للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أَوْ) مَعَ مُمَيِّزٍ بَصِيرٍ مَحْرَمٍ لَهُ (أُنْثَى أَوْ حَلِيلَةٍ) مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ أَمَةٍ (أَوْ) فِي (دَارٍ بِهَا نَحْوُ حُجْرَةٍ) كَطَبَقَةٍ (وَانْفَرَدَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (بِوَاحِدَةٍ بِمَرَافِقِهَا كَمَطْبَخٍ وَمُسْتَرَاحٍ وَمَمَرٍّ وَمَرْقًى وَأُغْلِقَ بَابٌ بَيْنَهُمَا) أَوْ سُدَّ، وَهُوَ أَوْلَى فَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي الصُّورَتَيْنِ وَلَوْ بِلَا مَحْرَمٍ أَوْ نَحْوِهِ فِي الثَّانِيَةِ لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ فِيهِ لَكِنَّهُ يُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ مَعَهُ النَّظَرُ، وَلَا عِبْرَةَ فِي الْأُولَى بِمَجْنُونٍ أَوْ صَغِيرٍ لَا يُمَيِّزُ، وَتَعْبِيرِي فِيهِمَا مَا ذُكِرَ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ زِيَادَاتٍ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمَا ذَكَرَهُ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الْحَلِيلَةِ كَوْنُهَا ثِقَةً وَأَنَّ غَيْرَ الْمَحْرَمِ مِمَّنْ يُبَاحُ نَظَرُهُ كَامْرَأَةٍ أَوْ مَمْسُوحٍ ثِقَتَيْنِ كَالْمَحْرَمِ فِيمَا ذُكِرَ.

(بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ) هُوَ لُغَةً: طَلَبُ الْبَرَاءَةِ، وَشَرْعًا: التَّرَبُّصُ بِالْمَرْأَةِ مُدَّةً بِسَبَبِ مِلْكِ الْيَمِينِ حُدُوثًا أَوْ زَوَالًا لِبَرَاءَةِ الرَّحِمِ أَوْ تَعَبُّدًا

، وَهَذَا جَرَى عَلَى الْأَصْلِ وَإِلَّا فَقَدْ يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ بِغَيْرِ ذَلِكَ كَأَنْ وَطِئَ أَمَةَ غَيْرِهِ ظَانًّا أَنَّهَا أَمَتُهُ عَلَى أَنَّ حُدُوثَ مِلْكِ الْيَمِينِ أَوْ زَوَالَهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ الشَّرْطُ كَمَا سَيَأْتِي حُدُوثُ حِلِّ التَّمَتُّعِ بِهِ أَوْ رَوْمِ التَّزْوِيجِ لِيُوَافِقَ مَا يَأْتِي فِي الْمُكَاتَبَةِ وَالْمُرْتَدَّةِ وَتَزْوِيجِ مَوْطُوءَتِهِ وَنَحْوِهَا (يَجِبُ) الِاسْتِبْرَاءُ لِحِلِّ تَمَتُّعٍ أَوْ تَزْوِيجٍ (بِمِلْكِ أَمَةٍ) وَلَوْ مُعْتَدَّةً مِلْكًا لَازِمًا (بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ) كَإِرْثٍ

ــ

[حاشية الجمل]

كَثُرَتْ وَأَمَّا خَلْوَةُ رِجَالٍ بِامْرَأَةٍ فَإِنْ أَحَالَتْ الْعَادَةُ تَوَاطُؤَهُمْ عَلَى وُقُوعِ فَاحِشَةٍ بِهَا بِحَضْرَتِهِمْ كَانَتْ خَلْوَةً جَائِزَةً وَإِلَّا فَلَا اهـ ح ل (قَوْلُهُ: أَوْ حَلِيلَةٌ) أَيْ يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا، وَقِيلَ الَّتِي تَحُلُّ مَعَهُ فِي فِرَاشٍ وَاحِدٍ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: بِهَا نَحْوُ حُجْرَةٍ) هِيَ كُلُّ بِنَاءٍ مَحُوطٍ اهـ شَرْحُ م ر وَفِي الْمُخْتَارِ الْحُجْرَةُ حَظِيرَةُ الْإِبِلِ، وَمِنْهُ حُجْرَةُ الدَّارِ تَقُولُ: احْتَجَرَ حُجْرَةً أَيْ اتَّخَذَهَا وَالْجَمْعُ حُجَرٌ كَغَرْفَةٍ وَغُرَفٍ، وَحُجُرَاتٌ بِضَمِّ الْجِيمِ (قَوْلُهُ: بِمَرَافِقِهَا) أَيْ مَعَ مَرَافِقِهَا، وَهِيَ مَا يُرْتَفَقُ بِهَا فِيهَا اهـ شَرْحُ م ر مَعَ زِيَادَةٍ (قَوْلُهُ: وَأُغْلِقَ بَابٌ بَيْنَهُمَا) قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَسَمَرٌ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: فِي الصُّورَتَيْنِ) أَيْ فِي الدَّارِ الْوَاسِعَةِ مَعَ مَنْ مَرَّ، وَفِي الدَّارِ الَّتِي بِهَا نَحْوُ حُجْرَةٍ (قَوْلُهُ: مِمَّنْ يُبَاحُ نَظَرُهُ) أَيْ لِلْمُعْتَدَّةِ وَقَوْلُهُ كَالْمَحْرَمِ فِيمَا ذُكِرَ أَيْ فِي جَوَازِ الْمُسَاكَنَةِ وَالْمُدَاخَلَةِ.

[بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ]

(قَوْلُهُ: هُوَ لُغَةً: طَلَبُ الْبَرَاءَةِ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر، وَهُوَ بِالْمَدِّ لُغَةً طَلَبُ الْبَرَاءَةِ إلَخْ ثُمَّ قَالَ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِتَقْدِيرِهِ بِأَقَلِّ مَا يَدُلُّ عَلَى الْبَرَاءَةِ كَمَا يُسَمَّى مَا مَرَّ بِالْعِدَّةِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الْعَدَدِ وَلِتَشَارُكِهِمَا فِي أَصْلِ الْبَرَاءَةِ ذَيَّلْت بِهِ، وَالْمُرَادُ بِطَلَبِهَا انْتِظَارُهَا كَمَا هُنَا، أَوْ تَحْصِيلُهَا كَمَا فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدْ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ» (قَوْلُهُ: التَّرَبُّصُ بِالْمَرْأَةِ) أَيْ صَبْرُ الْمَرْأَةِ فَلَعَلَّ الْبَاءَ زَائِدَةٌ؛ وَلِذَلِكَ أَسْقَطَهَا م ر وَزَادَهَا هُنَا دُونَ الْعِدَّةِ إشَارَةً إلَى أَنَّ التَّرَبُّصَ قَدْ يَكُونُ مِنْ السَّيِّدِ، وَقَالَ: الْمَرْأَةُ دُونَ الْأَمَةِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي الْحُرَّةِ كَمَا لَوْ كَانَ مُتَزَوِّجًا بِامْرَأَةٍ لَهَا وَلَدٌ مِنْ غَيْرِهِ فَمَاتَ ذَلِكَ الْوَلَدُ وَلَيْسَ لَهُ مَا يَحْجُبُ الْأَخَ لِلْأُمِّ فَيُسَنُّ لِلزَّوْجِ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا؛ لِأَنَّهَا رُبَّمَا كَانَتْ حَامِلًا وَقْتَ مَوْتِ الْوَلَدِ بِأَخٍ لِأُمِّهِ فَيَرِثُهُ، وَكَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمَتْنِ وَبِزَوَالِ فِرَاشٍ لَهُ عَنْ أَمَةٍ بِعِتْقِهَا فَإِنَّ الِاسْتِبْرَاءَ يَجِبُ عَلَيْهَا بَعْدَ الْعِتْقِ فَقَدْ وَجَبَ عَلَى الْحُرَّةِ وَكَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَإِلَّا حَرُمَ تَزَوُّجُهَا قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ، وَإِنْ أَعْتَقَهَا وَكَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَيْضًا أَوْ عَتَقَتْ حَامِلًا مِنْهَا، وَهِيَ فِرَاشٌ لِسَيِّدِهَا، وَقَوْلُهُ: حُدُوثًا تَمْيِيزٌ، وَكَذَا قَوْلُهُ: أَوْ زَوَالًا لَكِنَّ الْمُرَادَ الزَّوَالُ بِالْعِتْقِ خَاصَّةً، وَقَوْلُهُ لِبَرَاءَةِ الرَّحِمِ: عِلَّةٌ لِسَبَبِيَّةِ مِلْكِ الْيَمِينِ لِلِاسْتِبْرَاءِ فَهُوَ عِلَّةٌ لِلْعَلِيَّةِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَوْ تَعَبُّدًا) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: لِبَرَاءَةِ رَحِمٍ أَيْ أَوْ لِلتَّعَبُّدِ وَلَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى حُدُوثًا (قَوْلُهُ، وَهَذَا) أَيْ التَّعْبِيرُ بِالْمِلْكِ جَرَى عَلَى الْأَصْلِ أَيْ الْكَثِيرِ، وَقَوْلُهُ: ظَانًّا أَنَّهَا أَمَتُهُ خَرَجَ بِهَا مَا لَوْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ فَيَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَعْتَدَّ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ وَقَوْلُهُ عَلَى أَنَّ إلَخْ هَذِهِ الْعِلَاوَةُ لَمْ تُفِدْ شَيْئًا زِيَادَةً عَلَى قَوْلِهِ، وَهَذَا إلَخْ وَقَوْلُهُ بَلْ الشَّرْطُ إلَخْ أَرَادَ بِالشَّرْطِ السَّبَبَ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ حَاصِرٌ لِأَنْوَاعِ الِاسْتِبْرَاءِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مِنْهُ صُوَرٌ أُخَرُ تَدْخُلُ فِي هَذَا الضَّابِطِ كَاَلَّتِي ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ كَأَنْ وَطِئَ إلَخْ وَهُنَاكَ صُوَرٌ أُخَرُ غَيْرُ هَذِهِ.

وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: ظَانًّا أَنَّهَا أَمَتُهُ خَرَجَ مَا لَوْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ أَوْ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ فَتَعْتَدُّ بِقُرْأَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ لَهُ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهَا) أَيْ نَحْوِ مَوْطُوءَتِهَا كَمَنْ اسْتَدْخَلَتْ مَنِيَّهُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: يَجِبُ بِمِلْكِ أَمَةٍ بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ) وَيُسْتَحَبُّ لِمَالِكِ الْأَمَةِ الْمَوْطُوءَةِ قَبْلَ بَيْعِهَا اسْتِبْرَاؤُهَا لِيَكُونَ عَلَى بَصِيرَةٍ، وَلَوْ وَطِئَ أَمَةً شَرِيكَانِ فِي طُهْرٍ أَوْ حَيْضٍ ثُمَّ بَاعَاهَا، أَوْ أَرَادَا تَزْوِيجَهَا أَوْ وَطِئَ اثْنَانِ أَمَةَ رَجُلٍ كُلٌّ ظَنَّهَا أَمَتَهُ، وَأَرَادَ الرَّجُلُ تَزْوِيجَهَا وَجَبَ اسْتِبْرَاءَانِ كَالْعِدَّتَيْنِ مِنْ شَخْصَيْنِ وَلَوْ بَاعَ أَمَةً لَمْ يُقِرَّ بِوَطْئِهَا فَظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ وَادَّعَاهُ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ، وَفِي ثُبُوتِ نَسَبِهِ مِنْ الْبَائِعِ خِلَافٌ الْأَصَحُّ مِنْهُ عَدَمُهُ فَإِنْ كَانَ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا وَبَاعَهَا بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ مِنْهُ لَحِقَهُ وَبَطَلَ الْبَيْعُ، وَإِلَّا فَالْوَلَدُ مَمْلُوكٌ لِلْمُشْتَرِي إلَّا إنْ وَطِئَهَا وَأَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَلْحَقُهُ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا الْبَائِعُ فَالْوَلَدُ لَهُ إنْ أَمْكَنَ إلَّا إنْ وَطِئَهَا الْمُشْتَرِي، وَأَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُمَا فَيُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: لِحِلِّ تَمَتُّعٍ أَوْ تَزْوِيجٍ) هَذَا بَيَانٌ لِمُقْتَضَى الِاسْتِبْرَاءِ فَمِنْ أَسْبَابِ الْأَوَّلِ الْمِلْكُ وَطَلَاقُ أَمَتِهِ الْمَمْلُوكَةِ لَهُ قَبْلَ وَطْءِ زَوْجِهَا لَهَا وَزَوَالُ كِتَابَةٍ وَرِدَّةٌ وَزَوَالُ فِرَاشٍ لَهُ عَنْ أَمَةٍ يُعْتِقُهَا، وَمِنْ أَسْبَابِ الثَّانِي وَطْؤُهُ الْأَمَةَ الَّتِي يُرِيدُ تَزْوِيجَهَا اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ: لِحِلِّ تَمَتُّعٍ أَوْ تَزْوِيجٍ بِمِلْكِ أَمَةٍ وَلَوْ مُعْتَدَّةً بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ إلَخْ) يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ فِي مِلْكِ الْمُعْتَدَّةِ لَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَهُوَ كَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِحِلِّ التَّمَتُّعِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِحِلِّ التَّزْوِيجِ

<<  <  ج: ص:  >  >>