للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَكَمُحْتَرَفٍ) فِيمَا مَرَّ مِنْ التَّفْصِيلِ وَتَعْبِيرِي بِنَحْوِ إفْتَاءٍ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ (أَوْ) سَبَقَ إلَى مَحَلٍّ مِنْهُ (لِصَلَاةٍ وَفَارَقَهُ بِعُذْرٍ) كَقَضَاءِ حَاجَةٍ أَوْ تَجْدِيدِ وُضُوءٍ أَوْ إجَابَةِ دَاعٍ (لِيَعُودَ) إلَيْهِ (فَحَقُّهُ بَاقٍ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ) .

وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ مَتَاعَهُ فِيهِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ نَعَمْ إنْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فِي غَيْبَتِهِ وَاتَّصَلَتْ الصُّفُوفُ فَالْوَجْهُ سَدُّ الصَّفِّ مَكَانَهُ لِحَاجَةِ إتْمَامِ الصُّفُوفِ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ أَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِ تِلْكَ الصَّلَاةِ فَلَا حَقَّ لَهُ فِيهِ وَخَرَجَ بِمَا ذَكَرَ مَا لَوْ فَارَقَهُ بِلَا عُذْرٍ وَبِهِ لَا لِيَعُودَ

ــ

[حاشية الجمل]

أَوْ وَاعِظٍ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ فَكَمُحْتَرَفٍ فِيمَا مَرَّ) أَيْ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي مُلَازَمَةِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ لِيَأْلَفَهُ النَّاسُ وَحَدِيثُ النَّهْيِ عَنْ اتِّخَاذِ الْمَسَاجِدِ وَطَنًا يَسْتَحِقُّ مَخْصُوصٌ بِمَا عَدَا ذَلِكَ وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَدَمَ اشْتِرَاطِ إذْنِ الْإِمَامِ وَلَوْ لِمَسْجِدٍ كَبِيرٍ أَوْ جَامِعٍ اُعْتِيدَ الْجُلُوسُ فِيهِ بِإِذْنِهِ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن: ١٨] وَلِغَيْرِهِ الْجُلُوسُ فِي مَحَلِّهِ وَمَحَلِّ تَدْرِيسِهِ مُدَّةَ غَيْبَتِهِ الَّتِي لَا يَبْطُلُ حَقُّهُ بِهَا لِئَلَّا تَتَعَطَّلَ مَنْفَعَةُ الْمَوْضِعِ فِي الْحَالِ وَكَذَا حَالُ جُلُوسِهِ لِغَيْرِ الْإِقْرَاءِ أَوْ الْإِفْتَاءِ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّهُ إنَّمَا اسْتَحَقَّ الْجُلُوسَ فِيهِ لِذَلِكَ لَا مُطْلَقًا اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ أَوْ لِصَلَاةٍ وَفَارَقَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ وَلَوْ جَلَسَ فِيهِ أَيْ الْمَسْجِدِ لِصَلَاةٍ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُهَا أَوْ كَانَ الْجَالِسُ صَبِيًّا لَمْ يَصِرْ أَحَقَّ بِهَا فِي غَيْرِهَا انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ وَلَوْ جَلَسَ فِيهِ أَيْ جُلُوسًا جَائِزًا لَا كَخَلْفِ الْمَقَامِ الْمَانِعِ لِلطَّائِفِينَ مِنْ فَضِيلَةِ سُنَّةِ الطَّوَافِ ثُمَّ فَإِنَّهُ حَرَامٌ عَلَى الْأَوْجَهِ وَبِهِ جَزَمَ غَيْرُ وَاحِدٍ وَأَلْحَقُوا بِهِ بَسْطُ السَّجَّادَةِ وَإِنْ لَمْ يَجْلِسْ وَيُعَزَّرُ فَاعِلُ ذَلِكَ مَعَ الْعِلْمِ بِمَنْعِهِ وَكَمَا يُمْنَعُ مِنْ الْجُلُوسِ خَلْفَ الْمَقَامِ عَلَى مَا ذَكَرَ يُمْنَعُ مِنْ الْجُلُوسِ فِي الْمِحْرَابِ وَقْتَ صَلَاةِ الْإِمَامِ فِيهِ وَكَذَا يُمْنَعُ مِنْ الْجُلُوسِ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ إذَا كَانَ جُلُوسُهُ يَمْنَعُ غَيْرَهُ مِنْ الصَّلَاةِ فِيهِ أَوْ يَقْطَعُ الصَّفَّ عَلَى الْمُصَلِّينَ وَهَلْ مِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ اعْتَادَ النَّاسُ الصَّلَاةَ فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْمَسْجِدِ مَعَ إمْكَانِ الصَّلَاةِ فِي غَيْرِهِ كَبَحْرَةِ رِوَاقِ ابْنِ مَعْمَرٍ بِالْجَامِعِ الْأَزْهَرِ فَيُزْعِجُ مِنْهُ مَنْ أَرَادَ الْجُلُوسَ فِيهِ فِي وَقْتٍ يُفَوِّتُ عَلَى النَّاسِ الْجَمَاعَةَ فِيهِ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الْإِلْحَاقُ فَلْيُرَاجَعْ.

وَفِي سم عَلَى حَجّ.

(فَرْعٌ) أَفْتَى شَيْخُنَا م ر بِجَوَازِ وَضْعِ الْخِزَانَةِ فِي الْمَسْجِدِ إذَا لَمْ تَضِقْ وَحَصَلَ بِسَبَبِهَا نَفْعٌ عَامٌّ لِمُدَرِّسٍ أَوْ مُفْتٍ يَضَعُ فِيهَا مِنْ الْكُتُبِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي التَّدْرِيسِ وَالْإِفْتَاءِ اهـ.

(فَرْعٌ) وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا يَقَعُ كَثِيرًا فِي مِصْرِنَا مِنْ وَضْعِ الْقَمْحِ فِي الْجَرِينِ هَلْ يَسْتَحِقُّ مَنْ اعْتَادَ الْوَضْعَ بِمَحَلٍّ مِنْهُ وَضْعَهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ بِحَيْثُ يَصِيرُ أَحَقَّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ حَتَّى لَوْ رَأَى مَنْ سَبَقَهُ إلَى وَضْعِ غَلَّتِهِ فِيهِ مَنْعَهُ كَمَقَاعِد الْأَسْوَاقِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ أَحَقَّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ كَمَنْ اعْتَادَ الصَّلَاةَ بِمَحَلٍّ مِنْ الْمَسْجِدِ لِأَنَّ الْغَرَضَ يَحْصُلُ بِالْوَضْعِ فِي جَمِيعِ الْمَجَالِ كَمَا أَنَّ الصَّلَاةَ تَصِحُّ فِي جَمِيعِ بِقَاعِ الْمَسْجِدِ وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّهُ قَدْ يَتَعَلَّقُ غَرَضُهُ بِمَوْضِعٍ مِنْهُ كَقُرْبِهِ مِنْ مَنْزِلِهِ أَوْ بُعْدِهِ عَنْ أَطْرَافِ الْمَحَلِّ الَّتِي هِيَ مَظِنَّةٌ لِلسَّرِقَةِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَغْرَاضَ لَا نَظَرَ إلَيْهَا كَمَا أَنَّهُمْ لَمْ يَنْظُرُوا فِي بِقَاعِ الْمَسْجِدِ إلَى حُصُولِ الثَّوَابِ بِالْقُرْبِ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ كَوْنِهِ بِمَيْمَنَةِ الصَّفِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَمَقَاعِدُ الْأَسْوَاقِ إنَّمَا كَانَ أَحَقَّ بِهَا لِتَوَلُّدِ الضَّرَرِ بِانْقِطَاعِ الْإِلَافِ عَنْهُ وَعَدَمِ اهْتِدَائِهِمْ لِمَحَلِّهِ فَمَنْ سَبَقَهُ إلَيْهِ اسْتَحَقَّهُ وَلَا يَحْصُلُ السَّبْقُ بِوَضْعِ عَلَامَةٍ فِي الْمَحَلِّ كَمَا لَا يَحْصُلُ الِالْتِقَاطُ بِمُجَرَّدِ الْوُقُوفِ عَلَى اللُّقَطَةِ وَإِنَّمَا يَحْصُلُ السَّبْقُ بِالشُّرُوعِ فِي شَغْلِ الْمَحَلِّ كَوَضْعِ شَيْءٍ مِنْ الزَّرْعِ الَّذِي يُرَادُ وَضْعُهُ فِي الْمَحَلِّ بِحَيْثُ يُعَدُّ أَنَّهُ شَرَعَ فِي التَّجْرِينِ عَادَةً اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ وَفَارَقَهُ بِعُذْرٍ) وَلَوْ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ أَيْ وَقُرْبَ دُخُولِ وَقْتِهِ بِحَيْثُ يُعَدُّ مُنْتَظِرًا لِلصَّلَاةِ حُرِّرَ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ فَحَقُّهُ بَاقٍ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ) يُفِيدُ أَنَّ مَنْ جَلَسَ فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْمَسْجِدِ لِقِرَاءَةٍ وَذِكْرٍ ثُمَّ فَارَقَهُ لِحَاجَةٍ لِيَعُودَ لَمْ يَنْقَطِعْ حَقُّهُ وَلَهُ أَنْ يُقِيمَ مَنْ جَلَسَ مَكَانَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ الَّذِي أَرَادَ شَغْلَهُ بِتِلْكَ الْقِرَاءَةِ لَا فِي وَقْتٍ آخَرَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. سم عَلَى حَجّ أَقُولُ وَمِنْهُ مَا اُعْتِيدَ مِنْ الْقِرَاءَةِ فِي الْمَصَاحِفِ الَّتِي تُوضَعُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ رَمَضَانَ أَوْ غَيْرِهِمَا فَلَوْ أَحْدَثَ مَنْ يُرِيدُ الْقِرَاءَةَ فِيهِ فَقَامَ لِيَتَطَهَّرَ لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ مِنْهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ مَتَاعَهُ فِيهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ انْتَهَتْ قِرَاءَتُهُ فِي يَوْمٍ فَفَارَقَهُ ثُمَّ عَادَ فَلَا حَقَّ لَهُ اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ فَحَقُّهُ بَاقٍ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ) وَمَا اسْتَثْنَاهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ حَقِّ السَّبْقِ وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ قَعَدَ خِلَافَ الْإِمَامِ وَلَيْسَ أَهْلًا لِلِاسْتِخْلَافِ وَكَانَ ثُمَّ مَنْ هُوَ أَحَقُّ مِنْهُ بِالْإِمَامَةِ فَيُؤَخَّرُ وَيَتَقَدَّمُ الْأَحَقُّ بِمَوْضِعِهِ لِخَبَرِ «لِيَلِيَنِي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى» مَرْدُودٌ إذْ الِاسْتِخْلَافُ نَادِرٌ وَلَا يَخْتَصُّ بِمَنْ هُوَ خَلْفَهُ وَكَيْفَ يُتْرَكُ حَقٌّ ثَابِتٌ لِمُتَوَهَّمٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ عُمُومَ كَلَامِهِمْ صَرِيحٌ فِي رَدِّهِ وَلَا شَاهِدَ لَهُ فِي الْخَبَرِ اهـ شَرْحُ م ر أَيْ لِأَنَّ الْخَبَرَ إنَّمَا دَلَّ عَلَى تَقْدِيمِ الرِّجَالِ الْبَالِغِينَ الْعُقَلَاءِ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ غَيْرِ تَفْضِيلٍ فِي الرِّجَالِ (قَوْلُهُ فَالْوَجْهُ سَدُّ الصَّفِّ مَكَانَهُ) فَإِنْ كَانَ لَهُ ثَمَّ سَجَّادَةٌ نَحَّاهَا الْوَاقِفُ بِرِجْلِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرْفَعَهَا وَخَرَجَ بِالصَّلَاةِ الِاعْتِكَافُ فَإِنَّ فِيهِ تَفْصِيلًا وَهُوَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْوِ مُدَّةً بَطَلَ حَقُّهُ بِخُرُوجِهِ أَثْنَاءَهُ وَلَوْ لِحَاجَةٍ وَإِلَّا لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ بِخُرُوجِهِ لِلْحَاجَةِ. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>