لِمَا سَيَأْتِي فِي الْجَنَائِزِ.
(وَحَيْضٌ) لِآيَةِ {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: ٢٢٢] أَيْ الْحَيْضِ وَيُعْتَبَرُ فِيهِ وَفِيمَا يَأْتِي الِانْقِطَاعُ وَالْقِيَامُ لِلصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا كَمَا صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ فِي التَّحْقِيقِ بِالِانْقِطَاعِ.
ــ
[حاشية الجمل]
الْمُرَادُ بِهَا مَعْنَى الْعَدَمِ وَيُجْعَلُ قَوْلُهُ عَمَّا مَنْ شَأْنُهُ إلَخْ رَاجِعًا إلَيْهِ أَيْضًا لَكِنْ يَلْزَمُ حِينَئِذٍ اتِّحَادُ هَذَا مَعَ الثَّانِي اهـ هَذَا.
وَفِي الْمَقَاصِدِ إبْقَاءُ الْأَوَّلِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَرَدُّ الثَّانِي إلَيْهِ وَعِبَارَتُهُ وَالْمَوْتُ زَوَالُهَا أَيْ الْحَيَاةِ أَيْ عَدَمُ الْحَيَاةِ عَمَّنْ يَتَّصِفُ بِهَا بِالْفِعْلِ، وَهَذَا مُرَادُ مَنْ قَالَ عَدَمُ الْحَيَاةِ عَمَّا مَنْ شَأْنُهُ أَيْ عَمَّا يَكُونُ مِنْ أَمْرِهِ وَصِفَتِهِ الْحَيَاةُ بِالْفِعْلِ فَهُوَ عَدَمُ مَلَكَةٍ كَالْعَمَى الطَّارِئِ بَعْدَ الْبَصَرِ لَا كَمُطْلَقِ الْعَدَمِ هَذَا.
وَفِي حَوَاشِي السُّيُوطِيّ أَنَّ طَائِفَةً مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ ذَهَبُوا إلَى أَنَّ الْمَوْتَ جِسْمٌ وَالْأَحَادِيثُ وَالْآثَارُ مُصَرِّحَةٌ بِذَلِكَ قَالَ: وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ هَذَا الْجِسْمَ الَّذِي هُوَ عَلَى صُورَةِ كَبْشٍ لَا يَمُرُّ بِحَيٍّ إلَّا مَاتَ كَمَا أَنَّ الْحَيَاةَ الَّتِي هِيَ جِسْمٌ عَلَى صُورَةِ فَرَسٍ لَا تَمُرُّ بِشَيْءٍ إلَّا حَيِيَ. وَأَمَّا الْمَعْنَى الْقَائِمُ بِالْبَدَنِ عِنْدَ مُفَارَقَةِ الرُّوحِ، فَإِنَّمَا هُوَ أَثَرُهُ فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ تَسْمِيَتُهُ بِالْمَوْتِ مِنْ بَابِ الْمَجَازِ لَا الْحَقِيقَةِ أَوْ مِنْ بَابِ الْمُشْتَرَكِ وَحِينَئِذٍ فَالْأَمْرُ فِي النِّزَاعِ قَرِيبٌ اهـ.
وَرَدَّهُ حَجّ فِي عَامَّةِ فَتَاوِيهِ فَقَالَ: وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِجَوْهَرٍ وَلَا جِسْمٍ، وَحَدِيثُ يُؤْتَى بِالْمَوْتِ فِي صُورَةِ كَبْشٍ إلَخْ مِنْ بَابِ التَّمْثِيلِ اهـ ثُمَّ صَحَّحَ كَوْنَهُ أَمْرًا وُجُودِيًّا اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ لِمَا سَيَأْتِي) أَيْ مِنْ الدَّلِيلِ عَلَى كَوْنِ الْمَوْتِ مُوجِبًا لِلْغُسْلِ، وَمِنْ كَلَامِ الْمَتْنِ الدَّالِّ عَلَى هَذَا التَّقْيِيدِ فَغَرَضُهُ الِاسْتِدْلَال عَلَى الدَّعْوَى وَالِاعْتِذَارُ عَنْ عَدَمِ تَقْيِيدِ كَلَامِهِ هُنَا اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر لِمَا سَيَأْتِي فِي الْجَنَائِزِ وَفِيهَا أَيْضًا أَنَّ الشَّهِيدَ يَحْرُمُ غُسْلُهُ وَالْكَافِرُ لَا يَجِبُ غُسْلُهُ وَالسِّقْطُ الَّذِي بَلَغَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَلَمْ تَظْهَرْ إمَارَةُ حَيَاتِهِ يَجِبُ غُسْلُهُ مَعَ أَنَّا لَمْ نَعْلَمْ سَبْقَ مَوْتٍ لَهُ فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ ذَلِكَ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ هُنَاكَ غُسْلَ السِّقْطِ الْمَذْكُورِ انْتَهَتْ وَالدَّلِيلُ الَّذِي يَأْتِي فِي الشَّرْحِ وَفِي م ر هُوَ الْإِجْمَاعُ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ مَا هُنَاكَ.
(قَوْلُهُ أَيْ الْحَيْضُ) اللَّائِقُ أَنْ يَقُولَ أَيْ زَمَنُ الْحَيْضِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى عَلَيْهِ وَيَدُلُّ لَهُ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ ذَكَرَ نَفْسَ الْحَيْضِ فِيمَا قَبْلَهُ بِلَفْظِ الْأَذَى فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْحَيْضِ الْمَحِيضَ لَكَانَ الْمَقَامُ لِلْإِضْمَارِ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ كَغَيْرِهِ مِنْ التَّفْسِيرِ بِالْحَيْضِ يَحُوجُ إلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ وَهُوَ لَفْظُ زَمَنُ اهـ رَشِيدِيٌّ.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ أَيْ الْحَيْضُ هَذَا هُوَ الْأَشْهَرُ وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى زَمَنِهِ وَعَلَى مَكَانِهِ وَلَا دَلَالَةَ فِي الْآيَةِ عَلَى وُجُوبِ الْغُسْلِ، وَإِنَّمَا دَلَّتْ عَلَى حُرْمَةِ الْقُرْبَانِ قَبْلَ الْغُسْلِ فَلَا بُدَّ مِنْ مُلَاحَظَةِ شَيْءٍ آخَرَ وَهُوَ أَنْ يُقَالَ التَّمْكِينُ وَاجِبٌ عَلَيْهَا وَهُوَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الْغُسْلِ وَمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْوَاجِبُ فَهُوَ وَاجِبٌ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ أَيْضًا أَيْ الْحَيْضُ) أَيْ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلِاعْتِزَالِ فِي نَفْسِ الْحَيْضِ أَيْ الدَّمِ، وَإِنَّمَا حَمَلَهُ الشَّارِحُ عَلَى الْحَيْضِ مُوَافَقَةً لِلْمَتْنِ اهـ أَطْفِيحِيٌّ وَالِاعْتِزَالُ، وَإِنْ كَانَ شَامِلًا لِسَائِرِ بَدَنِهَا إلَّا أَنَّ السُّنَّةَ بَيَّنَتْ ذَلِكَ بِمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، وَلَمْ يَحْمِلْهُ عَلَى مَكَانِ الْحَيْضِ؛ لِأَنَّ حَمْلَهُ عَلَيْهِ يُوهِمُ مَنْعَ قُرْبَانِهَا فِي مَحِلِّهِ، وَلَوْ فِي غَيْرِ زَمَنِهِ وَيُوهِمُ أَيْضًا أَنَّ الِاعْتِزَالَ خَاصٌّ بِالْفَرْجِ تَأَمَّلْ اهـ شَيْخُنَا حف. (قَوْلُهُ وَيُعْتَبَرُ فِيهِ) أَيْ فِي كَوْنِهِ مُوجِبًا لِلْغُسْلِ فَهُوَ سَبَبٌ بِشَرْطِ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ اهـ شَيْخُنَا.
وَفِي ع ش عَلَى م ر مَا نَصُّهُ قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ، وَقِيلَ يَجِبُ بِالْخُرُوجِ فَقَطْ، وَمِنْ فَوَائِدِ الْخِلَافِ مَا إذَا قُلْنَا بِغُسْلِ الشَّهِيدِ الْجُنُبِ فَاسْتَشْهَدَتْ حَائِضٌ، فَإِنَّا نُغَسِّلُهَا عَلَى هَذَا دُونَ الْآخَرِ انْتَهَى. (قَوْلُهُ وَالْقِيَامُ إلَى الصَّلَاةِ) الْمُرَادُ بِالْقِيَامِ إلَى الصَّلَاةِ إمَّا حَقِيقَةً بِأَنْ أَرَادَ صَلَاةَ مَا قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ مِنْ نَافِلَةٍ أَوْ مَقْضِيَّةٍ أَوْ حُكْمًا بِأَنْ دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ، إذْ بِدُخُولِهِ تَجِبُ الصَّلَاةُ وَيَجِبُ تَحْصِيلُ شُرُوطِهَا، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ الْفِعْلَ فَهُوَ مُرِيدٌ حُكْمًا لِكَوْنِ الشَّارِعِ أَلْجَأَهُ إلَى الْفِعْلِ الْمُسْتَلْزِمِ لِلْإِرَادَةِ فَهُوَ مُرِيدٌ بِالْقُوَّةِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُوجِبَ الِانْقِطَاعُ مَعَ أَحَدِ أَمْرَيْنِ الْإِرَادَةُ الْحَقِيقِيَّةُ قَبْلَ الْوَقْتِ أَوْ دُخُولُ الْوَقْتِ اهـ شَيْخُنَا حف. (قَوْلُهُ كَمَا صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ) أَيْ صَحَّحَ اعْتِبَارَ الِانْقِطَاعِ وَالْقِيَامِ لِلصَّلَاةِ فِي نَحْوِ الْحَيْضِ فَالْمُصَحَّحُ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ مَجْمُوعُ الثَّلَاثَةِ أَعْنِي الْخُرُوجَ وَالِانْقِطَاعَ وَالْقِيَامَ إلَى الصَّلَاةِ، وَهَذَا التَّصْحِيحُ لَا يَقْتَضِي أَنَّ الثَّلَاثَةَ فِي كُلٍّ مِنْ التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ بَلْ هِيَ مُوَزَّعَةٌ فَالثَّلَاثَةُ فِي غَيْرِ التَّحْقِيقِ وَاثْنَانِ مِنْهَا فِي التَّحْقِيقِ وَبِهَذَا صَحَّ قَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ فِي التَّحْقِيقِ بِالِانْقِطَاعِ فَلَا تَنَافِي أَوْ يُقَالُ صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ تَلْوِيحًا، وَلَمْ يَأْتِ بِهِ صَرِيحًا فَتَأَمَّلْ انْتَهَى شَيْخُنَا أَيْ؛ لِأَنَّ الَّذِي فِي التَّحْقِيقِ أَنَّهُ يَجِبُ بِإِرَادَةِ الْقِيَامِ إلَى الصَّلَاةِ أَوْ نَحْوِهَا وَمَعْلُومٌ أَنَّ مِنْ لَازِمِ ذَلِكَ الِانْقِطَاعُ فَهُوَ صَحَّحَهُ ضِمْنًا اهـ عَنَانِيٌّ وَعِبَارَتُهُ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ فِي التَّحْقِيقِ) إلَخْ عِبَارَةُ التَّحْقِيقِ وَالْخُرُوجُ وَإِرَادَةُ الصَّلَاةِ.