ عَلَيْهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ تَعُودُ إلَى مَا وَلِيَهَا أَيْضًا بَلْ قِيلَ أَنَّ عَوْدَهَا إلَيْهِمَا أَوْلَى مِمَّا إذَا تَقَدَّمَتْ عَلَيْهِمَا وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ اشْتِرَاكُ الْمُتَعَاطِفَاتِ، وَإِنَّمَا سَكَتَ كَغَيْرِهِ عَنْ الْمُتَوَسِّطِ مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا بِالنِّسْبَةِ لِمَا قَبْلَهَا مُتَأَخِّرَةٌ وَلِمَا بَعْدَهَا مُتَقَدِّمَةٌ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ كَجٍّ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الشَّيْخَانِ عَقِبَ مَا مَرَّ وَكَمَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِثْنَاءُ مُتَقَدِّمًا وَمُتَأَخِّرًا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُتَوَسِّطًا فَالصِّفَةُ كَذَلِكَ بَلْ أَوْلَى وَجَرَى عَلَيْهِ عَضُدُ الدِّينِ تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ فِي مَبْحَثِ عُمُومِ خَبَرِ «لَا يُقْتَلُ الْمُسْلِمُ بِالْكَافِرِ» (قَوْلُهُ الْوَاوُ وَالْفَاءُ وَثُمَّ) أَيْ وَحَتَّى اهـ. ح ل قَالَ ابْنُ الْخَبَّازِ حُرُوفُ الْعَطْفِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ يُشْرِكُ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي فِي الْإِعْرَابِ وَالْحُكْمِ، وَهُوَ الْوَاوُ وَالْفَاءُ وَثُمَّ وَحَتَّى وَقِسْمٌ يَجْعَلُ الْحُكْمَ لِلْأَوَّلِ فَقَطْ، وَهُوَ لَا وَقِسْمٌ يَجْعَلُ الْحُكْمَ لِلثَّانِي فَقَطْ، وَهُوَ بَلْ وَلَكِنْ وَقِسْمٌ يَجْعَلُ الْحُكْمَ لِأَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ، وَهُوَ إمَّا وَأَوْ وَأَمْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ بَلْ وَلَكِنْ إلَخْ) أَيْ فَلَا يَرْجِعُ مَا بَعْدَهُمَا مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ وَالصِّفَةِ لِمَا قَبْلَهُمَا وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ قَالَ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي بَلْ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِي الْمُحْتَاجِينَ لَمْ يَبْطُلْ الْوَقْفُ لِلْأَوَّلِ فَتَكُونُ بَلْ لِلِانْتِقَالِ لَا لِلْإِضْرَابِ الْمُقْتَضِي لِإِبْطَالِ الْوَقْفِ عَنْ الْأَوَّلِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْإِنْشَاءَ لَا يَبْطُلُ بَعْدَ وُقُوعِهِ بِخِلَافِ الْخَبَرِ فَيُحْتَمَلُ فِيهِ الِانْتِقَالُ وَالْإِبْطَالُ. هَذَا مَا ظَهَرَ لِشَيْخِنَا ح ف بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى عِبَارَةِ ق ل الْمَذْكُورِ فِيهَا اقْتِضَاءُ الشَّارِحِ لِلْحُكْمِ الْمَذْكُورِ ثُمَّ تَوَقُّفُهُ فِي الْحُكْمِ اهـ.

وَعِبَارَةُ سم قَوْلُهُ بِخِلَافِ بَلْ وَلَكِنْ إلَخْ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ مَثَلًا عَلَى أَوْلَادِي بَلْ أَوْلَادِ أَوْلَادِي الْمُحْتَاجِينَ يَسْتَحِقُّ الْجَمِيعَ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِضْرَابِ الِانْتِقَالِيِّ لَا الْإِضْرَابِ الْإِبْطَالِيِّ فَهَلْ هُوَ كَذَلِكَ فَيَحْتَاجُ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ هَذَا لِزَيْدٍ بَلْ لِعَمْرٍو حَيْثُ حُمِلَ عَلَى الْإِبْطَالِيِّ وَانْظُرْ لَوْ أَرَادَ هُنَا الْإِبْطَالِيَّ فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُحَرَّرْ، وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ فِي قَوْلِنَا هَذَا يَدُلُّ إلَخْ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْجَمِيعَ فَلَا حَاجَةَ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ هَذَا، وَقَدْ يُقَالُ الِاحْتِرَازُ صَادِقٌ مَعَ عَدَمِ اسْتِحْقَاقِ الْجَمِيعِ انْتَهَتْ

[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ الْمَعْنَوِيَّةِ]

(فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ الْمَعْنَوِيَّةِ) أَيْ الَّتِي لَمْ تَتَعَلَّقْ بِعِبَارَةِ الْوَاقِفِ (قَوْلُهُ أَيْ يَنْفَكُّ إلَخْ) تَفْسِيرٌ لِمَعْنَى إضَافَةِ الْمِلْكِ إلَيْهِ تَعَالَى وَإِلَّا فَكُلُّ الْمَوْجُودَاتِ بِأَسْرِهَا مِلْكٌ فِي جَمِيعِ الْحَالَاتِ بِطَرِيقِ الْحَقِيقَةِ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ سُمِّيَ مَالِكًا فَإِنَّمَا هُوَ بِطَرِيقِ التَّوَسُّعِ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ الْوَقْفُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ دُونَ بَقِيَّةِ حُقُوقِهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ رَيْعُهُ، وَهُوَ حَقٌّ آدَمِيٌّ

<<  <  ج: ص:  >  >>