للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ تَعَالَى {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ} [الإسراء: ٧٩] .

(وَكُرِهَ تَرْكُهُ لِمُعْتَادِهِ) بِلَا ضَرُورَةٍ «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَا عَبْدَ اللَّهِ لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ ثُمَّ تَرَكَهُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَفِي الْمَجْمُوعِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُخِلَّ بِصَلَاةِ اللَّيْلِ وَإِنْ قَلَّتْ وَالسُّنَّةُ فِي نَوَافِلِ اللَّيْلِ التَّوَسُّطُ بَيْنَ الْجَهْرِ وَالْإِسْرَارِ إلَّا التَّرَاوِيحَ فَيَجْهَرُ فِيهَا كَذَا اسْتَثْنَاهَا فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِنَوَافِلِ اللَّيْلِ النَّوَافِلُ الْمُطْلَقَةُ كَمَا مَرَّ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ وَيُسَنُّ لِمَنْ قَامَ يَتَهَجَّدُ أَنْ يُوقِظَ مَنْ يَطْمَعُ فِي تَهَجُّدِهِ إذَا لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا وَيَتَأَكَّدُ إكْثَارُ الدُّعَاءِ وَالِاسْتِغْفَارُ فِي جَمِيعِ سَاعَاتِ اللَّيْلِ وَفِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ آكَدُ وَعِنْدً السَّحَرِ أَفْضَلُ (و) كُرِهَ (قِيَامٌ بِلَيْلٍ يَضُرُّ) كَقِيَامِ كُلِّ اللَّيْلِ دَائِمًا «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّك تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ؟ فَقُلْت: بَلَى فَقَالَ: فَلَا تَفْعَلْ صُمْ وَأَفْطِرْ وَقُمْ وَنَمْ فَإِنَّ لِجَسَدِك عَلَيْك حَقًّا» إلَى آخِرِهِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ أَمَّا قِيَامٌ لَا يَضُرُّ وَلَوْ فِي لَيَالٍ كَامِلَةٍ فَلَا يُكْرَهُ فَقَدْ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا دَخَلَ الْعَشْرُ الْأَوَاخِرُ مِنْ رَمَضَانَ أَحْيَا اللَّيْلَ» وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ قِيَامُ كُلِّ اللَّيْلِ دَائِمًا (و) كُرِهَ (تَخْصِيصُ لَيْلَةِ جُمُعَةٍ بِقِيَامٍ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا تَخُصُّوا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ مِنْ بَيْنِ اللَّيَالِيِ»

ــ

[حاشية الجمل]

بِدُخُولِ وَقْتِ الْعِشَاءِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ سَمِّ عَلَى الْمَنْهَجِ وَعِبَارَتُهُ عَلَى حَجّ وَهَلْ يَكْفِي النَّوْمُ عَقِبَ الْغُرُوبِ بِيَسِيرٍ أَوْ إلَى دُخُولِ وَقْتِ الْعِشَاءِ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ يَبْعُدُ الِاكْتِفَاءُ بِهِ انْتَهَتْ أَيْ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ النَّوْمُ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْعِشَاءِ وَلَوْ قَبْلَ فِعْلِهَا وَيُوَافِقُ هَذَا مَا نُقِلَ عَنْ حَاشِيَةِ م ر عَلَى الرَّوْضِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ النَّوْمُ وَقْتَ نَوْمٍ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ} [الإسراء: ٧٩] أَيْ: صَلِّ بِهِ أَيْ: بِالْقُرْآنِ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ وَكُرِهَ تَرْكُهُ لِمُعْتَادِهِ) قَالَ الْعَلَّامَةُ ز ي: وَيُنْدَبُ قَضَاؤُهُ إذَا فَاتَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالْعَادَةِ وَقِيَاسُ نَظَائِرِهِ مِنْ الْحَيْضِ وَتَجْدِيدِ الْوُضُوءِ وَصَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ حُصُولُهَا بِمَرَّةٍ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ مِثْلَ فُلَانٍ) قِيلَ: إنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَرَدَّهُ الْحَافِظُ حَجّ بِأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى تَعْيِينِهِ فِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ وَلَا ضَعِيفَةٍ وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ عَلِمَ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ عَنَاهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَفْضَحُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَالسُّنَّةُ فِي نَوَافِلِ اللَّيْلِ) أَيْ: الْمُطْلَقَةِ وَهَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ مَا سَبَقَ فِي أَرْكَانِ الصَّلَاةِ.

وَعِبَارَةُ هَذَا الشَّارِحِ هُنَاكَ إلَّا نَافِلَةَ اللَّيْلِ الْمُطْلَقَةَ فَيُتَوَسَّطُ فِيهَا بَيْنَ الْإِسْرَارِ وَالْجَهْرِ إنْ لَمْ يُشَوِّشْ عَلَى نَائِمٍ أَوْ مُصَلٍّ أَوْ نَحْوِهِ، وَمَحَلُّ التَّوَسُّطِ فِي الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى حَيْثُ لَمْ يُسْمَعْ أَجْنَبِيٌّ وَذَكَرْنَا ثُمَّ إنَّ الْمُرَادَ بِالتَّوَسُّطِ أَنْ يَزِيدَ عَلَى أَدْنَى مَا يُسْمِعُ نَفْسَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَبْلُغَ تِلْكَ الزِّيَادَةُ سَمَاعَ مَنْ يَلِيهِ وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ وَأَنَّ الَّذِي يَنْبَغِي فِيهِ مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ أَنْ يَجْهَرَ تَارَةً وَيُسِرَّ أُخْرَى اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ وَيُسَنُّ لِمَنْ قَامَ يَتَهَجَّدُ إلَخْ) وَيُسَنُّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنْ يَنْوِيَ الشَّخْصُ الْقِيَامَ لِلتَّهَجُّدِ عِنْدَ النَّوْمِ وَأَنْ يَمْسَحَ الْمُتَيَقِّظُ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ وَأَنْ يَنْظُرَ إلَى السَّمَاءِ وَأَنْ يَقْرَأَ {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [آل عمران: ١٩٠] إلَى آخِرِ الْآيَاتِ فِي آلِ عِمْرَانَ وَأَنْ يَفْتَحَ تَهَجُّدَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ وَأَنْ يَنَامَ مَنْ نَعَسَ فِي صَلَاتِهِ حَتَّى يَذْهَبَ نَوْمُهُ وَلَا يُعْتَادُ مِنْهُ إلَّا مَا يُظَنُّ مُدَاوَمَتُهُ عَلَيْهِ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ وَأَنْ يَنْظُرَ إلَى السَّمَاءِ ظَاهِرَةً وَلَوْ أَعْمَى وَتَحْتَ سَقْفٍ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ إنْ صَحَّ أَنَّ فِي ذَلِكَ الْفِعْلِ مِنْ الْأَعْمَى وَنَحْوِهِ تَذَكُّرًا لِعَجَائِبِ السَّمَاءِ وَمَا فِيهَا فَيَدْفَعُ بِذَلِكَ الشَّيْطَانَ عَنْهُ وَقَوْلُهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ وَحِكْمَةُ تَخْفِيفِهِمَا الْمُبَادَرَةُ إلَى حَلِّ الْعُقْدَةِ الَّتِي تَبْقَى بَعْدَ حَلِّ الْعُقْدَتَيْنِ قَبْلَهَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ وَرَدَ أَنَّ «الشَّيْطَانَ يَأْتِي لِلْإِنْسَانِ بَعْدَ نَوْمِهِ وَيَعْقِدُ عَلَيْهِ ثَلَاثَ عُقَدٍ وَيَقُولُ لَهُ عَلَيْك لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ فَإِذَا اسْتَيْقَظَ وَذَكَرَ اللَّهَ تَعَالَى انْحَلَّتْ وَاحِدَةٌ وَإِذَا تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ الثَّانِيَةُ وَإِذَا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ انْحَلَّتْ الثَّالِثَةُ» اهـ ع ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ وَقِيَامٌ بِلَيْلٍ) أَيْ: سَهَرٌ وَلَوْ بِغَيْرِ صَلَاةٍ وَقَوْلُهُ وَتَخْصِيصُ لَيْلَةِ جُمُعَةٍ بِقِيَامٍ أَيْ بِصَلَاةٍ فَفَرَّقَ بَيْنَ الْقِيَامِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ اهـ شَيْخُنَا وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ م ر.

(قَوْلُهُ يَضُرُّ) أَيْ: بِحَسَبِ شَأْنِهِ وَإِنْ لَمْ يَضُرَّهُ بِالْفِعْلِ إنْ كَانَ كُلَّ اللَّيْلِ وَبِالْفِعْلِ إنْ كَانَ بَعْضَ اللَّيْلِ فَفَرْقٌ بَيْنَ قِيَامِ الْكُلِّ يُكْرَهُ مُطْلَقًا وَقِيَامِ الْبَعْضِ يُكْرَهُ إنْ ضَرَّهُ بِالْفِعْلِ وَإِلَّا فَلَا اهـ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ يَضُرُّ أَيْ: شَأْنُهُ الضَّرَرُ أَوْ يَنْشَأُ عَنْهُ الضَّرَرُ بِالْفِعْلِ فَالْأَوَّلُ كَقِيَامِ كُلِّ اللَّيْلِ دَائِمًا فَإِنَّ مِنْ شَأْنِهِ الضَّرَرَ فَيُكْرَهُ مُطْلَقًا لِلنَّهْيِ عَنْهُ وَإِنْ فُرِضَ عَدَمُ ضَرَرِهِ لِبَعْضِ الْأَشْخَاصِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ شَأْنِهِ الضَّرَرَ خِلَافًا لِلْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ وَأَمَّا مَا يَضُرُّ بِالْفِعْلِ فَيُكْرَهُ وَلَوْ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ كَلَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ الْمُؤَلِّفُ هَذَا.

وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ وَقِيَامُ كُلِّ اللَّيْلِ دَائِمًا لِمَنْ يَضُرُّهُ انْتَهَتْ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا قَالَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ؛ إذْ مُقْتَضَاهُ أَنَّ مَنْ لَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ لَا يُكْرَهُ فِي حَقِّهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ كَقِيَامِ كُلِّ اللَّيْلِ) أَيْ: دَائِمًا أَيْ: فَيُكْرَهُ وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ؛ لِأَنَّ شَأْنَهُ ذَلِكَ فَرُبَّمَا يَفُوتُ بِهِ مَصَالِحُ النَّهَارِ مِنْ غَيْرِ اسْتِدْرَاكٍ وَبِهَذَا فَارَقَ عَدَمَ كَرَاهَةِ صَوْمِ الدَّهْرِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَدْرِكُ بِاللَّيْلِ مَا فَاتَهُ بِالنَّهَارِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ إلَى آخِرِهِ) تَتِمَّتُهُ وَلِزَوْرِك عَلَيْك حَقًّا وَالْمُرَادُ بِالزَّوْرِ الزَّائِرُ؛ لِأَنَّ حَقَّ الضَّيْفِ وَاجِبٌ عَلَيْهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ كَذَا بِهَامِشٍ بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ أَمَّا قِيَامٌ لَا يَضُرُّ) أَيْ: بِالْفِعْلِ وَلَيْسَ شَأْنُهُ الضَّرَرَ بِأَنْ لَا يَكُونَ فِي سَائِرِ اللَّيَالِي بَلْ فِي بَعْضِهَا اهـ ل ح.

(قَوْلُهُ أَحْيِ اللَّيْلَ) أَيْ: بِصَلَاةٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ لَا بِغَيْرِهَا اهـ شَوْبَرِيٌّ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ م ر.

(قَوْلُهُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ قِيَامِ كُلِّ اللَّيْل دَائِمًا) ؛ إذْ ظَاهِرُهُ تَخْصِيصُ الْكَرَاهَةِ بِذَلِكَ وَأَنَّهُ يُكْرَهُ وَإِنْ لَمْ يَضُرَّهُ بِالْفِعْلِ وَكَتَبَ أَيْضًا إذْ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ حَصَلَ الضَّرَرُ بِغَيْرِ ذَلِكَ لَا يُكْرَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ تَأَمَّلْ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ وَتَخْصِيصُ لَيْلَةِ جُمُعَةٍ) أَمَّا تَخْصِيصُ غَيْرِهَا بِالصَّلَاةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>